سجن ماريون السري.. غوانتانامو صغير للمسلمين
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
نشرت مجلة "ذا نيشن" تقريرًا تناولت فيه قضية وحدات السجون السرية التي زادت مساحتها بنسبة 80 % خلال 15 سنة. وتُستخدم هذه الوحدات، التي افتتحت لاستيعاب أفراد يزعم أنهم مرتبطون بالإرهاب، أيضًا لمعاقبة المخالفين للسياسات الحكومية.
وذكرت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، قصة دانيال هيل، الذي اختفى فجأة بعد أشهر من سجنه لدوره في واحدة من أكبر قضايا المبلغين عن المخالفات في الولايات المتحدة، مما أثار قلق عائلته وأصدقائه.
ثم تم اكتشاف نقله إلى وحدة إدارة الاتصالات في سجن ماريون، إلينوي، المعروف باسم "غوانتانامو الصغير"، والتي بُنيت في الأصل لإيواء من يُزعم أن لهم صلات بالإرهاب، ويخضع المحتجزون فيها لعزلة ورقابة مشددة.
وقد استغربت صديقته نور وضعه في هذه الوحدة، مشيرة إلى أن السلطات قد تحاول تكميم صوته رغم أن جريمته لا تتعلق بالعنف.
وكانت الحكومة الفيدرالية قد افتتحت وحدتي احتجاز سريتين في سنتي 2006 و2008، حيث كان 70 % من نزلائهما من المسلمين، رغم أنهم شكلوا 6 % فقط من إجمالي نزلاء السجون الفيدرالية.
وهذه الإحصائية أثارت دعويين قضائيتين في 2009 و2010، لكنهما أُغلقتا بعد التسويات أو إطلاق سراح المدعين.وواجهت الوحدات انتقادات بأنها تعاقب معارضي السياسة الخارجية الأمريكية، مثل هيل.
ويشير تحقيق جديد إلى توسع الحكومة في استخدام هذه الوحدات، مع خطط لبناء وحدة جديدة في ماريلاند. ورغم انخفاض نسبة المسلمين فيها، إلا أنهم ما زالوا يشكلون 35 % من نزلائها حتى سنة 2023.
وأعربت نور، التي تعمل في واشنطن العاصمة، عن قلقها من أن وحدات الاحتجاز الجماعي قد تُستخدم بشكل متزايد لسجن المبلغين عن المخالفات مثل دانيال هيل، الذي كُشف عن سياسات أمريكية عنيفة.
وكان هيل، الذي خدم في القوات الجوية بأفغانستان بين 2009 و2013، قد شهد حادثة مروعة في 2012؛ حيث قتلت غارة بطائرة مسيرة عائلة بما في ذلك طفلة تبلغ من العمر خمس سنوات.
وبعد هذه التجربة، سرّب هيل وثائق سرية تكشف عن أخطاء وأضرار حرب الطائرات المسيرة. وفي 2021، حُكم عليه بالسجن 45 شهرًا بتهمة انتهاك قانون التجسس، وتم إطلاق سراحه في صيف 2023.
وقالت المجلة إن إدارة السجون أبرمت عقدًا، في كانون الثاني/ يناير لتحويل سجن في ماريلاند إلى وحدة احتجاز جماعية، دون الكشف عن تفاصيل المشروع.ويشير تقرير لمكتب المفتش العام في 2020 إلى خطط لإنشاء ست وحدات لمراقبة "السجناء الإرهابيين".
ورغم الانتقادات بشأن استهداف المسلمين؛ وسّعت الوكالة معايير الإيداع لتشمل أي سجين يحتاج لمراقبة مشددة، مما أدى إلى احتجاز أشخاص مثل دانيال هيل، الذين لا صلة لهم بالإرهاب.
وأفادت المجلة أن الوثائق تشير إلى أن تصنيف وحدة مكافحة الإرهاب غير عقابي ويستند إلى توقعات بمخاطر أمنية. ورغم الطلبات بموجب قانون حرية المعلومات، لم تكشف إدارة السجون عن تفاصيل إضافية، ويُلاحظ أن معظم النزلاء أدينوا بتهم "احتيال/رشوة/ابتزاز"، بينما كانت تهم "الأمن القومي" نادرة.
