الإمارات تتصدر مشهد الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 4th, August 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
أكد خبراء في قطاع الذكاء الاصطناعي، أن الإمارات رسخت مكانتها كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر وضع استراتيجية طموحة، لتصبح مركزاً عالمياً رائداً للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031، مع تعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي في عام 2017.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»: إن الإمارات تتصدر المشهد في مجال البحث والتطوير والتنفيذ في مجال الذكاء الاصطناعي، لاسيما في الرعاية الصحية والتعليم والتحضر، والنقل، والأمن، والروبوتات، مشيرين إلى أهمية الذكاء الاصطناعي وضرورة الاستفادة من هذه التقنية لرسم مستقبل أكثر ذكاءً وكفاءة، لاسيما أنه بات يشكل علامة فارقة في عصرنا الرقمي.
وأكد زياد نصر، المدير العام لشركة «أكرونيس» الشرق الأوسط، أن دولة الإمارات رسخت مكانتها كدولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى المنطقة من خلال تعيين وزير للذكاء الاصطناعي في عام 2017، كجزء من استراتيجية الدولة الطموحة لتصبح مركزاً عالمياً رائداً للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2031.
وقال: إن مثل هذه المبادرات تجسد التزام الدولة بالريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تعمل على توظيفه لتحقيق التحول الرقمي والتواجد عالمياً في قطاعات خارج قطاع النفط والغاز، موضحاً أن حرص المنطقة على الابتكار المستمر في مجال الذكاء الاصطناعي يبرز من خلال تطوير نماذج متقدمة مثل نموذج (فالكون 2) للذكاء الاصطناعي، الذي يمكّن من مجاراة ومنافسة رواد التكنولوجيا العالميين مثل «ميتا» و«أوبن إيه». وشدد نصر، على أهمية التصدي للتحديات الأمنية الإلكترونية المتزايدة التي تواجه الشركات، في ظل التقدم المتسارع الذي يشهده مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أظهر تقرير «أكرونيس» للتهديدات الإلكترونية للنصف الأول من عام 2024 أن منطقتي الخليج العربي والمشرق العربي كانتا من أكثر المناطق استهدافاً بهجمات البرامج الضارة في الربع الأول من عام 2024. وأضاف أنه رغم ذلك، يظل الذكاء الاصطناعي في طليعة تقنيات الأمن السيبراني المتطورة، مدللاً على ذلك بأنه في دولة الإمارات على سبيل المثال، تخطط ما يقرب من 95% من المؤسسات لزيادة الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي بهدف تعزيز إجراءات الأمن السيبراني لديها، إذ تتيح أنظمة الأمن التي تعمل بالذكاء الاصطناعي للمؤسسات اكتشاف الثغرات والتنبؤ بالاختراقات الأمنية والاستجابة للتهديدات الإلكترونية بشكل استباقي وفي الوقت الفعلي.
محرك رئيسي
ومن جانبه، أفاد كريم عازار، نائب الرئيس الإقليمي في شركة «كلاوديرا»، بأن الإمارات والسعودية، تتصدران المشهد في مجال البحث والتطوير والتنفيذ في مجال الذكاء الاصطناعي، لاسيما في الرعاية الصحية والتعليم والتحضر، والنقل، والأمن، والروبوتات.
وأرجع عازار ذلك إلى أن الذكاء الاصطناعي تطور ليصبح الآن محركاً رئيسياً للتحول الرقمي عبر مختلف القطاعات، وفي ظل اتساع شبكة الإنترنت وتسارع إنتاج البيانات، تطور الذكاء الاصطناعي ليستفيد من هذه البيانات في تطوير نماذج معقدة تسهم في إحداث تحول جذري في حياتنا اليومية، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي يزداد ذكاءً ويتكامل بشكل أكبر في التجارب اليومية، بدءاً من القدرة المتقدمة على التعرف على الصور وتقديم التوصيات الشخصية، وصولاً إلى معالجة اللغة الطبيعية.
