هاجمت صحف عبرية بشدة وزير المالية وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، عقب قراره منع تحويل الأموال المخصصة للسلطات العربية في الداخل المحتل.

وقالت "هآرتس" في افتتاحيتها الأربعاء: "بصفته مستوطن مؤيد للتفوق اليهودي، اعتاد على أن يعيش برعاية الجيش الإسرائيلي، فإن مجرد فكرة مواطن إسرائيلي عربي متساو في الحقوق تغيب عن فهم سموتريتش".



ونوهت بأن "سموتريتش؛ هو زعيم مشروع المستوطنات، سلب الأراضي الوطنية برعاية إسرائيل، وهو لا يفهم لماذا ينبغي لإسرائيل أن تمول سلطات محلية عربية، وهو ممثل الجمهور الإسرائيلي في الكنيست عن عصابات خارقي القانون، ومساعد الإرهاب اليهودي في داخل الحكومة، هو غير مستعد لأن تعزز إسرائيل الجمهور العربي المستضعف، وأن تقلص الفوارق (مقارنة باليهود) بعد سنوات من الإهمال".

وأوضحت الصحيفة، أن "سموتريتش عمليا، يتطلع لأن يساوي مكانة العرب في إسرائيل مع مكانة الفلسطينيين (المحاصرين) في الضفة وغزة المحتلتين. هو يسيء استخدام القوة التي أعطيت له بصفته وزير المالية كي يدهور أكثر فأكثر وضعهم ويخرق قرارات حكومية والتزامات مالية سابقة".

وأشارت إلى أن وزير المالية في حكومة نتنياهو "يرفض تحويل مئات ملايين الشواكل (الدولار=3.7 شيكل) التي وعدت بها السلطات المحلية العربية في إطار استئناف الخطة الخماسية للسنوات الخمسة التالية (خطة 550)، وهي استمرار للخطة السابقة التي أقرت في حكومة بنيامين نتنياهو (خطة 922)، وهو الآن يجمد تحويل نحو 300 مليون شيكل للسلطات المحلية العربية ويوقف تمويل التعليم العالي للفلسطينيين شرقي القدس (200 مليون شيكل)".

ونوهت "هآرتس"، بأن موشيه أربيل من حزب "شاس"، "يترأس الاعتراض على محاولة التنمر على السلطات المحلية العربية، وهكذا أيضا حاييم بيبس رئيس مركز السلطة المحلية ورجل "الليكود" الذي توجه لرئيس الوزراء نتنياهو في هذا الشأن، كما توجه رؤساء مؤسسات التعليم العالي في القدس هذا الأسبوع بكتاب لنتنياهو وحذروا من آثار وقف الخطة، التي سرعت في انخراطهم في أعمال نوعية في المدينة".

وأكدت أن سموتريتش يسعى جاهدا إلى "ترك الشبان (الفلسطينيين) لحياة الجهل والجريمة"، موضحة أن "الوزيرة غيلا جمليئيل هي الأخرى تعارض الاقتصاد الكهاني لسموتريتش".

وأضافت: "في المناخ الحالي المريح للكهانيين والجبناء، ليس مفهوما من تلقاء ذاته أنه توجد معارضة ترفع  صوتها ضد هذه السياسة العنصرية لأعضاء الحكومة، المشكلة؛ أنه رغم معارضة الوزراء، رؤساء الجامعات، "الشاباك"، رئيس بلدية القدس، رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، يبدو أن سموتريتش يحظى من نتنياهو بريح إسناد في هذا الشأن".

وقال سموتريتش: "أنا أنسق مع رئيس الوزراء، لقد تلقيت موافقته".

ونبهت الصحيفة، من أن "سياسة سموتريتش، بإسناد نتنياهو، هي جريمة كراهية ضد العرب في إسرائيل، وعمليا، حكومة نتنياهو هي جريمة كراهية ضد السكان كلهم وفقط إسقاطها سيضع حدا للمصيبة التي توقعها بإسرائيل".

أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع "ويللا" العبري، نقل عن "مسؤولين كبارا في المؤسسة العسكرية أنهم يشعرون بقلق بالغ إزاء الاتجاه السلبي، وانخفاض تطبيق القانون ضد البناء الاستيطاني الإسرائيلي غير القانوني في الضفة الغربية بسبب السياسة التي تتبعها المديرية الجديدة التابعة للوزير الإضافي في وزارة الحرب سموتريتش، وبحسبهم، فإن الاتجاه المعاكس، وارتفاع مستوى الإنفاذ ضد الفلسطينيين يخلق خللاً بين الطرفين، ويؤدي إلى عدم الاستقرار الأمني".

وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست تسلمت تقريرا إحصائيا حول الفترة من يناير إلى مايو 2023، كشف عن هدم عشر مبانٍ للمستوطنين في جميع أنحاء الضفة الغربية، مقابل 124 منازل للفلسطينيين، وللمقارنة فقد تم تدمير 72 مبنى إسرائيلي غير قانوني في 2022، وإجمالي 612 مبنى غير قانوني، مع العلم أن المدير الجديد في وزارة الحرب، الذي لا يخضع للوزير يوآف غالانت، يتصرف وفق اتفاق التحالف اليميني بين الليكود والصهيونية الدينية، وبموجبه فقد تم نقل الصلاحيات من غالانت إلى سموتريتش، من أجل تعزيز السياسات الجديدة". 



وأوضح أن "التخوف الاسرائيلي أن يؤدي هذا الواقع في نهاية المطاف إلى انتقادات قانونية ودبلوماسية على الساحة الدولية، لأن هناك نقصًا جوهريًا وواضحًا في المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبحسب المصادر فإن كلمة "عرب" وليس "فلسطينيين" اندمجت في الآونة الأخيرة بشكل غير معتاد في عالم المفاهيم في وزارة الحرب، ومن خلف الكواليس فإن هذه الخطوة تحظى بانتقاد من قبل المسؤولين في القيادة الوسطى للجيش، لأنهم يعتقدون أنها محاولة لمحو الوجود القانوني للفلسطينيين في المنطقة، وتهاوي شرعية السلطة الفلسطينية، بما في ذلك الاتفاقات والتفاهمات القانونية بين الطرفين". 

وأشار أن "مسئولين في المؤسسة الأمنية والعسكرية حذروا من وجود جهد خلف الكواليس لتقليص مكانة المستشار القانوني في فرقة الضفة الغربية بالجيش، وإلغاء دوره تفادياً لمعضلات العمليات الأمنية والعملياتية وغير القانونية، ونقل المسؤولية القانونية لوزارة الحرب، وهناك نقطة أخرى تمثل تحديًا كبيرًا للغاية لقادة الجيش في الميدان، ووكلاء التنفيذ ضد البناء غير القانوني في المنطقة، وهي انخفاض تطبيق القانون أثناء "اختراع بيروقراطية متنوعة" من أجل عدم إخلاء المباني الإسرائيلية غير القانونية".

تكشف هذه المعطيات أنه في 2022 تمت الموافقة على أكثر من 12 ألف وحدة سكنية للمستوطنين، بينما الاتجاه للفلسطينيين عكس ذلك، وتزعم المؤسسة العسكرية أنه بمرور الوقت سينجح المدير الجديد في الوزارة في تغيير الواقع بطريقة تزيد الضغط على جيش الاحتلال والمنظمات الأخرى لمنع التحريض والتسبب بتنفيذ العمليات المسلحة، وتبقى النقطة الأخيرة محور النقد هي وحدة إنفاذ القانون الجنائي في الضفة الغربية التي أنشأها وزير الحرب السابق بيني غانتس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة بتسلئيل سموتريتش الفلسطينيين الضفة فلسطين الاحتلال الإسرائيلي الضفة اراضي 48 بتسلئيل سموتريتش صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة غیر القانونی

إقرأ أيضاً:

غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء

بقلم : سمير السعد ..

في عالمٍ تُثقله الحروب وتغرقه الفواجع، تبرز قصيدة “تهويدة لا تُنيم” للشاعر العراقي غسان حسن محمد كصرخة شعرية تحمل وجع الوطن، وتجسِّد الإنسان العراقي في زمنٍ لم يعد فيه للتهويدات مكان، ولا للطفولة حضنٌ آمن. غسان، ابن العمارة ودجلة والقصب، هو شاعر يكتب بقلبه قبل قلمه، ويغزل قصائده من نسيج الوجع العراقي بأدقّ خيوط الإحساس وأصفى نبرة صدق.
يفتتح الشاعر قصيدته بمشهد يختزل حجم الانهيار الداخلي في صورة جسدية/معمارية رمزية:

“من ربّت على ظهرِ الجسر..،
حتى انفصمت عُراه.”

ليتحوّل الجسر، رمز العبور والحياة، إلى معبر نحو الفقد والانفصال، ولتمتدّ صورة اليُتم على النهر كلحن لا يُفضي إلى الوصول:

“ليمتدَّ اليتمُ على كامل النهرِ،
يعزفُ لحنَ اللاوصول؟!”

هنا لا يتحدث الشاعر عن اليتيم بمعناه الفردي، بل يُحوّله إلى حالة جماعية تسري في جسد المكان، حالة بلد بأكمله يُرَبّى على غياب الآباء، وانقطاع الحكايات.

تدخل الحرب بوصفها شخصية غاشمة، لا تنتظر حتى تهدأ التهويدة، بل تُباغت الزمن وتفتك بالطمأنينة:

“الحرب..،
الحرب..،
(لعلعةٌ..):
كانت أسرعَ من تهويدة الأمِّ لوليدها”

هكذا يضع الشاعر التهويدة، رمز الحنان والرعاية، في مواجهة مباشرة مع صوت الحرب، لنعرف أن النتيجة ستكون فاجعةً لا محالة. ولا عجب حين نسمع عن الوليد الذي لم تمنحه الحياة حتى فرصة البكاء:

“الوليدُ الذي لم يفتر ثغرهُ
عن ابتسام..”

فهو لم يعرف الفجيعة بعد، ولم يلعب، ولم يسمع من أبيه سوى حكاية ناقصة، تُكملها المأساة:

“لم يَعُد أباه باللُعبِ..,
لم يُكمل حكايات وطنٍ..،
على خشبتهِ تزدهرُ المأساة لا غير.!”

في هذا البيت تحديدًا، يكشف غسان عن قدرة شعرية مدهشة على تحويل النعش إلى خشبة مسرح، حيث لا تزدهر إلا المأساة، في تورية درامية تفتك بالقلب.

ثم يأتي المشهد الفاصل، المشهد الذي يُكثّف حضور الغياب:

“عادَ الأبُّ بنعشٍ.. يكّفنهُ (زهرٌ)
لم يكُن على موعدٍ مع الفناء.!”

فالموت لم يكن مُنتظرًا، بل طارئًا، كما هي الحرب دومًا. لقد كان الأب يحلم بزقزقة العصافير، وسنابل تتراقص على وقع الحب:

“كان يمني النفسَ
بأفقٕ من زقزقات.،
وسنابلَ تتهادى على وقع
أغنية حبٍّ..
تعزفها قلوبٌ ولهى!”

بهذا المشهد، يقرّب الشاعر المأساة من القلب، يجعل القارئ يرى الأب لا كمقاتل، بل كعاشق كان يحلم بأغنية، لا بزئير دبابة. حلمُ الأب كُسر، أو بالأدق: أُجهض، على خيط لم يكن فاصلاً، ولا أبيض، بين الليل والنهار:

“حُلم أُجهض على الخيط
الذي لم يكن فاصلاً..،
ولا ابيضَ..
بين ليلٍ ونهار”

لا زمن في الحرب، لا بداية ولا نهاية، ولا فاصل بين حلمٍ وحطام. فالحرب تعيش في الفراغ، وتُشبع نهمها من أجساد الأبناء دون أن ترمش:

“ذلك أن لا مواقيت لحربٍ..
تُشبعُ نهمَ المدافع بالأبناء..”

وفي النهاية، تأتي القفلة العظيمة، القفلة التي تحوّل الحرب من آلة صمّاء إلى كائنٍ لو امتلك عيناً، لبكى، ولابتسم الطفل:

“فلو كانَ للحربِ عينٌ تدمع.،
لأبتسم الوليد!”

ما أوجع هذا البيت! إنه انقلابٌ شعريّ كامل يجعل من التهويدة التي لم تُنِم أيقونةً لفجيعة كاملة، وابتسامة الوليد غاية ما يتمنّاه الشاعر، وكأنّها وحدها قادرة على إنهاء الحرب.

غسان حسن محمد الساعدي ، المولود في بغداد عام 1974، والحاصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، هو عضو فاعل في اتحاد الأدباء والكتاب في العراق. صدرت له عدة مجموعات شعرية ونقدية منها “بصمة السماء”، و”باي صيف ستلمين المطر”، و”أسفار الوجد”، إضافة إلى كتابه النقدي “الإنصات إلى الجمال”. شاعرٌ واسع الحضور، يكتب بروح مغموسة بجماليات المكان وروح الجنوب العراقي، وينتمي بصدق إلى أرضه وناسها وتاريخها الأدبي والثقافي.

شاعر شفاف، حسن المعشر، لطيف في حضوره، عميق في إحساسه، يدخل القصيدة كمن يدخل الصلاة، ويخرج منها كما يخرج الطفل من حضن أمه، بكاءً وشوقًا وحلمًا. هو ابن العمارة، وابن دجلة، وابن النخيل والبردي، يدخل القلوب دون استئذان، ويترك فيها جُرحاً نديًّا لا يُنسى.

في “تهويدة لا تُنيم”، لا يكتب الساعدي الشعر، بل يعيش فيه. يكتب لا ليواسي، بل ليوقظ. لا ليبكي، بل ليُفكّر. قصيدته هذه، كما حياته الشعرية، تُعلن أن الشعر ما يزال قادراً على فضح الحرب، وردّ الضمير إلى مكانه، لعلّ الوليد يبتسم أخيرًا.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • غولان: لا بد من إنقاذ إسرائيل من حكومة نتنياهو
  • ‏نتنياهو: حماس لن تستطيع الوصول للمساعدات التي تدخل قطاع غزة
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • بن جفير يهدد بالانسحاب من حكومة الاحتلال.. نتنياهو يعرف الخطوط الحمراء
  • قمة بغداد ترفض تهجير الفلسطينيين وتدعو لعملية سياسية شاملة في سوريا
  • انقلاب إعلامي.. حكومة نتنياهو تفرض قانونا جديدا لتكميم الصحافة
  • والدة أسير إسرائيلي تصف حكومة نتنياهو بـالدموية وتدعو للتظاهر
  • هل صفع ترامب نتنياهو أم زوبعة مصالح؟
  • محمد مصطفى: الضفة تتعرض لمخطط ممنهج من الاحتلال لاقتلاع الفلسطينيين
  • باراك يدعو لإسقاط نتنياهو.. يفرّط بالأسرى في غزة لإرضاء متطرفي حكومته