ليلة "الصوفية والحداثة" بجمهور كامل العدد بمهرجان الأوبرا الصيفي.. صور
تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT
استمرت دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، فى إبهار جمهورها خلال فعاليات مهرجانها الصيفي للموسيقى والغناء بحفل استثنائى وكامل العدد احياه الموسيقار فتحى سلامة والمنشد الصوفي الشيخ محمود التهامي فى أحضان المسرح المكشوف، وذلك تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة.
وتحت عنوان "الصوفية والحداثة" اجتمع عشاق الموسيقى والغناء في ليلة ساحرة انطلقت خلالها أنغام الموسيقى العصرية بلمساتها البديعة لتتداخل بانسيابية مع صوت الشيخ محمود التهامي العذب، الذي صدح بأناشيد وإبتهالات ومدائح صوفية أعيدت صياغتها بتوزيعات موسيقية جديدة للموسيقار فتحى سلامة مثل " للعش إنشادي ،فرط الحب، قمر، البردة، نهاوند، الله كريم، رسمتك، المسافر أنا المشتاق، أبريل سلو الحب عني"، وجه فؤادك للإله، أكاد من فرط الجمال ،أنا مغرم" .
وأشار الشيخ محمود التهامى أن الحفل يمثل حلقة بديعة من تجربة فنية ملهمة ضمن مشروع "الصوفية والحداثة"، الذي يعكس رؤية فنية تسعى إلى الجمع بين الأصالة والحداثة، مستهدفة تسليط الضوء على جماليات اللغة العربية الفصحى والموسيقى الصوفيةالمعتدلة،بالتعاون مع الموسيقار فتحي سلامة والوصول بها إلى جمهور عالمى متعدد الثقافات .
كما أكد الحفل أن الموسيقى الصوفية، قادرة على التطور والوصول إلى قلوب وأذواق الجماهير في كل زمان ومكان.
يذكر أن فتحي سلامة مؤلف وموزع ومنتج موسيقي وعازف بيانو، ويعد الفنان الوحيد في العالم العربي الحاصل على جائزة جرامي الموسيقية العالمية عام 2004، كما حصل على جائزة الـB.B.C العالمية، وجائزة أحسن موسيقى تصويرية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2000 عن فيلم "جنة الشياطين"، والفيلم الروائي القصير "علامات إبريل".
كما قام بوضع الموسيقى التصويرية لفيلم "المسافر"، ساهم بتوزيع وتلحين العديد من الأغنيات لكبار المطربين المصريين مثل محمد منير وعمرو دياب وعلي الحجار وأنوشكا وغيرهم، كما شارك في أهم مهرجانات الجاز والـ"وورلد ميوزيك" الدولية، وقدم نحو 9 ألبومات تعاون فيها مع أعلام الموسيقى والغناء في العالم.
أما الشيخ محمود التهامي فقد نشأ وتربى في عائلة دينية معروفة بالصعيد ووالده الشيخ ياسين التهامي المنشد الديني المعروف، اشتهر بأداء العديد من الأناشيد والمدائح والإبتهالات الصوفية بأسلوبه الفريد والذى ساهم في تميزه وتحقيق انتشار واسع وقاعدة جماهيرية كبيرة ،كما أحيا العديد من الحفلات في الدول العربية والأوروبية والآسيوية والإفريقية، حاز على لقب سفير الثقافة فى الوطن العربى من الرابطة الدولية للإبداع الفكرى والثقافى بفرنسا بجانب العديد من الجوائز والتكريمات المختلفة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأوبرا دار الأوبرا دار الأوبرا المصرية الدكتورة لمياء زايد الشيخ محمود التهامي المسرح المكشوف الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة المهرجان الصيفى المهرجان الصيفى للموسيقى والغناء الشیخ محمود العدید من
إقرأ أيضاً:
الموسيقى في الخليج العربي.. إيقاعات وتحولات
محمد عبدالسميع
قراءتنا لموسيقى الخليج العربي، يجب أن تنطلق من كونه منطقة جغرافية وتاريخية واحدة لها موروثها الفني والموسيقي، خصوصاً أنّ هناك ألواناً وإيقاعاً وأداءً حركياً وجُملاً مهمة أغنت هذه الموسيقى وإيقاعها وشعرها أو مادتها الغنائية، كما تمّ أنّ الموروث الموسيقي في الخليج هو شديد الارتباط بالبيئة الطبيعية، من البحر أو البرّ أو من خارج منطقة الخليج نفسها، كالموسيقى النوبية الأفريقية أو الصوفية. هذا ما تناولته جلسة حوارية مهمة عُقدت مؤخراً، قدّمها الموسيقي والفنان حسن الحجيري، مدير قسم الموسيقى في «مؤسسة الشارقة للفنون»، وكشفت عن أهمية الموسيقى الخليجية، وحضورها في المنطقة، وكونها متأثرة بما حولها جغرافياً وإنسانياً، ومن المهمّ تتبّع العناصر الجغرافية والتاريخية للآلات الموسيقية التي انتشرت في الخليج.
العودة إلى مضامين هذه الجلسة، التي تمّت الدعوة إليها من «مؤسسة الشارقة للفنون»، تأخذنا إلى دور الموسيقى كعامل محرّك في تحوّلات المجتمع عبر قراءة موضوع التطور الموسيقي كقوة تغيير اجتماعي في الخليج العربي، حيث تناولت الجلسة أهمية الموسيقى الخليجية وخصائصها الثقافية والتراثية وتعبيرها عن هوية المجتمعات الخليجية، وتشابه ثقافات الدول العربية عامّة، وانطباق هذه الثقافات تقريباً في منطقة الخليج، مع وجود خصوصيات لكلّ ثقافة في الموسيقى والتراث والألحان والكلمات بطبيعة الحال.
ألوان وفنون
ومن المهمّ، كما عرض الفنان الحجيري، النظر إلى عدد من الألوان الموسيقية العريقة والإنسانية ذات اللون البحري، مثل فنون النوبان أو الطنبورة، وغيرهما من هذه الفنون، كالألوان النوبية الأفريقية أو الصوفية، عند قراءة التأثر الخليجي بجوارهِ الجغرافي أو العالمي. كما أنّ منطقة الخليج لها ثقافة موسيقية ذات جذور وإيقاعات صمدت أمام الموسيقى الغربية، وفي الوقت ذاته هي ثقافة منفتحة أخذت عن الموسيقى العربية والغربية معاً، فكانت الألوان حاضرة في كلّ هذا التنوع المفيد.
وأفادت الجلسة حضورها بأنّ الفنّ الصوتي الخليجي اشتمل على كلٍّ من الحداثة والتقنيات والأساليب المميزة واللافتة للقراءة، خصوصاً في قراءة الفنان الحجيري موسيقى دول الخليج بشكل تفصيلي، وحديثه عن ألوان عديدة وفنانين من الخليج سجّلوا أغانيهم مبكراً في مومباي وبغداد ومصر، مثل الفنان عبداللطيف الكويتي، ومحمود الكويتي، ومحمد بن فارس، والفنان عبدالله الفرج.. وغيرهم من الفنانين.
كما كانت الألوان الموسيقية الخليجية حاضرةً، ومن المهمّ قراءة جذورها التراثية العريقة، كاهتمام بالهوية المحليّة وتجديد مشاريع الثقافة الفنيّة، وفتح آفاق جديدة للتعبير والتأثير الاجتماعي.
ولذلك فقد كانت الجلسة الحوارية تؤكّد أهميّة تلاقي الثقافات بهذا الانسجام وكلّ هذا الأخذ والعطاء، لهذا كانت هناك مدرسة خليجية متطورة وأصبحت بالتأكيد جزءاً من الهوية.
موسيقى المكان
ومن واقع الجلسة، تتأكد أهميّة العودة إلى دراسات موجودة أصلاً تقرأ الإنسان والثقافات والفنون والموسيقى، وكذلك الموقع الجغرافي، باعتبار كلّ ذلك كيانات معقّدة تتأثر وتؤثّر بالموسيقى التي تنطلق منها، كمكان وجغرافيا، كما في أغاني القرى والفلاحين والأنشطة التي تمليها الجغرافيا على الناس، وبالتالي فقد كانت الموسيقى والأغاني والأهازيج نابعةً من هذه الجغرافيات، كسواحل البحر على سبيل المثال.
وجاءت مقاربة الفنان الحجيري مفيدةً، كما في مقاربته بين أغانٍ وألوان تراثية خليجية وفنون أجنبية، إذ قرأ أغاني النهمة وأوبرا الهولندي الطائر لريتشارد فاغنر، وأغاني البحر.. وغير ذلك من أعلام الموسيقى والسيمفونيات العالمية.
فنون بحرية
وكانت الألوان الغنائيّة التراثيّة حاضرة، مثل فنّ «النهمة»، كغناء ملازم للعمل في السفينة، وباعتباره فناً بحرياً أصيلاً كان يقوله البحارة في دول الخليج العربي، وجاء على أنواع منه اليامال والخطفة والمداوى والفجري، والأغاني الشعبية الخفيفة، والزهيري والموال، والتسميات العديدة في هذا المجال.