وقال عازار: إن الشركات على الصعيد العالمي تستثمر بشكل كبير في الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية والكفاءة، لاسيما وأن تأثير الذكاء الاصطناعي على الأعمال والمجتمع والمال والثقافة عميق. وأضاف: «كما تسعى الحكومات والقطاع الخاص في منطقة الخليج للاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتعزز الاستثمار في البحث والتعاون لدفع النمو الاقتصادي».
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي حقق نمواً كبيراً في قطاع تكنولوجيا المعلومات في الشرق الأوسط، حيث من المتوقع أن تشهد المنطقة دعماً اقتصادياً محتملاً بقيمة 320 مليار دولار نتيجة لتطورات الذكاء الاصطناعي، الذي يوفر فرصاً عديدة لمؤسسات تكنولوجيا المعلومات وخدمات تكنولوجيا المعلومات في مجالات مثل الأتمتة والكفاءة التشغيلية والأمن السيبراني وتحليل البيانات وتحسين تجربة العملاء.
ونوه بأن التأثير الحالي للذكاء الاصطناعي ليس سوى البداية، حيث إننا لا نزال في مرحلة اكتشاف إمكاناته الكاملة، وفضلاً عن ذلك تلعب تقنية الحوسبة السحابية دوراً محورياً في التحول الرقمي المدفوع بالذكاء الاصطناعي، حيث تدعم منصات الحوسبة السحابية من خلال توفير البنية التحتية المرنة والقابلة للتوسع، التطوير السريع ونشر حلول الذكاء الاصطناعي، كما يعمل هذا التآزر بين الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الحوسبة السحابية على دفع الابتكار وفتح إمكانيات جديدة للشركات في المنطقة.
نتائج استثنائية
وبدوره، ذكر باري نورتون، نائب الرئيس لشؤون الأبحاث في «مايلستون سيستمز»، أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة دافعة للتغيير في مجالي التكنولوجيا والأمن، ويشكل علامة فارقة في عصرنا الرقمي. وقال: إن من الأمثلة البارزة على التأثير التحويلي للذكاء الاصطناعي، تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، ففي حين أن عمليات البحث التقليدية على الإنترنت تتيح نتائج متعددة قد تستغرق وقتاً وجهداً للتنقيب عن المعلومات القيمة، يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي إجابات دقيقة وموجزة، ما يوفر الوقت والجهد على المستخدمين ويسمح لهم بالتركيز على المهام ذات الأولوية والرؤى العملية، منبهاً إلى أن دور الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تحسين وظائف محركات البحث فحسب، بل إن دمج هذه التقنية مع تقنيات أخرى، مثل المراقبة بالفيديو، يُظهر إمكانات هائلة لتحقيق نتائج استثنائية.
تشكيل المستقبل
أكد كريم عازار، نائب الرئيس الإقليمي في شركة «كلاوديرا»، أنه في الوقت الذي نحتفل فيه بيوم تقدير الذكاء الاصطناعي، من الضروري إدراك قدرة الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الحوسبة السحابية على تشكيل المستقبل، ولذا تسعى منطقة الشرق الأوسط لتصبح مركزاً عالمياً للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، مختتماً بالإشارة إلى أن ذلك الأمر يؤكد على أهمية استمرار التعاون بين الحكومات والشركات ومقدمي التكنولوجيا لتحقيق هذه الرؤية، والتعاون معاً من أجل الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعي لدفع النمو الاقتصادي، وتحسين جودة الحياة، وبناء عالم أكثر تواصلاً وذكاءً.
