الدولة.. والدولة العميقة
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
مسعود أحمد بيت سعيد
يستخدم البعض مصطلح "الدولة العميقة" للإشارة إلى مراكز القوى الخفية التي تبسط سيطرتها على المُؤسسات الرسمية؛ سواءً كانت مُنتخَبة ديمقراطيًا، كما هو الحال في النماذج الغربية، أو في النماذج الأخرى التي تغيب فيها تلك المظاهر الحديثة؛ بحيث تُجيِّرها لخدمة مصالحها الخاصة.
هذا التوصيف بشكل عام لا يخلو من الصواب، وإن كان المصطلح نفسه يثير الالتباس؛ حيث يدغم الدولة ككيان معنوي أشمل مع السلطة السياسية في قالب واحد دون فواصل. وقد يكون من الصعوبة تحديد التخوم بين الدولة العميقة وتلك غير العميقة إلّا بالمعنى المجازي. بَيْدَ أنَّ هذا التعبير يُثار بشكل أوسع في مراحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أو في حالات الانتقال في السلطة؛ حيث تنشط الرقابة الاجتماعية الذاتية على حجم التحوُّلات ومدى اقترابها من متطلباتها واحتياجاتها المُلحّة. وعلى ضوء الإرهاصات من جانبٍ، وسيادة المفاهيم المثالية من جانب آخر، يتم- عادةً- استدعاء ما ترسّب في المُخيِّلة لإيجاد نوع من التبريرات والتوازنات النفسية والذهنية، بحيث تُعزى كل المعوقات لقوة مجهولة تُطلَق عليها شتى الأوصاف والتسميات.
ووفق هذا المنطلق، سيكون من الطبيعي أن تُتهَم تلك الطغم المُسيطرة بالسعي للتحكم في الوضع الجديد وتسييره قدر الإمكان وفق أجندتها. وما يُهم توضيحه يتمثل في نقطتين رئيسيتين؛ الأولى: مدى واقعية الخلط بين الدولة بمفهومها التقليدي العام، وبين السُلطة. وأعتقد أن الفهم الشعبوي لا يُفرِّق بينهما كثيرًا، وفي المقابل فإنَّ للسلطات أسبابها في عدم التفريق، بحيث تعتبر كل من يتعرّض لها بالنقد يُسيء بهذا القدر أو ذاك للدولة التي تطنب في الحرص عليها نهارًا، بينما تنخرها ليلًا. ومن البديهيات أن النقد- إن وُجِد- ينصبُ حول السلطة السياسية من حيث تكوينها وممارستها وشكلها ومضمونها وانحيازها وإدارتها للموارد الطبيعية وتوزيعها وكيفية معالجتها للمعضلات الاجتماعية، وغيرها من القضايا التي تمس الوجود الاجتماعي.
وبما أنَّ الحديث يدور حول الإطار النظري التاريخي، فإن الدولة وفق تعريفها الليبرالي، هي الإقليم والشعب والسلطة السياسية، غير أن العنصرين الأولين يتسمان بالديمومة والثبات، في حين العنصر الثالث- أي السلطة السياسية- كقاعدة عامة فهو المُتحوِّل. وتأسيسًا على ذلك، فإن الدولة العميقة قد يُقصد بها تلك القوى ذات المحتوى الطبقي، بمضامينها وأبعادها وتحالفاتها وديناميكيتها الداخلية التي تقاوم التنازل عن مكاسبها.
النقطة الثانية أن استجلاء دور تلك القوى المُتنفِّذة داخل هذه المنظومة ومدى فاعليتها التي تتضخم في بعض المُنعطفات التاريخية، ليست مسألة نظرية مُجرَّدة. والوقوف على كُنْهِهَا يتطلب بالضرورة مُقاربات علمية واقعية، وربما قد يكون تأثيرها واضحًا في بعض التجارب الحديثة التي يُستشَف من نهجها وممارستها العملية الحذر والتردد، بحيث تُصدِر خطابها السياسي والإعلامي بالانشداد العاطفي نحو الماضي، أكثر من تطلعاتها للمستقبل. ومعروف أن فعّالية الدولة العميقة في معظم البلدان النامية تجري من خلال تسويق فرضيات طوباوية لا ترى مسوغًا منطقيًا لتصحيح مسارات أفرزت واقعًا مُثقلًا بالتراكمات السلبية. وضمنيًا.. توحي بأن لا شيء يولد ولا شيء يُفنى! وهي فرضية، بقدر ما تحمل من شحنات مُحبِطة، بقدر مُنافاتها للعقل والحقائق الموضوعية. وحينما تخضع هذه الفرضية للمراجعة والتقييم العلمي، تهوي تسعة أعشارها.
ومن نافلة القول إن كل التجارب المعاصرة ذات التوجه الرأسمالي التي تُخرِج قضية العدالة الاجتماعية من حساباتها، تواجه جملة استحقاقات مطلبية ضاغطة وليس بمقدورها اجتراح مخارج وحلول للأزمات البنيوية المُتفاقِمة، ما لم تضع في اعتباراتها مرامي وغايات القوى التي تشكَّلت قبلها، ووعي محاولاتها لجهة تكييفها وحصر مهماتها في حدود إدارة وضعٍ قد أُعِدَ سلفًا؛ الأمر الذي يُفقدها حقها في التمايز والاختلاف. ولا حاجة للتأكيد على أن التجارب الذكيّة منها تَبني قاعدتها الشعبية على أنقاض إخفاقات غيرها، عِوَضًا عن أن تحمل وزرها على ظهرها، ولا تثريب على ذلك؛ حيث لا يُؤاخذ أحد بجريرة غيره، وبحسب دروس التاريخ تُثمِر شعورًا وطنيًا مُريحًا قادرًا على تمويل ملامح مشروع واعد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نقيب البيطريين: الطبيب البيطري إيده في معدة الإنسان.. والدولة لا تدرك ذلك
كشف الدكتور مجدي حسن، نقيب البيطريين، عن أن الأفراد لا تُدرك حتى الآن أهمية المجازر.
جاء ذلك خلال برنامج "أسئلة حرجة" الذي يقدمه الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، رئيس تحرير مؤسسة أونا للصحافة والإعلام، التي تضم مواقع (مصراوي، يلا كورة، الكونستلو، شيفت).
وأشار نقيب البيطريين إلى أن الأزمات الكثيرة الخاصة بالطب البيطري في مصر ليست بسبب إن "دي حيوانات" كما يظن البعض، مضيفًا: "بالعكس.. في مثل بيتقال إن الدكتور البيطري إيده في داخل معدة الإنسان، وبالتالي لازم تكون مدرك أهمية الأمر".
وأكد الدكتور مجدي حسن أن الدولة لم تدرك ذلك بعد.
اقرأ أيضًا
موعد أولى رحلات الحج 2026.. اقتصادي وخمس نجوم
1500 جنيه منحة من الحكومة لهذه الفئة.. التفاصيل وموعد الصرف
يوم الرؤية.. موعد غرة شهر رجب 1447 فلكيًا
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور مجدي حسن نقيب البيطريين أهمية المجازر برنامج أسئلة حرجة الصحفي مجدي الجلاد أخبار ذات صلةفيديو قد يعجبك
محتوى مدفوع
أحدث الموضوعاتإعلان
أخبار
المزيدإعلان
"نقيب البيطريين": الطبيب البيطري إيده في معدة الإنسان.. والدولة لا تدرك ذلك
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
من نحن اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
21 14 الرطوبة: 42% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي من نحن إتصل بنا إحجز إعلانك سياسة الخصوصية