د.حماد عبدالله يكتب: "التــــدنى" فى الأمانى !!
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
من قرائاتى وتحليلى لبعض أوجه الفشل فى حياتنا العامة –أجد أن أحد أهم العناصر –هو إنكماش الطموح وقلة الخبرة وإنكسار النفس وتوهان الهدف والتفكير فى الصغائر – وترك الأحلام الكبيرة للغير !! كل هذه العناصر أسباب أكيدة للفشل فى أى مجال من مجالات الحياة فى بلادنا !!
والمصيبة إذ كانت هذه الصفات تلتصق بمسئول سواء كان مستوى وزارى أو إدارى أو حتى مسئول عن أسرة !!
ولعل ما نعانيه فى بلادنا من قصور فى كثير من الأنشطة العامة فى الدولة حين تحليلها تجد أن القائم عليها والمنوط به إدارتها، يفتقد للخيال والإبداع وحينما تحلل حياته وسيرته الذاتية قبل توليه المسئولية تجده قليل الطموح – راضى بما قسم له –قليل الخبرة –منكسر النفس !! شيىء لا يصدقه عقل بأن تكون تلك الصفات تؤهله للقيادة أو للإدارة شيىء لا يمكن تخيله –ومثل هذه الشخصيات نجدها فى كثير من أنشطة الحياة الإجتماعية والإقتصادية والسياسية فى بلادنا لماذا ؟ سؤال وجيه ؟ لأن الإختيار ليس له معيار !!
ويعتمد على المعرفة وضيق الأفق –ومساحة الدائرة التى حول المسئول عن الإختيار !!
وإذا جاز هذا التعبير "والتدنى فى الأمانى" والطموحات (لرب أسرة ) فهذه (حكمة ربنا ) أن يصيب أسرة بعائل لها ضيق الأفق وقليل الخبرة بمعنى دقيق (رجل خائب) تعمل إيه الأسرة ؟ لا بد من تعويض ذلك، بأحد الأبناء أو البنات أو الزوجة أو حتى أحد أقرب الأقربين، لكى يتولى شئون إدارة الأسرة وإعانتها على ظروف الحياة وعونها
لكن هذا لا يجوز إطلاقًا إذا أتيحت لهذه الأسرة أن تختار من يديرها أو من ييسر بها سبل الحياة !!
فقطعًا سوف يكون الإختيار له معايير – وله شروط –وله فترة إختبار لقياس القدرة على الإدارة والمسئولية.
إن التدنى فى الأمانى والطموح – وإنعدام خاصية الحلم والإبداع –شيىء لا بد من التعرض له حينما نستعرض، من يدير شئوننا، ويدير إحتياجاتنا، فليس من المعقول أن يأتى معوق ليقود أسرة أو جماعة أو فئة من المجتمع وننتظر من وراء ذلك نجاح أو إزدهار – وما كثرة المعوقين الذين يديرون شئون حياة شعب مصر اليوم !!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
اقتصاديات المحافظات.. وإدارة المخاطر المستقبلية
د. عبدالله باحجاج
يكثُر الحديث هذه الأيام عن الاتفاقية الاقتصادية الشاملة بين سلطنة عُمان والهند، والتي من المتوقع التوقيع عليها خلال الأيام القليلة المقبلة، وفي الوقت الذي ترى فيه جهات حكومية هذه الاتفاقية مكسبًا لبلادنا، وأن نيودلهي شريكًا اقتصاديًا موثوقًا، يرى كذلك بعض أعضاء مجلس الشورى الذين اتصلتُ بهم بعد مناقشاتهم الاتفاقية داخل مجلس الشورى أن هذه الاتفاقية حتمية لبلادنا؛ كون الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم، وعدد سكانها يفوق 1.4 مليار نسمة، وتمتلك قوة عسكرية ومالية وتقنية ضخمة، وأن بلادنا لا بُد لها من شريك استراتيجي، كما إنهم يسلمون بمنطق الإيجابيات والسلبيات في أي اتفاقيات؛ لأنها ناتجة عن تنافس المصالح وتلاقيها، وكل طرف للآخر، وقوة المفاوض وحُججه.
إلّا أن الموقف الشعبي ونخب وطنية ترى في بعض عناصر القوة الهندية- كالاقتصادية والسياسية الديموغرافية- تحديات متعددة؛ فخلال العِقد الأخير، برزت الهند بنزعة قومية هندوسية تؤثِّر على سياساتها الداخلية والخارجية، وهو قلق شعبي شرعي ليس في جانبه الأيديولوجي فحسب، وإنما كذلك من نواحٍ عديدة. ولا نقف هنا ضد الاتفاقية بعد أن أصبحت نافذة على ما يبدو، وإنما ينبغي إدارة هواجسها ومخاوفها بحيث نُعظِّم الإيجابيات ونُحيِّد السلبيات قدر الإمكان. ومن بين هذه الإدارات عقد ورش مع القطاع الخاص في مختلف المحافظات؛ لتعريفه بحجم الاستفادة وكيفيتها، وإعداد الأُطر والكوادر الرقابية لنسبة التعمين المُتفق عليها في الاتفاقية؛ وهي 51% مع عدم سريانها بالأثر الرجعي، كما هو مُتفق في الاتفاقية كذلك؛ بحيث إذا كانت هناك شركات هندية في بلادنا قد تجاوزت نسبة التعمين 51%، فلا يحق لها الاستفادة من نسبة 51% الجديدة.
وكذلك مراعاة النسبة المئوية لعدد الوافدين من حجم سكاننا، على أن لا تتجاوز 45% حتى لا ندخل في خللٍ سكاني مُقلق، مع مراعاة النمو السكاني لكل جنسية في بلادنا، ويمكن إدارتها كذلك من منظور سياسة توازن الشراكات؛ فبلادنا يتعين عليها الدخول في شراكات مماثلة مع دول شقيقة خليجية وصديقة إقليمية وعالمية، مثل تركيا وباكستان ودول شرق آسيا، مثل الشراكات مع الهند وأمريكا وسنغافورة؛ لأن موقع سلطنة عُمان الجيوسياسي يجعلها بوابة لأسواق الشرق والغرب، ويتعين على أي دولة أن تسعى لموضع قدم في عُمان، إذا ما كان لها طموحات في مراكز اقتصادية عالمية أو مؤثرة، ومن خلال هذه الشراكات يُمكن تقليل المخاطر من الاتفاقية الهندية أو أي اتفاقية تجنح نحو الاعتماد المفرط عليها.
لكن، ومهما تعددت جنسيات الشراكات الاقتصادية مع بلادنا، وتعاظمت منافعها، فإنَّ الحل الضامن لتحقيق الأهداف الاقتصادية ذات الأبعاد الاجتماعية لبلادنا يكمُن في إقامة اقتصاديات المحافظات، فكل محافظة لديها من الممكنات الاقتصادية والموقع الجغرافي ما يجعلها تحقق التنمية الاقتصادية بأبعادها الاجتماعية الآمنة؛ فاقتصاديات المحافظات تصنع منظومة إنتاجية وخدمية تعزز مصادر الدخل، وتُوفِّر فرص عمل لكل محافظة، ونحن هنا لا نأتي بفكرة استراتيجية جديدة، وإنما من سياقات توجهات النهضة المتجددة التي تعتبر اقتصاديات المحافظات من أهم أدواتها لاستدامة التنمية الشاملة الاستقرار الاجتماعي، ويُعقد من أجل انضاجها المنتديات والندوات والوطنية والإقليمية، مثل منتدى اقتصاديات تنمية المحافظات 2024، ومنتدى الإدارة المحلية نحو اللامركزية وتمكين المحافظات (آفاق تنمية شاملة- 2025)، لكننا نحتاج الآن إلى السرعة الزمنية الذكية والمتاحة على نحو مثالي لاستثمار التحولات الوطنية والإقليمية والدولية، والحفاظ على التماسك الاجتماعي على وجه الخصوص.
صحيحٌ أن اقتصاديات المحافظات قد تتحقق حتى من خارج سياقها الزمني المواتي الآن، لكنها ستفقد قيمتها الاستراتيجية، وكونها من الأدوات السياسية لمواجهة تداعيات التحولات الاقتصادية في البلاد، كمنظومة الضرائب والرسوم وخفض الدعم الحكومي على خدمات أساسية، وبروز قضايا مثل قضية الباحثين عن عمل والمُسرَّحين والرواتب الضعيفة، لذلك، فإن الخيار الزمني لاقتصاديات المحافظات تتوفر له الآن كل سياقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتسليم بها يستوجب إعادة النظر في هيكلية المحافظات، ومنحها صلاحيات جديدة، بحيث يُسمح لها بإقامة مشاريع كبيرة، وليس الاقتصار على مشاريع صغيرة، ويكون لها نسبة من الإيرادات العمومية السنوية داخل كل محافظة أو تُصرف لكل محافظة موازنة استثمارية من خزينة الدولة لإقامة 3 مشاريع كبيرة على الأقل ذات عائد مالي ومُنتِجة لفرص عمل.
وهذا يُحتِّم- بالتالي- تطوير نظام المحافظات الراهن، وقد بحثنا في كيفية إحداث النقلة الزمنية المطلوبة الآن، وتوصلنا الى مقترحات، لا ندَّعي أنها من بنات أفكارنا الحصرية، وإنما من خلال قراءات لتجارب وأفكار منشورة من بينها مقالاتنا، وأبرز هذه المقترحات:
- إقامة مجلس اقتصادي في كل محافظة برئاسة المحافظ، يضم ممثلين عن الوزارات الخدمية وفروع غرف تجارة وصناعة عُمان والقطاع الخاص والمجالس المنتخبة (الشورى والبلدي) وممثلين عن القطاع الخاص، وخبراء في المال والاقتصاد من أبناء كل محافظة، وتكون صلاحياته اعتماد الاستراتيجية الاقتصادية للمحافظة، وتحديد القطاعات ذات الأولوية التي تحقق دخلًا وفرص عمل، حسب المُمكِّنات الاقتصادية لكل محافظة، وكذلك رفع التشريعات المقترحة للحكومة.
- إقامة وحدة للتخطيط الاقتصادي في كل محافظة على غرار مركز التخطيط الإقليمي في محافظة ظفار في الثمانينيات من القرن الماضي (والذي تم حلَّه بسبب عدم تفعليه)، وتكون وظيفته إعداد دراسات الجدوى القطاعية، وإعداد البيانات الاقتصادية المحلية، وإعداد خريطة الموارد والفرص، ومتابعة مؤشرات الأداء.
- إقامة مؤسسات للإطار التنفيذي؛ كالهيئات، وظيفتها تحويل الخطط إلى مشاريع.. إلخ.
- تطوير صلاحيات المجالس البلدية، وتغليب الجانب الرقابي فيها.
- إقامة مركز اجتماعي برعاية المحافظ وبعضوية كل الشركاء في المجتمعات المحلية، وهذه ضرورة للانفتاح على المشاركة ولو محدودة، لكنها مُنظَّمة، وتحتوي المجتمعات، وما يؤسسه معالي السيد محافظ ظفار من مشاركات استشارية وحوارات تجمع كل الشركاء في قضايا محلية كالمخدرات والقات وشجرة المسكيت ومع الشباب نماذج تؤسس لحقبة المشاركة المنظمة ولو في حدودها الدنيا.
وهنا ينبغي القول صراحة إن إقامة اقتصاديات المحافظات لا يمكن أن يتأتى كنموذج مثالي اعتمادًا على التخطيط المركزي، وإنما من خلال مؤسسات محلية تملك القرار والتمويل والقدرة على التنفيذ، لكن وفق مرجعيات الدولة الوطنية، وبحوكمة مركزية قوية، وعندما كُنَّا نُفكِّر في المُمكِّنات الاقتصادية لمحافظة ظفار- زراعية، وسياحية، ولوجستية، وبحرية، ومعادن، وطاقة- تساءلنا كيف يكون فيها ما قد يصل إلى 27 ألف باحث عن عمل (وفق ما ذكره الأخ عماد الشنفري رئيس اللجنة الصحية والبيئية بالمجلس البلدي بظفار) وموقها الاستراتيجي يفتح سوقًا من 40 مليون نسمة في اليمن والقرن الافريقي.
والتساؤل المُلِح هنا: كيف نجمع ذلك ضمن استراتيجية واحدة؟ وكيف نجعل موانئ ظفار الجوية والبحرية والبرية تُنتج الدخل وتُوفِّر فرص عمل وتُعزِّز التنمية الشاملة في بلادنا؟ وظفار نقدمها هنا كنموذج استرشادي لبقية المحافظات.
رابط مختصر