ونقلت المجلة عن كاثي مانلي، المحامية المتخصصة في الدفاع عن المحتجزين في وحدات إدارة السجون المركزية، قولها إن صعوبة التنبؤ بمن يتم نقله إلى هذه الوحدات هي من أبرز المشكلات.
وأضافت أن توسع استخدامها لم يعد مقتصرًا على المسلمين المدانين بالإرهاب، بل شمل فئات أخرى.
وأشارت مانلي، التي عملت في هذا المجال لأكثر من 15 سنة، إلى ظروف سيئة مثل النقل التعسفي والحبس الانفرادي، وأوضحت أنه تم منعها هي ومحامون آخرون من إجراء مكالمات قانونية مع عملائهم، مما قلل من متابعة ظروفهم.
وبحسب المجلة، قالت راشيل ميروبول، المحامية السابقة في مركز الحقوق الدستورية التي رفعت دعوى ضد وحدات إدارة السجون في 2010، إن المعايير الغامضة للتوظيف في البرنامج تجعله عرضة للإساءة.
وأعربت عن قلقها من أن المعارضة تُصنف بشكل متزايد على أنها "إرهاب"، مشيرة إلى أن وحدات إدارة السجون تستخدم كسجون سياسية ضد أي مجموعة غير شعبية؛ وأضافت: "يمكن أن تُستخدم هذه الوحدات ضد أي مجموعة تتعرض لانتقادات، كما حدث مع المسلمين."
وقال الناشطون والأشخاص المسجونون سابقًا إن استخدام وحدات إدارة الاتصالات لمعاقبة منتقدي الولايات المتحدة كان دائمًا حجر الزاوية في البرنامج. وانتهى المطاف بالعديد من المسلمين في وحدات إدارة الاتصالات بعد التحدث ضد سياسات الحرب على الإرهاب، أو الإشارة إلى الإيمان بمبادئ إسلامية معينة.
ونقلت المجلة عن أستاذ القانون بجامعة كولورادو وديع سعيد، قوله إن الاعتماد على سياسات واسعة النطاق للمسلمين على وجه التحديد كان الأساس الأصلي للبرنامج منذ إنشائه.
وقد أنشأ مكتب السجون هذه الوحدات استجابة للانتقادات التي وجهت له بسبب السماح لثلاثة رجال أدينوا بتفجير مركز التجارة العالمي سنة 1993 بإرسال رسائل باللغة العربية إلى جهات اتصال خارجية.
بالنسبة لسعيد، وهو مؤلف لكتاب صدر سنة 2015 عن محاكمات الإرهاب، فإن تقديم وحدات إدارة الاتصالات باعتبارها استجابة ضرورية لـ"الإرهابيين الخطرين" يتبع اتجاهًا من الاستجابات السياسية الشاملة والواسعة النطاق من حقبة ما بعد 11 أيلول/ سبتمبر.
بالنسبة للرجال المسلمين المسجونين في وحدات إدارة الاتصالات فإن خطر العقاب لكونهم "متطرفين للغاية"، مع القليل من التفسير لما يعنيه ذلك بالفعل، موجود في كل مكان.
وذكرت المجلة أنه إضافة إلى ذلك فإن التواصل من وحدات إدارة الاتصالات إلى العالم الخارجي محدود للغاية. ووفقًا لتقرير مكتب المفتش العام لسنة 2020، يُسمح لكل معتقل بما يصل إلى ثماني ساعات من وقت الزيارة بدون اتصال شهريًا ومكالمتين هاتفيتين لمدة 15 دقيقة أسبوعيًا تحت المراقبة المباشرة.
وخلال أشهر العطلات، من المفترض أن يحصلوا على مكالمة هاتفية إضافية لمدة 15 دقيقة أسبوعيًا. أثناء الزيارات، يتم فصل الأطراف بجدار من الزجاج الشفاف. لا يمكن إجراء المكالمات الهاتفية إلا مع جهات اتصال معتمدة. ويمكن أيضًا تقييد رسائل البريد الإلكتروني برسالتين أسبوعيًا، وفقًا لتقدير مدير السجن.
