الشغب البريطاني والترجمة السودانية

خالد فضل

ابتعدوا عن شوارعنا أيها النازيون، هكذا هتف المتظاهرون السلميون ضد اليمينيين المتطرفين الذين أثاروا الشغب في عدة مدن وبلدات إنجليزية، وهاجموا فندقاً في بيرهام يأوي طالبي اللجوء، وحملوا المسلمين المسؤولية ما جرى من هجوم إرهابي على مدرسة لتعليم الرقص بناءً على شائعات مضللة حول هوية المجرم الذي قتل 3 أطفال وجرح 10 آخرين، كما أرسل المتطرفون رسائل نازية وعنصرية وهددوا بعض المساجد مما استدعى تكثيف الحراسة الشرطية حولها.

وتوعد المسؤولون البريطانيون بقيادة رئيس الوزراء (بإعمال العدالة كاملة) في مواجهة المشتبهين بالضلوع في هذا الشغب.

أنتم ما عدتم إنجليزيين: هذا كان رد اليمينيون المتطرفون الذين أثاروا الشغب في مواجهة المتظاهرين السلميين أولئك! هكذا ضربة لازب قرر دعاة الفتنة من النازيين والعنصريين خلع حق المواطنة الإنجليزية من الآخرين الذين كل جريرتهم الوقوف ضد تيار التخلف والرجعية، ضد التغول على حقوق الإنسان، ضد العنف وخطاب الكراهية، ضد إهدار قيم ومبادئ الديمقراطية الراسخة، ضد أخذ القانون باليد وتجريم الاختلاف في الرأي أو المعتقد أو اللون والعرق والجهة أو الوضع الهجري، ضد الانسياق الأعمى كالقطيع وراء مزاعم ودعاوى وإشاعات المحرضين على المنكر. وما أشبه حال دعاة حرب السودان اليوم بحال اليمينيين في إنجلترا.

الحكمة ضالة المؤمن، من أي مصدر انبعثت تبناها، وقبل أيام شاهدت مقطع فيديو قصير يعرض طرفاً من مؤتمر صحفي لوزير الدفاع الأسترالي، سأله أحد الصحفيين عن الانتخابات؟ هنا تدخل قائد الجيش الذي كان على المنصة مع عدد من قياداته، وطلب من الوزير أن ينسحب هو وضباطه من واجهة المنصة لأن السؤال يتعلق بموضوع سياسي لا يحق لضباط الجيش مجرد الوقوف في المنصة لحظة تناوله، بالفعل طلب الوزير بكل احترام من أصحاب الرتب الأرفع في جيش بلاده التنحي جانباً، فاستجابوا بكل أدب وتقدير، ثم أجاب عن السؤال، فوزير الدفاع منصب سياسي وليس عسكري، أما العسكريون بدءاً من قائدهم العام الذين يعرفون حدود أدوارهم ويؤدونها على (داير المليم) بأمانة ونزاهة وإخلاص وحب للوطن وتفانٍ من أجل شعبه وأمنه ورفاهيته فهم أناس مبجلون محترمون يستحقون التحية والتضامن والمساندة وبذل الغالي والنفيس من أجل تشوينهم ودعمهم مادياً ومعنوياً وأخلاقياً وسياسياً.

نعود لشغب اليمين البريطاني، إذ لم يجد أولئك الغلاة المتنطعين غير المزايدة بالوطنية، إنّ عبارة ما عدتم إنجليزيين، تؤشر مباشرة إلى أن الوطنية الإنجليزية تعتبر حكراً على اليمينيين المتطرفين، وما عداهم (خائن- عميل- مرتزق- وربما دعامي عدييييل)، النازيون يتصورون أنفسهم خلاصة البشر وغيرهم أوشاب وأوضار يجب إزالتها لتصفو لهم الحياة، والعنصريون كذلك، والديكتاتوريون من أي ملة، وفي أي مجتمع، وفي كل بلد، ومثلما قيم الخير والحق والجمال، ومبادئ العدالة والحرية والسلام وحقوق الإنسان ذات طبيعة عالمية وسمت إنساني كذلك، فإنّ نموذج الشغب في بريطانيا، ودعاة الإصطفاف العنصري والفاشي والنازي، يمكن ترجمته سودانياً بدعاة الحرب والانتقام والانقسام العنصري والجهوي والقبلي والمناطقي، هناك في بلاد الإنجليز يعتبرون دعاة العدالة والمساواة وصون حقوق الناس مدعاة لتجريمهم ونزع الوطنية منهم، هنا في السودان الذي تهيمن على فضائه العام آيدولوجيا الفاشية الإسلامية السياسية الفاسدة، تعتبر الدعوة لوقف الحرب، وإغاثة المتضورين جوعاً وألماً ومرضاً، واستعادة مسار الثورة السلمية المدنية الديمقراطية، مدعاة للتخوين والتجريم والتحقير وفتح البلاغات الكيدية والاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون، هنا وعلى يدي النازية الإسلامية السياسية المنحطة فكراً وممارسة، بقر البطون بالاشتباه، وحجز الشباب بتوهم معاونة من هم خارج حسابات الوطنية كما يزعمون، نفس النظرية ونفس الممارسة هناك وهنا، الترجمة سودانياً هو تسخير جهاز الدولة لصالح الفاشيين والنازيين، فتمتنع إدارات حكومية عن أداء مهام توصيفها الوظيفي بحجة المزايدة على الوطنية كما حدث من حرمان بعض الأشخاص السودانيين من حقهم الطبيعي في حيازة واستخراج وثائق السفر (الجوازات) والرقم الوطني، استناداً على قرار صادر عن النيابة العامة؛ وما هي بالجهة التي من حقها المنع، ماذا تركت النيابة للمحكمة، وماذا ترك وكيل النيابة للقاضي ليحكم به، أيصدر القاضي  فقط حكمه بإعدام هؤلاء الأشخاص! الفرق هناك نظام ديمقراطي عريق، هناك بلد وشعب متحضر، هناك رئيس وزراء منتخب وإعلام حر معافى وبرلمان ساهر على الرقابة وشرطة واعية بمهامها ونيابة فعالة وقضاء عادل ونزيه. أما هنا فكل شئ معكوس لذلك تبقى نسخة السودان باهتة مهترئة، ولكن حتماً ستشرق الشمس يوماً ما ليس ببعيد، حتماً ستشرق ولو كره الطغاة البغاة القتلة الفجرة من كل صنف.

الوسومالإنجليز السودان الشغب النازيون اليمين البريطاني بريطانيا خالد فضل وكيل النيابة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإنجليز السودان الشغب النازيون اليمين البريطاني بريطانيا خالد فضل وكيل النيابة

إقرأ أيضاً:

جوليان أسانج يرتدي قميصًا يحمل أسماء آلاف الأطفال الذين استشهدوا في غزة- (فيديو)

#سواليف

ظهر مؤسس موقع “ #ويكيليكس ” #جوليان_أسانج في “مهرجان كان السينمائي”، هذا الأسبوع، مرتديًا قميصًا طُبعت عليه أسماء 4,986 طفلًا فلسطينيًا استشهدوا خلال القصف الإسرائيلي على قطاع #غزة، في مشهد أثار تفاعلًا واسعًا وحمل رسالة سياسية لافتة.
جاءت هذه اللفتة قبيل عرض الفيلم الوثائقي The Six Billion Dollar Man (الرجل الذي كان يساوي ستة مليارات دولار)، والذي يروي قصة #أسانج الشخصية. وقد وقف على درج قصر المهرجانات إلى جانب زوجته ستيلا أسانج، مرتديًا #القميص الذي كُتب على ظهره بالخط العريض: “Stop Israel – أوقفوا إسرائيل”، في تعبير واضح عن تضامنه مع ضحايا الحرب.
ووصفت صحيفة “لومانيتي” الفرنسية هذه المبادرة بأنها تأكيد على أن “نضال أسانج من أجل الحقيقة لا يزال حيًا ومؤثرًا”.

In a powerful humanitarian gesture, WikiLeaks founder Julian Assange appeared at the Cannes International Film Festival wearing a shirt bearing the names of 5000 Palestinian children who lost their lives due to Israeli airstrikes.

Huge respect ???????????????? pic.twitter.com/D7gZVR8Rf8

مقالات ذات صلة مدير مستشفى العودة بغزة: لا نستطيع السيطرة على حريق مستودع الأدوية / فيديو 2025/05/22 — Huma Zahra (@misshumazahra) May 21, 2025

أسانج، الصحافي والناشط الأسترالي، عُرف بتأسيسه منصة “ويكيليكس” عام 2006، والتي سرّبت ملايين الوثائق السرية، منها تقارير عسكرية ودبلوماسية أمريكية، ما أثار ضجة عالمية وسلط الأضواء على تجاوزات خطيرة ارتكبتها دول كبرى.

بدأ حياته كمبرمج ومخترق، وشارك في مشاريع برمجية متعددة قبل إطلاق “ويكيليكس”، معلنًا أن هدفه هو فضح الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، ودعم حرية الصحافة كوسيلة لمحاسبة السلطة.
من أبرز ما كشفه الموقع كان عام 2010، حين نشر تسريبات حول حربي العراق وأفغانستان، تضمنت شريطًا مصورًا يُظهر مروحيات أمريكية وهي تطلق النار على مدنيين في العراق.
في عام 2012، لجأ أسانج إلى سفارة الإكوادور في لندن لتجنب تسليمه إلى السويد، حيث كان يواجه اتهامات ينفيها ويعتبرها ذات دوافع سياسية. ظل في السفارة لسبع سنوات، حتى سُحبت منه الحماية عام 2019 واعتقلته الشرطة البريطانية. ومنذ ذلك الحين، خاض معارك قضائية طويلة لمقاومة تسليمه إلى الولايات المتحدة، التي وجهت له تهمًا بالتجسس وتهديد الأمن القومي.
وفي يونيو 2024، أُفرج عنه بموجب تسوية قانونية مع السلطات الأمريكية، مكّنته من مغادرة #السجن دون تنفيذ عقوبة طويلة. منذ ذلك الحين، عاد إلى الساحة العامة، مستأنفًا نشاطه السياسي والإعلامي.

مقالات مشابهة

  • الكاتب ديمتري ستريشنيف لـ«عمان»: الأدب العُماني يفاجئ القارئ الروسي .. والترجمة جسر لا غنى عنه
  • بيان منصة القدرات العسكرية السودانية حول القرار الأميركي بفرض عقوبات على السودان
  • الأمين العام لوزارة الدفاع السودانية يلتقى نظيره الماليزي على هامش معرض “ليما 2025
  • وزارة الخارجية السودانية: ننفي المزاعم غير المؤسسة التي تضمنها بيان وزارة الخارجية الأمريكية
  • الحكومة السودانية تنفي استخدام أسلحة كيميائية بعد اتهامات أميركية
  • الحكومة السودانية: نستنكر ما صدر عن الإدارة الأمريكية من اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز السياسي
  • واشنطن تفرض عقوبات جديدة على السودان بسبب أسلحة كيميائية والحكومة السودانية ترد ببيان ساخن وتكذب إتهامات
  • التربية: امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة في موعدها
  • جوليان أسانج يرتدي قميصًا يحمل أسماء آلاف الأطفال الذين استشهدوا في غزة- (فيديو)
  • الجنود الذين لا يراهم أحد: كيف بقيت أميركا في العراق دون ضجيج؟