كما تنافذت مقاربات الجلسة على تعريف وقراءة لفنون معينة من النهمات، مثل «اليامال»، كنوع من الغناء يختص بالسّرد الإلقائي على ظهر السفينة وخارجها، ويحمل معنى التأسّف والتلهّف والحزن، وكذلك فنّ «الخطفة» على سبيل المثال بأنواعها، حيث الأشرعة، وما هو لافت من هذه المؤثّثات الرائعة واللافتة للسفينة، حيث التصفيق باليدين والإيقاع والغناء وهزّ الأكتاف وحركة الرؤوس والأرجل.
وفي كلّ تلك الطقوس، كان اهتمام الجلسة النقاسيّة بأنّ البحارة هم أساس هذه الأغاني، وكلها ألوان لافتة، وتدعو إلى أن نقرأها مرة ثانية، باعتبارها أغاني تواكب سير العمل في السفينة وأخرى ترويحية.
إصدار مهم
وتناولت الجلسة النقاشية، عدداً من الكتب المهمّة، كما في حديث الفنان الحجيري عن الموسيقى البحرينية، مثل كتاب «الموسيقى في البحرين»، لمؤلفه بول روفسنغ أولسن، وصدوره عن شخصية موسيقية علمية، حول فن شعبي غنائي بحري أصيل في منطقة الخليج العربي، اشتُهر به الغواصون في رحلات بحثهم عن اللؤلؤ، كفنٍّ يعكس حياة البحّارة ومعاناتهم وآلامهم وآمالهم، ويُؤدَّى عادةً في مجموعات أو فرق لها قائد، وقد تمّ إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو.
وجاء الحديث عن خصائص وميزات فن «الفجري»، كأقدم الفنون البحرية وأكثرها شهرةً خلال موسم الغوص أو بعد انتهائه، وعن الآلات الموسيقية، مثل آلة «الفجيري» أو «الجحل» الفخارية، بالإضافة إلى الطبلة في بعض الأشكال، ليكون كلّ ذلك مُشتملاً على أغراض مواضيع طول الغياب ومخاطر الرحلة والفرح بلقاء الأهل ومعاناة البحّار، وفي أشكال عديدة، مثل «العدساني»، «الحدادي»، «المخولفي»، و«الحساوي». خصوصاً أنّ فنّ «الفجري» هو أوّل ملفّ تقدمت به مملكة البحرين بشكل منفرد لصون التراث، لتوعية المجتمع بأهميه هذا التراث الفريد، واللافت في الجلسة النقاشيّة الحديث عن الفنان الموسيقي البحريني «مجيد مرهون» المولود سنة 1945، وتأسيسه فرقة موسيقية في الستينات، واهتمامه بالموسيقى والأنغام ورحلته مع «الأكورديون»، و«الترومبيت»، والفرقة الموسيقية التي أسّسها، وكذلك «الساكسفون»، وانضمامه لفرقة «الأنوار»، وعزفه على آلة «الجيتار»، وفرقة «فرسان العرب»، واهتمامه بالموسيقى الغربية في ذلك.
حماية الموروث
ولكلّ ما تقدّم، فقد خلصت الجلسة إلى أنّ الآلات الموسيقية في منطقة الخليج العربي ترتبط بفنونها ومجتمعها، وكان لها وظائف حياتية وظروف معينة، كما في مناسبات اجتماعيه للأفراح والزواج والشفاء وعودة الناس من السفر والنذر، وغير ذلك، ووظائف للعمل، مثل العمل في الغوص واللؤلؤ والزراعة وقطع الصخور، إضافةً إلى وجود أغانٍ للأطفال والألعاب.
فبالتأكيد، ومن الموقع الاستراتيجي للخليج العربي، كانت هناك تأثيرات من الجزيرة العربية وبلاد الرافدين وسواحل فارس، ومن الجنوب، أي من الهند وأفريقيا، فالخليج تمتزج فيه جنسيات ولغات ولهجات متعددة، إضافةً إلى أنّ الفنون الشعبية في الخليج قديمة قدم الإنسان على هذه الأرض.
ولذلك، فعلينا البحث في مدى تأثير التطور الاجتماعي والاقتصادي والأضرار السلبية في موضوع تهديد الموروث الموسيقي الشعبي، على الرغم من قوته وصموده في العديد من المواقع، لما للموسيقى الخليجية من تأثير قوي على الإنسان، حتى مع انحسار العديد من المهن والحِرف وانحسار ما صاحبها من طقوس، إذ ظلّت فنون الموسيقى باقية، وتدعو إلى ضرورة المسارعة إلى حفظها وتأطيرها.