وأولئك الذين يتم احتجازهم في وحدات إدارة الاتصالات هم من بين القلائل جدًا من الأشخاص الذين يعيشون في وحدات سكنية خاصة تابعة لمكتب السجون الفيدرالي الذين لديهم قيود على البريد: ويُسمح لهم بإرسال ست قطع من الورق، على الوجهين، إلى جهة اتصال واحدة مرة واحدة في الأسبوع التقويمي.
ووفقًا لمحتجزين سابقين في وحدات إدارة الاتصالات، يمكن اختصار الزيارات وفقًا لتقدير الحراس أو مراقبي الأمن، وكانت متاحة اعتمادًا على الموقف في الوحدة في يوم معين.
ولكن تيري كوبيرز، أستاذ الطب النفسي في معهد رايت الذي يدرس ظروف السجن، قال إن وحدات إدارة الاتصالات، مثل زنازين الحبس الانفرادي التي نوقشت على نطاق واسع، لها تأثير ضار فريد من نوعه.
واختتمت المجلة التقرير بالقول إن العديد من الدراسات أظهرت أن الحفاظ على العلاقات في الخارج أمر بالغ الأهمية لقدرة المرء على العودة إلى الحياة الطبيعية بعد السجن. وتعمل ظروف وحدات إدارة الاتصالات بنشاط على تقويض هذه الأهداف.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الولايات المتحدة غوانتانامو الولايات المتحدة غوانتانامو المسلمون صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إدارة السجون هذه الوحدات
إقرأ أيضاً:
تجويع وأوبئة في سجن مجدو: جثمان أسير شهيد بدون أنسجة دهنية في جسمه
#سواليف
يعاني #الأسرى #الفلسطينيون، وقسم كبير منهم قاصرون، في #السجون_الإسرائيلية وبشكل خاص في #سجن_مجدو، من سياسة متعمدة تتبعها مصلحة السجون وتنتج عنها #مجاعة و #انتشار_أوبئة، تؤدي إلى فقدان الوزن وأجساد هزيلة جدا، وفي بعض الحالات إلى #استشهاد #أسرى. كما يعاني الأسرى من #التعذيب والممارسات العنيفة المتواصلة من جانب السجانين.
إحدى هذه الحالات كانت في شهر آذار/ مارس الماضي، عندما انهار الأسير وليد أحمد (17 عاما) في ساحة سجن مجدو واستشهد. وكشف تقرير كتبه طبيب حضر تشريح الجثمان بتكليف من عائلة الأسير الشهيد ، أن جسد الشهيد وليد كان خاليا تقريبا من الأنسجة الدهنية (التي لا يمكن لجسم الإنسان أن يعيش بدونها، فهي مخزن للطاقة وعازل حراري ووسادة واقية للأعضاء، وتشارك في إنتاج الهرمونات وتنظيمها) وعانى من الوباءين المنتشرين في السجن، وهما الجرب والتهاب الأمعاء الغليظة.
لكن السلطات الإسرائيلية لم تحقق في استشهاد الأسير وليد. وحسب تعقيب وزارة الصحة الإسرائيلية، فإنه “بموجب القانون، نتائج غير مألوفة (للتشريح) تُنقل إلى عناية الجهات ذات العلاقة”، كما أن وحدة التحقيقات مع السجانين في الشرطة لم تحقق باستشهاد وليد، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الجمعة.
مقالات ذات صلة أكثر من 100 موظف بالـBBC يفضحون “الحياد المزيف” في تغطية غزة 2025/07/04وأفادت المنظمة الحقوقية أطباء لحقوق الإنسان، الشهر الماضي، بأن وباء الجرب منتشر أيضا في سجون “كتسيعوت” (سجن النقب الصحراوي) و”غانوت” (في جنوب النقب) وأيالون (سجن الرملة)، التي يقبع فيها أسرى فلسطينيون. وجاء في تصريح قدمته المنظمة في إطار التماس حول تقليص كميات الطعام التي تقدم إلى الأسرى، أن الأسرى أفادوا بانخفاض كبير في أوزانهم. ونقلت الصحيفة عن محامين قولهم إن الظروف الأسوأ يعاني منها الأسرى في سجن مجدو.
منذ بداية الحرب على غزة، استشهد 5 أسرى في سجن مجدو، و7 في سجن النقب الصحراوي. وأفاد نادي الأسير الفلسطيني باستشهاد 73 أسيرا في السجون الإسرائيلية، وكان على جثماني أسيرين علامات تؤكد تعرضهما للتعذيب وعنف شديد. وأفاد أسرى بأن عنف السجانين هو أمر عادي في السجون.
ونقلت الصحيفة عن أسير قاصر محرر من نابلس، قوله إنه “لا أحد يشبع في السجن. وكان السجانون يدخلون صحن أرز لعشرة أشخاص في الزنزانة. وهذه كمية تكفي لشخص واحد، لكننا جميعا تشاركنا فيها”
وأضاف أن هذه كانت وجبة غداء، لكن الوجبات الأخرى كانت صغيرة جدا أيضا. وأشار إلى أن قطعة الجبن “لا تكفي لتغطية قطعة الخبز”. ولم يستجب السجانون أبدا لطلب أسرى بمزيد من الطعام. وأكد الأسير القاصر أنه “خلدت إلى النوم جائعا في جميع الأيام” التي قضاها في السجن.
وأفاد أسرى آخرون بأن جودة الطعام في سجن مجدو سيئة للغاية، وأن “السلطة تكون عفنة أحيانا، والأرز ليس مطهيا”، وأبلغوا محاميهم بأن الكمية المقدمة للأسرى في الزنزانة هي “ملعقتين أو ثلاث ملاعق في كل وجبة”.
وأضافت الصحيفة أن هذه الممارسات ضد الأسرى هي نتيجة لسياسة وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي أوعز بتغيير هائل لظروف عيش الأسرى الفلسطينيين، بعد بدء الحرب على غزة، وبضمن ذلك منع الأسرى من التوجه إلى الكانتينا (دكان السجن) وإخراج أواني وأجهزة الطهي من الزنازين وتقليص كمية الطعام إلى الحد الأدنى “الذي يلزم به القانون”.
وادعت مصلحة السجون في ردها على التماس قدمته جمعية حقوق المواطن أنها زادت كمية الطعام، وأرفقت قائمة بالمواد الغذائية المقدمة للأسرى الفلسطينيين قياسا بالطعام المقدم للسجناء الجنائيين، وتبين منها أن الأسرى يحصلون على نصف كمية اللحم المقدم للسجناء الجنائيين، وأن الأسرى لا يحصلون على الفاكهة أبدا ولا على حلويات، خلافا للجنائيين.
لكن إفادة أسيرين فلسطينيين قاصرين أظهرت أنه حتى بداية العام الحالي، لم يحصلوا على قائمة الطعام الهزيلة أيضا التي تعهدت بها مصلحة السجون أمام المحكمة، كما أكدت إفادات جميع الأسرى الفلسطينيين أنه بقوا جائعين دائما.
وأصيب عدد كبير من الأسرى بوباءي الجرب والتهاب الأمعاء، الأمر الذي جعلهم لا يقوون على النهوض من فراشهم، حتى من أجل الذهاب إلى المرحاض. وأفاد عدد منهم بأن “المسعفين يحضرون إلى القسم، وينظرون من النافذة ويعطوننا أكامول ويقولون كُلوا أرز وخبز بدون أي شيء آخر”.
وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلي، في نهاية العام الماضي، ردا على التماس، أن حوالي 2800 أسير فلسطيني أصيبوا بوباء الجرب المعدي. وأفادت منظمات حقوقية بأن أسرى كثيرون عانوا في الوقت نفسه من الوباءين، الجرب والتهاب الأمعاء.
وكتب الطبيب الأخصائي في علم الأحياء الدقيقة السريرية، بروفيسور عاموس أدلر، في مذكرة لأطباء لحقوق الإنسان التي قدمتها إلى مصلحة السجون، حول انتشار وباء التهاب الأمعاء، أن “الأسباب المحتملة لانتشار الوباء هي الاكتظاظ والنقص في التغذية ومستوى نظافة متدن”.