لبنان يختنق.. غاباته تحترق وشجره يسقط في حرب صامتة على الطبيعة
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
لبنان، أرض الأرز والجبال الخضراء، رئة هذا الشرق بجباله ووديانه وأشجاره ونباتاته.. وطن لطالما تغنى به الشعراء وجعلوا من طبيعته لوحة تأسر القلوب والألباب. هذا الوطن، الذي كان يتباهى بغاباته ووديانه وسفوحه المغطاة بشتى أنواع النباتات، يعيش اليوم فصولاً مؤلمة من فقدان هذا الغطاء النباتي المتميز. شجره الذي تحدى العواصف على مر العصور، بات يواجه اليوم تحديات أشد قسوة، إذ تذبل أوراقه، وتتهاوى غاباته تحت وطأة الإهمال والحرائق والحرب والتغيرات المناخية.
وحسب آخر تقرير لـ"غلوبل فورست واتش-Global Forest Watch"، الذي سلّط الضوء على تآكل الغطاء النباتي في لبنان، تبيّن أن الأمور لا تسير على المنحى المطلوب، علمًا أن هذه الأرقام التي تم رصدها، كانت قبل بداية الحرب على الجنوب، حيث خسر الغطاء النباتي هناك مساحات شاسعة بفعل القصف المتواصل على الجبال، والمناطق المفتوحة.
وحسب التقرير، الذي اطّلع عليه "لبنان24" أظهر أنّه منذ عام 2001 وحتى العام 2023، خسر لبنان ما مجموعه 6,49 كيلو هكتار (1 كيلوهكتار= 1000 هكتار)، إذ تفاوتت النسب بين السنوات المتعاقبة، حيث سجّل عام 2002 أقل نسبة خسارة للغطاء النباتي بلغت 81 هكتارًا فقط، أي ما نسبته 0.2% من المجموع العام للخسائر، بينما سجّل عام 2021 أعلى نسبة خسارة في الغطاء النباتي، إذ خسر لبنان آنذاك 673 هكتارا، أي ما نسبته 1% من الغطاء النباتي، وبمجموع عام، خسر لبنان 9.8% من الغطاء النباتي خلال 11 سنة .
ويلفت التقرير الذي فنّد كيف خسر لبنان غاباته إلى أن 1.2% من الغطاء فُقد في المناطق التي تم القضاء فيها على الغابات، وكان عام 2021 في طبيعة الحال صاحب الحصة الأكبر، إذ قُضي على مساحة تبلغ 618 هكتارات من الغابات تحديدًا. وعلى عكس الأعوام الأخرى حيث أثّر التحضر نوعًا ما على انتشار الغطاء النباتي، لم يكن للتحضر أي دور في القضاء على الأشجار منذ عام 2021 وحتى العام 2023.
كيف تتوزع الخسائر؟
يشير التقرير إلى أن منطقتين فقط في لبنان مسؤولتان عن 68% من خسارة الأشجار بين عام 2001 و 2023، وهما منطقة جبل لبنان وعكار.
فخلال 11 عاما، تم القضاء على 2.87 كيلو هكتار من الغطاء النباتي في محافظة جبل لبنان، ووصلت النسبة إلى النصف في عكار، إذ تم القضاء على 1.48 كيلو هكتار من الغطاء النباتي في المنطقة. وأتت الأرقام الأخرى على الشكل التالي:
- الشمال: 1.32 كيلو هكتار
- الجنوب 516 هكتارا
- النبطية 114 هكتارا
- بعلبك الهرمل 88 هكتارا
- البقاع 3 هكتارات
تأتي هذه الأرقام السلبية وسط أرقام إيجابية كان يتمتع بها لبنان، إذ حتى العام 2000، كان أكثر من 5.8% من الغطاء الأرضي في لبنان يحتوي على غطاء نباتي وأشجار، ووصلت النسبة إلى قرابة 30%، وكانت تتوزع على الشكل التالي:
- غابات طبيعية: 59.6 كيلو هكتار
- زراعة: 5.62 كيلو هكتار
غطاء نباتي متنوع: 959 كيلو هكتار
أهم مواقع الغطاء النباتي
على الرغم من أن جبل لبنان كانت أكثر منطقة فقدت أشجارا ونباتات، إلا أنّها تصنّف حاليا من أهم المواقع التي تحتوي على الغطاء النباتي، إذ تصل مساحة الغطاء فيها إلى 25.7 كيلو هكتار، وتأتي الأرقام الأخرى على الشكل التالي:
- الشمال: 10.9 كيلو هكتار
- الجنوب: 9.25 كيلو هكتار
- عكار: 7.82 كيلو هكتار
- النبطية: 3.54 كيلو هكتار
- البقاع: 292 هكتارا
- بعلبك الهرمل: 246 هكتارا
- بيروت أقل من 1 هكتار
من جهة أخرى، تلعب الحرائق دورًا مؤثرًا على صعيد القضاء على الغطاء النباتي، خاصة وسط أزمات مراقبة وحراسة الأحراج التي يعاني منها لبنان.
في السّياق، فإنّ موسم الحرائق عادة في لبنان يبدأ من أوائل شهر حزيران ويستمر حوالي 19 أسبوعا. ومنذ 28 آب 2023 وحتى 26 آب 2024 تم التبليغ عن 47 تنبيها من الحرائق، ويعتبر هذا المعدل من المعدلات الخطيرة والمرتفعة جدًا.
وبين عامي 2001 و 2023 قضت الحرائق على قرابة 5 كيلو هكتار من الغطاء النباتي، وسجّل عام 2021 النسبة الأكبر، إذ قضت الحرائق فقط على 425 هكتارا.
وإلى المشهد الحالي، مشهد حرائق الجنوب، إذ يتعمّد العدو الإسرائيلي حرق الأراضي الزراعية بحجة عسكرية لاستهداف مواقع زعم أنّها كانت منطلقا لصواريخ "الحزب"، وتعمل فرق الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية بشكل دائم على إخمادها. وتؤكّد مصادر محلية لـ"لبنان24" أن مشهد الحرائق ليس جديدًا على الجنوب، إنّما الجديد هو حجم الحرائق الكبير الذي طال الغطاء النباتي، والأشجار المثمرة، كالزيتون. كما اتبع العدو سياسة الأرض المحروقة مستهدفا الأماكن الحرجية والمزروعات مثل حقول التبغ والقمح وأشجار الصنوبر، فتحول بعض الأماكن إلى أرض جرداء، هذا عدا عن اقتلاع آلاف الأشجار من جذورها جرّاء الصواريخ الثقيلة.
وبحسب وزارة البيئة، فإنّ المساحة من الأراضي الحرجية والمزروعة التي تضررت نتيجة القصف الإسرائيلي، خصوصاً بالقذائف الخارقة والفوسفورية، قُدّرت بنحو ألف و700 هكتار. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الغطاء النباتی خسر لبنان فی لبنان
إقرأ أيضاً:
"تجربة شخصية".. قراءة تشكيلية في الطبيعة والبيئة الريفية والبحرية لكفر الشيخ
افتتحت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، معرض "تجربة شخصية" بالمركز الثقافي بكفر الشيخ، وذلك ضمن الفعاليات المصاحبة للمرحلة السادسة من مشروع مسرح المواجهة والتجوال، التابع للبيت الفني للمسرح بقطاع المسرح، في إطار استراتيجية وزارة الثقافة الهادفة إلى دعم الإبداع المحلي بالمحافظات.
شهد افتتاح المعرض حضور العميد مصطفى شوقي المستشار العسكري لمحافظة كفر الشيخ، والدكتور أحمد الشهاوي مدير عام فرع ثقافة كفر الشيخ، والمخرج محمد الشرقاوي مدير مسرح المواجهة والتجوال، وسيد مسلم وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالمحافظة، إلى جانب نخبة من الفنانين التشكيليين والإعلاميين والمهتمين بالحراك الفني بالمحافظة.
يقام المعرض تحت إشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية برئاسة الفنان أحمد الشافعي، ويضم 39 عملا فنيا لثمانية من فناني محافظة كفر الشيخ، هم:
د. جاكلين بشرى الوقيم، د. فادي بطرس، د. محروس عتاقي، مينا ممدوح، علي خميس، أحمد الرفاعي، بيشوي يونان، إضافة إلى عرض مجموعة من أعمال الفنان الراحل عبد الله شنح، تقديرا لمسيرته الفنية وإسهاماته في التشكيل المصري.
وقدمت د. جاكلين بشرى، مدرس الأشغال الفنية بجامعة المنيا ومدير فرع ثقافة كفر الشيخ سابقا، ثمانية أعمال بعنوان "أرض وسماء"، موضحة أن أعمالها تستلهم علاقة الإنسان بالأرض وما تمنحه من خير، وبالسماء والماء، ولا سيما مياه النيل التي تشكل ملامح البيئة المحلية بالمحافظة. وأشارت إلى اعتمادها على خامات متنوعة مثل ألياف القماش والخيوط وبقايا الخامات، في رؤية تصويرية تعكس إحساسها بالبيئة ومفرداتها.
وشارك د. فادي بطرس ميخائيل، أستاذ الرسم والتصوير المساعد بكلية التربية الفنية بجامعة كفر الشيخ، بأحد عشر عملا تنوعت بين الرصاص والأكريليك وأعمال الديجيتال أرت. وأوضح أن أعماله مستوحاة من الطبيعة والكائنات الحية، وتعكس رؤية تجريدية للتركيبات المورفولوجية للنبات والحيوان، بما يحمله ذلك من قيم جمالية وتشكيلية.
أما د. محروس عتاقي، أستاذ مساعد التصوير بكلية التربية بجامعة الأزهر، فشارك بخمس لوحات مستوحاة من الفراشات، مستخدما مزيجا من الأشكال الهندسية وتقنيات متعددة تشمل الجواش والأكريليك والزيت، بهدف خلق تناغم بصري بين الشكل والخلفية. وأكد أن هذه المجموعة جاءت ضمن بحث علمي قدم كمتطلب للترقية من مدرس إلى أستاذ مساعد.
كما قدم الفنان بيشوي يونان عملين اعتمدا على الخامات الطبيعية. استخدم في العمل الأول قشرة الأخشاب الطبيعية المستخدمة في صناعة الأثاث، مثل البلساندر والأرو والبلوط والماهوجني والليمون، لتصوير منظر مستوحى من مراكب الصيد التقليدية بمنطقة برج البرلس والبيوت الريفية القديمة. أما العمل الثاني فهو منحوتة صغيرة لبقرة في وضع الجلوس، مصنوعة من الجبس، تعبر عن روح الريف المصري. وإلى جانب الأعمال الفنية لباقي الفنانين المشاركين، شهدت الفعاليات افتتاح معرض لإصدارات الهيئة العامة لقصور الثقافة بأسعار مخفضة.
كما قدم العرض المسرحي "توتة توتة" التابع للبيت الفني للمسرح، تأليف طارق عمار وإخراج سعيد منسي، والذي تناول سير عدد من الشخصيات المؤثرة في مجالات الفكر والعلم والفنون، من بينهم: نبوية موسى، سميرة موسى، أحمد لطفي السيد، الإمام محمد عبده، العالمان أحمد زويل وفاروق الباز، في إطار تعريف الأجيال الجديدة بنماذج ملهمة من رموز النهضة المصرية.
يقام المعرض الفني من خلال الإدارة العامة للفنون التشكيلية برئاسة فيفيان البتانوني، وبالتعاون مع إقليم شرق الدلتا الثقافي برئاسة الكاتب أحمد سامي خاطر وفرع ثقافة كفر الشيخ، ويأتي حرصا من الهيئة العامة لقصور الثقافة على تنشيط الحركة التشكيلية في المحافظات. ومن المقرر استمرار المعرض حتى 17 ديسمبر الجاري.