جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-22@17:01:47 GMT

الاحتراق الوظيفي

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

الاحتراق الوظيفي

 

عائشة بنت محمد الكندية

الاحتراق الوظيفي أصبح ظاهرة شائعة يواجهها العديد من الأفراد في مختلف بيئات العمل؛ سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص. وفي عصرنا الحالي، الذي يتسم بالتسارع والتكنولوجيا المتقدمة، نجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع مستويات متزايدة من الضغوط المهنية التي تؤثر بشكل مباشر على صحتنا النفسية والجسدية.

والاحتراق الوظيفي ليس مجرد إجهاد عابر يمكن تجاوزه بسهولة، بل هو حالة مستدامة من الإجهاد المُزمن الذي يتراكم نتيجة للتعرض المستمر لضغوط العمل المفرطة، والتي إذا لم يتم التعامل معها بالشكل المناسب، فإنها تؤدي إلى تدهور الصحة العامة وتؤثر بشكل سلبي على الأداء الوظيفي والعلاقات الشخصية.

أحد الأسباب الرئيسية للاحتراق الوظيفي هو العمل الزائد والضغوط الزمنية التي تفرض على الموظفين العمل لساعات طويلة دون فترات راحة كافية. وعندما يعمل الشخص بشكل مستمر دون الحصول على استراحة لاستعادة طاقته، فإنه يضع نفسه في مواجهة خطر الإرهاق الشديد، والذي قد يتحول تدريجيًا إلى شعور دائم بالتعب الجسدي والعقلي. هذا النوع من الضغط قد لا يكون واضحًا في البداية، لكنه يتسلل ببطء إلى حياة الفرد، مما يجعله عرضة لفقدان الحيوية والحماس للعمل.

كما إن الشعور بعدم التقدير أو المكافأة على الجهود المبذولة هو سبب آخر من أسباب الاحتراق الوظيفي. وعندما يبذل الفرد قصارى جهده في عمله ولا يجد التقدير المناسب، سواء من خلال المكافآت المالية أو التقدير اللفظي، فإنه يبدأ في الشعور بالإحباط والتوتر. وهذا الشعور يمكن أن يتفاقم إذا كانت بيئة العمل سلبية وتتميز بالصراعات الداخلية وعدم وضوح الأدوار. في مثل هذه البيئات، يشعر الموظفون بالضياع وقلة الدعم، مما يزيد من حدة الاحتراق الوظيفي ويجعله أكثر صعوبة في التعامل.

إضافة إلى ذلك، فإن الشعور بفقدان السيطرة على العمل والقرارات يعد من أبرز العوامل التي تساهم في زيادة مستويات التوتر. عندما يشعر الموظف بأنه ليس لديه القدرة على التأثير في مسار عمله أو اتخاذ القرارات المهمة، فإنه يبدأ في الشعور بالعجز والتوتر. هذا الشعور يمكن أن يتفاقم إذا لم يتمكن الفرد من تحقيق التوازن بين حياته الشخصية والمهنية، مما يؤدي إلى حالة مستمرة من الإجهاد والإرهاق.

والأعراض المرتبطة بالاحتراق الوظيفي تتنوع وتختلف من شخص لآخر، لكنها تشمل عادةً شعورًا مستمرًا بالإرهاق الشديد، والذي يعكس حالة من التعب الجسدي والعقلي المستمر. يعاني الأشخاص الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي من صعوبة في التركيز وانخفاض في الأداء الوظيفي، حيث يصبح من الصعب عليهم إنجاز المهام اليومية بنفس الكفاءة السابقة. بالإضافة إلى ذلك، يظهر لديهم انسحاب اجتماعي، حيث يشعرون بالعزلة ويتجنبون التفاعل مع زملائهم في العمل وحتى مع الأصدقاء والعائلة.

ومن بين الأعراض الأكثر تأثيرًا: التشاؤم والإحباط؛ حيث تتشكل لديهم نظرة سلبية تجاه المستقبل، مصحوبة بشعور باليأس. وهذه النظرة السوداوية يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات صحية جسدية أيضًا؛ إذ يرتفع لديهم معدل الأمراض الجسدية مثل الصداع واضطرابات النوم ومشاكل الجهاز الهضمي. وهذه المشكلات الصحية ليست مجرد أعراض جانبية للاحتراق الوظيفي؛ بل هي علامات واضحة على أن الجسم يعاني من ضغوط لا يمكنه التعامل معها بشكل فعال.

وللتعامل مع مشكلة الاحتراق الوظيفي والوقاية منها، من الضروري تبني بعض الاستراتيجيات والإرشادات التي يمكن أن تساعد في تخفيف الضغوط المهنية والحفاظ على صحة الفرد النفسية والجسدية. ومن بين هذه الاستراتيجيات، يأتي تنظيم الوقت على رأس الأولويات. تنظيم الوقت بشكل فعال يساعد الفرد على تحديد أولويات عمله وتجنب الإرهاق الناتج عن تراكم المهام.

كما إن التواصل الفعّال مع الزملاء والرؤساء يؤدي دورًا مهمًا في التعبير عن المخاوف والاحتياجات. وهذا النوع من التواصل يمكن أن يفتح قنوات للحوار ويتيح فرصًا لحل المشكلات قبل أن تتفاقم.

علاوة على أن ممارسة الرياضة بانتظام وتناول غذاء صحي والحصول على قسط كافٍ من النوم، بمثابة خطوات أساسية أخرى للحفاظ على التوازن الصحي. الرياضة تساعد في تخفيف التوتر الجسدي والنفسي، بينما يساهم الغذاء الصحي والنوم الجيد في تعزيز طاقة الجسم وقدرته على التعامل مع الضغوط.

أيضًا، من المفيد ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل، مثل اليوغا والتأمل في الطبيعة، لتحسين الصحة النفسية. هذه الأنشطة يمكن أن تساعد في تهدئة العقل وإعادة التركيز، مما يقلل من تأثير الإجهاد المستمر.

وفي الختام، من المهم أن ندرك أن الاحتراق الوظيفي ليس مشكلة يمكن تجاهلها أو تأجيل التعامل معها. بل هي قضية تحتاج إلى وعي وفهم عميقين؛ سواء من الأفراد أو المؤسسات. ومن خلال الوقاية الفعالة والتعامل الواعي مع الأسباب والأعراض، يمكننا ضمان بيئة عمل منتجة ومستدامة. وعلى الأفراد والمؤسسات العمل معًا لتطوير استراتيجيات صحية وممارسات عملية من شأنها أن تحد من تأثيرات الاحتراق الوظيفي، وتعزز من جودة الحياة العملية والشخصية على حد سواء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مكتوم بن محمد يصدر قراراً بشأن الحماية الوظيفيّة للمُوظّف العام المُبلِّغ عن المُخالفات المالية والإدارية

دبي (وام)

أخبار ذات صلة «مقر المؤثرين» يستضيف فعالية لـ «ميتا» قامات وقيادات فكرية في «قمة الإعلام العربي 2025»

