جيروزاليم بوست: شوارع تل أبيب يسودها هدوء مخيف
تاريخ النشر: 17th, August 2024 GMT
أفادت صحيفة جيروزاليم بوست بأن العاصمة تل أبيب التي كانت تنبض بالحياة حتى وقت قريب، يسودها هدوء "مخيف"، وسكانها يعيشون في رعب جراء تهديدات إيران بالانتقام من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في طهران يوم 31 يوليو/تموز الماضي.
وجاء في تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن تل أبيب، التي اشتهرت بأنها مركز التجارة والأعمال والترفيه في إسرائيل، وبشوارعها المكتظة بالمتسوقين، وشواطئها العامرة بالمصطفين، لم تعد الآن كما كانت وبدت الصورة فيها مختلفة.
وقالت إن الشوارع باتت خاوية على عروشها، والمتاجر تغلق أبوابها مبكرا، وحل هدوء قاتل محل الضجيج المعتاد بعد أن تسلل الخوف إلى أجوائها وخيّم شعور بالتوتر والعصبية على المدينة.
كسادوبدا هذا التحول الذي طرأ على الحياة في تل أبيب واضحا وملموسا للمقيمين فيها ولأصحاب الأعمال. وباحت يانا ليفيتان، صاحبة متجر لبيع الهدايا التذكارية في مدينة يافا القديمة، بمشاعرها لوكالة (ميديا لاين) الأميركية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط.
واقتبست جيروزاليم بوست من الوكالة بعضا مما أدلت به ليفيتان، التي قالت "ينتابني إحساس من الشوارع أن الناس يشعرون بالقلق من وجودهم هنا في إسرائيل. الشعب الإسرائيلي قلِق من وجودهم في مدينة يافا القديمة بشكل خاص".
وأضافت: "لا أعرف ماذا سيحدث، لكننا سنبقى هنا رغم كل شيء". وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن تهديد إيران بالانتقام من اغتيال هنية يفاقم الأزمة أكثر.
مدن الصواريخووصف سعدي -وهو سائق سيارة أجرة من فلسطينيي 48- الوضع في المدينة قائلا: "الناس لا يريدون المجيء إلى الشرق الأوسط في الوقت الحالي لأنهم لا يشعرون بالأمان، لم أر شيئا بهذا السوء من قبل. نحن بالكاد باقون على قيد الحياة".
وصرحت إيران مؤخرا بأنها قادرة على "مهاجمة العدو من أي نقطة" بالجمهورية الإسلامية، في حين ذكرت إسرائيل أنها تتوقع من حلفائها مساندتها ضد طهران في حال تعرضها لهجوم.
وفي تعليق من سفارة طهران لدى بيروت أمس الجمعة على فيديو نشره حزب الله اللبناني يظهر فيه منشأة عسكرية جديدة تحت الأرض، قالت السفارة -عبر منصة إكس (تويتر سابقا)- "في اللغة الفارسية، نطلق على المنشآت الصاروخية الموجودة تحت الأرض وداخل الصخور والجبال: مدن الصواريخ".
وأضافت أن هذه المدن الصاروخية موجودة في جميع أنحاء جغرافية إيران، "وهي تزرع الرعب في قلوب الأعداء، يمكننا إذا لزم الأمر مهاجمة العدو من أي نقطة في الجمهورية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات تل أبیب
إقرأ أيضاً:
عُمان وإيران.. الوساطة التي خرجت إلى العلن
ميس الحربي **
في فبراير 2022، وقف وزير الخارجية العُماني السيد بدر بن حمد البوسعيدي في العاصمة الإيرانية طهران، إلى جانب الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي. آنذاك، قال رئيسي إن علاقات بلاده مع مسقط «جيدة»، لكنه أضاف كلمة واحدة لفتت انتباه العُمانيين: «ولكن…».
هذه الـ"لكن" الإيرانية، التي جاءت في سياق لقاء رسمي، لم تمُر مرور الكرام في عُمان؛ حيث تساءل الكاتب زاهر المحروقي في صحيفة عُمان الحكومية (المنشور يوم 27 فبراير 2022) قائلًا: "ماذا استفادت عُمان من كلّ مواقفها السياسية المُستقلة....؟"، ويضيف: "ولكن ماذا لو استفدنا من الدول التي وقفنا معها، ومنها إيران التي لديها الكثير لتقدمّه لعُمان اقتصاديًا وعلميًا وطبيًا وتكنولوجيًا وغير ذلك"؛ بل ذهب المحروقي لما هو أبعد من ذلك في نقدٍ غير مسبوق للثقافة السياسية العُمانية المُتحفِّظة، حين ذكر في المقال: "هناك ثقافة مُتجذِّرة، سادت السياسة العُمانية طوال العقود الماضية، هي الخوف والريبة من كلّ علاقة خارجية؛ فكانت النتيجة أن خسرنا الكثير من الاستثمارات؟".
