تكررت في الآونة الأخيرة المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، حتى بلغ عدد الشهداء نحو 40 ألفا، ووصلت الإصابات إلى أكثر من 92 ألفا، بالإضافة إلى مئات آلاف النازحين والمشردين.

وخلال 48 ساعة الماضية فقط، ارتكبت إسرائيل 3 مجازر في القطاع، وراح ضحيتها 142 شهيدا، وبلغ عدد الإصابات 150 شخصا، فضلا عن عدد لا يحصى من الضحايا الذين لم يتم إحصاؤهم وما زالوا تحت الركام، حسب ما جاء في منشور لوزارة الصحة في قطاع غزة على فيسبوك.

وفي محاولة من جيش الاحتلال لتبريره ارتكاب هذه المجازر، أصدر بيانا ادعى فيه أنه استهدف مدرسة "التابعين" لوجود مظاهر مسلحة في المكان، وأرفق بيانه بأسماء وصور 19 فلسطينيا قال إنهم من قيادات المقاومة في قطاع غزة.

إسرائيل تكذب

لكن عملية المراجعة والتدقيق التي أجراها فريق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان "تبين أن جيش الاحتلال اعتمد في قائمته على أسماء متداولة لقتلى فلسطينيين بغارات إسرائيلية سابقة، واستخرج صورًا لهم من السجل المدني الذي تسيطر عليه إسرائيل".

وقالت مديرة الدائرة القانونية في المرصد ليما بسطامي إن 3 من الأسماء التي نشرتها إسرائيل "قُتلوا في حوادث قصف إسرائيلي سابقة، وهم الشاب أحمد إيهاب الجعبري الذي قتله جيش الاحتلال في الخامس من ديسمبر/كانون الأول 2023، والشاب يوسف الوادية الذي استهدفه الاحتلال قبل يومين من المجزرة، والشاب منتصر ضاهر الذي قُتل الجمعة (الماضي) برفقة شقيقته داخل شقة سكنية، أي قبل المجزرة بيوم".

وأضافت بسطامي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أنه تبين كذلك أن من بين الضحايا 3 مدنيين مسنين لا علاقة لهم بالعمل العسكري، وهم: مدير مدرسة، وعبد العزيز مصباح الكفارنة نائب رئيس بلدية بيت حانون، ويوسف كحلوت وهو أكاديمي بدرجة بروفيسور وأستاذ لغة عربية، بالإضافة إلى 6 من المدنيين، وبعضهم معارض لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأشارت مديرة الدائرة القانونية بالمرصد الأورومتوسطى إلى أن إسرائيل ماضية في كذبها وادعائها بوجود المقاتلين في الأماكن التي تستهدفها، وهي معلومات مضللة وخاطئة، والهدف منها هو التلاعب بالرأي العام الدولي والتخفيف من وطأة الانتقادات التي قد تواجهها.

عجز القانون الدولي

فهل ما تسوّقه إسرائيل من ادعاءات يمكن أن يكون حجة لها أمام القانون الدولي، ويسمح لها بارتكاب كل هذه المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين؟ ولماذا يقف القانون الدولي عاجزا أمام إيقاف آلة القتل الإسرائيلية؟ ولماذا لم يعد الضغط الدولي على إسرائيل كما كان سابقا؟

وجوهر الإجابة عن هذه الأسئلة يكمن في معرفة الآليات التي يعمل بها القانون الدولي والمؤسسات التي تقوم عليه، ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني إن كل بنود القانون الدولي الإنساني بمقتضى اتفاقيتي جنيف 1949 و1979، وبنود القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وباقي المؤسسات القضائية الدولية تدين كل ما تمارسه إسرائيل في حق الفلسطينيين.

وأضاف الحسيني -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن الإشكالية الكبرى في تطبيق القانون الدولي على إسرائيل تكمن في الهيكلية الحالية التي يقوم عليها مجلس الأمن، بوصفه الجهة الوحيدة التي يمكنها استخدام القوة في فرض القوانين الدولية، حيث تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل.