نقلة نوعية
أوضح باري نورتون، نائب الرئيس لشؤون الأبحاث في «مايلستون سيستمز» أنه في مجال الأمن، تشهد أجهزة المراقبة الذكية المزودة بتحليلات التعلم العميق المدعومة بالذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في كيفية تفسير بيانات الفيديو، كما تتطور هذه الأجهزة باستمرار لتعزز قدرتها على فهم مشاهد الفيديو، وقد تتجاوز في المستقبل القدرات البشرية بفضل إمكانية التوسع الهائلة التي تتمتع بها. وأشار إلى أن الاندماج بين تقنيتي الذكاء الاصطناعي والمراقبة بالفيديو يُعد بمثابة قوة تمكين للأفراد والشركات والمجتمعات على حد سواء، من خلال تعزيز مستويات الأمن والكفاءة التشغيلية.
ولفت إلى أنه رغم ذلك التطور، فإنه يصاحب تحقيق هذه التطورات المتسارعة بروز مخاوف مشروعة بشأن الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، إذ يتوقع أن يكون للجيل القادم تصورات مختلفة تماماً حيال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بشكل عام، ما يستدعي ضرورة التحول من النظرة السائدة التي ترى التكنولوجيا غاية في حد ذاتها، إلى اعتبارها أداة لتحقيق رفاهية اجتماعية أكبر وأكثر استدامة.
ووفقاً لـ نورتون، فإن النجاح الحقيقي لدمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستخدام المسؤول لهذه التقنية، وهذا يعني ضمان عمل الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة لتحقيق المنفعة الاجتماعية، وليس مجرد مصدر للربح السريع، مختتماً بالتأكيد على أنه من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي، يمكننا إيجاد عالم أكثر أماناً وكفاءة، وفتح إمكانيات جديدة للأجيال القادمة، ومعاً، يمكننا تسخير قوة الذكاء الاصطناعي لإحداث تغيير إيجابي دائم وضمان مستقبل أفضل للجميع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الإمارات الرعاية الصحية التعليم الروبوتات النفط فی مجال الذکاء الاصطناعی أن الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی الحوسبة السحابیة الاصطناعی فی الشرق الأوسط نائب الرئیس من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
سام ألتمان: الذكاء الاصطناعي القادم لن يكرّر.. بل يبتكر
في عصرٍ تتسابق فيه الابتكارات وتتجاوز حدود الخيال يوماً بعد يوم، يطلّ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن ايه آي، برؤية جديدة تقفز نحو مستقبل يعيد تعريف معنى التفكير والإبداع. في مقال حديث بعنوان "التفرّد اللطيف" يضع ألتمان تصورًا جريئًا: ليس فقط أن الذكاء الاصطناعي سيفهم العالم، بل سيبدأ قريبًا باكتشافه من جديد. أنظمة قادرة على طرح أفكار غير مسبوقة، صياغة فرضيات علمية، وتوليد رؤى لم تخطر حتى على عقول كبار الباحثين.
اقرأ أيضاً.. سام التمان: "أوبن إيه آي" ليست شركة عادية ولن تكون كذلك أبداً
مستقبل الذكاء الاصطناعي كما يتصوره ألتمان
عرض الرئيس التنفيذي لشركة أوبن ايه آي،، سام ألتمان، في مقاله الجديد بعنوان "التفرّد اللطيف"، رؤيته للمستقبل القريب الذي سيرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطور الذكاء الاصطناعي. وكما هي عادته، قدّم ألتمان تصورًا مستقبليًا طموحًا حول الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، مشيرًا إلى أنه بات قريبًا من التحقق، مع حرصه على التقليل من وطأة توقيت وصوله الفعلي.وفق موقع "تك كرانش" المتخصص في موضوعات التكنولوجيا.
يركز المقال على أن الأعوام الخمسة عشر المقبلة ستشهد تحوّلًا جذريًا في مفاهيم العمل والطاقة وغيرها من الشؤون التي تخص المجتمعات، بفضل أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على تقديم رؤى جديدة وغير مسبوقة. ويعتقد ألتمان أن العام 2026 قد يكون لحظة محورية، حيث من المرجّح أن تظهر أنظمة قادرة على توليد أفكار مبتكرة ومفاهيم لم يصل إليها البشر بعد.
الذكاء الاصطناعي كمولّد للرؤى الجديدة
يشير ألتمان إلى توجه واضح داخل أوبن ايه آي، لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي لا تكتفي بفهم المعلومات أو تنظيمها، بل تتخطى ذلك إلى توليد أفكار جديدة أصيلة. وقد ألمح الشريك المؤسس ورئيس أوبن ايه آي،، غريغ بروكمان، في أبريل الماضي إلى أن نماذج o3 وo4-mini تم استخدامها بالفعل من قبل العلماء لتوليد أفكار مفيدة وجديدة.
هذا التحوّل نحو الذكاء الاصطناعي القادر على الإبداع النظري لا يقتصر على أوبن ايه آي، وحدها، بل أصبح هدفًا مشتركًا لدى العديد من الشركات المنافسة.
سباق الاكتشاف العلمي بين شركات الذكاء الاصطناعي
في مايو الماضي، نشرت شركة جوجل ورقة علمية حول "AlphaEvolve"، وهو وكيل برمجي يقدم حلولاً رياضية مبتكرة. وفي الشهر نفسه، أعلنت شركة "FutureHouse"، المدعومة من الرئيس التنفيذي السابق لجوجل، إيريك شميدت، أن أداتها الذكية نجحت في تحقيق اكتشاف علمي حقيقي. أما شركة Anthropic فقد أطلقت مبادرة لدعم البحث العلمي باستخدام الذكاء الاصطناعي.
تسعى هذه الشركات، إن نجحت، إلى أتمتة أحد أهم جوانب العملية العلمية: توليد الفرضيات، مما قد يمكنها من اختراق مجالات صناعية ضخمة مثل اكتشاف الأدوية، وعلوم المواد، وغيرها من التخصصات ذات الطابع البحثي العميق.
الصعوبات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في مجال الإبداع
بالرغم من التقدّم، لا يزال المجتمع العلمي متحفظًا تجاه قدرة النماذج الحالية على توليد رؤى أصلية. كتب توماس وولف، كبير العلماء في Hugging Face، مقالًا أوضح فيه أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تزال عاجزة عن طرح الأسئلة العظيمة، والتي تُعد أساس أي اختراق علمي كبير.
كما صرّح كينيث ستانلي، وهو باحث سابق في أوبن ايه آي، ويقود الآن شركة "Lila Sciences"، أن المشكلة الأساسية تكمن في أن النماذج الحالية لا تمتلك حسًّا حقيقيًا بما هو إبداعي أو مثير للاهتمام، وهي خاصية ضرورية لتوليد فرضيات جديدة ذات قيمة.
ما يمكن أن يحمله المستقبل القريب
إذا تحققت توقعات ألتمان، فإن العام 2026 قد يمثل لحظة فاصلة تنتقل فيها أنظمة الذكاء الاصطناعي من أدوات تحليلية إلى شركاء فاعلين في إنتاج المعرفة العلمية. هذا التحوّل قد يغيّر شكل الأبحاث في مجالات مثل الفيزياء، والرياضيات، والكيمياء الحيوية، وحتى الفلسفة.
لكن التحدي الأكبر يكمن في الوصول إلى نماذج قادرة على طرح أفكار غير متوقعة أو بديهية أو ربما قابلة للاختبار والتجريب وقادرة على فتح آفاق جديدة للفهم البشري.
مقال سام ألتمان لا يُعد مجرد تأمل في المستقبل، بل يُحتمل أن يكون إشارة إلى خارطة طريق تسير عليها أوبن ايه آي، في المرحلة المقبلة.
والسؤال المفتوح الآن هو: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح يومًا ما شريكًا فكريًا حقيقيًا للإنسان في رحلته لفهم العالم؟.
لمياء الصديق (أبوظبي)