دار الإفتاء توضح حكم مقولة "خد الشر وراح"
تاريخ النشر: 28th, July 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن مقولة "خَد الشَّر وراح" التي اعتاد الناس عليها الناس في بعض البلاد لَمْ تخرج عن المشروعية، ولا حرج عليهم في قولها، ولا تُنافي الإيمانَ في شيءٍ، ولا تعارِض يقين المؤمنين بأنَّ دَفْع الشَّر أو جَلْب الخير بيد الله سبحانه؛ لأنها من إضافةِ الفعل لسببه.
الإفتاء توضح مدى صحة القول بأن "الزلازل انتقام من الله تعالى" الإفتاء تعلن موعد المولد النبوي الشريف لعام 2024وأوضحت دار الإفتاء أن الأمر مِن المجازات الصحيحة المستعملة لغةً وشرعًا، بالإضافة إلى أنَّ الأصل في المسلم أنْ يُحسِن الظنَّ بغيره، ويَحمِل كلامَه على أحسنِ المعاني وأصحِّها، وألَّا يُبَادِرَ بالتخطئة والإنكار إلا فيما ثَبَتَت حُرمَتُه بيقين.
وأضافت دار الإفتاء أن مقولة: "خَد الشَّر ورَاح" التي هي تعبيرٌ باللهجة المصريَّة الدارِجَة يُقالُ لشخصٍ أُضِير ضررًا خفيفًا، وذلك على سبيل التخفيف مِن وَقعِهِ، كأن يَكسِر كوبًا أو طَبَقًا أو نحو ذلك ممَّا ينزعج الإنسان بفقده، والمعنى: أنَّ الذي كُسِر قد أَخَذَ الشَّرَّ وذَهَب به بعيدًا، وهو مِن قبيل التفاؤل بما سيأتي مِن أقدار الله سبحانه وتعالى، كما في "موسوعة الأمثال الشعبية المصرية" للدكتور إبراهيم شعلان (2/ 448، ط. دار الآفاق العربية).
وتابعت دار الإفتاء أن قد اشتمل استعمال هذه المقولة على عدة معانٍ، منها: التخفيفُ والمواساةُ على مَن أصابه الضُّرُّ، والتفاؤلُ والاستبشارُ بالخير، وكلاهما ممَّا أمر به الشَّرعُ الشَّريف، وحثَّنا عليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم قولًا وفعلًا.
فمِن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمريض الذي يعوده: «لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ.. الحديث» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
ومنه: الأمرُ بتشميت العاطس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُل: الحَمْدُ لِلهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وبينت دار الإفتاء: في هذه الأحاديث وغيرها ما لا يخفى مِن التخفيف والمواساة، مع الفألِ الحسن، والبشارة، حيث بَشَّرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم المريضَ بأن الله سيُطهِّرَه مِن دائه، وواساه بقوله: «لَا بَأْسَ»، وكذا بَشَّرَ العاطس بأنه ستشمله رحمةُ الله تعالى، فليُحسن ظَنَّه بربه.
قال الإمام ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" (2/ 100-101، ط. دار النوادر): [قولُ المشمِّتِ: "يرحمك الله" الظاهرُ منه والسابقُ إلى الفهم: أنه دعاءٌ بالرحمة، ويَحتَمِل أن يكونَ إخبارًا على طريقةِ البِشارة المبنيَّة على حُسنِ الظنِّ، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم للمَحْمُومِ: «لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللهُ»، أي: هي طهورٌ لك إن شاء الله، والله أعلم بمراد رسوله].
وقد أحبَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم التفاؤلَ والاستبشارَ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ» قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ» متفقٌ عليه.
ومِن المعاني المشتملة عليها تلك المقولة أيضًا: حُسن الظن بالله سبحانه وتعالى، ورجاءُ الخير والفضل منه جَلَّ جَلَالُهُ، حيث ظهر ذلك في اليقين بأنَّ الخيرَ مستبطنٌ فيما قدَّره اللهُ على الإنسان وإن كان ظاهرُه شَرًّا أو أذى، إذ يقول الله تعالى في الحديث القدسي الجليل: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» متفقٌ عليه.
وعن جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته بثلاثٍ يقول: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ» أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه".
ومنها: إعلان التسليم لقضاء الله تبارك وتعالى، واليقين بلُطفِه جَلَّ جَلَالُهُ، قال تعالى: ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ﴾ [الشورى: 19].
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الإفتاء مقولة خ د الش ر وراح خ د الش ر وراح الله صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
لماذا يبدأ العام الهجري في شهر المحرم؟.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (هل حقًّا أن هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانت في ربيع الأول؟ ولو كانت كذلك، فلماذا نحتفل ببداية السَّنَة الهجرية ويوم هجرة الرسول- صلى الله عليه وسلم- في شهر المحرم؟).
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الهجرة النبوية كانت في ربيع الأول، وكان العزم عليها والاستعداد لها في شهر المحرم، ولهذا كانت بداية العام به، وكذا الاحتفال بها يكون في شهر المحرم، فيكون الاحتفال بها بمعنى الهجرة لا بخصوص يومها.
وذكرت أن العرب كانت أول الأمر تؤرخ بعام الفيل، وهو عام مولده- صلى الله عليه وآله وسلم-، ولم يزل التاريخ كذلك في عهد سيِّدنا رسول- الله صلى الله عليه وسلَّم-، وعهد أبي بكر- رضي الله عنه-، إلى أن وَلِي عمر بن الخطَّاب- رضي الله عنه-، فجمع الصحابة واتفقوا- رضي الله عنهم- على الهجرة بداية للتقويم الإسلامي.
وأوضحت أنه من المعلوم أن دخول الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى المدينة كان في شهر ربيع الأول، وإنما كان العزمُ على الهجرة والاستعداد لها في شهر المُحَرَّم بعد الفراغ من موسم الحج الذي وقعت فيه بيعة الأنصار، ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟، قالوا: رمضان، ثم قالوا: المُحَرَّم، فهو مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، وهو شهر حرام فاجتمعوا على المُحَرَّم.
أما فيما يتعلق باحتفالنا بالسَّنَة الهجرية في شهر المُحَرَّم من كلِّ عام، فهو احتفال بما مثَّلته من معانٍ سامية ورفيعة، كالرغبة في العيش بسلامٍ، وهجران كل قبيح إلى كلِّ صحيح، وذلك بمجاهدة النفْس وتزكيتها، وهو أمر مُرغَّب فيه شرعًا؛ لقول النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» رواه الشيخان.