 

مبدأ سيادة الدول

أما المحامي وخبير القانون الدولي محمد الصبيحي فيفرق بين أمرين:

القانون المحلي: وهو مجموعة القواعد التي تفرضها الدول داخليا وتلزم الجميع بها بقوة القانون. القانون الدولي: ويطلق عليه البعض القوة الناعمة، وهو قانون اتفاقي، ولا توجد وسائل لفرضه على الدول بالقوة، لأن الدول تتمسك هنا بمبدأ سيادتها.

وأضاف الصبيحي -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن القانون الدولي ليس مجرد نصوص مكتوبة، لكنه أيضا أعراف متفق عليها بين الدول في حالة الحروب، ولقد وُضع في الأساس لمنع توحش الحروب في بدايات القرن الماضي، مع ويلات الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وفيما يتعلق بذرائع إسرائيل التي تسوقها في سبيل ارتكابها المجازر في غزة، يرى خبير القانون الدولي أنه لا توجد دولة ارتكبت المجازر والإبادة الجماعية إلا وتزرعت بالأسباب نفسها التي تسوقها إسرائيل، ومع ذلك فهذا ليس مبررا على الإطلاق لارتكاب هذه المجازر، ولا يقبلها القانون الدولي كذريعة لإبادة المنطقة التي تستهدفه بالكامل.

الضغط على إسرائيل

وهل يظل القانون الدولي مكتوف الأيدي أمام هيمنة المصالح السياسية الدولية وتشابكاتها؟ هنا يقترح تاج الدين الحسيني لجوء الدول المعنية بتقديم شكوى للمحكمة الجنائية الدولية التي تملك صلاحية المتابعة القضائية ضد إسرائيل وقادتها المسؤولين عن هذه المجازر.

ويقترح محمد الصبيحي عددا من الإجراءات التي يمكنها الضغط على إسرائيل من أجل وقف نزيف الدماء التي تراق في مدارس القطاع ومستشفياته، ومنها:

استخدام سلاح المقاطعة ضد الاحتلال عبر أدوات تنفيذية يحددها القانون الدولي، ولكن هذا الأمر ما زال العمل به محدودا لأن الدول الكبرى تعمل وفق مصالحها الخاصة. المطالبة بالتعويضات التي يتقدم بها ضحايا العدوان الإسرائيلي وضحايا الإبادة وضحايا التعذيب، والتي قد تتحول إلى تجميد الأموال المرتبطة بإسرائيل في البلدان التي تتبنى هذا الأمر. إنشاء صندوق للتبرعات يستفيد منه الضحايا، ويكون تحت إشراف من الأمم المتحدة. وأهمية هذا الصندوق ليست في العائد المادي الناتج عنه فقط، بل تكمن في الاعتراف الدولي بالانتهاكات التي ارتكبت ضد الضحايا، وما يترتب على ذلك من إجراءات.

وما زال قطاع غزة يتعرض منذ 311 يوما لعدوان إسرائيلي راح ضحيته مئات آلاف الضحايا بين استشهاد وإصابة ونزوح، فضلا عن تعرض البنية التحتية من مدارس ومستشفيات ومؤسسات حكومية للتدمير الكلي، وذلك عقب عملية طوفان الأقصى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القانون الدولی جیش الاحتلال هذه المجازر على إسرائیل قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

منظمة العفو الدولية تحذر العراق من تمرير قانون يقمع حرية التعبير والتظاهرات السلمية

آخر تحديث: 2 غشت 2025 - 10:48 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- حذّرت منظمة العفو الدولية، السبت، من أن مشروع القانون المطروح أمام البرلمان العراقي قد يشكّل انتكاسة خطيرة للحريات العامة في البلاد، داعيةً النواب إلى رفضه أو تعديله بما ينسجم مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق.وذكرت المنظمة في تقرير ، أن “مجلس النواب العراقي من المقرر أن يناقش قانوناً جديداً قد يفرض قيوداً غير مبررة على حرية التعبير والتجمع السلمي”، مشيرة إلى أن “القانون المقترح يهدد بمزيد من تقييد الفضاء المدني، ويضفي الطابع الرسمي على ممارسات القمع المتزايدة التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة”.واوضحت الباحثة في شؤون العراق بمنظمة العفو، رزاوز صالحي، أن “على النواب التصويت ضد أي تشريع يضيف أدوات جديدة للسلطات تقوّض حرية التعبير أو التجمع”، مؤكدة أن “مشروع القانون بصيغته الحالية يتعارض مع التزامات العراق الدستورية والدولية”.وأضافت صالحي، أن “الصحفيين والنشطاء في العراق يواجهون بالفعل تهديدات ومضايقات واعتقالات تعسفية، على خلفية تعبيرهم عن آراء مشروعة”، لافتة إلى أن “السلطات تعتمد على مواد غامضة في قانون العقوبات مثل التشهير والمساس بالنظام العام لقمع الأصوات المعارضة”.وتابعت المنظمة، أن “عملية إعداد مشروع القانون جرت في أجواء من السرية، دون مشاورات حقيقية مع المجتمع المدني”، محذّرة من أن “عدم الشفافية في هذا المسار التشريعي يُنذر بفرض مزيد من القيود، خاصة وأن النص القانوني لا يوفّر ضمانات فعلية لحماية الحريات الأساسية”. وبحسب التقرير، فإن “مشروع القانون كان قد خضع لقراءتين سابقتين في البرلمان، الأولى بتاريخ 3 كانون الأول 2022، والثانية في 9 أيار 2023، وسط اعتراضات من منظمات حقوقية وأطراف في المجتمع المدني، التي حذّرت من أن القانون قد يُستخدم لتجريم الاحتجاجات السلمية والنقد العلني للسلطات”.ولفتت المنظمة الى، أن “تعديل عنوان القانون إلى (قانون التظاهر السلمي)، بعد أن كان يتضمن صراحة (حرية التعبير)، يمثل تراجعاً واضحاً عن مبدأ حماية الرأي”، مبينة أن “هذه الخطوة قد تكون محاولة لتقليص نطاق الحقوق التي يُفترض أن يحميها القانون”. ودعت المنظمة ، مجلس النواب العراقي إلى “إعادة النظر بالنصوص المطروحة، وحذف أي بنود أو تعابير فضفاضة مثل (الإخلال بالآداب العامة) أو (المساس بالنظام العام)، والتي يمكن تأويلها بطرق تُتيح إسكات الأصوات المعارضة”. وأكدت أن “أي قانون جديد يجب أن يتوافق بالكامل مع المادتين 38 و39 من الدستور العراقي، ومع التزامات العراق في إطار العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، منوهة الى ان “جلسة البرلمان المقبلة تشكل اختباراً حقيقياً للسلطات التشريعية في احترام الحقوق والحريات، أو ترسيخ نهج قانوني يقود إلى مزيد من القمع والتضييق”. وأصدرت لجنة حقوق الإنسان النيابية، يوم الخميس الماضي، بيانا أوضحت فيه أن مشروع قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، لا يحد من التظاهر، بعد إجراء تعديلات عليه وإلغاء الفقرات التي تتضمن عقوبات جزائية وأخذ موافقات، فضلا عن تغيير أسمه، للحفاظ على حرية التعبير.كما اتهمت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين، يوم الخميس الماضي، مجلس النواب بأنه “يتعمد” عدم نشر مشروع قانون حرية التعبير والذي تم وضعه على جدول أعمال مجلس النواب لغرض مناقشته في جلسة الثاني من شهر آب/ أغسطس الجاري.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الدولي للمواي تاي يعاقب إسرائيل
  • العفو الدولية تنتقد قانون حرية التعبير العراقي: صياغات فضفاضة وتكريس للقمع
  • منظمة العفو الدولية تحذر العراق من تمرير قانون يقمع حرية التعبير والتظاهرات السلمية
  • لماذا قررت كندا الاعتراف بفلسطين رغم دعمها إسرائيل؟
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • خبراء: الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين تنذر بتحول مواقف الغرب تجاه إسرائيل
  • عشرات الشهداء والجرحى جراء مجازر وحشية جديدة في غزة (حصيلة)
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟
  • مشهد مستشار قانوني يبحث عن المياه في غزة يشعل المنصات غضبا من التجاهل الدولي