كيف يقرأ الإيرانيون هجوم حزب الله على إسرائيل؟
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
طهران- مع إطالة أمد رد طهران على اغتيال القيادي بحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها، استيقظ الإيرانيون صباح اليوم الأحد، على نبأ تنفيذ حزب الله اللبناني هجوما واسعا على الجانب الإسرائيلي، لينتشر الخبر سريعا وينتقل إلى المسيرات المليونية بمناسبة ذكرى 20 من شهر صفر، وليهتف المشاركون ضد "الكيان الصهيوني".
وفيما أشاد المشاركون في المسيرات السنوية بقصف المقاومة اللبنانية "هدفا نوعيا في عمق الأراضي المحتلة"، سارع المتحدثون والقائمون على المواكب الدينية الممتدة من ساحة "الإمام الحسين" شرقي طهران حتى عتبة "شاه عبد العظيم الحسني" في جنوبها بإطلاق نداءات تطمئن المشاركين، بأنه لا صحة لما يشاع عن إحباط كيان الاحتلال هجوم المقاومة عبر شنه ضربات استباقية.
وفي ظل ترويج الإعلام العبري عن شن إسرائيل هجوما استباقيا بمشاركة نحو 100 طائرة حربية على أكثر من 200 هدف جنوبي لبنان وإحباط "التهديد قبيل إطلاق الهجوم واسع النطاق"، يُجمع المراقبون في إيران على أن العملية الإسرائيلية كانت نابعة عن الإرباك الناتج عن إطالة أمد رد إيران والمقاومة على الاغتيالات الأخيرة.
حرب استخباريةيقرأ الباحث السياسي جلال جراغي الحديث الإسرائيلي عن تنفيذ عملية استباقية رغم تجاوز 320 قذيفة صاروخية وعشرات المسيّرات أجواء فلسطين المحتلة في سياق التخبط والإرباك الذي تعيشه تل أبيب منذ 25 يوما، مضيفا أن "الاعتراف بنجاح حزب الله بإطلاق مئات المسيّرات والصواريخ يعني فشلا استخباريا آخر للكيان الصهيوني".
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن حزب الله قد نجح بالفعل في خداع الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، من خلال التمويه وتضليل القوة الجوية الإسرائيلية، ثم إرباك دفاعاتها الجوية بعشرات القذائف الصاروخية، من أجل فتح المجال الجوي لوصول المسيّرات إلى الأهداف الإستراتيجية التي خطط لها.
ولدى إشارته إلى أن هجوم حزب الله جاء في حين تمر جميع القطع العسكرية الإسرائيلية بمرحلة عالية من أهبة الاستعداد، رأى جراغي أن الهدف النوعي الذي يتحدث حزب الله عن استهدافه قد يمهد لمزيد من العمليات الانتقامية، ويسهل اصطياد أهداف أكبر في عمق الجانب الإسرائيلي.
ورأى الباحث الإيراني، أن حزب الله تعمد التطرق إلى أن عملية فجر اليوم الأحد ليست سوى المرحلة الأولى من سلسلة عمليات الرد على اغتيال فؤاد شكر لإبقاء الجبهة الداخلية الإسرائيلية متوترة.
وختم بأن عملية فجر اليوم تختلف عن عملية "الوعد الصادق" التي أطلقتها إيران علی إسرائيل حيث قامت طهران يوم 13 أبريل/نيسان الماضي، بإرباك المضادات الجوية الإسرائيلية عبر إطلاق المسيّرات ثم صواريخ "كروز"، وتاليا أطلقت 12 صاروخا فرط صوتيا، في حين أن حزب الله أربك الدفاعات الجوية الإسرائيلية بقذائف وليس صواريخ، ثم استهدف الأهداف بالمسيّرات.
وفيما استبشرت شريحة من الإيرانيين بعملية حزب الله في إطار الرد على الاغتيالات التي أقدمت عليها إسرائيل في لبنان وإيران الشهر الماضي، نفى سفير طهران السابق في الأردن ولبنان أحمد دستمالجيان أن تكون عملية فجر اليوم جزءا من الرد الإيراني على اغتيال هنية.
