"خريف ظفار" يبلغ ذروته
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
د. أحمد بن علي العمري
مهما غرد المغردون وشكك المشككون وتناقل المتناقلون وتذمر المتذمرون، فقد بلغ خريف ظفار ذروته التي لم يصلها منذ العديد من السنين، وكما يُقال بالمحلي "ابلاغ خرف" ولله الفضل والحمد والمنة، فقد اكتست السهول والهضاب والقمم والتلال والجبال بالسندس الأخضر، واتسعت رقعة البساط الأخضر في جميع أنحاء المحافظة، راسمةً صورة فنية تلامس سماء الخيال، إن لم يكن حد الكمال، ولله الكمال.
هذا المشهد يرسم لوحة آسرة لم تصل لها ريشة ليوناردو دافنشي ويعزف سيمفونية موسيقية رائعة لم يرق بيتهوفن لمستواها! ولم يقدر على تخيله الذكاء الاصطناعي، ولم يتمكن من تحديدها تقنيات البعد الثلاثي، فقد تدفقت الشلالات وانفجرت العيون وسالت الجداول وترنم خرير الماء، كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي رحمة الله عليه:
تلك الطبيعة قف بنا يا ساري // حتى أريك بديع صنع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزتا // لروائع الآيات والآثاري
ولقد تمر على الغدير تخاله // والنبت مرآة زهت بإطاري
حلو التسلسل موجه وخريره // كأنامل مرَّت على أوتاري
ها هي ظفار، هذا الجزء الغالي من عُماننا الحبيبة تلبس أبهى حُللها، وتتزين بأجمل زينتها، وقد بدت كعروس الخليج وربما بل لن نبالغ إذا قلنا إنِّها عاصمة السياحة الخليجية بلا مُنازع، فجاء إليها القاصدون من كل حدب وصوب من أنحاء عُمان ومن دول الخليج ومن الدول العربية ومن العالم أجمع؛ حيث زاد عدد الزوار عن السنوات الماضية بشكل ملحوظ، ليستمتعوا بهذا الجو الاستثنائي والهواء العليل، وحتى مطرها فإنِّه ينزل رذاذًا خفيفًا. وذاع صيتها في بقاع الأرض؛ الأمر الذي ينعكس في زيادة عدد الزوار.
حتى المزارات والمواقع الطبيعية كل عام تكتشف أماكن لم تكن معروفة من قبل، والقادم أفضل بإذن رب العالمين.
لقد لاحظتُ كما لاحظ الجميع عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بروز بعض أصوات المتذمرين؛ فهناك من يتذمر من ارتفاع أسعار الإيجارات، وهناك من يشكو من قلة الخدمات، وهناك من يمتعض من الزحام المروري وغير ذلك.. ولهؤلاء جميعًا نقول: "قبل كل شيء توب بحي ويا مرحبًا وسهلًا". ثم عن ارتفاع الإيجارات، فهذا موسم وفي أي موسم سياحي بأيِّ بلد بالعالم ترتفع الإيجارات، وليست سلطنة عُمان استثناءً، كما يحصل في موسم الحج مثلًا، أو المناسبات العالمية مثل ما حصل في كأس العالم في قطر، أو المهرجانات، وغيرها.
وحتى أسعار التذاكر على مستوى العالم ترتفع في الصيف، لأنهم يعتبرونه موسمًا، تنتعش فيه الحركة التجارية، وهكذا حال العالم. ومن هنا ومن باب النصح فإنني أتمنى أن يحرص السائح أو الزائر على حجز السكن قبل بدء رحلته بفترة كافية، لتفادي ارتفاع الأسعار.
أما عن الخدمات، فمن الطبيعي أن ذروة الموسم تشهد ضغطًا على الخدمات، فإذا زاد الطلب يقل المعروض وهذه قاعدة اقتصادية يعرفها الجميع.
وعن الزحام المروري، فإن كان البعض يراه نقمة ومشكلة، فإنني ممن يرونه نعمة؛ لأن أي مكان في العالم يقصده المصطافون من الطبيعي أن يشهد ازدحامًا مروريًا، وربما المشوار الذي تقضيه في عشرة دقائق يصل إلى نصف ساعة، المهم أن يتحلى قائد المركبة بالصبر وأن يُفسح المجال للغير وأن يُحافظ على الضوابط المرورية، لنصل جميعًا بأمان وسلام.
وعلى القادمين عبر الطريق البري، التوقف بين الحين والآخر في الاستراحات المتواجدة على طول الطريق للراحة وأخذ الحيطة والتأكد من كفاءة المركبة.