في المقابل، ذكر الكاتب في صحيفة "الرؤية" العُمانية الدكتور عبدالله باحجاج في مقاله (المنشور أيضًا يوم 27 فبراير 2022)، توصيفًا أكثر مباشرةً، قائلًا إن "لكن" رئيسي كانت بمثابة "عتاب دبلوماسي مُبطّن"، وربما كان يُريد الكاتب التلميح بأن عُمان، رغم صداقتها، لا تُعامل كأولوية لدى طهران.
هذا السجال الإعلامي العُماني مع "لكن" واحدة، كشف عن حجم المسافات بين البلدين. لكنه أيضًا مهَّد الطريق لتصحيح المسار.
وبالفعل، بعد عامٍ وبضعة أشهر، زار جلالة السلطان هيثم بن طارق، إيران، في زيارة هي الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم. الزيارة وثّقتها كاميرات الإعلام الإيراني بلقاءات مع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي، وانتهت بتوقيع 4 اتفاقيات اقتصادية واستثمارية. لكن الأهم، خلالها كان الموقف الإيراني المُرحِّب بعودة العلاقات مع مصر، في تلميح إلى الدور غير المُعلن والفعّال لمسقط في هذا الملف.
اليوم، ومع زيارة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إلى عُمان، تعود الأضواء مجددًا إلى دور السلطنة كوسيط؛ وهذه المرة بشكل علني. فقد أعلنت مسقط أنها ترعى جولات غير مباشرة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني. خمس جولات جرت حتى الآن، وصفها الوزير البوسعيدي بأنها «حققت تقدمًا غير حاسم».
اللافت أن عُمان، التي كانت تحرص على إبقاء وساطتها غير مُعلنة، غيّرت نبرتها. الوزير نفسه الذي صرّح عام 2021 في مقابلة تلفزيونية معي (على قناة العربية) بأن «عُمان لا تقبل أن تُوصَف بالوسيط»، هو اليوم يعلن عن وساطة قائمة وفاعلة، تحمل على عاتقها تحديات جيوسياسية عميقة، أهمها إخراج الملف النووي من دائرة التصعيد والانفجار.
السؤال الآن: لماذا انتهجت عُمان مسارًا آخر؟ الإجابة قد تكون أن السلطنة تدرك أن المرحلة المقبلة تتطلب إبرازًا أكبر لأدوارها، خاصةً في ظل صعود وسطاء إقليميين جُدد: كدور السعودية في حلحلة أزمات إقليمية ودولية عدة؛ فبرزت كوسيط ناجح في المحادثات الأمريكية الروسية بشأن أوكرانيا، ووساطة قطر مع حركة طالبان الأفغانية، والإمارات ودورها في عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، ما يعني أن الدبلوماسية غير المُعلنة لم تعد كافية.
ورغم ذلك، تُدرك عُمان أنَّ النجاح في هذا المسار محفوف بالتحديات؛ فإيران تقول إنها "صامدة حتى من دون مفاوضات"، وتلوِّح بالقدرة على تحمُّل العقوبات الأمريكية الجديدة. لكن الواقع يقول إنَّ الاقتصاد الإيراني يعيش ركودًا متزايدًا، وأن أي اختراق في المفاوضات سيكون مكسبًا لجميع الأطراف.
والأهم، ما الذي تُريده عُمان من طهران؟
هل ستشهد الزيارة انفراجة في ملف تطوير حقل "غرب بخا" الحدودي (أو "هنجام" كما تسميه إيران)؟ هذا الحقل، المُختلَف عليه منذ 2005، ظل رهينة خلافات تقنية وشروط غير متوازنة فرضتها طهران. فهل تحمل الزيارة تسوية عادلة لهذا الملف؟
ختامًا، ما تريده عُمان يبدو واضحًا: مرحلة جديدة من العلاقات، لا تقوم على المجاملات؛ بل على المكاسب المُتبادلة.. دبلوماسيةٌ لا تكتفي بالكواليس؛ بل تخرج إلى العلن بثقةٍ ومسؤوليةٍ. ومع رئيس جديد في طهران، فإنَّ زيارة بزشكيان قد تكون اختبارًا جادًا لمسار العلاقة الجديدة.
** صحفية ومذيعة سعودية بقناة العربية الحدث