اخونجية الإنقاذ (قصم الله ظهر تنظيمهم وأقعده بشلل رباعي)
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
د. مرتضى الغالي
نشروا موجات عاتية من الهشاشة الاجتماعية والبجاحة السياسية والاختلال القيمي والاهتراء الوجداني والوطني .. وأوجدوا أوضاعاً مريعة من الانهيارات النفسية وسقوط الحصانات الأخلاقية..! .
ولهذا نشاهدهم في (هذا السيرك العجيب) بعد أن تسللوا إلى مواقع السلطة والوزارة والإدارة والسياسة وهم بهذا الادقاع الروحي والهزال الفكري وفقر الدم الإنساني.
أهل السودان حيثما كانوا يستيقظون كل صباح – هذا إذا ناموا- وهم لا يعلمون في أي قائمة سيكونون هم وأفراد أسرهم ؛ هل في قائمة القتلى بالدانات والقصف أو بين المصابين أو المشردين التائهين أم مع الجوعى والمرضى أو رهن اعتقالات ومطاردات مخابرات البرهان وياسر العطا وكرتي وإبراهيم جابر أم في قبضة المليشيات..!! .
ومع هذا يتحدث أمين حسن عمر عن الانتخابات وعودة سلطة المؤتمر الوطني والحركة الكيزانية وهو يفصل بيت عبارة وعبارة بضحكة الاستهزاء الترابية الشهيرة..! .
ويعلن ياسر العطا عن استمرار الحرب حتى ولو تم إزهاق 48 مليون من أهل السودان..!! ما جدوى الانتصار وكيف يحتفل به السودانيون بعد فنائهم جميعاً..؟! هذا كلام يثير سخرية (طبيز قليل الميز) كما تصفه الثقافة الشعبية السودانية..! .
كثيرون من هذا الشاكلة من أبناء التربية الإنقاذية الفاسدة تركوا تجارتهم في عالم الاغتراب ببيع البيرغر والمشروبات (نصف الروحية) وحسبوا منحة العطالة المتاحة في أمريكا وكندا واستراليا واسكندنافيا مقارنة برشاوى حكومة البرهان ومخصصات كرتي وحكومة الانقلاب المأخوذة من المال العام ففضلوا الثانية..!
وعادوا إلى ارض الوطن ينشئون المواقع الاسفيرية والصحف والقنوات الفضائية ويتاجرون في الإعفاءات ويتحدثون في السياسة والتحول الديمقراطي .. ويسجلون عضويتهم باسم الكتل الديمقراطية والمجتمع المدني والإدارة الأهلية .. ويتطاولون بالحديث عن تمثيل أقاليم السودان وكتابة مواثيق المرحلة الانتقالية..!!.
لقد تمت تغذيتهم (إنقاذياً) بحقد كبير على الوطن ؛ وبحسب اشتراطات الاخونجية فإن الوصول للسلطة والمال تقتضي التخلي عن أي مُزعة من الأخلاق أو الخوف من العيب والحرام .. وهذه من مرتكزات الوصايا الاخوانية منذ تأسيس حركتهم في أربعينات القرن الماضي..! .
كل شيء مباح ومستباح من اجل التمكين ودولة الباطل ؛ الأرواح وأعراض الناس .. ومال الدولة والموارد والمال والعقار والأراضي .. ولا فرق بين الغاية والوسيلة .. ولا رأفة بكبير ولا صغير ولا رحمة أمام شهوة السلطة والمال..! كل المحظورات حلال عليهم فهم في حصانة من العقاب ما بقوا داخل التنظيم وفي طاعته على الشر وتنفيذ رغائبه بلا تفكير ولا مراجعة..! .
لا تتحرّج من البهتان وداوم التمرين على الكذب ولا تخجل منه وقم بتمرين ملامحك عليه..(راجع أشداق عمر البشير والبرهان) ولا تنزعج من الحنث بالقسم واليمين الغموس .. ولا تكترث عندما تتنكر للعهود والمواثيق واعتبرها كأن لم تكن .. ولا تقيد نفسك بما قلته بالأمس حتى لا يمنعك ذلك من أن تنقض غداً ما قلته اليوم..! ثم أرم خصمك بما تفعله أنت وجماعتك .. ويمكن تطبيق ذلك (ببساطة) على موقف البرهان والاخونجية من مليشيات الدعم السريع وإلقاء تهمة دعمها وتأييدها على قوى الحرية والتغيير..! .
أنهب مال البلاد وحقوق العباد وقل إنك من الأطهار..!
افسد نفسك كما شئت واتهم الآخرين بالمثلية..! .
اسرق وأطلق على السرقة اسم (التجنيب)..! .
سجل بالتزوير 99 قطعة ارض وأبلع مال الدولة وقروضها وقل إنها من مبيعات “مغلق سوق السجانة”..! .
خذ عائدات النفط و”الجاز” بما يربو على 60 مليار دولار واختفي عن العيون .. وأودع المال الحرام في مصارف جزيرة كيمان (الكتومة)..! .
اسرق عائدات الذهب وقدم شهاداتك للعمل محاسباً في دول الخليج..! .
اتهم السودانيين (بالشحدة) وأعلن نفسك داعياً لتطبيق الشريعة ثم اهرب للعمل مستشاراً في هيئة الصحة العالمية..! وفي أيام الحرب والموت الزؤام وتفريغ الوطن من أهله واستنفار أبناء المساكين .. قم بعقد قران أنجالك المحظوظين في بهو فنادق السبعة نجوم ببذخ ينافس احتفالات مهراجات الهند..!! .
خذ 5 مليون دولار من مال الدولة “رشوة على فتوى كاذبة” واهرب إلى تركيا مستغنياً بشالهيات اسطنبول عن المسجد والمنبر في “جبرة” مربع 12..! .
قم ببناء مدرسة ماسونية متعددة الطوابق وقل إنها من بيع حواشة جدك في امتداد المناقل..! .
خذ سلفية من البنك واشترى بربع قيمتها البنك نفسه بموظفيه ومبانيه..!! .
قم ببيع السكة حديد والنقل الميكانيكي وهيئة النقل البحري والنهري وعقارات لندن وخط هيثرو وأطلق على ذلك برنامج الخصخصة وخروج القطاع العام من العمل التجاري..! .
اسرق أموال الأوقاف والعمرة وقل انك أمير الحج..! .
اقتل من تجد عنده دولارات من حر مال أبيه .. واكتنز في بيتك سلة من العملات الأجنبية وما شئت من دولارات وإسترليني ويورو وين وليرة ودراخما .. وسيتم تعيينك (سفيراً في إيران)..!.
أنت في مرتبة (الزعيم الشيخ) قم بالاستيلاء على أرض حكومية في موقع متميز ، ثم قم ببيعها نقداً للدولة..! ثم سيبني جهاز الأمن عليها قصراً على الطراز الأوروبي بتكلفة 6 مليون دولار سكناً لك (بحكم منصبك) .. ثم لا تسكن فيه .. بل قم بتأجيره لخواجات (بالدولار) وأقبض عائد الإيجار على دائر السنت..! .
ادعم المليشيات وقم بتسليحها بما يتفوق على الجيش .. وانشرها على ربوع الوطن تقتل وتنهب كما تشاء .. واقصف المواطنين بالطائرات وقل إنها “حرب الكرامة”..! وإن الذين يطالبون بإيقافها حماية للوطن والمواطنين إنما يناصرون هذه المليشيات..!!.
إنهم يعيشون على الإنكار والكذب والمغالطة والبهتان ويظنون أن الشعب يمكن أن ينسى أو يتناسى ما فعلوه وما يفعلونه الآن ..! .
إنها العقيدة الاخوانية الفاسدة : الحق ممنوع والعيب مبلوع واللوم مرفوع .. والرزق على “المؤتمر الوطني”..! .
الله لا كسّبكم..!! .
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
غريتا.. من أنتم أمام هذه الفتاة.. .؟
ليست بطلة من زمن الإغريق، ولا سيدة أنقذها فارس من قصرٍ محاصر، وليست مرشحة لجائزة "نوبل" للسلام لأننا كعرب كتبنا عنها، أو لأن قناة ناطقة باسمنا خصصت لها تقريرًا مطولًا.
إنها ببساطة: غريتا تونبرج.
فتاة خرجت من عتمة غرفتها في العاصمة ستوكهولم، لتضيء لنا المرآة التي كنا نهرب منها. جاءت لا لتقنع أحدًا، بل لتضعنا، نحن سكان هذا الشرق المترنح بين الأناشيد والبيانات، أمام السؤال الصعب: ماذا فعلتم.. .. ؟
تركت دفء بيتها، وبحيرة الطفولة، وغناء أمها الأوبرالي، وهمسات والدها على عشاء عائلي هادئ، وأبحرت إلى العالم تحمل كوكبًا على كتفيها.
لم تكن تبحث عن بطولة تُروى في كتب الأطفال، بل عن حق بسيط في التنفس، في النجاة، في أن يستمر الغد.
من قال إن البطولة لا تسكن في جسد هش.. .. ؟
من علمنا أن الإعاقة تسقط الإرادة.. .. ؟
من أقنعنا أن الفتيات خُلقن للتجمّل فقط.. .؟
غريتا، هذه الفتاة التي كسرت قواعد الجينات وأصفاد الصمت، صعدت على منابر العالم بلسانٍ لم يكن يومًا طليقًا، وخاطبتنا جميعًا:
"العالم يحترق.. أما زلتم تنظرون إلى صوركم الشخصية.. ؟"
سخرت من المؤتمرات، ومن طقوس النفاق البيئي، ومن بلاغة مندوبي القمم المناخية، وسخرت - ضمناً - منا نحن العرب، وإن لم تقلها علنًا.
نحن الذين ننتظر من ينقذنا دائمًا، ولا نحاول إنقاذ أحد، حتى أنفسنا.
الفتاة السويدية، التي ربما لم تسمع يومًا عن جامعة الدول العربية، ستحاول كسر حصار غزة، لا لتنال إعجابًا أو وسامًا، بل لأنها ترى في وجوه الفلسطينيين انعكاسًا للوجع الذي يسكن الكوكب.
غريتا لا تحضر على الشاشات لتتحدث عن “النصف الممتلئ”، بل تضع الإصبع على الجرح وتضغط، حتى نصرخ أو نستيقظ.
(غريتا ليست مشروع فتاة.. بل مشروع ضمير.. .)
لم تقل "أنا ضعيفة"، ولم تنتظر قرارًا من زعيم. لم تطلب تأشيرة لدخول التاريخ، بل دخلته من البحر، من الخطر، من المستحيل.
حملت حقيبة صغيرة، فيها صور للغابات المحترقة، وعيون أطفال لا يجدون هواءً، ومضت.
إنها ليست شجاعة فحسب، إنها المرآة التي تفضحنا.
مرآة لكل الحكومات التي لم تزرع شجرة، ولكل شعوب تصفق للشعارات بينما يموت النهر خلف شاشاتها.
أيها العرب:
غريتا لم تسأل عنكم، لكنها علمتكم درسا لن تنسوه.
ليست ابنة عاصمة منهوبة، ولا حفيدة شهيد، ومع ذلك، خرجت لتحمي ما تبقى من إنسانية.
أما أنتم؟ فقد اكتفيتم بنشر صورها مع تعليقات مؤثرة، وكأن البطولة تُستعاض بها عبر زرّ الإعجاب.. .، ،
في لحظة التوقف عن المحاولة.. نفقد إنسانيتنا.. ، ،
ربما لن تصل السفينة "مادلين" إلى غزة، وربما تُحتجز، وربما تعود، وربما تنتهي هذه الرحلة دون نصر ظاهر.
لكن الحقيقة الأعمق: أنها جربت.
وفي عالم ماتت فيه المحاولة، صارت المحاولة بحد ذاتها ثورة.
لا يهم إن مُنعت أو مُسحت أخبارها من وكالاتكم الرسمية.
المهم أنني - ذات صباح - قرأت على شاشة الحاسوب عبارة صغيرة لها تقول:
"في اللحظة التي نتوقف فيها عن المحاولة، نفقد إنسانيتنا."
عندها فقط، أدركت أن كثيرين ماتوا رغم أنهم على قيد الحياة،
وأن غريتا وحدها، كانت الحياة.. .. ، !! محمد سعد عبد اللطيف
كاتب وباحث مصري، متخصص في الجيوسياسية والصراعات الدولية، ، ، !! [email protected]