أصحاب الكراسي المتحركة يديرون مقهى في وارسو
تاريخ النشر: 11th, August 2024 GMT
في إحدى زوايا العاصمة البولندية وارسو، يقبع مقهى صغير، يتميز عن باقي المقاهي بأن منضدة العمل منخفضة ومخصصة لذوي الكراسي المتحركة، إضافة إلى وجود ملصق باللغات البولندية والإنجليزية والبيلاروسية، يشير إلى أن الباريستا "مُعِدّ القهوة" المناوب ضعيف السمع.
المقهى أسسه في الأصل شخص مقعد، نظّم برنامجًا تدريبيًا على مهنة "معد القهوة" للأشخاص المُقعدين، ومن أبرز ما تدرّب عليه المشاركون في هذا البرنامج تقديم القهوة على عربات مجهزة خصيصًا لتلائمهم خلال المهرجانات التي ينظمها.
أخبار متعلقة الصين تسعى لتقليص التلوث وانبعاثات الكربون بحلول عام 2035بيلاروسيا تبدأ في نقل دبابات إلى الحدود مع أوكرانياوافتُتِح المقهى وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية فعليًا في أبريل الماضي، وكل من يعمل فيه أشخاص من ذوي الإعاقات المختلفة.
وقال صاحب المقهى ساشا أفديفيتش إنه فقد القدرة على استخدام ساقيه عندما أصيب بكسر في ظهره جرّاء حادث دراجة نارية عام 2011، وبعد وقت قصير من وقوع الحادث، قال لنفسه: "حسنًا، أنا على قيد الحياة, ماذا يمكنني أن أفعل؟ لدي ذراعان تعملان", وأضاف: "اليوم نحن هنا، في مقهانا، لكي نجعل العالم مكانًا أفضل".
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: التسجيل بالجامعات التسجيل بالجامعات التسجيل بالجامعات واس وارسو وارسو الكراسي المتحركة ذوو الإعاقة
إقرأ أيضاً:
بديل القهوة الصحي.. هوس الماتشا ينذر بنفادها
من حفلات الشاي الهادئة في اليابان إلى رفوف المقاهي والأسواق الأميركية الصاخبة، شقت الماتشا طريقها بهدوء، قبل أن تتحول خلال سنوات قليلة إلى ظاهرة عالمية.
فما بدأ كمشروب تقليدي محاط بالطقوس الدقيقة، أصبح اليوم نجما لامعا على تيك توك وإنستغرام، حيث تتصدر وصفات "الماتشا لاتيه" ومقاطع التحضير البطيئة قوائم الترند، لتغزو بعدها كل ما يمكن تخيله: من المعجنات والآيس كريم إلى مستحضرات التجميل والشموع المعطرة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 27 أنواع للجوع تكشف أسرار الإفراط في الأكلlist 2 of 2الفلفل الأسود بهار يومي قد يساعدك على إنقاص الوزنend of listلكن وراء هذا الازدهار الأخضر تكمن أزمة غير متوقعة؛ فالإقبال العالمي المتزايد خلق ضغطا على المزارع الآسيوية المنتجة، لتظهر مخاوف من نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار، في مشهد يعكس كيف يمكن لمشروب كان رمزا للتأمل والسكينة أن يصبح سلعة عالمية تتنافس عليها الأسواق
الطلب المتزايد على الماتشافي عام 2006، فتحت "ستاربكس" الباب أمام انتشار الماتشا عالميا حين أدرجت مشروبات الشاي الأخضر ضمن قائمتها، لتصبح النكهة اليابانية التقليدية ضيفا دائما على طاولات المقاهي الأميركية.
لكن التحول الحقيقي جاء بعد أقل من عقد، وتحديدا في عام 2014، حين افتتح في نيويورك أول مقهى مخصص للماتشا، فاشتعلت الحمى الخضراء في المدينة، وتحول المشروب الياباني الهادئ إلى رمز للأناقة العصرية والصحة الطبيعية.
واليوم، لم تعد الماتشا مجرد مشروب تقليدي، بل صناعة مزدهرة؛ إذ تشير بيانات شركة "غراند فيو ريسيرش" إلى أن سوق الماتشا في اليابان وحده حقق إيرادات تجاوزت 391 مليون دولار عام 2024، مع توقعات بارتفاعها إلى نحو 600 مليون دولار بحلول عام 2030، في دلالة واضحة على أن هذا المسحوق الأخضر لا يزال في صعود مستمر على خريطة المشروبات العالمية.
نشأ شاي الماتشا، ذلك المسحوق الأخضر اللامع، في الصين خلال القرن الثامن، قبل أن يجد موطنه الروحي في اليابان، حيث أصبح جزءا أصيلا من طقوس الشاي التقليدية في القرن السادس عشر. هناك، لم يكن مجرد مشروب، بل تجربة تأملية تحتفي بالسكينة والتركيز واليقظة الذهنية، يقدم خلالها للنخب في احتفالات تتسم بالهدوء والاحترام.
إعلانومع مرور القرون، عبر الماتشا الحدود ليصبح رمزا للعافية العصرية في الغرب. ووفقا لموقع "بارتنرشيب"، فقد تحول إلى ظاهرة صحية في الولايات المتحدة بفضل اهتمام جيل الألفية بالتغذية المتوازنة والبدائل الطبيعية للقهوة، قبل أن يشهد انتعاشة غير مسبوقة أثناء جائحة كورونا، مع ازدياد الإقبال على الطهي المنزلي والبحث عن مشروبات مريحة ومغذية.
ويُحضّر الماتشا بأسلوب فريد: تُطحن أوراق الشاي المزروعة في الظل إلى مسحوق فائق النعومة، ثم تُخفق في الماء الساخن بمضرب من الخيزران حتى تتكون رغوة زُمردية ناعمة.
ووفق تقرير لشبكة إن بي سي نيوز، فإن هذا الشاي الأخضر المميز لا يُقدّر فقط لمذاقه، بل أيضا لفوائده الصحية المتعددة، إذ تشير الدراسات إلى أنه قد يساعد على خفض ضغط الدم، وتقليل الالتهابات، وتعزيز التركيز والصفاء الذهني، ليظل الماتشا، بعد قرون من ظهوره الأول، مشروبا يجمع بين روح الشرق واهتمام الغرب بالصحة والوعي
ضاعف جيل زد شعبية الماتشا بصريا على تيك توك وإنستغرام بألوانه الخضراء الزاهية وصوره الجذابة فغدا "تريند" بين فيديوهات الوصفات ودروس الخفق، فحوله من خيار صحي متخصص إلى رمز وأسلوب حياة، وهو ما أدى إلى طلب متزايد وانتشار تجاري واسع أثر على الإمدادات والأسعار.
وارتبطت شعبية الماتشا بازدهار السياحة في اليابان التي شهدت طفرة في السياحة خلال السنوات الأخيرة، ووصل عدد الزوار إلى حوالي 36.9 مليون في عام 2025 بحسب المنظمة الوطنية للسياحة اليابانية. ساهم ذلك في التعرف على مشروب الماتشا وانتقاله إلى الدول الأخرى، حيث عاد كثير من هؤلاء السياح إلى بلادهم وهم يحملون صناديق شاي الماتشا ما زاد الطلب على الماتشا في السوق العالمية.
لا يعود نقص الماتشا في الأسواق العالمية إلى الإقبال المتزايد عليها فحسب، بل إلى تراكم مجموعة من العوامل الزراعية والاقتصادية المعقدة. فإنتاج أوراق التينشا -وهي الأوراق المظللة التي تُستخدم خصوصا لصنع الماتشا- يتطلب عناية دقيقة وتقنيات زراعة تقليدية شديدة الحساسية، تبدأ بتظليل النباتات قبل الحصاد لزيادة محتوى الكلوروفيل، مرورا بقطف البراعم الأولى فقط، ثم إزالة السيقان بعناية ومعالجتها يدويا، وانتهاء بعملية الطحن الحجري البطيئة التي قد تستغرق ساعات لإنتاج مسحوق ناعم بالملمس المميز.
وبحسب موقع "نيو تي" (New Tea) المتخصص في دراسة أنواع الشاي الياباني، فإن أسباب النقص الحالي تتلخص في عاملين رئيسيين:
الطلب العالمي المتسارع عبر وسائل التواصل الاجتماعي:انتشار وصفات الماتشا ومقاطع الفيديو القصيرة على منصات مثل تيك توك وإنستغرام حوّل المشروب إلى ظاهرة عالمية، ما أدى إلى قفزة غير مسبوقة في الطلب تجاوزت قدرة المزارع على الإنتاج.
الانتعاش السياحي والاستيراد المتزايد:مع ارتفاع أعداد الزوار إلى اليابان، ازداد الإقبال على شراء الماتشا والتينشا سواء للاستخدام الشخصي أو لأغراض التصدير، مما ضاعف الضغط على المخزون المحلي المحدود أساسا.
وبذلك، أصبح الماتشا -الذي كان يوما شراب صفوة الطقوس اليابانية- ضحية شهرته العالمية، بين حماسة المستهلكين ومحدودية الإنتاج الحرفي الذي لا يمكن تسريعه دون المساس بجودته.
أشكال استهلاك جديدةأزمة الماتشا لا تتعلق بالشهرة وحدها، بل بسلسلة من العوامل البنيوية والبيئية التي تضغط على إنتاجها في اليابان، البلد الأم لهذا الشاي الأخضر الفاخر.
إعلانفمع دخول الماتشا إلى منتجات تجارية متنوعة -من القهوة اللاتيه والآيس كريم إلى مستحضرات التجميل- خرج استهلاكها من الإطار التقليدي كمشروب احتفالي إلى استخدام صناعي واسع النطاق، ما ضاعف الطلب إلى مستويات غير مسبوقة.
لكن تلبية هذا الطلب تواجه عقبات عديدة، أبرزها:
انحسار عدد المزارعين وشيخوخة القوى العاملة:بين عامي 2000 و2020، فقدت اليابان نحو 53 ألف مزارع شاي بسبب التقاعد، من دون وجود جيل شاب كاف ليحل محلهم، ما جعل زيادة الإنتاج مهمة شبه مستحيلة في المدى القريب.
بطء دورة النمو الزراعي:تحتاج شتلات الشاي إلى أربع أو خمس سنوات لتصل إلى مرحلة إنتاج الأوراق المناسبة للماتشا، ما يعني أن أي توسع جديد في الزراعة لن يُثمر سريعا.
عملية إنتاج دقيقة ومحدودة المردود:يتطلب الحصول على ماتشا عالية الجودة زراعة في الظل، وقطف البراعم الأولى فقط، ثم إزالة السيقان بدقة، وهي خطوات تقلل من كمية الأوراق الصالحة وتحدّ من الإنتاج الضخم.
ندرة المطاحن الحجرية:إنتاج الماتشا التقليدي يعتمد على مطاحن حجرية بطيئة ومكلفة، وعددها محدود حتى في اليابان، مما يقيّد الطاقة الإنتاجية.
حساسية التخزين وقصر الصلاحية:الماتشا مسحوق حساس جدا للضوء والحرارة والرطوبة، ولا يمكن تخزينه لفترات طويلة، وهو ما يمنع تكوين مخزون إستراتيجي لمواجهة الطلب الموسمي أو الطفرات التجارية.
تأثيرات التغير المناخي:التقلبات الحرارية وتبدل مواسم المطر تؤثر سلبا في جودة المحاصيل وتوقيت الحصاد، ما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية السنوية.
ارتفاع الصادرات وتراجع الحصة المحلية:الطلب العالمي الهائل جعل جزءا متزايدا من الإنتاج الياباني يتجه نحو التصدير، وهو ما تسبب في نقص الماتشا حتى داخل الأسواق المحلية نفسها.
وهكذا، بين الطلب العالمي المتسارع والقيود الطبيعية والإنتاجية، تقف الماتشا -رمز التوازن والسكينة في الثقافة اليابانية- اليوم أمام مفارقة لافتة: شهرتها العالمية باتت أكبر تهديد لاستمراريتها.