قتلى وهروب سكان إلى البحر جراء الحرائق في جزر هاواي الأميركية
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
لقى 6 أشخاص على الأقل حتفهم في حرائق غابات بولاية هاواي الأميركية، أمس الأربعاء، في حين أتت الحرائق على مدينة بالكامل مما أدى إلى إجلاء آلاف الأشخاص ولجوء بعض السكان إلى البحر هربا من النيران.
وأفادت هيئة إدارة الطوارئ في هاواي أنها أجلت السكان من حوالي 13 منطقة، وأضافت أن الحرائق أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن حوالي 2600 شخص.
وقال حاكم الولاية جوش غرين إن حريقا ضخما انتشر على نطاق واسع بسبب رياح إعصار "دورا" القوية في المنطقة وظروف الجفاف المستمرة منذ عامين، مشيرا إلى أن النيران المستعرة في جزيرتي "ماوي" و"بيغ آيلاند" أدت إلى تشريد مئات الأُسر.
وأضاف غرين أن الحريق دمر جزءا كبيرا من المدينة الساحلية "لاهينا" التي يبلغ عدد سكانها 12 ألف نسمة، موضحا أن عمليات التحليق فوق المدينة حصرت تضرر أكثر من 271 منشأة.
وقالت سلطات جزيرة "ماوي" إن أكثر من 2100 شخص نقلوا إلى مراكز إيواء، في حين وضع نحو 2000 مسافر في مطار كاهولوي بانتظار إمكان إجلائهم عن الجزيرة.
ويزيد الوضع من صعوبة مهمة فرق الإنقاذ لا سيما أن خط الطوارئ 911 متوقف في بعض المناطق، بحسب السلطات.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن نشر الحرس الوطني في الولاية وتخصيص كل الموارد الفيدرالية المتاحة هناك لمكافحة الحرائق.
المستشفيات تعانيوأفادت السلطات أنها نقلت المصابين إلى المستشفيات وهم يعانون من حروق ومشكلات في التنفس، وجرى إعلان حالة الطوارئ في "ماوي" و"بيغ آيلاند".
وأشارت مساعِدة حاكم الولاية سيلفيا لوك إلى أن المستشفيات عاجزة عن استيعاب عدد المصابين بحروق أو أولئك الذين تنشقوا الدخان مشددة على أن الوضع مأساوي، وتسعى السلطات إلى نقل المصابين لجزر أخرى.
وكان بعض السكان ارتموا في البحر بعدما حاصرتهم النيران في محاولة لإنقاذ أرواحهم، في حين تم إنقاذ 14 شخصا من المياه قبالة سواحل "لاهينا"، وفقا للسلطات.
ويضرب إعصار "دورا" حاليا منطقة المحيط الهادئ على بعد مئات الكيلومترات جنوب هاواي، بينما يتأثر ملايين الأشخاص بأحوال جوية قاسية في العالم الأسابيع الأخيرة، ويرى علماء أن التغير المناخي يسهم في تأجيج هذه الظواهر.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قابس التونسية..غيوم سامة وإرث صناعي قاتل يدفع الولاية بأكملها إلى حافة الهاوية
في قابس، بات من المستحيل على السكان إغلاق نوافذهم بإحكام. فالرائحة الخانقة الناتجة عن غبار نفايات الفوسفات السامة تتسلل إلى كل زاوية، ممزوجة بالهواء الذي يتنفسه نحو 400 ألف شخص. وتقول إحدى الشهادات ليورونيوز بعد اجتياح الغازات السامة فناء منزلها: "هذا الهواء يقتلنا تدريجيًا.. نعيشه نهارًا وليلًا". اعلان
مجدداً، سجلت ولاية قابس جنوب تونس حالات اختناق إثر تسرب غازات سامة من المجمع الكيميائي المحلي، وفق خير الدين ديبة، المتحدث باسم حملة "أوقفوا التلوث". وأوضح ديبة أن نحو 20 طالبًا في مدرسة بمنطقة شطّ السلام تعرّضوا للاختناق. وتظهر مقاطع فيديو تداولها الأهالي على وسائل التواصل الاجتماعي طلاب يلهثون بحثًا عن الهواء، فيما تدخلت فرق الإسعاف لنقلهم إلى المستشفيات. وتكررت هذه الحوادث عدة مرات خلال الأسابيع الماضية، وكان آخرها في سبتمبر الماضي، حين أُصيب أكثر من 40 تلميذًا بحالات اختناق مماثلة.
ولم يتأخر رد فعل السكان، إذ خرج العشرات إلى الشوارع احتجاجًا على تكرار الحوادث، وأغلقوا الطرقات وأشعلوا الإطارات المطاطية، مطالبين بـ"وقف انبعاثات الغازات السامة" و"تفكيك الوحدات الصناعية الملوثة".
وفي تصعيد جديد، اقتحم المتظاهرون المجمع الكيميائي يوم أمس.
وتقول إحدى الشهادات ليورونيوز: "قابس لم تعد سوى مدينة موت.. نكافح يوميًا من أجل نفسٍ واحد، ونشهد ارتفاعًا مرعبًا في حالات السرطان وهشاشة العظام بفعل هذا التلوث الذي لا يرحم..لم يعد من المقبول أن تواصل هذه المنشآت قتلنا ببطء.. نطالب بإغلاقها فورًا". وأضافت : "لم يكتفِ هذا التلوث بتشويه جمال شواطئنا، بل أباد الكائنات البحرية واحدة تلو الأخرى، وحوّل بحرنا الذي نعشقه إلى مقبرة مائية".
من مصنع للتنمية إلى مصدر للتلوثمدينة قابس، التي كانت تشتهر سابقا بغناها البيئي الساحلي،تشهد تدهورا مستمرا في قطاع صيد الأسماك، الذي كان يشكل مصدر رزق أساسي للعديد من سكان المنطقة.
وأُنشئ المجمع الكيميائي في منطقة غنوش سنة 1972 لمعالجة الفوسفات وتحويله إلى منتجات صناعية لدعم الاقتصاد الوطني. لكن بعد عقود، تحوّل إلى أحد أبرز مصادر التلوث في تونس، نتيجة الانبعاثات الغازية السامة والنفايات الكيميائية التي تُلقى في البحر والهواء دون معالجة فعّالة.
وتُعد مادة الفوسفوجيبس من أخطر المخلفات الناتجة عن المصنع، إذ تنتج عن معالجة الفوسفات وتحتوي على معادن ثقيلة ومواد إشعاعية مثل اليورانيوم والثوريوم والراديوم، بالإضافة إلى سموم كيميائية متراكمة. ويُلقى بهذه المخلفات يوميًا بكميات هائلة في خليج قابس، مما يؤدي إلى تلوث واسع للبحر، وتدهور الثروة السمكية، وتلوث التربة والمياه الجوفية والهواء.
وتشير التقديرات إلى أن المجمع الكيميائي في قابس ينتج آلاف الأطنان من الفوسفوجيبس يوميًا، يُصرف جزء كبير منه مباشرة في البحر دون أي معالجة، خصوصًا في شاطئ شطّ السلام القريب من المنطقة الصناعية.
وبالإضافة إلى النفايات الصلبة، تطلق وحدات المعالجة كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت وغازات ملوثة أخرى، ما أسهم في ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية والجلدية والسرطانية بين السكان.
وقد أظهرت دراسة أجراها مختبر "جيوسيانس إنفيرونمان" في مدينة تولوز الفرنسية أن مصنع قابس يطلق مستويات مرتفعة من الملوثات السامة، والتي ترتبط بتشوهات خلقية وأمراض في القلب والرئتين والكبد والكلى والدم.
وتتطلع تونس إلى استخراج 14 مليون طن سنويا من مادة الفوسفات بحلول عام 2030 بحسب تقارير إعلامية، وهو معدل إنتاج غير مسبوق منذ افتتاح المصنع.
تعهدات عام 2017 تتهاوى..في عام 2017، تعهدت الحكومة التونسية بإنهاء سكب مادة الفوسفوجيبس في البحر، وذلك في إطار قرار حكومي. وقد نص القرار على إيقاف إلقاء هذه المادة السامة في خليج قابس، وتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة، وتعويضها بوحدات حديثة تحترم المعايير البيئية.
وكان هذا القرار نتيجة لضغوطات كبيرة من المجتمع المدني، الذي حدد يوم 30 يونيو 2017 كموعد نهائي لتنفيذه. وقد شارك في هذه الضغوطات العديد من الجمعيات البيئية والخبراء الدوليين، الذين أكدوا على ضرورة إيجاد حل جذري لمشكلة الفوسفوجيبس، التي تهدد صحة السكان والبيئة في قابس.
وعلى الرغم من هذه التعهدات، إلا أن تنفيذها تأخر بشكل كبير، مما دفع الأهالي إلى تجديد مطالبهم في السنوات الماضية.
وفي مارس 2025، فوجئ سكان قابس بقرار حكومي جديد يقضي بحذف الفوسفوجيبس من قائمة النفايات الخطرة، وهو ما اعتبروه تراجعًا عن التعهدات السابقة. وقد اعتبر الناشط البيئي خير الدين دبية أن هذا القرار يُهدّد صحة المواطنين ويزيد من التلوث في قابس، ويُعيد المنطقة إلى نقطة الصفر في معركتها ضد التلوث الصناعي.
وفي السياق نفسه، أعلن وزير البيئة حبيب عبيد خلال زيارة ميدانية إلى ولاية قابس في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن تونس تتجه نحو تثمين مادة الفوسفوجيبس وتسويقها، مع التوقف تدريجيًا عن تصريفها في البحر، دون أن يوضح تفاصيل العملية أو آليات تنفيذها.
جدير بالذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد قد قال خلال الأسبوع الماضي إن قابس تعرضت منذ سنوات طويلة "لاغتيال للبيئة والقضاء عليها" بسبب اختيارات قديمة وصفها بأنها "جريمة".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة