تقرير: فرص الحصول على وظائف لائقة لا تزال محدودة في الاقتصادات الناشئة والنامية
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
عبرت منظمة العمل الدولية عن مخاوفها حيال البطالة المنتشرة بين فئات الشباب البالغة أعمارهم بين 15 و 24 عاماً، ويبلغ 20,4 في المائة من سكان العالم ثلثهم من النساء، كاشفة أن فرص الحصول على وظائف لائقة لا تزال محدودة في الاقتصادات الناشئة والنامية.
وتشير المنظمة في تقرير حديث لها عن البطالة والتشغيل، إلى أن مجال التوظيف لم يتعاف تماماً على المستوى العالمي بعد جائحة كورونا.
ويشدّد التقرير أيضاً على أن المنحى العالمي نحو انعدام الأمن الوظيفي « يسبب قلقا متزايدا للشباب الذين يتطلعون إلى تحقيق استقلالية مالية والانتقال إلى المراحل التالية من حياتهم البالغة ».
وقال المدير العام للمنظمة جيلبير أونغبو في البيان « لا يمكن لأي منا أن يأمل بمستقبل مستقر في حين لا يحصل ملايين الشباب حول العالم على وظائف لائقة، ونتيجة لذلك، يشعرون بعدم الأمان وعدم القدرة على بناء حياة أفضل لأنفسهم ولأسرهم ».
وعلى الصعيد العالمي، يعمل أكثر من نصف العمال الشباب في وظائف غير رسمية، وتقول المنظمة إن « فرص الحصول على وظائف لائقة لا تزال محدودة في الاقتصادات الناشئة والنامية ».
ويختلف الوضع من منطقة جغرافية لأخرى، فمعدّلات بطالة الشباب في الدول العربية وشرق آسيا وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، في العام 2023 هي أعلى مما كانت عليه في العام 2019″، وفقاً للتقرير.
وذكرت المنظمة، أن معدل بطالة الشباب بلغ العام الماضي 13%، وتوقعت المنظمة أن تنخفض هذه النسبة بشكل أكبر على مدى العامين التاليين لتصل إلى 12.8% في عامي 2024 و2025.
وقالت المنظمة إن معدلات البطالة بين الشباب في الدول العربية وشرق آسيا وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادي كانت أعلى العام الماضي مما كانت عليه في عام 2019.
وهذا استمرار للاتجاه الذي كان سائدا في الدول العربية قبل كوفيد-19. لكنه كان بمثابة تغيير في الاتجاه من النمو الأقوى الذي شهدته المناطق الفرعية في آسيا قبل الجائحة بسنوات.
وأشارت المنظمة أيضا إلى أن متوسط أعمار السكان الأقل بكثير في أفريقيا مقارنة بالدول الأكثر تقدما أثار تساؤلات عن الاستدامة الاقتصادية هناك.
كلمات دلالية البطالة التشغيل منظمة العمل الدولية
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: البطالة التشغيل منظمة العمل الدولية
إقرأ أيضاً:
البطالة وأثرها على الاستقرار المجتمعي
علي بن عبدالله بن منصور السليمي
دائمًا ما نسمع عبارة: "الباحثون عن عمل"، ولعلّك -عزيزي القارئ- واحدٌ منهم الآن. ولكن، هل تساءلت يومًا عن حقيقة هذه المشكلة التي تواجهها؟
أو عن الآثار التي قد تخلّفها، سواء على حياتك الشخصية أو على المجتمع بأسره؟
وهل حاولت في وقتٍ ما أن تبحث عن حلّ جذري لها؟
أنا لا أشك في ذلك... لكن في السطور القادمة، سنحاول أن ننظر إلى هذه المعضلة من زاوية مختلفة، لعلنا نستلهم منها شيئًا، أو يلتمس -ولو أحدنا- طريقًا نحو المستقبل الذي ينشده.
لا شكّ أنّ مشكلة "البطالة" باتت من القضايا العالمية الملحّة، فلا يكاد يخلو بيت -تقريبًا- من باحث عن عمل. ومع توالي الأزمات العالمية وتفاقم الصراعات الدولية، تتعاظم هذه الظاهرة، ويكون أول المتضررين منها هو المواطن الصالح البسيط، الذي يسعى بشرف إلى لقمة عيشه.
وعلى الرغم من الجهود الجادة التي تبذلها الحكومات في سبيل احتواء هذه الأزمة، إلا أننا نلاحظ -مع مرور الوقت- ازدياد أعداد الباحثين عن عمل، دون تحسّن ملموس في الأوضاع. ومن هنا، بات من الضروري عقد لقاءات موسعة ومناقشات جادة لإيجاد حلول واقعية وعملية لهذه الآفة، التي تنهش في نسيج المجتمع مثل سوسةٍ تأكل في صمت، حتى تحدث فيه شرخًا يصعب رأبه.
فهل ننتظر -لا قدّر الله- أن يبلغ السيل الزُبى؟
هل ننتظر انتشار الفقر، وازدياد معدلات الجريمة، وظهور الانحرافات السلوكية في مجتمعنا؟ بالتأكيد لا.
إنّ مجتمعنا المسلم المحافظ، يدرك تمامًا أن البطالة قد تفضي إلى هذه المشكلات الخطيرة، فهي نتيجة طبيعية للفراغ، واليأس، وانعدام مصدر الدخل.
وقد حث الإسلام على العمل والكسب الحلال، واعتبره من أسباب الكرامة والعيش الكريم، فقال تعالى:
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك: 15).
وقال أيضًا: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105).
كما قال النبي ﷺ: "مَا أَكَلَ أحدٌ طعامًا قط خيرًا من أن يأكلَ من عملِ يدِهِ..." (رواه البخاري).
إذاً يجب على كل امرئ فينا أن يسعى في طلب رزقه، ويطرق جميع الأبواب حتى يحقق مبتغاه.
وفي المقابل يجب أن تكون هناك تسهيلات كبيرة من لدن الدولة؛ حتى تتحقق للفرد الوظيفة المناسبة له التي يستطيع من خلالها أن يعيش حياة كريمة.
فلا يمكن للإنسان -بطبيعة الحال- أن يكون كائنا خاملا وسط الخلية المنتعشة التي تتطلب كل ذرة قوة فيها حتى تنمو وتزدهر، وإلا سيتم إقصاؤه بعيدًا.
إلا أن هذا الأمر لا يتحقق إلا إذا تكاتف الجميع، وعملوا فيما بينهم على إصلاح الخَلَّة، ومعالجة العِلَّة، فلا يمكن القضاء على هذه الظاهرة إلا إذا تظافرت جميع الجهود من أعلى الهرم إلى أدناه.
ولربما هناك بعض الحلول التي من شأنها أن تسهم في تقليص حجم هذه المشكلة ومضرتها، وسنسردها لكم فيما تبقى من سطور قليلة قادمة...
ولمواجهة هذه الظاهرة، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي سياسات تنموية واقتصادية شاملة، تستند إلى رؤى واقعية وفاعلة. ومن أبرز هذه السياسات: تنشيط الاستثمارات في القطاعات المنتِجة لفرص العمل، ودعم ريادة الأعمال والمبادرات الفردية، والعمل على مواءمة مخرجات التعليم والتدريب مع متطلبات سوق العمل. كما ينبغي تشجيع الشباب على الانخراط في المهن الحرفية والتقنية، ونشر ثقافة الإنتاج والعمل الجاد، باعتبارها أساسًا لبناء مجتمع متماسك واقتصاد مستدام.
وفي الختام، فإنّ البطالة ليست مجرد أزمة اقتصادية، بل هي تحدٍّ حضاري يمسّ كيان المجتمع واستقراره وأمنه.
ومن هذا المنطلق، يجب علينا -أفرادًا ومؤسسات- أن نستشعر حجم المسؤولية، ونتكاتف جميعًا في السعي الجاد نحو إيجاد الحلول، وتوفير بيئات محفزة للعمل، وتمكين الشباب من أداء دورهم الحقيقي في بناء أوطانهم.
ولنأخذ بأسباب النجاح والتوكل على الله، متيقنين بأن العمل شرف، والكسب الحلال عبادة، وأن في الجد والاجتهاد تُصنع الأمم وتنهض الحضارات.