إنني أتمنى من كل قلبي عندما ينتهي موسم خريف ظفار أن تكون هناك فعاليات في أي محافظة أخرى والاستفادة من المقومات السياحية فيها؛ سواءً كانت طبيعية أم تراثية أم ثقافية أم اجتماعية، لتكرار تجربة الخريف المُزدهرة، وهكذا في جميع المحافظات على مدار العام، لضمان سياحة مُستدامة على مدار العام.
إنَّ عُمان تحيا في رحاب النهضة المتجددة تحت قيادة ربانها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه ورعاه- وأدام عليه الصحة والعافية وأطال الله لنا بعمره.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي بحياة طفل يبلغ 13 عامًا
في مشهد مأساوي، قضى صبي يبلغ من العمر 13 عامًا بعدما جرفته مياه الفيضانات إلى أنبوب لتصريف المياه في بلدة ماونت أيري بولاية ماريلاند، وسط عواصف وأمطار غزيرة ضربت مناطق واسعة من الساحل الشرقي للولايات المتحدة. اعلان
بعد ظهر الخميس، كان الطفل يلهو برفقة مجموعة من الأطفال تحت المطر، بساحة ضمن مجمع سكني في ماونت أيري، وهي بلدة صغيرة غرب مدينة بالتيمور، حين اجتاحت السيول المنطقة فجأة، بحسب دوغ ألكسندر، المتحدث باسم شركة إطفاء ماونت أيري التطوعية.
وقد دفعت المياه الغزيرة الصبي إلى داخل الأنبوب، في حين حاول عدد من المارة إنقاذه دون جدوى بسبب قوة اندفاع المياه. وتمكّن رجال الإنقاذ من انتشاله لاحقًا بعد انحسار الأمطار، لكنه كان قد فارق الحياة.
جهود إنقاذ وتحذيرات من عواصف جديدةفي ضواحي العاصمة واشنطن، استجابت فرق الطوارئ لعدد من البلاغات حول سيارات علقت في مياه الفيضانات. ففي إحدى الحوادث، أنقذ رجال الإطفاء في مقاطعة مونتغومري ثلاثة أشخاص، بينهم صبي في الثامنة من عمره كان واقفًا على سطح سيارة رباعية الدفع مغمورة جزئيًا، بينما كانت امرأة وطفل صغير محاصرين داخلها، وفقًا لما أعلنه دانيال أوغرين، مساعد رئيس خدمة الإطفاء والإنقاذ في المقاطعة.
وحذّرت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية من أن العواصف مستمرة، مع توقعات بفيضانات مفاجئة في مناطق شمال وسط الأطلسي وجنوب نيو إنغلاند حتى مساء الجمعة.
وسُجّلت معدلات هطول أمطار تراوحت بين 6 و10 سنتيمترات في منطقة بالتيمور يوم الخميس، فيما شهدت مناطق محددة كميات أكبر وصلت إلى نحو 13 سنتيمترًا في ماونت أيري و15 سنتيمترًا في جوباتاون شمال شرق بالتيمور، وأُنقذ عدد من الأشخاص بعد أن حاصرتهم المياه داخل مركباتهم.
تعطيل للمواصلات وانقطاع للكهرباءتسببت الفيضانات بتعطيل جزئي لحركة المترو والقطارات في منطقة نيويورك، لكن الخدمة عادت إلى طبيعتها صباح الجمعة، إلى جانب إعادة فتح عدد من الطرق التي كانت قد أُغلقت مساء الخميس بسبب ارتفاع منسوب المياه. كما سُجّل تأخير أو إلغاء لعشرات الرحلات الجوية في مطارات نيويورك وبوسطن وواشنطن، فيما استمرت غالبية الرحلات وفق جدولها الزمني، بحسب موقع FlightAware.
في المقابل، انقطعت الكهرباء عن آلاف المنازل والمؤسسات على طول الساحل الشرقي صباح الجمعة، من بينها نحو 5000 منزل في نيويورك، و3800 في فرجينيا، و2500 في كل من ماريلاند وبنسلفانيا، بحسب موقع PowerOutage.us.
كما توقفت خدمة قطارات "أمتراك" مساء الخميس بين فيلادلفيا وولاية ديلاوير، لكن الشركة أعلنت استئناف الخدمة بعد ساعات قليلة مع انحسار المياه.
وأمام هذه التطورات، وجّه عمدة مدينة نيويورك، إريك آدامز، نداءً إلى السكان، داعيًا إلى تجنّب التنقل، وحثّ القاطنين في الشقق السفلية على الانتقال مؤقتًا إلى طوابق أعلى، في ظل استمرار هطول الأمطار حتى ظهر الجمعة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة