د. نزار قبيلات يكتب: الكتابة والقراءة والتأويل
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
في هذا العنوان تتجلى ثلاثية التلقي المعروفة، ذلك بعد أن رسّخت نظرية التلقي النقدية أدوار الفعل الابداعي، فهناك المؤلف والنصّ ثم القارئ المستقبل، فبين هذه الثلاثية يكمن مخاضٌ فكري غير ظاهر، حيث الدراسات البنيوية والتفكيكية الأوروبية تحديداً أحدثت انقلاباً مهمّاً حين فرضت اعتباراً مهمّاً للقارئ وخلّصته إذ ذاك من سلطتي المؤلف والنّص، وذلك في حقبة تنويرية عرفت بموت المؤلف، فقد تخلّص الدرس النقدي الحديث من أطر السياق (الخارج نصية)، والمتمثلة بـ: بالشرط التاريخي والطبقة الاجتماعية والغرائز النفسية، وذلك لصالح معادلة رياضية تقودها البنى النصية وروابطها اللّغوية وكلماتها وألفاظها داخل النص وبما تملك من طاقة إشارية ودلالية في المعنى، حيث تماسك النّص شرط لبنائه، في حين ظل الانسجام متعلقاً بمدى تطابق اللّفظ والمعنى الذي يشير إليه داخل النص وخارجه.
إذ الكتابة نوايا الكاتب ومقاصده التي لا يبرزها صراحةً في نصّه الأدبي على تنوع الأجناس الأدبية وأشكالها شعراً ورواية ومسرحاً وقصةً وخطبة أو حتى طرفة من الطرائف، غير أن الأديب يبقى محكوماً بالمجاز الذي يغلّف فيه مقاصده، أما النص فهو محكوم بذلك الظل الفني الذي ينوب عن الكاتب الصريح ويسمح له بالخفاء والتجلي متى شاء، إذ الكتابة الأدبية تلاعب على حافة الحقيقة والخيال.
أما القارئ فقد مُنح بفضل الدرس النقدي الحديث ذاك صلاحيات تُخوّله لأن يختار أو يحرّف حتى أو يقصي ما يريد من المعاني لكن بقيود لعبة المجاز ذاتها، فالنّص الأدبي مليء بالانزياحات والاستعارات والفراغات المعقولة وغير المعقولة التي تجيز للقارئ أن يستلهم منها معانٍ ودلالات غير ظاهرة في سطح النص، وذلك نتيجة لتلك المعادلة النصية التي أشرنا إليها ونتيجة لحكمة التأويل التي جعلت القارئ مشاركاً وليس مستقبلاً وحسب، فالقارئ وفق الدرس الحديث هذا شريك في النص منذ اللحظة التي جعلته متلقياً خاصاً يُعاين ما يريده أو ما يقتضيه المقام من المعاني والدلالات، وهذا التأسيس لموقع القارئ الجديد وضعته المدرسة النقدية الألمانية «أيزر»، فقد صنّفت القراء بين نخبويين ومستقبلين، حيث القارئ المستجيب للنص وفق «امبرتو إيكو» هو من يقوم بقراءة متعاونة تُعين الكاتب نفسه على إبراز المعنى وإخراجه من باطن النص دون تشويه أو اعتباط، فالمعاني في سطح النص سوى تلك الكامنة في أعماقه، ما يجعلها تتطلب قراءة تفكيكية سابرة لا تكتفي بالمعنى الأحادي والإشارة الواضحة على السطح، لذا نجد أن فعل القراءة استكمالٌ لذلك التواصل الإبداعي الذي انطلق من منطقة الكاتب إلى حياض النص ثم إلى حمى القارئ الذي يملك منصة الحكم النقدي وقراره، وهنا تبدو الحلقة قد اكتملت حين وازنت بين حجم كل حلقة من الحلقات الثلاث تلك، الكتابة والنص والتأويل.
* أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نزار قبيلات الكتابة القراءة
إقرأ أيضاً:
تنسيق المرحلة الأولى 2025.. درجات النظام الحديث أمام القديم
يبحث الطلاب الحاصلون علي الثانوية العامة، عن تنسيق المرحلة الأولى للجامعات الحكومية للعام الدراسي 2025 – 2026، بعد الإعلان عن فروق كبيرة في الحد الأدنى للقبول بين طلاب نظامي الثانوية العامة “الحديث” و”القديم”، وتأثيره على فرص الالتحاق بكليات القمة مثل الطب والهندسة والصيدلة.
وأعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في بيان رسمي، عن تفاصيل الحدود الدنيا لتنسيق المرحلة الأولى للثانوية العامة بنظاميها، حيث سجل طلاب النظام الحديث درجات أقل بكثير من نظرائهم في النظام القديم، وجاءت النسب على النحو التالي:
الشعبة العلمية (نظام حديث): 293 درجة بنسبة 91.56%
الشعبة العلمية (نظام قديم): 350 درجة
الشعبة الهندسية (نظام حديث): 283 درجة بنسبة 86.89%
الشعبة الهندسية (نظام قديم): 335 درجة
الشعبة الأدبية (نظام حديث): 233 درجة بنسبة 72.81%
الشعبة الأدبية (نظام قديم): 270 درجة
وهذا الفارق الملحوظ في الدرجات يعكس اختلافا جوهريا في آليات التقييم ونمط الامتحانات بين النظامين، حيث يعتمد النظام الحديث على أسئلة “اختيار من متعدد” تقيس الفهم والتحليل، بينما يستند النظام القديم إلى الأسلوب التقليدي القائم على الحفظ والاسترجاع.
تسجيل الرغبات إلكترونيا.. والنتيجة خلال 72 ساعةرغم وجود فارق في الحدود الدنيا بين النظامين، إلا أن وزارة التعليم العالي أكدت أن خطوات تسجيل الرغبات موحدة لجميع الطلاب من خلال موقع التنسيق الإلكتروني الرسمي:
https://tansik.digital.gov.eg
ويقوم الطالب بإدخال رقم الجلوس والرقم السري، ثم ترتيب رغباته وفقا للتوزيع الجغرافي والتخصصي، على أن يتم إعلان نتائج التنسيق خلال 72 ساعة من غلق باب التسجيل والمقرر له يوم السبت 2 أغسطس 2025.
شددت الوزارة على أن الجامعات الحكومية ملتزمة بقبول طلاب النظامين دون أي تمييز، وأن الأولوية ستكون لمجموع الطالب ومدى توافقه مع شروط الكلية المختارة. كما أوضحت أن توزيع الطلاب سيتم وفقا للنسبة والتناسب بين عدد المتقدمين من كل نظام لضمان العدالة وتكافؤ الفرص.
ويأتي هذا التوجه ضمن خطة الدولة لتطوير منظومة التعليم وتوسيع قاعدة القبول في الكليات بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل ومتطلبات المرحلة القادمة.