أمريكا وإسرائيل تريدان اتفاقاً وحرباً معاً
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
لو أن إسرائيل وافقت وشرعت وسارت في التنفيذ لوقف الحرب والجرائم والإبادة الجماعية في غزة ومن ثم سارت في الانسحاب من كامل غزة ورفعت كل أشكال وأنواع الحصار والتجويع فحينذاك قد يكون أو يصبح رد محور المقاومة من الصعب تبريره، كما أن عدم الرد يكون مقنعاً أكثر..
بالسير في السيناريو الأمريكي بالتفاوض والوصول إلى اتفاق فالوضع يختلف، وإذا نحن ظلينا نراهن على عدم نجاح المفاوضات بسبب التطرف الصهيوني فإن الوصول لاتفاق بات من الممكنات وليس بين المستحيلات.
هذا الاتفاق بمراحله الزمنية سيستعمل لإخراج أكبر عدد من الأسرى الصهاينة وسيستعمل لصالح إجراء وتمرير الانتخابات الأمريكية ومن السهل اختلاق أعذار ومبررات للانقلاب عليه أمريكياً وإسرائيلياً بعد أداء دور يراد منه وبعد تحقيق أهدافه الإسرائيلية الأمريكية..
نتنياهو وجه رسالة إلى أشهر وأكثر المتطرفين الصهاينة وهما “بن غفير وسموتريتش”، وقال لهما لا تستعجلا بتفكيك الحكومة واستعدا لاستئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق..
وهكذا فنتنياهو يتحدث عن اتفاق وعن تنفيذ مرحلته الأولى وهذا يعني أن نتنياهو قد وصل إلى القبول باتفاق ولكنه اشترط على أمريكا استئناف الحرب بعد تنفيذ مرحلته الأولى وأمريكا وافقت على ذلك..
ومع أني لا أعرف تفاصيل عن هذا الاتفاق ولا تزمينه ولا مراحله ولكني أرى أن تطويل التفاوض والمفاوضات هو لتأجيل الوصول لاتفاق وبحيث يكون استئناف الحرب ـ كما أوضح نتنياهو ـ بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية التي ستجرى في نوفمبر المقبل..
فإذا نجحت المرشحة الديموقراطية “هاريس” فهي قد التزمت من خلال إدارة حزبها بأن تستأنف إسرائيل الحرب وستكون مع أي ذريعة للتبرير..
أما إذا نجح مرشح الحزب الجمهوري “ترامب” فهو إسرائيلي ويميني متطرف كما “نتنياهو”، وبالتالي فهو أكثر مجاهرة لدعم إبادة الشعب الفلسطيني كما موقفه من الهجرة وما يسمون المهاجرين في أمريكا وكأن ترامب من السكان الأصليين “الهنود الحمر”..
مجرد الوصول لاتفاق ـ وفق طرح نتنياهو ـ فذلك يزيد صعوبة أن تمارس المقاومة رداً مفتوحاً وبالتالي فهذا الاتفاق الشكلي كسيناريو أمريكي سيحجم رد محور المقاومة على الأقل، فهل مثل ذلك ما يقبل به محور المقاومة لتجنب دفع المنطقة إلى حرب إقليمية كما يطرح، ثم ماذا سيكون رد فعل محور المقاومة إزاء استئناف الكيان الإسرائيلي للحرب بعد تنفيذ المرحلة الأولى منه؟..
البعض قد يطرح أو يرى أنه لا معنى لرد مشروط أو محجم والأفضل أن ينتظر محور المقاومة حتى استئناف هذه الحرب وبات زمنها معروفاً من تزمين الانتهاء من مرحلته الأولى “وفق نتنياهو”..
الكيان الإسرائيلي لم يستطع إنجاز مهمته وتحقيق أهدافه بالسقف الزمني الذي قدرته أمريكا وبالتالي فتطويل المفاوضات واقتراب الانتخابات الأمريكية ربطاً بأخطاء “نتنياهو” وبروز رد محور المقاومة أو لتحجيمه على الأقل..
نريد الواقعية والتوازن، ومن يقول إن الوصول إلى اتفاق والتوقيع لا يوثر على رد محور المقاومة وعلى سقف هذا الرد لا أتفق معه والأيام بيننا إن تأخر إلى ما بعد توقيع اتفاق كهذا..
عندما يطالب “سيسي مصر” باغتنام فرصة التفاوض بعدم التصعيد في المنطقة فذلك من الضغط لمنع رد المقاومة، أما بعد توقيع الاتفاق فالضغوطات ستكون أكبر وأكثر وأوسع، والقول بأن كل ذلك فاقد التأثير فذلك ليس متزناً ولا متوازناً وفيه تطرف..
هذا هو المشهد القادم الذي نقرأ من خلاله ما تريده أمريكا الإسرائيلية وإسرائيل الأمريكية وبحقائق وثبوتيات من زيارة “النتن” إلى واشطن، حتى الرسالة الأكثر نتانة إلى ابن غفير وسموتريتش، وأثق أن محور المقاومة وقادة جبهات الإسناد يعرفون كل هذا وما هو أكثر وأخطر بكثير ولديهم من التجارب والخبرات والحنكة والحكمة ما يمكنهم من اتخاذ القرار الأنسب والأصوب، ولن نكون إلا معهم فيما يختارون ويقررون.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
على ميدان أوسع: الحرب القادمة بين إيران وإسرائيل لن تُخاض في مكان واحد
صورة تعبيرية (وكالات)
في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، والتطورات المتسارعة في الملف النووي الإيراني، تزداد التوقعات بقرب اندلاع جولة جديدة من المواجهة بين إسرائيل وإيران، لكن هذه المرة قد تكون مختلفة جذريًا عن أي صدامات سابقة.
كل المؤشرات تشير إلى أن الحرب القادمة لن تكون تقليدية، بل ستجمع بين الضربات الجوية المكثفة، والهجمات السيبرانية، وحروب الوكالة عبر أطراف متعددة في المنطقة، وهو ما يجعلها أخطر وأوسع من مجرد تبادل ضربات محدود.
اقرأ أيضاً هل وظيفتك في خطر؟.. خبير يفجّر مفاجأة بشأن مصير الموظفين والذكاء الاصطناعي 3 يوليو، 2025 لا تأكل بهذه الطريقة: مختص يكشف الخدعة التي تنقذك من ارتفاع السكر المفاجئ 3 يوليو، 2025من جهة إسرائيل، يبدو أن الهدف الرئيسي لن يتغير: ضرب البرنامج النووي الإيراني قبل وصوله إلى مرحلة إنتاج قنبلة نووية، وفي الوقت نفسه توجيه رسائل ردع قوية لحلفاء طهران في لبنان وسوريا واليمن.
لكن هذه المرة، قد يكون الرد الإيراني أكثر شراسة وتنظيمًا، مستندًا إلى شبكة حلفائه المنتشرين في مناطق استراتيجية، ما يهدد بتوسيع رقعة المواجهة إلى حدود غير مسبوقة. حزب الله في لبنان، التشكيلات العراقية، وحتى الحوثيين في اليمن قد يدخلون على الخط.
أما إيران، فهي تدرك أن الحرب مع إسرائيل ليست خيارًا بسيطًا، لكنها في المقابل ترى فيها فرصة لإعادة رسم موقعها في المعادلة الإقليمية، وكسب أوراق ضغط قوية في أي مفاوضات مستقبلية. الرد الإيراني المتوقع لن يكون محصورًا داخل الأراضي الإسرائيلية، بل قد يشمل هجمات على القواعد الأمريكية في الخليج، وتهديد الملاحة في مضيق هرمز، ما يعني دخول قوى دولية على خط الأزمة بشكل مباشر أو غير مباشر.
المجتمع الدولي سيجد نفسه أمام معادلة معقدة: دعم إسرائيل في سعيها لوقف الخطر النووي الإيراني من جهة، ومحاولة كبح التصعيد الإقليمي من جهة أخرى. الولايات المتحدة قد تقدم دعمًا لوجستيًا وعسكريًا محدودًا، لكنها لن تسعى لحرب شاملة. في المقابل، روسيا والصين ستوظف الأزمة لتعزيز نفوذها عبر دعم طهران دبلوماسيًا أو تقنيًا، وهو ما يزيد من خطورة انفجار الوضع إلى مواجهة أوسع تشمل أطرافًا دولية.
الجولة القادمة، إن وقعت، ستكون على الأرجح محدودة زمنًا لكنها عالية التدمير والتأثير، وقد تفتح الباب إما لتسويات تاريخية أو لانهيار أمني شامل في الشرق الأوسط. ما سيحدد مسار الحرب هو حجم الضربة الأولى، ومدى جاهزية الأطراف للذهاب إلى النهاية، أو الاكتفاء باستعراض القوة. السؤال الحاسم: هل نحن أمام مواجهة حتمية، أم ما زال هناك وقت للردع والتهدئة؟.