وفي مطلع قراءته لمشهد التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، اعتبر دستمالجيان عملية حزب الله بمثابة "الإعلان عن إطلاق ساعة الصفر بتوقيت الانتقام لقادة المقاومة"، موضحا أن الحزب أعلن في بيانه الأول بأن العملية تأتي ردا على اغتيال القائد العسكري فؤاد شكر ولا علاقة لها بالانتقام لإسماعيل هنية الذي توعدت إيران بالثأر لدمائه.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال الدبلوماسي الإيراني السابق إن بلاده وحلفاءها في محور المقاومة "أطلقت إستراتيجية الحرب المركبة بشكل عام لاستنزاف طاقات الكيان الصهيوني، كما تبنت على وجه الخصوص سياسة غامضة بشأن ردها على اغتيال هنية وتوقيته، ما أربك جميع حسابات تل أبيب في حربها المتواصلة على غزة".
وعما إذا كانت إيران سوف تتدخل لنصرة المقاومة اللبنانية في مواجهة إسرائيل، استبعد المتحدث نفسه أن يحدث ذلك في الوقت الراهن، ذلك لأن طهران دربت المقاومة وعززتها بالتسليحات اللازمة للدفاع عن نفسها، مستدركا أن تدخل إيران سيكون واردا جدا إذا تم تجاوز "خطوط طهران الحمراء"، ومنها الاستشعار بخسارة جبهتها الأمامية، التي تعتبرها ضمن أمنها القومي.
وتوقع أن تشهد المنطقة تصعيدا مرحليا خلال المرحلة المقبلة من قبل حلقات محور المقاومة دون دخول إيران حربا واسعة، لكنها ستواصل الدعم السياسي والمادي لحلفائها في أي مواجهة مع العدو الإسرائيلي، مشددا على أن رد طهران "قادم ولو بعد حين" بسبب اختراق إسرائيل سيادة إيران وأمنها القومي.
حرب هجينةمن ناحيته، يعتقد الباحث في الشؤون الإسرائيلية مجيد صفا تاج، أن عملية فجر اليوم تعد جزءا من رد المقاومة على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة منذ عقود ضد فلسطين، مؤكدا أن خطة الانتقام لدماء قادة المقاومة وفي مقدمتهم فؤاد شكر وإسماعيل هنية قد "بدأ تنفيذها على شتى الصعد"، وأن الحرب النفسية والاقتصادية والأمنية والسيبرانية قد لا تقل أهمية عن العمليات العسكرية.
ورأى في حديث للجزيرة نت، أن "الرد على جرائم العدو الإسرائيلي قد بدأ، وأنه سوف يتواصل على يد إيران وحلفائها"، مستدركا أنه "بالرغم من أن أصابع جميع حلقات المقاومة على الزناد، بيد أنها تفضل القيام بعمليات منفصلة لتشفي قليلا من غليل غضبها من العدوان المتواصل على غزة من جهة، وتمنع الانجرار إلى حرب شاملة، من جهة أخرى".
ولدى إشارته إلى تصريحات القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي، يوم أمس، وحديثه عن أخبار بشأن الانتقام لاغتيال هنية، أضاف صفا تاج، أن اللواء سلامي كان يقصد أن "عملية عسكرية إيرانية ثانية ضد الكيان الإسرائيلي في طريقها للتنفيذ"، لكن الأخبار التي تحدث عنها تفوق عملية واحدة، وقد تكون عملية حزب الله صباح اليوم واحدة من سلسلة عمليات برية وجوية وبحرية متوقعة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجویة الإسرائیلیة عملیة فجر الیوم على اغتیال المسی رات
إقرأ أيضاً:
إيران تعيد بناء ترسانتها العسكرية بعد الحرب الإسرائيلية بدعم روسى
تكثف إيران سعيها لإعادة تسليح نفسها سريعًا بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بينما تجهز قوائم طويلة من المعدات العسكرية المتطورة التى لا يمكن نقلها إلى سيطرتها إلا عبر تحد مباشر لنظام عقوبات الأمم المتحدة الذى أعيد إحياؤه مؤخرًا، وفق ما أكده خبير عسكرى بارز لصحيفة ذا ناشونال.
وقال الدكتور جاك واتلينغ، الباحث البارز فى معهد الخدمات المتحدة الملكى، إن طهران تستغل محادثاتها مع موسكو بهدف شراء مقاتلات تفوق جوى من طراز سو 35 وأنظمة دفاع جوى حديثة، إلى جانب الحصول على التكنولوجيا اللازمة لرفع دقة صواريخها الباليستية بشكل كبير. بحسب تقرير نشرته صحيفة ذا ناشونال.
وأظهرت الهجمات غير المسبوقة التى شنتها إسرائيل خلال حربها الممتدة 12 يومًا على إيران فى يونيو 2025 أن قدرات الدفاع الجوى الإيرانى وجيشه التقليدى لم تصمد تحت كثافة الضربات. وقد أدى تدمير معدات دفاعية واسعة إلى إثارة تساؤلات حول كيفية استجابة القيادة الإيرانية لضغوط المتشددين المطالبين بإعادة بناء الترسانة العسكرية.
أما النقطة الأكثر إثارة للقلق لدول الخليج وإسرائيل فتكمن فى نوعية الأنظمة التى أثبتت فعاليتها خلال قرابة 4 سنوات من حرب أوكرانيا، إذ كانت إيران قد زودت موسكو بآلاف الطائرات بدون طيار التى استخدمت لضرب كييف.
وتشير الصحيفة إلى أن أى صفقة أسلحة لإيران ستعد خرقًا مباشرًا لحظر الأمم المتحدة الذى أعيد تفعيله بعد أن فعّلت بريطانيا وألمانيا وفرنسا آلية سناب باك فى نهاية سبتمبر بسبب استمرار البرنامج النووى الإيرانى. ويحظر قرار مجلس الأمن رقم 2231 لعام 2015 بيع أو نقل الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوى لطهران.
وتغير المشهد تمامًا بعد انهيار المحادثات النووية مع اندلاع الحرب. فقد أعادت الأطراف الأوروبية فى الاتفاق النووى فرض العقوبات بما يشمل حظر السلاح والقيود على برنامج الصواريخ الباليستية. لكن دبلوماسيين روس وصينيين شككوا فى شرعية آلية سناب باك، ما يثير تساؤلات حول قدرة العقوبات على الصمود دوليًا.
وتتميز سو 35 برادار فعال قادر على اكتشاف وتتبع الأهداف وإدارة معارك متعددة، كما أن تزويدها بصاروخ جو جو R37M يجعل منها تهديدًا بعيد المدى للطائرات الإسرائيلية. فقد استخدم سلاح الجو الروسى هذا الصاروخ لإسقاط طائرة أوكرانية من مسافة 177 كيلومترًا.
وسيكون بإمكان هذه المقاتلات إسقاط الطائرات الإسرائيلية بدون طيار بسهولة، وهى الطائرات التى تسببت فى أضرار كبيرة خلال عملية الأسد الصاعد فى يونيو. كما أن تحليق سو 35 فى شرق إيران سيشكل تهديدًا مباشرًا لطائرات التزود الجوى الإسرائيلية التى اقتربت فى يونيو من المجال الجوى الإيرانى لتمديد مدى العمليات.
ويرى واتلينغ أن إيران ستستفيد بشكل أكبر من التحسينات التقنية التى حققتها روسيا على مستوى البرمجيات والرادارات وأنظمة اعتراض الصواريخ الغربية مثل ATACMS وGMLRS وصواريخ HARM المضادة للإشعاع. فقد تمكنت موسكو من تطوير أداء دفاعاتها الجوية بعد اختبارها ميدانيًا ضد أنظمة غربية متقدمة.
لكن التحول الجيلى الحقيقى سيحدث إذا وافق الكرملين على نقل أنظمة S400 المتطورة لإيران. فهذا النظام، الذى تبلغ سرعته 17000 كيلومتر فى الساعة بمدى يصل إلى 600 كيلومتر، يمكنه تهديد الطائرات الإسرائيلية بما فيها طائرات التزود الجوى، باستثناء المقاتلات الشبحية F35. إلا أن تكلفة بطارية كاملة مع الصواريخ الاحتياطية تصل إلى مليار دولار، ما يدفع إيران للتفكير أيضًا فى النظام الصينى HQ9.
ورغم تمكن إسرائيل من تدمير عدد كبير من منصات الصواريخ فى الصيف، أطلقت إيران خلال الحرب الأخيرة أكثر من 550 صاروخًا باليستيًا إضافة إلى اكثر من 1000 طائرة بدون طيار شاهد انتحارية، أصابت مدنًا ومستشفى و12 قاعدة عسكرية، ما أدى إلى مقتل 28 مدنيًا وإصابة 3600 آخرين.
وأكد واتلينغ أن نقل موسكو هذه التقنيات سيحدث فرقًا كبيرًا فى دقة الصواريخ الإيرانية وقدرتها على التهرب من الدفاعات الأمريكية. كما تترقب الدول الغربية أى مؤشرات على تعاون أعمق بين موسكو وطهران فى إنتاج صواريخ مثل خرمشهر، صاحب القدرة النووية المحتملة، أو فاتح 1 الأسرع من الصوت.