أصدر سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأوّل لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، بصفته رئيساً لجهاز الرقابة المالية بدبي، القرار رقم (2) لسنة 2025 بشأن الحماية الوظيفيّة للمُوظّف العام المُبلِّغ، الذي يقوم بالتعاون مع جهاز الرقابة المالية بالإبلاغ أو الإفادة عن أي من المُخالفات المالية والإدارية المرتكبة بالجهات الخاضعة لرقابة الجهاز، وهي المخالفات المنصوص عليها في القانون رقم (4) لسنة 2018 بإنشاء جهاز الرقابة الماليّة بدبي. ويهدف القرار إلى حماية المال العام، وصون سُمعة إمارة دبي من الناحية الماليّة والاقتصاديّة، من خلال تمكين المُوظّفين من الإبلاغ أو الإدلاء بالمعلومات عن المُخالفات المالية والإدارية المنصوص عليها في القانون، والإدلاء بأقوالهم في التحقيقات الإداريّة التي يُجريها جهاز الرقابة المالية بدبي، من دون أي ضغوط أو تأثيرات عليهم، بما يُسهِم في الكشف عن تلك المُخالفات.
كما يهدف القرار إلى حماية الوضع الوظيفي للموظف المُبلِّغ نتيجة تقدُّمِه ببلاغ أو إدلائه بأقوال في التحقيقات التي يُجريها جهاز الرقابة المالية، وتنظيم إجراءات وشُروط تقديم طلب الحماية الوظيفية عن البلاغات المُقدّمة من المُوظّفين للجهاز، ووضع الأطر القانونية والإجرائية التي تهدف إلى تشجيعهم للإبلاغ عن المُخالفات المالية والإدارية المُرتكبة لدى الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز.
سرّيّة البلاغات
تُطبّق أحكام القرار على الموظفين المُبلِّغين العاملين لدى الجهات الخاضعة لجهاز الرقابة المالية بدبي، الذين يُقرِّر الجهاز قبول بلاغاتهم أو إفادتهم عن المُخالفات المالية والإدارية التي تُرتَكب وتدخُل في نطاق اختصاص الجهاز وفقاً لأحكام القانون رقم (4) لسنة 2018 بإنشاء جهاز الرقابة المالية، وكذلك المُوظّفين الذين يتم استدعاؤهم لسماع إفادتهم خلال إجراءات التحقيق في تلك المُخالفات. ووفقاً للقرار، تُعَدّ البلاغات المُقدَّمة إلى جهاز الرقابة المالية سرّية، ولا يجوز لمُوظّفي الجهاز بأي حالٍ من الأحوال إفشاء أو تداول البيانات والمعلومات الواردة ضمن البلاغ أو الكشف عنها، وعلى موظف الجهاز الذي يتولى مسؤولية التحقيق في المخالفات المالية والإدارية عند مُباشرتِه إجراءات التحقيق أن يتحلّى بالمهارات المُرتبِطة بطبيعة التحقيق وضوابطه مع الموظف المُبلِّغ، وأن يلتزم التزاماً تامّاً بمبدأ سرّية التحقيق الإداري، بما يضمن عدم الإضرار بالمُبلِّغ. ويُصدِر مُدير عام جهاز الرقابة المالية بدبي القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القرار، ويُعمل به من تاريخ صُدوره، ويُنشر في الجريدة الرسميّة.

مقالات مشابهة

  • شرطي يستخدم سلاحه الوظيفي لتحييد خطر شخص في حالة هيجان بمراكش
  • في ظل استمرار العدوان والحصار الصهيوني الحصول على مياه آمنة للشرب في غزة مهمة شبه مستحيلة
  • هل يمكن إلغاء الخروج النهائي بعد تصحيح وضع العامل المنزلي؟.. توضيح من الجوازات
  • اليوم الوظيفي 2025 في عمان الأهلية
  • أبرزها التبول المتكرر.. أعراض تكشف عن الإصابة بمرض السكري
  • مكتوم بن محمد يصدر قراراً بشأن الحماية الوظيفيّة للمُوظّف العام المُبلِّغ عن المُخالفات المالية والإدارية
  • تعاني من شهيّة مفتوحة وشرهٍ خارج عن السيطرة؟ إليك الأسباب والحلول
  • وزيرا الأشغال والدولة للشؤون الخارجية يزوران مشروع صيانة السكن الوظيفي
  • 2367 ريالاً إنفاق الفرد على التأمين
  • أمين عمال حماة الوطن: قانون العمل الجديد يوفر الاستقرار الوظيفي