المركبة الفضائية (نيوهورايزنز) ترسم حدودا أكثر اتساعًا للكون!
تاريخ النشر: 21st, August 2024 GMT
تنطلق مركبة ناسا الفضائية (نيوهورايزنز) خارج النظام الشمسي بسرعة مذهلة، وتبعد حاليا حوالي 8 مليارات كيلومتر عن الشمس، وعند الانتهاء من قراءة هذا الموضوع، ستكون المركبة قد قطعت آلاف الكيلومترات في ظلام قارس البرودة. إنها وحيدة هناك، حتى كوكب المشتري العملاق ليس سوى بقعة صغيرة في ذلك الظلام.
تشتهر (نيوهورايزنز) بشكل رئيس بإعطائنا أول نظرة واضحة على الكوكب القزم بلوتو في عام 2015، فقبل ذلك، لم نكن نراه إلا لطخة ضبابية.
ومع ذلك، فإن الحلم لم ينته بعد لأن (نيوهورايزنز) قد تكون مستعدة لفصل نهائي مفاجئ. وفي أوائل عام 2024، سجل أحد أجهزة الكشف فيها ارتفاعًا غير متوقع في كمية الغبار الذي كانت تواجهه المركبة. وبما أن هذه المادة يمكن أن تكون قد تكونت نتيجة تصادمات بين شظايا الصخور، يتساءل علماء الفلك الآن عما إذا كان هناك العديد من الأجسام خارج حزام (كويبـر) المليء بالحطام، الذي عادة ما يعدّ حافة النظام الشمسي. إذا كان الأمر كذلك، فسوف نحتاج إلى إعادة رسم حدود نظامنا، وستصبح نماذجنا ونظرياتنا حول كيفية تشكله موضع شك.
من الواضح أن ستيرن وزملاءه حريصون على الاستفادة من الموقع الفريد لمسبارهم لمعرفة المزيد عن هذه المساحة الكبيرة غير المتكشفة بينما لا يزال بإمكانهم ذلك. يقول: «إنها رواية بوليسية مستمرة».
لقد عرفنا حزام (كويبـر) منذ عقود، وهو منطقة واسعة على شكل حلقة تعج بالصخور الباردة والأجسام الجليدية. أقرب حافة له تقع خلف مدار نبتون مباشرة، أي حوالي 30 أضعاف المسافة من الشمس إلى الأرض، أو 30 وحدة فلكية. لقد افترضنا أن الحافة الأبعد للحزام كانت عند حوالي 50 وحدة فلكية.
ولعل أشهر سكانها هو الكوكب القزم بلوتو. تقول كارلي هويت من جامعة أكسفورد: «عندما كنت طفلة، كان هناك تسعة كواكب وكان بلوتو واحدًا منها، لكننا لم نعرف سوى القليل جدًا عن شكله، وفي كل مرة أقرأ فيها كتابا عن الفضاء، كان بلوتو مجرد صورة غامضة. ولم يكن أحد يعرف عنه أي شيء».
تم إطلاق (نيوهورايزنز) في عام 2006، وهو العام نفسه الذي خُفّض فيه تصنيف بلوتو من قبل الاتحاد الفلكي الدولي إلى كوكب قزم. عندما طارت المركبة في ذلك الفضاء بعد تسع سنوات، تغيّر انطباعنا عن الكوكب. وتحولت من بقعة لا يمكن تمييزها إلى مكان رائع بأجوائه وآثار نشاطه البركاني.
كشفت المهمة عن الجبال والسهول، وأعطتنا نظرة قريبة على أقمارها المذهلة، مثل قمر شارون بسطحه المعقد من الأخاديد. يقول هويت، الذي عمل على إحدى أدوات التصوير في المهمة: «كان الانضمام إلى الفريق الذي سلط الضوء على بلوتو في النهاية أمرًا مذهلًا».
لكنّ رحلة الاكتشاف لم تنته عند هذا الحد، فقبل أن تصل المركبة الفضائية إلى بلوتو، كان فريق (نيوهورايزنز) قد وضع نصب عينيه العثور على هدف آخر لدراسته. نحن ندرك أن هناك كثيرا من الأجسام الجليدية المعروفة باسم (أجسام حزام كويبـر). لكن التلسكوبات الأرضية لم تتمكن من العثور على أي شيء قريب من المركبة الفضائية. لفترة من الوقت، بدا الأمر كما لو أنه لن يكون هناك أحد يستطيع اكتشاف تلك الأجسام. ثم تولى تلسكوب هابل الفضائي مهمة البحث، وفي أغسطس 2015، اختير الهدف أخيرًا. في يناير 2019، حلقت (نيوهورايزنز) بالقرب من (الكويكب المفضل)، وهو صخرة غريبة يبلغ طولها حوالي 35 كيلومترًا تسمى (أروكوث).
كان الهدف من التحليق هو معرفة المزيد عن مكونات (أروكوث) وسطحه، والحصول على بعض الأدلة حول كيفية تشكله. أروكوث هو ثنائي التشكيل، أي أنه يتكون من زوج من الفصوص الملتصقة ببعضها البعض، تشبه إلى حد ما الأجزاء التي تشكل رجل الثلج.
لم يقتصر الأمر على حصولنا على نظرة أفضل على أروكوث فحسب، بل إنه، إلى جانب الملاحظات التي تشير إلى أن العديد من الأجسام الأخرى هي كائنات ثنائية التشكيل، تعرفنا على عمليات بناء النظام الشمسي المبكر.
كان علماء الفلك يعتقدون أن الكواكب المصغرة، وهي أجسام صخرية كبيرة في طريقها إلى أن تصبح كواكب، نمت من خلال تصادمات عالية السرعة، لكن طبيعة أروكوث الثنائية، وهما جزءان يجب أن يكونا قد اجتمعا معًا بسرعة بطيئة إلى حد ما، أظهرت أنها ربما كانت عملية دمج أكثر لطفًا بدلاً من ذلك. يقول ستيرن: «إن الاكتشاف بأن العديد من هذه الأجسام الموجودة في حزام كويبر عبارة عن أجسام ثنائية التشكيل قد أعاد فهمنا بالكامل لكيفية تشكل بذور الكواكب، أو ما يسمى بالكواكب المصغرة».
يعتمد السبب الأصلي وراء فكرة الاصطدامات السريعة على وصف تطور النظام الشمسي المعروف باسم (نموذج نيس)، الذي سُمي على اسم المدينة الفرنسية التي تم إنشاء النموذج فيها، وهذا يشير إلى أن الكواكب العملاقة بدأت أقرب بكثير من بعضها البعض قبل أن تهاجر إلى مواقعها الحالية. كان من الممكن أن تؤدي حركات الكواكب هذه إلى إثارة النظام الشمسي، مما يؤدي إلى إرسال الحطام ليحوم حول النظام.
لكن التكوين اللطيف لكويكب (أروكوث)، إلى جانب المدارات المستقرة بشكل غير متوقع للعديد من أجسام حزام (كويبـر)، تشير إلى أن هجرة نبتون كانت أقل اضطرابًا مما توقعه نموذج نيس. يقول ستيرن: إن النموذج مهم لفهم بعض أجزاء تطور النظام الشمسي، لكن الصور الواردة من (نيوهورايزنز) تعني أنه قد يحتاج إلى بعض التعديلات.
الغبار الغامض
جمعت نيوهورايزنز كمًا كبيرًا من البيانات حول كويكب (أروكوث)، لدرجة أنه ما زالت، حتى الآن، ترسل من المركبة الفضائية إلى الأرض لتحليلها، وما زالت تسهم في اكتشافات جديدة. ولكن لم تكن هناك خطط لدراسة المزيد من (أجسام حزام كويبـر) عن قرب. كان من المفترض أن يكون التحليق حول كويكب أروكوث بمثابة المهمة الأخيرة للمسبار.
منذ أن غادرت (نيوهورايزنز) ذلك الموقع، ظلت في وضع السبات، مع إيقاف تشغيل معظم أدواتها. لقد اجتازت المركبة حزام (كويبـر)، وتواجه منطقة جديدة، على بعد حوالي 60 وحدة فلكية منا. المركبة الفضائية (بايونير) ومركبة (فوييجر) الفضائية التابعة لناسا هما فقط اللتان غامرتا للسفر أبعد من ذلك، لكن مساراتها أخرجتها من الطائرة التي يقع فيها حزام (كويبـر)، في حين بقيت نيوهورايزنز داخلها.
الأداة الوحيدة التي ظلت قيد التشغيل هي كاشف الغبار، وقد التقطت مؤخرًا شيئًا غريبًا، ففي المسافة بين 55 و60 وحدة فلكية، بدأت تلتقط المزيد من هذه المواد بشكل أكبر من المتوقع. وهذا مؤشر مهم على أن هناك أجسامًا أكبر في الفضاء تتحطم معًا، ويشير وجود كل هذا الغبار إلى أن حزام (كويبـر) قد يكون أكبر مما كنا نعتقد.
ومن أجل فهم أوضح لما يحدث، استخدم باحثو (نيوهورايزنز) مرصدًا أرضيًا، وهو تلسكوب (سوبارو) في هاواي، لمشاهدة المنطقة الواقعة خارج حزام (كويبر). وتظهر نتائجهم، التي عُرِضت في مؤتمر في مارس 2023، عددًا مذهلاً من الأجسام البعيدة جدًا التي تقع خارج الحافة الخارجية المشتبه بها للحزام.
تقول (آن فيربيسر) من جامعة فيرجينيا، وهي باحثة مشاركة في مهمة نيوهورايزنز: «كنا نتوقع أن نواجه منحدر (كويبـر) ، حيث تنخفض كثافة الأجسام بشكل حاد». وبدلاً من ذلك، وجدوا أن هذا المقياس قد انخفض في المنطقة الواقعة بين 50 و60 وحدة فلكية، ولكن بعد ذلك كانت هناك أجسام أكثر بكثير مما كان متوقعًا. يقول فيربيسر: إن هذا يعني أنه من الممكن أن يكون هناك حزام كويبـر ثانٍ.
إذا كان الأمر كذلك، فسيكون اكتشافًا هائلاً. يقول (بيدرو برناردينيلي) من جامعة واشنطن في سياتل: «سيجعلنا ذلك نعيد التفكير في العديد من الخصائص التي نراها اليوم في منطقة ما وراء نبتون وفي تكوين نظامنا الشمسي». فعلى سبيل المثال، قد نفسر موقع حافة حزام كويبـر بفرضية جديدة مفادها أن نجمًا آخر وشمسنا كانا على وشك الاشتباك في بداية تكونهما مما أدى إلى محو أية أجسام تقع خارج تلك المسافة. إذا لم ينتهِ حزام كويبـر عند ذلك الحد، فقد يعني هذا أن الحزام لم ينته أبدًا.
وفي حين أن (برناردينيلي) متحمس بشأن احتمال ظهور حزام كويبـر ثانٍ، فإنه يدعو إلى التمهل. لم تراجع نتائج تلسكوب سوبارو بعد من قبل جميع المختصين، كما أن الدراسات الأخرى للمنطقة التي تقع خلف 60 وحدة فلكية مع التلسكوبات الأرضية الأخرى لم تصل إلى المستوى المطلوب. بالإضافة إلى تأكيد النتائج الأولية، سنحتاج إلى مزيد من التفاصيل حول مدارات هذه الأجسام التي تتجاوز منطقة 60 وحدة فلكية لنقول ما إذا كانت مجرد جزء من حزام كويبـر الذي نعرفه نفسه أو إذا كانت تشكل حزامًا ثانيًا.
يقول ستيرن: إنّ أحد التفسيرات المحتملة هو أن حزام كويبـر «تصادف أنه ممتد أكثر في الاتجاه الذي تحلق فيه مركبة نيوهورايزنز، أو ربما أنّ العلماء السابقين لم ينتبهوا لوجوده». ومع ذلك، يشير إلى أن دراسات أخرى نشرت في السنوات العشر الماضية وجدت أيضًا أدلة تتفق مع نتائج فريقه.
يعتمد وجود حزام كويبـر ثانٍ بالفعل على حركة الأجسام الموجودة داخله حول الشمس. عندما بدأ باحثو نيوهورايزنز في رسم خريطة لحزام كويبـر، اكتشفوا تباينات واسعة في توزيع واستقرار أجسام حزام كويبـر. ووجدوا أن لدى بعضها ما يعرف بالمدارات غير الرنانة، مما يعني أنها تتحرك بشكل مستقل دون أن تتأثر بجاذبية نبتون القريبة. ومن هذا، يمكن لعلماء الفلك أن يستنتجوا أن أجرام حزام كويبـر هذه قد تشكلت في المكان الذي توجد فيه حاليًا.
لكن البيانات الواردة من نيوهورايزنز كشفت أن عددًا أكبر بكثير من أجسام حزام كويبـر يوجد في رنين مداري مع نبتون.
وهذا يعني أن أجسام حزام كويبـر هذه تصطف بدقة مع نبتون على فترات منتظمة، تمامًا مثل عقربي الدقائق والساعات على الساعة. على سبيل المثال، يكمل جسم حزام كويبـر الذي يكون في حالة رنين تساوي 3:2 مع نبتون ثلاث دورات حول الشمس مقابل كل دورتين يقوم بهما نبتون. وهذا يعني أن مدار جسم حزام كويبـر مستقر إلى حد ما، مما يمنع أي تصادمات إلى حد كبير. وفي هذه الحالة، يمكن لعلماء الفلك أن يقولوا إن الأجسام يجب أن تكون قد تشكلت في مكان آخر، ربما في النظام الشمسي الداخلي، قبل أن تسحب بفعل الجاذبية إلى الخارج وتدخل في مدار متزامن مع نبتون. يقول ستيرن: «كان النظام الشمسي في أيامه الأولى يعيد ترتيب نفسه».
منحدر أم أخدود؟
لقد كان اكتشاف (نيوهورايزنز) لحزام كوبيـر تحديا فعليّا لنظرياتنا الحالية حول كيفية تشكل النظام الشمسي، بما في ذلك نموذج نيس، لكن اكتشاف أجسام من حزام كويبـر الثاني من شأنه أن يثير الدهشة حقًا.
ستعتمد الآثار الفعلية الناتجة على ما إذا كانت هذه الكيانات رنانة أم لا. يقول ويس فريزر من معهد هيرزبرج لعلم الفلك في كندا: «هذه التفاصيل مهمة لأنه إذا كانت الأجسام البعيدة رنانة تمامًا، فمن المرجح أن تكون أجسامًا منقولة، مصدرها مناطق أقرب». إذا كان الأمر كذلك، فسيتطلب الأمر تجديدًا لنماذج تكوين النظام الشمسي، كما يقول، ولكن لا يتطلب إعادة هيكلتها بالكامل.
ومن ناحية أخرى، إذا كانت غير رنانة، فسيكون هذا اكتشافا هائلا. يقول فريزر: «إن وجود قرص من المادة يزيد عن 70 وحدة فلكية من شأنه أن يجعل نظامنا الشمسي أكثر انسجامًا مع أحجام بعض أقراص الحطام القديمة المعروفة الأخرى [للأنظمة النجمية الأخرى]. ومن هنا تأتي أهمية الاكتشاف».
إذا كان لدينا بالفعل حزامان كويبـر، فإن الفجوة بينهما ستشبه أخدود كويبـر وليس منحدر كويبـر. هذه الفجوة، التي تقع على بعد حوالي 50 إلى 60 وحدة فلكية من الشمس، ستجعل نظامنا الشمسي أشبه بكثير بالأنظمة الأخرى مما كنا نعتقد. وهذا سوف يساعد على وضع نظامنا في سياق طبيعي. يقول ستيرن: «نحن لا نعرف إلى أي مدى يعد نظامنا الشمسي فريدًا». وكذلك يمكن أن يعلمنا أشياء عن ماضي نظامنا الشمسي. غالبًا ما تحتوي الأنظمة النجمية الأصغر عُمرًا على فجوات تبلغ حوالي 100 وحدة فلكية، لذلك إذا تبين أن لدينا فجوة أيضًا، كما يقول فيربيسر، فإن دراسة هذه الأنظمة الأحدث قد تخبرنا معلومات عن تاريخنا.
إنّ سبب وجود هذه الفجوات ليس واضحًا تمامًا، ففي أنظمة كوكبية أخرى، تعدّ الفجوات الموجودة في القرص في بعض الأحيان علامة على وجود كوكب ناشئ يحوم الغبار أثناء دورانه. يقول فيربيسر: «لكن هذه الأنظمة النجمية شابة جدًا، وليست مثل نظامنا الشمسي الحالي». بدلًا من ذلك، تقترح أن الفجوة في حزام كويبـر، إذا كانت موجودة، يمكن أن تتأثر بقوى الجاذبية. مثل هذه الفجوات معروفة بالفعل في نظامنا الشمسي، فعلى سبيل المثال، هناك «فجوات كيركوود» في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، ناجمة عن تأثر الكويكبات بجاذبية المشتري.
من الممكن أن يكون هناك حزام كويبـر ثانٍ. إذا كان الأمر كذلك، فسيكون هذا اكتشافًا هائلًا.
إذن، هناك الكثير لاكتشافه ومعرفته. ولحسن الحظ، قد تظهر مركبة (نيوهورايزنز) مرة أخرى، فقرب نهاية عام 2023، قامت وكالة ناسا بتمديد المهمة حتى أواخر عام 2020، ويستكشف الفريق حاليا ما إذا كان هناك أية أجسام في حزام كويبر أمام المركبة يمكن أن تطير بالقرب منها وتراقبها.
يقول ستيرن: «إن المركبة الفضائية في حالة صحية ممتازة، ولديها طاقة في بطاريتها النووية ونطاق اتصالات يمكن أن يسمح لها بالعمل حتى عام 2050 تقريبًا». وضعت الآن الخطط لاستخدام التلسكوبات القادمة، مثل مرصد (فيرا. سي. روبين) وتلسكوب (نانسي جريس رومان) الفضائي، من أجل اكتشاف أجرام حزام كايبر جديدة، للتحليق بالقرب منها في المستقبل.
وعلى الرغم من أننا نحتاج إلى العثور على هذه الأهداف الجديدة قبل أن تستأنف نيوهورايزنز رحلتها، إلا أنه كلما طال الانتظار، زاد التقدم التكنولوجي. يقول هويت: «إن التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي وقوة الحوسبة التي لدينا الآن تنمو بشكل كبير»، مشددًا على أن هذه الأدوات تتيح رؤى أعمق حول حزام كويبـر.
في النهاية، رحلة المركبة هي رحلة إلى المجهول. يقول فيربيسر: «إن حزام كويبـر لغز محير. كل ما نحتاجه هو أن نضع جميع الأجزاء في قطعة واحدة».
عوالم بعيدة
لقد غيرت المركبة الفضائية نيوهورايزنز فهمنا لحزام كويبـر والأطراف الخارجية للنظام الشمسي. يقول آلان ستيرن، الباحث الرئيسي في المهمة: «كانت إحدى المفاجآت الحقيقية الأولى لنيوهورايزنز هي وجود الأجسام الكبيرة جدًا [في هذه المنطقة]، مثل بلوتو. كان من الممكن أن يكون بلوتو جسما غير طبيعي، لكنه كان أكثر إشراقا وأكثر سهولة في اكتشافه».
هناك الكثير من الأجسام الغريبة داخل حزام كويبـر الجليدي. ومن أبرز هذه الكواكب (ماكيماكي)، وهو كوكب قزم ذو لون بني محمر. اكتشف العلماء غاز الميثان والإيثان المتجمد على سطحه. وهناك أيضًا (إيريس)، الذي يعتقد علماء الفلك أنه أحد أكبر الكواكب القزمة في نظامنا الشمسي، ويتميز بأنّ له سطحًا صخريًّا.
تهتم آن فيربيسر، الباحثة المشاركة في نيوهورايزنز، بشكل خاص بالكوكب القزم (هاوميا). ومن الغريب أن هذا الكوكب على شكل كرة الرجبي تدور كل 4 ساعات. يقول فيربيسر: إن هذا المعدل السريع للسقوط قد يكون بسبب حدوث تصادم شديد بين هاوميا وجسم أكبر.
ويضيف: «نعتقد أنه ربما ما يزال يدور نتيجة لهذا الاصطدام». كما أن لديه الكثير من الأقمار الصناعية لاستكشافها. يقول فيربيسر: «يتبع (هاوميا) قمران معروفان حتى الآن على الأقل، ويتشكل من نظام على شكل حلقة. إنه عالم مثير للاهتمام للغاية».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المرکبة الفضائیة نظامنا الشمسی النظام الشمسی من الممکن أن من الأجسام ما إذا کان العدید من إذا کانت الشمسی ا یعنی أن فی حزام یمکن أن أجسام ا أن یکون إلى أن إلى حد قبل أن من ذلک
إقرأ أيضاً:
تحذير من المساومة على الجولان.. لا شرعية لحكومة ترسم حدود السيادة السورية
حذر الكاتب والباحث السياسي وسام شرف٬ في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" من خطورة التقارير المتداولة مؤخراً بشأن انخراط الحكومة السورية الانتقالية في محادثات سرّية مع الاحتلال الإسرائيلي، قد تفضي إلى صفقة أمنية تُعيد رسم مستقبل مرتفعات الجولان المحتلة، و"المنطقة المحايدة" التي يواصل الاحتلال توسيعها على حساب السيادة السورية.
وقال شرف، إنّ أي اتفاق من هذا النوع لا يمكن أن يُنظر إليه خارج الإطار القانوني لمكانة الجولان كأرض سورية محتلة، كما لا يجوز تجاهل الكلفة البشرية والمعاناة التي خلفتها عقود الاحتلال، مؤكداً أن القفز عن هذه الأسس سيشكل "انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي" و"تجاوزاً للولاية المحدودة لحكومة انتقالية غير منتخبة".
الجولان: وضع قانوني واضح وموقف أممي ثابت
وشدد الكاتب على أن الوضع القانوني لمرتفعات الجولان لا يحتمل اللبس، فهي أرض سورية استولى عليها الاحتلال الإسرائيلي بالقوة خلال حرب عام 1967، ولا تزال خاضعة للاحتلال العسكري. وأشار إلى أن قرارات مجلس الأمن الدولي، بدءاً بالقرار 242 لعام 1967، مروراً بالقرار 338 لعام 1973، ووصولاً إلى القرار 497 لعام 1981، جميعها تؤكد على عدم شرعية الاحتلال وترفض الاعتراف بضم إسرائيل للجولان، وتعتبره "لاغياً وباطلاً وليس له أثر قانوني دولي".
وأضاف شرف أن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بتكريس احتلاله، بل يواصل توسيع المستوطنات وفرض قوانينها في الجولان، في انتهاك مباشر لاتفاقيات جنيف، التي تحظر على القوة المحتلة نقل سكانها المدنيين إلى الأرض المحتلة.
كما أن توسيع ما يسميه الاحتلال الإسرائيلي "المنطقة المحايدة" مع سوريا يمثل شكلاً إضافياً من سياسة فرض الوقائع على الأرض، بما يعزز من واقع الاحتلال ويقوّض سيادة سوريا.
معاناة إنسانية عمرها عقود
وسلّط الكاتب الضوء على البعد الإنساني للاحتلال، مؤكداً أن الاستيلاء على الجولان تسبب في نزوح قسري لنحو 130 ألف سوري عام 1967، لا يزالون وذريتهم حتى اليوم محرومين من حق العودة، الذي تكفله الشرعية الدولية.
وأوضح أن معاناة النازحين تعمّقت بفعل مصادرة الأراضي والممتلكات، وتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في ظل عقود من التهجير والعيش تحت نظام استبدادي.
واعتبر أن أي تسوية حقيقية بشأن الجولان يجب أن تراعي حقوق هؤلاء النازحين ولا تهمش معاناتهم، محذّراً من صفقات سياسية تستهين بهذه الالتزامات القانونية.
كما أشار إلى الوضع الخاص لسكان الجولان من الطائفة الدرزية الذين تجاوز عددهم 20 ألف نسمة، ويواجهون تمييزاً ممنهجاً وسياسات تهدف إلى عزلهم عن وطنهم، لافتاً إلى أن القيود الإسرائيلية على التواصل العائلي، حتى في المناسبات الأساسية كالجنازات والأعراس، تمثل انتهاكاً فاضحاً للحق في الحياة الأسرية، وضغطاً مستمراً يسعى إلى تفتيت الهوية والانتماء.
لا شرعية للتنازل عن السيادة
ورأى شرف أن أي اتفاقية محتملة تُبرمها الحكومة السورية الانتقالية لتثبيت واقع الاحتلال أو الاعتراف بسيطرة إسرائيل على أجزاء من الجولان ستكون لاغية من الناحية القانونية والسياسية. فالحكومة المؤقتة، التي تفتقر للشرعية الديمقراطية والدستورية، لا تملك صلاحية التنازل عن أي جزء من الأرض السورية.
وشدّد على أن أي تغيير في حدود الدولة أو أي قرار يمس وحدة الأراضي السورية لا يمكن أن يصدر إلا عن سلطة منتخبة تمثّل إرادة الشعب، وأن التنازل عن السيادة، في ظل احتلال أجنبي، لا يُعد فقط غير قانوني بل يُشكّل سابقة خطيرة تهدد وحدة سوريا ومشروعها الوطني.
تحذير من "الهدايا السياسية" مقابل اعتراف دولي
ووجّه الكاتب تحذيراً من أن تُستخدم السيادة السورية كورقة مساومة بيد سلطات انتقالية تسعى إلى شرعنة وجودها عبر تنازلات سياسية، مقابل نيل اعتراف دولي أو تعزيز نفوذ مؤقت. وقال إن مستقبل سوريا يجب أن يُبنى على العدالة والحقوق، لا على التسويات القسرية، معتبراً أن الجولان ليس "سمة للبقاء السياسي"، بل "قضية وطنية والتزام قانوني"، ورمز لحق سوريا في تقرير مصيرها.
ودعا شرف المجتمع الدولي، إلى جانب كافة القوى السياسية والمدنية السورية، إلى اليقظة والتمسك بالمبادئ الأساسية، وعلى رأسها رفض الاحتلال، وحماية وحدة الأراضي السورية، وصون كرامة السوريين وحقهم في مستقبل يقوم على السيادة الكاملة والمصالحة الشاملة.
وأكد في ختام مقاله أن "الاستقرار لا يُبنى على الإنكار أو التنازل، بل على الاعتراف بالحقوق، ومواجهة الحقيقة، والتمسك بالقانون الدولي كمرجعية لا تُباع ولا تُشترى".