هنيئا لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بجمهورية الجزائر الجنوبية
تاريخ النشر: 13th, August 2024 GMT
بقلم : محمد إنفي
مع توالي الاعترافات بمغربية الصحراء، ضاق هامش المناورة أمام الجزائر وصنيعتها البوليساريو. وهكذا، بدأت تتضح معالم الجمهورية الجزائرية الجنوبية التيأصبحت واقعا ملموسا على الأرض وواقعا تاريخياحقيقيا أيضا. فهذه الجمهورية الموجودة في تندوف عمرها نصف قرن؛ وعمر الجمهورية الجزائرية الشمالية 62 سنة.
واعتبارا لظروف النشأة وللتاريخ المتقارب بينهما، فيمكن اعتبار الجزائر الجنوبية أختا صغرى للجزائر الشمالية. وتقتضي روابط الأخوة أن تُدلِّل الأخت الكبرى أختها الصغرى. وهذا ما حصل؛ فبعد أن وفرت الجزائر الشمالية الأرض للجزائر الجنوبية، حرصت على أن توفر لها المال والسلاح وأن تُنشئ لها تمثيليات ديبلوماسية في بعض الدول، مستعملة في ذلك ديبلوماسية الشيكات والهبات بسخاء، خاصة خلال فترات الطفرة الطاقية،حتى أنها تمكنت من إدخالها إلى منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا).
وهكذا، أصبح لجبهة البوليساريو جمهورية صحراوية وهمية، لكنها جمهورية جزائرية جنوبية حقيقية وواقعية تمثل أولوية الأولويات وأقدس المقدسات لدى النظام الجزائري لدرجة أن البوليساريو أصبحت من عناصر السيادة في الجزائر الشمالية، والطعن في ذلك يعتر خيانة كبرى تستوجب أقسى وأقصى العقوبات. لذلك،أُعطي النظام العسكري كل الاعتبار وكل الاهتمام لإرساء دعائم دولة شقيقته الصغرى، بينما تم إهمال تاملحاجيات الشعب الجزائري وتطلعاته إلى التقدم والرفاه، لينتهي الأمر بهذا الشعب المقهور، المعذب في الأرض،إلى ما يعيشه اليوم من فقر مدقع وخصاص مهول في المواد الغذائية الأساسية، رغم الثروات الهائلة التي تزخر بها البلاد. ولذلك، تَحتَّم على الجزائري أن يقضي ساعات طوال في طوابير لامتناهية، لعله يحصل على كيس حليب أو قارورة زيت أو قنينة غاز أو كيلو عدس أو حمص أو لوبيا أو غيرها. وبهذا استحقت الجزائر اسم “طابوريستان“. وتضاف إلى أزمة المواد الغذائية أزمة الماء الشروب، حيث وصلت مداها في بعض الولايات، “تيارت” على سبيل المثال؛ والجزائر العاصمة ليست في منأى عن هذه الآفة.
تجدر الإشارة إلى أن الجزائر الجنوبية أو الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، هي من مخلفات الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتيالسابق والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وبما أن الجزائر الشمالية كانت محسوبة على المعسكر الشرقي، فقد وجدت الدعم السياسي لدى هذا المعسكر في مشروعها المتمثل في خلق دويلة وهمية تزعم تمثيل ما سمي بالشعب الصحراوي، هدفها إعاقة استكمال المغرب لوحدته الترابية.
ورغم المعارك التي خاضتها جبهة البوليساريو الانفصاليةبمشاركة مرتزقة من أماكن متفرقة وفيالق من الجيش الجزائري وبدعم من عدة دول محسوبة على المعسكر الشرقي (ليبيا، كوبا وغيرهما)، فلم يتمكنوا من الاستلاء على أية قطعة من الصحراء المغربية، رغم ضراوة المعارك التي عرفتها المنطقة؛ ومنها معركتي أمغالا 1 وأمغالا 2على سبيل المثال، تم خلالهما اعتقال ضباط وجنود جزائريين. ولا شك أن المدة التي قضاها سعيد شنقريحة، رئيس الأركان الحالي، في قبضة القوات المسلحة الملكية، لا زالت ترخي بظلالها على نفسيته المريضة بالمغربوالمسكونة به. وليس شنقريحة وحده من يعاني من عقدة المغرب؛ بل النظام الجزائري بكل مكوناته وأنصاره ونخبه السياسية والإعلامية والرياضية وجزء غير يسير من الشعب. فهؤلاء القوم كلهم مهووسون بالمغرب لدرجة الهذيان. فشنقريحة يعتبره العدو الكلاسيكي للجزائر؛ والإعلام الجزائري يتهم المغرب بكل ما يقع من كوارث في الجزائر، بما في ذلك الجفاف والجراد والحرائق والهزائم في مجال الرياضة وندرة المواد الغذائية وغير ذلك من الآفات والأزمات. وبقدر ما يراكم المغرب نجاحات تلو أخرى على المستوى الاقتصادي والتنموي والديبلوماسي والرياضي وغيره، بقدر ما تتقهقر الجزائر التي تعيش على ريع النفط والغاز وتهمل باقي القطاعات الاقتصادية الكفيلة بضمان التنمية المستدامة.
تجدر الإشارة إلى أن النظام الجزائري ركز كل اهتمامه على معاكسة مصالح المغرب وأهمل مصالح الجزائر، بحيث سخر إعلامه الرسمي وغير الرسمي ونخبه السياسية وكل أبواقه للتهجم على جاره الغربي والافتراء عليه؛ بينما هذا الأخير لا يلقي له بالا ولا يكترث بهإطلاقا، رسميا أقصد، لسخافة وقذارة وسفالة جاره الشرقي. ومما يزيد من تعقيد الوضع في الجزائر، هوكومة العقد النفسية التي أصبحت مستشرية في البلاد(الجزائر مارِستان مفتوح) بالإضافة إلى عقدة الهويةوعقدة التاريخ والحضارة وغيرها.
ومن العقد النفسية التي تنخر نفسية النظام ونفسية الجزائري المُبرْدَع والمُغَيَّب، هي عقدة النقص والشعور بالدونية. وتظهر هذه العقدة جلية في تصريحات بعض المسؤولين وأفراد من الشعب والإعلاميين وغيرهم، عندما يتباهون بقوة لا يمتلكونها. فعندما يزعم أحدهم بأنهم قادرون على أخذ الصحراء المغربية في أقل من أربع وعشرين ساعة، بينما فشلوا في ذلك خلال خمسين سنة، فاعلم أن الجزائر ملآى بالحمقى والمعتوهين. وعندمايتحدث سعيد شنقريحة عن أقوى جيش في المنطقة (ومناوراته المضحكة تدل على نوع هذه القوة المزعومة)،فاعلم أنه يشعر بالضعف والهون؛ وعندما يصف عبد المجيد تبون الجزائر بالقوة الضاربة، فهو يعترف بضعف بلاده ويؤكد بكلامه بأنها قوة مضروبة اقتصاديا واجتماعيا وديبلوماسيا. والطوابير على أبسط المواد الغذائية، تؤكد هذه الحقيقة؛ فالجزائر على حافة المجاعة، ويزيد من استفحال الوضع أزمة العطش التي تضرب البلاد بما في ذلك الجزائر العاصمة، كما سبقت الإشارةإلى ذلك.
وبالعودة إلى أصل المشكل، ندرك هدف النظام الجزائري من وراء خلق جمهورية الوهم في تندوف. فقد أراد المقبور محمد بوخروبة (الهواري بومدين المزيف) أن يضع حجرة في حذاء المغرب، كما صرح بذلك في محفل رسمي دون خجل أو وجل، فتحولت هذه الحجرة مع الوقت إلى صخرة جاثمة على صدر النظام الجزائري، تخنق أنفاسه وتتسبب له في كوابيس تقض مضجعه؛ خصوصا وأن دائرة المناورة قد تقلصت وضاقت أمامه إلى حد كبير بفعل النجاحات الديبلوماسية التي يحققها المغرب والفشل الذريع الذي تراكمه الجزائر على كل المستويات حتى أصبحت دولة بلا وزن ولا هبة ولا مواقف، كما قال عنها السيد “سيرجي لبروف“، وزير خارجية روسيا عندما فسر معايير القبول والرفض في مجموعة “البريكس“.
خلاصة القول، لقد وقعت الجزائر في شر أعمالها. لقد أرادت أن تعرقل استكمال المغرب لوحدته الترابية وتعيق نموه الاقتصادي، فأنشأت دويلة في تندوف باسم الصحراء المغربية، لكن المنتمين منهم للصحراء المغربية قد أصبحوا اليوم قلة قليلة بين المرتزقة الذين تم تجنيدهم من دول متفرقة وتوالدوا في المخيمات. فمن ازداد في نهاية السبعينيات أو بداية الثمانينيات من القرن الماضي، قد أصبح اليوم كهلا، ولا شك أنه قد كون عائلة هناك ولا يعرف من العالم إلا الرقعة التي يتحرك فيها. فكيف ستتصرف الجزائر مع هؤلاء؟ فالمغرب لن يقبل إلا من يثبت انتماءه للصحراء المغربية. أما الباقون فعليهم أن يدافعوا عن انتمائهم للجزائر الجنوبية التي نشئوا وترعرعوا فيها. وهكذا، أصبح قصر المرادية في ورطة حقيقية بعد اعتراف الدول الكبرى بمغربية الصحراء، بما في ذلك فرنسا التي زعزع اعترافها كيان الجزائر بكل ما تحمله الكلمة من معنى، نظرا لاعتبارات تاريخية وجيو- سياسية. ولا يسعني، هنا، إلا أن أكرر تهنئتي لدولة لا وزن لا هبة لا مواقف بهذا الإنجاز السياسي الكبير المتمثل في ترسيم دولة الجزائر الجنوبية التي تحولت من حجرة في حذاء المغرب إلى صخرة نبت بها مسامير وإبر سامة لا يتوقف وخزها في مناطق بالغة الحساسية وشديدة الألم والوجع بالنسبة للجزائر الشمالية.
طنجة في 11 غشت 2024
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: الجزائر الجنوبیة النظام الجزائری المواد الغذائیة فی ذلک
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة المنصورة يزور جامعة المستقبل بجمهورية العراق لتعزيز سبل التعاون
زار الدكتور شريف خاطر، رئيس جامعة المنصورة، رسمية إلى جامعة المستقبل بجمهورية العراق، وكان في استقباله الدكتور حسن شاكر مجدي، رئيس جامعة المستقبل، وذلك في إطار دعم أوجه التعاون المشترك بين الجامعتين في المجالات الأكاديمية والعلمية والبحثية.
رافق رئيس جامعة المنصورة خلال الزيارة الدكتور طارق غلوش، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، بحضور من القيادات الأكاديمية بجامعة المستقبل: مساعدي رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، وشؤون البحث العلمي، والسادة عمداء الكليات، حيث جرت مراسم استقبال رسمية، ثم عُقد لقاء موسع لمناقشة سبل توسيع آفاق التعاون بين الجانبين، في ضوء البروتوكول الذي تم توقيعه في وقت سابق بمدينة المنصورة، لتعزيز الشراكة بين الجامعتين في مجالات البحث العلمي، وتبادل الطلاب والزيارات الأكاديمية، والإشراف على الرسائل العلمية، وعقد مؤتمرات مشتركة، ومناقشة آليات تنفيذ برامج دراسية مزدوجة.
وتضمنت الزيارة جولة ميدانية موسعة داخل الحرم الجامعي لجامعة المستقبل، تفقد خلالها رئيس جامعة المنصورة عددًا من المرافق التعليمية الحديثة، من قاعات دراسية متطورة، ومختبرات علمية مجهزة بأحدث التقنيات العالمية، إضافة إلى الاطلاع على سير الامتحانات النهائية ببعض الكليات.
وأكد الدكتور شريف خاطر أن هذه الزيارة تأتي في إطار حرص جامعة المنصورة على تطبيق الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي ورؤية مصر 2030، تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية في التوسع في عقد الشراكات الدولية، وجعل مصر مركزًا إقليميًا للتعليم، مشيرًا إلى أن الجامعة تسعى إلى تعميق دورها الدولي من خلال تعزيز التعاون مع الجامعات العربية ذات السمعة المتميزة.
وأشاد رئيس جامعة المنصورة بما لمسه من تنظيم دقيق، وانضباط أكاديمي، وبيئة تعليمية ذكية ومستدامة بالجامعة، معربا عن إعجابه الشديد بما شاهده من إنجازات ومبادرات طموحة، متمنيًا لجامعة المستقبل المزيد من النجاح والتقدم في مسيرتها الأكاديمية والتعليمية.
ومن جانبه، أكد الدكتور طارق غلوش أن الزيارة تُعد نُقطة انطلاقة لتعزيز التعاون العلمي مع جامعة المستقبل، مشيرًا إلى أن مثل هذه الشراكات تُسهم في تبادل الخبرات وتطوير العملية البحثية بما يخدم تطلعات الجامعتين في التميز الأكاديمي.
وفي ختام اللقاء، قام الدكتور حسن شاكر، رئيس جامعة المستقبل، بإهداء درع الجامعة إلى الدكتور شريف خاطر، والدكتور طارق غلوش، تقديرًا للجهود المبذولة في تفعيل التعاون الأكاديمي بين الجامعتين. كما قام الدكتور شريف خاطر بإهداء درع جامعة المنصورة إلى رئيس جامعة المستقبل، تأكيدًا على عمق العلاقات الثنائية وأهمية الشراكة بين المؤسستين.
رئيس جامعة المنصورة 1000173595 1000173583 1000173584 1000173588 1000173587 1000173585 1000173601