سوق خان الزيت موطن معاصر الزيتون في القدس
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
أحد أقدم أسواق البلدة القديمة في مدينة القدس وأكثرها حيوية، يعد وجه المدينة وأول أسواقها والمدخل الرئيس لأسواق البلدة القديمة في المدينة المقدسة، يحمل دلالات تاريخية وثقافية ثمينة، وهو وجهة رئيسية للسياح والسكان المحليين الذين يتوافدون عليه لشراء المنتجات التقليدية الفلسطينية والحرف اليدوية الفريدة.
الموقعيتفرع سوق خان الزيت عن سويقة باب العامود، حيث تتفرق الطرق من هذه السويقة يسارا إلى حي الواد والمسجد الأقصى، ويمينا إلى سوق خان الزيت الذي يمتد مئات عدة من الأمتار إلى أن يصل إلى منطقة المربعة، وهي تقاطع الطرق إلى كنيسة القيامة يمين وسوق العطارين إلى الأمام وعقبة السرايا وحي القرمي.
ينقسم سوق خان الزيت إلى قسمين: الأول يمتد من بداية السوق الشمالية وحتى تقاطع السوق مع طريق حارة النصارى وعقبة المفتي، والثاني من عقبة المفتي حتى مدخل سوق العطارين.
سبب التسميةسمي بهذا الاسم نسبة إلى وجود خان أثري فيه يعرف باسم "خان الزيت"، ويمتاز بمعاصر زيت الزيتون.
وكان في كل معصرة خان مخصص لزيت الزيتون منذ الفترة المملوكية، ثم تحول الخان الواقع بين عقبة المفتي وعقبة التكية لاحقا إلى منازل للمقدسيين أو حوانيت تخدم المتسوقين.
تاريخ السوقسوق خان الزيت عبارة عن شارع طويل يصل إلى سوق العطارين، وهو أحد الأسواق الشهيرة، ويعدّ سوق خان الزيت الرئيسي في البلدة القديمة.
وعلى طرفيه محلات، وهو الأكثر تنوعا من حيث البضائع، ويزداد تنوع الحوانيت حسب حاجة المستهلك المقدسي.
وتعرض حوانيت سوق خان الزيت بضائع، أغلبها مواد استهلاكية حديثة، لكنها تعرض تنوعا غنيا فيه استجابة لحاجات السكان والزوار، من مطاعم شعبية ومحلات حلويات ومكسرات وبسطات الفلافل ومحلات اللحوم والخضار.
وعليه، فإن هذا السوق قد فقد تخصصه التقليدي في صناعة الصابون والمعاصر تحت ضغط وتطور الحياة.
كان هذا الشارع في العصر الروماني والبيزنطي يعرف باسم "الكاردو"، أي المفصل الرئيس أو الطريق الرئيس، حيث كانت بداية إنشائه زمن الإمبراطور هادريان (واسمه إيليوس أدريانوس) في 132 م عندما سميت القدس إيليا كابيتولينا.
كان يمتد إلى نهاية ما يعرف اليوم بسوق العطارين، ولكن حينما بنى جستنيان كنيسة النيا (الكنيسة الجديدة) في أواخر القرن الخامس مدّ "الكاردو" حتى وصل إلى النهاية الجنوبية للبلدة القديمة للقدس حيث باب النبي داود اليوم.
وهذا الشارع مقسم إلى أقسام عدة، كل قسم له اسم وكان له اختصاص، فالقسم الأول كان لدكاكين السمانة، فعرف باسم سوق السمانين، أما القسم الأوسط منه فعرف بسوق خان الزيت، ثم أطلق فيما بعد الاسم "خان الزيت" على السوق بأكمله.
يعتبر سوق خان الزيت من أجمل الأسواق التاريخية في البلدة القديمة، ويشبه في عمارته سوق القطانين، فهو يتألف من شارع طويل مواز لطريق الواد يصل إلى سوق العطارين ويحتوي على مدخلين اثنين.
امتدت الحوانيت على جانبيه، بينها ممر مسقوف على طريقة القبو الذي يشبه نصف البرميل، وله أقواس مدببة لها فتحات تهوية، وفرشت أرضيته بالبلاط الحجري الذي تميزت به مدينة القدس، والقسم الأول منه غير مسقوف، لكن بقية أجزائه مسقوفة بالحجر، مما يشكل حماية لرواده من الحرارة والمطر.
وتميز أسلوب التغطية بسلسلة من العقود التي تحمل أقبية متقاطعة، في وسطها فتحات كبيرة للإنارة والتهوية، وهذا النسيج المعماري على الأرجح يعود إلى الفترتين الأيوبية والمملوكية، وإن كان قد رمم في فترات عدة لاحقة.
المعالم الأثرية في السوقفي وسط السوق تقع كنيسة تشكل المرحلة السابعة من مراحل درب آلام المسيح (طريق الحج عند النصارى).
كما توجد فيه 3 أزقة (عقبات) في بدايته ووسطه ونهايته تؤدي إلى حارة النصارى بالبلدة القديمة.
وتوجد في السوق مؤسسات فندقية تعود إلى الفترة العثمانية مثل فندق العرب وفندق الهاشمي.
وفي السوق أيضا مبان مشهورة بقدسيتها مثل مسجد نسب إلى أبي بكر عمر الحلبي سنة 1652، وقد أغلق وأصبح عبارة عن محل، وعلى إثره أنشئ مسجد جديد ينسب إلى أبي بكر، ويؤمه تجار السوق لقربه من محلاتهم، وهو من المساجد التي بنيت عام 1972.
وفيه أيضا الكثير من الأحواش (الحوش هو مكان يبدأ من مدخل صغير ثم ينتهي بالمنطقة التي توجد فيها بئر ثم تتوزع حولها أماكن السكن)، مثل حوش عقبة البطيخ وحوش المسعودية وعقبة المفتي التي تحتوي على الكثير من المباني، والتي تعود إلى عائلة الحسيني وبيت عارف العارف، وطريق الجبشة وعقبة حارة النصارى.
وفي سوق خان الزيت أيضا مدخل مدرج إلى بطريركية الأقباط والمرحلة التاسعة من درب الآلام، ويتفرع في نهايته إلى مدخل سوق الدباغة والصاغة واللحامين، والمدخل الشرقي لكنيسة القيامة، وفيه معالم مختلفة إسلامية ومسيحية غير الحوانيت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات البلدة القدیمة
إقرأ أيضاً:
الواجبات المنزلية .. إرث حضاري منذ العصور القديمة
ارتبطت الواجبات المنزلية في أذهان الطلاب بالعقاب والتسويف، حيث تشكل الواجبات المنزلية عبئًا ثقيلاً على أوقات ما بعد المدرسة، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن هذه الممارسة التعليمية ليست حديثة العهد، بل لها جذورٌ ضاربة في أعماق التاريخ الإنساني.
من ألواح الطين إلى دفاتر التمارينوفي فيديو تم نُشره على قناة "Tibees" على يوتيوب، تكشف توبي هندي، الكاتبة العلمية الشهير، عن أصول الواجبات المدرسية، مستعرضة ألواحًا طينية تعود إلى أكثر من 4000 عام، هذه الألواح التي خُطّت في بلاد بابل القديمة، تحتوي على تمارين حسابية نقشها طلاب تلك الفترة، ما يُثبت أن حل الواجبات كان جزءًا من الحياة اليومية للمتعلمين منذ ذلك الزمن السحيق.
ما يميز تلك الواجبات البابلية ليس فقط قِدمها، بل التقنية المعتمدة فيها، فعلى عكس النظام العشري الذي نستخدمه اليوم، استخدم البابليون النظام الستيني، أي المعتمد على الرقم 60، وهو ما يُعد أكثر تعقيدًا في ظاهره، لكنه فعال للغاية، خصوصًا في عمليات القسمة.
وفي الفيديو الذي نشرته على اليوتيوب، تعيد توبي هندي تنفيذ بعض هذه التمارين على ألواح مماثلة، مُظهرةً براعة وذكاء تلك الحضارة في تعليم المهارات الحسابية.
"إدوبا".. أولى المدارس في تاريخ البشريةالطلاب الذين نفّذوا تلك الواجبات لم يكونوا منخرطين في أنظمة مدرسية حكومية كما نعرفها اليوم، بل تعلّموا في مدارس تُعرف باسم "إدوبا"، والتي نشأت في حوالي الألفية الرابعة قبل الميلاد في سهول بابل، كانت هذه المدارس جزءًا من بنية المجتمع، وغالبًا ما وُجدت داخل البيوت الخاصة، وهدفت إلى إعداد النخبة المثقفة القادرة على تسيير شؤون المملكة.
التعليم لخدمة الدولة.. لا لمجرد التثقيفكانت مهارات مثل القراءة والكتابة والحساب تُكتسب لضمان فعالية الجهاز الإداري للدولة، فبعد تخرجهم أصبح هؤلاء الطلاب محترفين، يدوّنون العقود والقوانين والسجلات وكل ما تحتاجه الإمبراطورية من وثائق رسمية، وهكذا، لم تكن الواجبات المدرسية آنذاك وسيلة لفهم المادة فقط، بل كانت حجر الزاوية لضمان استمرارية الحكم وتنظيم شؤون البلاد، ما يمنحها بعدًا وظيفيًا يتجاوز التعلم الأكاديمي البحت.
الواجبات المنزلية.. من ضرورة بيروقراطية إلى جدل معاصررغم أن الواجبات المنزلية بدأت كضرورة لضمان إدارة دقيقة للدولة، إلا أنها اليوم أصبحت محل جدل واسع، خاصة في بعض المدارس الغربية التي تتجه نحو تقليصها أو إلغائها، وبالرغم من ذلك فإن تأمل جذورها القديمة يذكّرنا بأنها لم تكن دائمًا مصدرًا للشكوى، بل كانت وسيلة لبناء حضارات وتنظيم ممالك.