الإسلاميون بعد سقوط مايو إلي أين؟ ” 2 -3″
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
في المقال السابق: ذكرت أن الإسلاميين بعد ما أسسوا البنوك الإسلامية التي استوعبت العديد من عضويتهم، و ساعدت و دعمت قطاع عريض من رجال الأعمال التابعين للتنظيم، و حتى الذين ليس لديهم عداء مع التنظيم: الأمر الذي ساعد على توسيع قاعدتهم الاجتماعية، و أصبح هناك دائرة تنظيمية للعمل النقابي، و التي كانت تشرف على إداراة الصراع داخل نقابات العمال، و أيضا على النقابات المهنية المختلفة، و اتحادات الجندر، حصل الخلاف بينهم و بين نميري في أواخر عام 1988م حيث تم إعتقال أغلبية القيادات التي كانت مشاركة في وظائف دستورية، و قيادات سياسية.
كانت نظرة القوى السياسية قاصرة عندما جاءت الانتخابات، اعتقدوا أن سقوط الترابي في دائرة انتخابية باعتباره رمزا للحركة الإسلامية يعني سقوط الحركة، لذلك اجتمعت كل القوى السياسية أن تعطي أصواتها لحسن شبو مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي في مواجهة الترابي في دائرة الصحافة، و بالفعل سقط الترابي في دائرة الصحافة، لكن كانت المفاجأة عندما بدأ فرز الأصوات كان الفارق ليس كبيرا، في تحدى مجموعة من الأحزاب ضد حزب واحد.. أن سقوط الترابي فكرة تؤكد الصراع الأيديولوجية، لأنها قراءة من تجربة سابقة. عندما كان الحزب الشيوعي يرشح عبد الخالق محجوب في دائرة بيت المال ضد الزعيم الأزهري، اعتقادا أن انتصار عبد الخالق محجوب ضد الأزهري يعني انتعاش الحزب الشيوعي و إضمحلال الوطني الاتحادي.. و الغريب أن عبد الخالق فاز بالدائرة بعد ما تركها الأزهرى لأحمد زين العابدين بفارق قليل من الأصوات.. المفاجاة كانت فوز الحركة الإسلامية بجميع مقاعد الخريجين، إضافة إلي ثمانية و عشرين دائرة جغرافية.. هذه الفوز يعد تطورا كبيرا في الساحة السياسية، و قفزة كبيرة للحركة الإسلامية.. و السؤال: هل القوى السياسية استطاعت أن تخضعها إلي دراسة علمية، أم جعلتها تمر كما مرت تجربتها بعد المصالحة الوطنية؟.. هنا يصبح الفارق أن الذي يتابع حركة التطور السياسي في المجتمع و الذي لا تعنيه شيئا غير أنه يعتقد السياسة فقط شعارات..ز
كان الفارق كبير بين الحركة الإسلامية التي كانت في المعارضة زمن الديمقراطية الثالثة و إتلاف الحكم بين " الأمة القومي – الاتحادي" لكنها كانت تشكل لهم أرقا متواصلا، و كانت لها صحف مقروءة "الراية" التي لسان الجبهة الإسلامية و "الوان " المملوكة لحسين خوجلي أحد رموز الإسلاميين، و الغريب في الأمر كانت صحفهم أول من تنفد من أكشاك البيع قبل الصحف الأخرى جميعها بما فيها صحيفة " صوت الأمة " التي تمثل لسان الحكومة.. مما يؤكد أن هناك فارقا كبيرا في إدارة الآلة الإعلامية و الصحفية، إلي جانب منابر المساجد.. الفارق بين الثلاثة أحزاب الكبيرة في البرلمان، أن الجبهة الإسلامية كانت تصرف بسخاء على آلياتها السياسية إذا كانت في الحركة المجتمعية أو في الإعلام، و تستقطب أفضل العناصر في إدارتها. عكس الحزبين الآخرين " الأمة القومي – الاتحادي" كانت أياديهم مغلولة و لا يصرفون ألأموال على نشاطات الحزب و لا يهتمون بنشاطات الشباب و الطلاب، رغم الحزبين كانوا يتلقون دعم من أصدقائهم خارج البلاد، الأمر الذي لا يخلق أي نوع من المعادلة، لأن حوار التيارات الفكرية و تنافسها هو الذي يساعد على ترسيخ الديمقراطية في المجتمع، و يراقب العمل التنفيذي في البلاد و يساعد على كبح الفساد و استقلال الوظائف للمنافع الشخصية و الحزبية.. هناك قيادات أحزاب تتلقى دعم خارجي و لا يذهب للحزب، و يدخل حسابات خاصة ماذا يسمى ذلك فساد – عمالة- أم أكراميات هنا يصبح الفارق كبيرا..
كانت الحركة الإسلامية بحكم متابعة كادرها للنشاط ات الحزبية بصورة عامة، و خاصة المنافسين لها، كانت تخضعها للدراسة، و عندما كانت تخرج الجبهة الإسلامية في التظاهرات التي سمتها " ثورة المصاحف" كانت مدركة أن القوى التي تسبب لها إزعاج هي الجيش، لذلك كانت مسيراتها تخرج دعما للجيش و تتبرع له بالذهب، بهدف إبعاده من الدخول حلبة السياسة، و ليست مذكرة الجيش هي التي جعلتها تسرع بالانقلاب، و لكن الذي كان يشكل لها حرجا و تهديدا لقوتها هي اتفاقية الميرغني قرن 1988م.. أن الاتفاقية كانت سوف تضيف رصيدا يخل بالتراتبية التي جاءت بها انتخابات 1986م، و حتى إذا قبل قرن بكل شروط الحزبين " الاتحادي و الامة " كان سوف يكون خصما على الجبهة الإسلامية، لآن الحركة الشعبية سوف تحصل على أغلبية مقاعد الولايات الجنوبية الثلاثة. و أيضا سوف تنافس في الوسط،.. و لآن الجبهة الإسلامية قارئة للساحة السياسية قراءة جيدة، تعرف التغيير الذي سوف يحدث في توازن القوى، إذا جاءت الحركة الشعبية مشاركة في العملية السياسية.. لذلك كانت أتفاقية الميرغني - قرنق تؤرق مضاجع الجبهة الإسلامية، و هي التي جعلتها تسرع بالعملية الانقلابية.. أما قول الجبهة الإسلامية؛ أن هناك عددا من الانقلابات كانت تدبر بهدف التغيير، كلها تبريرات تحاول بها تبرير فعلتها.. لكن القوى السياسية لا تتابع و لا ترصد مجريات الأحداث و تحليلها، و التنبؤ قبل وقوع الأحداث، أو كيف تفكر القيادات السياسية.. و كان الواجب على الحزب الاتحادي أن يتنبأ بالتغييرات التي سوف تحدثها الاتفاقية، و ردة فعل القوى السياسية تجاهها، و كيف يستطيع أن يجعلها محور العملية السياسية، و كان يطالب أن يقيم تنوير لقيادات الجيش كان منع أي تحرك لانقلاب، لكن من الذي يفكر...!؟ نواصل... نسأل الله حسن البصيرة..
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة الجبهة الإسلامیة القوى السیاسیة فی دائرة
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: 1400 فلسطيني ضحايا انتظار المساعدات في غزة منذ مايو
الأونروا: نحو 6 آلاف شاحنة محمّلة بالمعونات جاهزة للدخول إلى القطاع -
القدس تل أبيب "أ ف ب" "د ب أ":أعلن مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم أن 1400 فلسطيني قُتلوا منذ 27 مايو، معظمهم بنيران الجيش الإسرائيلي، أثناء انتظارهم المساعدات في قطاع غزة المدمر والمهدد بالمجاعة.
وأضاف أن "معظم عمليات القتل هذه ارتكبها الجيش الإسرائيلي"، موضحا "حتى لو أننا نعلم بوجود مسلحين آخرين في المناطق ذاتها، لا تتوافر لدينا أي معلومات تشير إلى ضلوعهم في عمليات القتل هذه".
وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة فرانس برس "في أعقاب التقارير التي تحدثت عن سقوط ضحايا مدنيين بالقرب من مناطق التوزيع، أجرت القيادة الجنوبية تحقيقات معمقة، ويجري حاليا دراسة الحوادث من قبل هيئات مختصة".
وتابع مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنه خلال يومين "بين 30 و31 يوليو تفيد التقارير عن مقتل 105 فلسطينيين وإصابة ما لا يقل عن 680 بجروح على طول طرق القوافل في منطقة زيكيم في شمال قطاع غزة، ومنطقة موراج جنوب خان يونس، وعلى مقربة من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية في وسط غزة وفي رفح".
وذكر البيان أن "عمليات إطلاق النار والقصف على الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي تواصلت على طول مسارات القوافل الغذائية وعلى مقربة من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية بالرغم من إعلان الجيش في 27 يوليو تعليق عملياته العسكرية ... لساعات محددة 'لتحسين الاستجابة الإنسانية'. وتابع أن معظم الضحايا "يبدو أنهم شبان وفتية".
وشدد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية أن "هذه ليست مجرد أرقام" مشيرا إلى أنه "لم ترده أي معلومات" تشير إلى أن الضحايا "كانوا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية أو يشكلون تهديدا لقوات الأمن الإسرائيلية أو لأفراد آخرين".
شاحنات جاهزة للدخول
أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الجمعة أن الأمم المتحدة لديها نحو 6000 شاحنة محمّلة بالمساعدات الغذائية عالقة خارج غزة، في انتظار الحصول على الموافقة لدخول القطاع الذي يتضور سكانه جوعا.
وقال لازاريني في منشور على منصة "إكس" "الأونروا لديها 6000 شاحنة محمّلة بالمساعدات عالقة خارج غزة وتنتظر الضوء الأخضر للدخول"، مشددا على ضرورة إيصال المساعدات عبر الطرق البرية بدلا من إسقاطها جوا.
وأوضح أن "إسقاط المساعدات جوا يكلّف على الأقل مئة مرة أكثر من تكلفة الشاحنات" مشيرا إلى أن الشاحنات "تنقل مساعدات بحجم يعادل ضعفي الكمية التي تنقلها الطائرات".
وأضاف "إذا توفرت الإرادة السياسية للسماح بإسقاط المساعدات جوا، رغم أنها مكلفة للغاية وغير كافية وغير فعالة، فمن المفترض أن تكون هناك إرادة سياسية مماثلة لفتح المعابر البرية"، من دون أن يذكر إسرائيل التي تسيطر على مداخل غزة.
بعد 22 شهرا من حرب مدمرة اندلعت إثر هجوم شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع أكتوبر 2023، بات قطاع غزة مهددا "بالمجاعة على نطاق واسع" وفقا للأمم المتحدة، ويعتمد كليا على المساعدات الإنسانية التي تُنقل في شاحنات أو يتم إلقاؤها من الجو.
وبعد أن فرضت حصارا شاملا على القطاع مطلع مارس متسببة بنقص حادّ في الغذاء والدواء والحاجات الأساسية، سمحت إسرائيل في نهاية مايو بدخول بعض المساعدات لتقوم بتوزيعها مؤسسة غزة الإنسانية التي تدعمها إسرائيل والولايات المتحدة وترفض وكالات الإغاثة الدولية التعامل معها لأنها تعتبرها غير موثوقة.
ودخل إلى القطاع في الأيام الأخيرة ما بين 100 و200 شاحنة يوميا، بحسب "كوغات" (مكتب تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية)، في حين ترى الأمم المتحدة أن الحاجة الفعلية هي 500 شاحنة يوميا على الأقل.
ومنذ 19 مايو، وصلت 260 شاحنة فقط إلى وجهتها من أصل 2010 شاحنات أُرسلت إلى غزة، بينما اعتُرضت 1753 شاحنة، "إما من قبل مدنيين يعانون من الجوع أو من قبل مجموعات مسلحة"، وفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع.
وأشار لازاريني إلى أن "الأمم المتحدة كانت قادرة على إدخال ما بين 500 إلى 600 شاحنة يوميا خلال فترة وقف إطلاق النار" في مطلع العام، قبل أن يُعلن انتهاء هذه الفترة بقرار إسرائيلي في 18 مارس..
وأكد أن تلك المساعدات "كانت تصل إلى جميع سكان غزة بأمان وكرامة، ومن دون أي انحراف عن وجهتها"، مشددا على أن "أي بديل آخر عن الاستجابة المنسقة بقيادة الأمم المتحدة لم يحقق نتائج مماثلة".
واختتم لازاريني قائلا "دعونا نعود إلى ما كان ينجح واتركونا ننجز عملنا. هذا ما يحتاجه سكان غزة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى جانب وقف دائم لإطلاق النار".
ويتكوف يزور مراكز التوزيع
زار المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف والسفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي مركز توزيع للمساعدات في قطاع غزة الجمعة، في وقت تواجه فيه إسرائيل، الحليف الوثيق لواشنطن، موجة تنديد دولية على خلفية الجوع الواسع الذي يعصف بالقطاع الفلسطيني الذي تمزقة الحرب.
وقام ستيف ويتكوف ومايك هاكابي بجولة في مركز تديره مؤسسة غزة الإنسانية وهي جهة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ونشر هاكابي صورا للزيارة على حسابه على منصة إكس، واصفا عمل مؤسسة غزة الإنسانية بأنه "رائع".
وكتب هاكابي، في منشوره على منصة إكس قائلا: "تلقينا إحاطات من القوات الإسرائيلية وتحدثنا مع الناس على الأرض."
وقال هاكابي إنه زار غزة برفقة ويتكوف بهدف "معرفة الحقيقة" بشأن الوضع الإنساني هناك بعد 21 شهرا من الحرب.
وفي إحدى الصور، ظهر ويتكوف وهو يرتدي قبعة سوداء كتب عليها "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا."