واشنطن تتهم موالين لإيران بمهاجمة مقرات أميركية ببغداد
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
اتهمت سفارة واشنطن في بغداد، الخميس، مجموعات موالية لإيران بالاعتداء على ما يعرف بمجمع الدعم الدبلوماسي الأميركي في بغداد.
وقالت السفارة الأميركية في بيان: "في يوم الثلاثاء الموافق 10 (سبتمبر)، تم الاعتداء على مجمع الدعم الدبلوماسي في بغداد وهو منشأة دبلوماسية أميركية"، مذكّرة بعدم ورود أنباء عن حدوث إصابات كما أفادت في بيان مقتضب الأربعاء.
وتابعت: "تشير الدلائل إلى أن الهجوم بدأ من جانب جماعات متحالفة مع إيران وتعمل بحرية في العراق".
وسبق أن استهدف مجمع الدعم الدبلوماسي الملحق بالسفارة الأميركية في بغداد، لا سيّما في الثالث من يناير 2022 بالتزامن مع الذكرى الثانية لاغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة أميركية في العاصمة العراقية.
ويقدّم المجمع دعما لوجستيا للبعثة الدبلوماسية الأميركية ويضم كذلك منشآت طبية.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس مساء الثلاثاء، قال مسؤول أمني عراقي كبير طالبا عدم الكشف عن هويته إنّ "صاروخين من نوع كاتيوشا" سقطا في مطار بغداد الدولي "أحدهما على سياج مكافحة الإرهاب والثاني في داخل قاعدة التحالف" الدولي الذي تقوده واشنطن.
وجاء ذلك التطور الأمني وسط اضطرابات إقليمية وقبل ساعات من وصول الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العاصمة العراقية في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه في يوليو.
وتنشر الولايات المتحدة زهاء 2500 جندي في العراق ونحو 900 في سوريا المجاورة، في إطار التحالف الذي أنشأته عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. ويضمّ التحالف كذلك قوات من دول أخرى لا سيّما فرنسا والمملكة المتحدة.
وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات، فيما تجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف في العراق.
وعقب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في 7 أكتوبر، استهدفت فصائل مسلحة قواعد في العراق وسوريا تضم قوات أميركية على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل في الحرب.
المصدر: قناة اليمن اليوم
كلمات دلالية: فی العراق فی بغداد
إقرأ أيضاً:
الضربة الأمريكية لإيران.. فشل الردع وعودة مُحتملة للدبلوماسية
أحمد الفقيه العجيلي
في خطوة تُعدّ الأخطر منذ سنوات، وجّهت الولايات المتحدة الأمريكية ضربة عسكرية مُباشرة ضد منشآت إيرانية حساسة، في تصعيد غير مسبوق يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوتر الإقليمي والدولي.
الضربة جاءت عقب سلسلة من الهجمات التي شنّتها إيران- بشكل مباشر أو عبر حلفائها- ضد الكيان الصهيوني، وأثبتت فيها طهران قدرتها على تجاوز خطوط الردع التقليدية، وإيصال رسائل قوة على أكثر من جبهة.
الضربات التي تلقاها الكيان الصهيوني مؤخرًا؛ سواء من غزة أو لبنان أو اليمن، أربكت حساباته، وكشفت محدودية قدرته على تحجيم النفوذ الإيراني أو إضعاف بنيته النووية. ومع تكرار هذه الضربات، شعرت واشنطن بأن الرهان على الردع الإسرائيلي وحده لم يعد كافيًا. وجاءت الضربة الأمريكية إذًا كرسالة مباشرة، تقول فيها واشنطن إنها لن تسمح بترسيخ معادلة جديدة للقوة في المنطقة خارج إرادتها.
لكن هذه الضربة لم تكن مجرد دعم لحليف مأزوم، بل خطوة استباقية لإعادة رسم خطوط اللعبة من جديد، ولتوجيه ضربة نوعية قد تطال أجزاء من البرنامج النووي الإيراني نفسه
ومن أبرز تداعيات هذا التصعيد احتمالية لجوء إيران إلى استخدام أحد أهم أوراقها: مضيق هرمز. هذا الممر الحيوي، الذي تمر عبره نحو ثلث صادرات النفط المنقولة بحرًا في العالم، يُعد شريان الطاقة العالمي، وأي تهديد له- حتى لو كان محدودًا- من شأنه أن يُحدث هزة عنيفة في أسواق النفط العالمية.
ارتفاع أسعار النفط، واضطراب سلاسل الإمداد، وزيادة تكلفة الشحن والتأمين، ستكون أولى النتائج، مع ما يُرافقها من ضغط اقتصادي عالمي، وخاصة على الدول الصناعية الكبرى المستوردة للطاقة.
وفي ظل هذا التوتر، تتابع دول مجلس التعاون الخليجي المشهد بحذر بالغ؛ حيث إن موقعها الجغرافي القريب من بؤرة الصراع يجعلها عرضة لأي تداعيات أمنية أو اقتصادية. ورغم حرصها على عدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة، فإنَّ أي تصعيد في الملاحة أو استهداف للبنية التحتية الإقليمية قد يفرض عليها تحديات جسيمة، تتطلب توازنًا دقيقًا بين حماية مصالحها وبين عدم الانخراط في المواجهة الكبرى.
في المقابل، يدور حديث داخل الأوساط السياسية الغربية عن ضرورة فتح مسار موازٍ للدبلوماسية. الضربة قد تكون أيضًا رسالة ضغط هدفها دفع إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي، بعد تعثّر المحادثات السابقة وخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018.
والإدارة الأمريكية على ما يبدو تتبنى خيارًا مزدوجًا يجمع بين الضغط العسكري المحدود، والعرض السياسي المشروط، وهو أسلوب استخدمته واشنطن مرارًا في ملفات دولية معقدة، سعيًا لتحقيق أهداف استراتيجية دون الانزلاق إلى حرب شاملة. لكن نجاح هذا المسار يعتمد على استعداد طهران للتفاوض من موقع لا تراه خضوعًا، وعلى مدى التفاهم بين القوى الكبرى (أوروبا، روسيا، الصين) بشأن شكل الحل وتوازناته.
وختامًا.. إن المشهد الحالي لا يُنبئ بانفراجة قريبة؛ بل يشير إلى دخول المنطقة طورًا جديدًا من الصراع المركب، حيث تتداخل فيه أدوات الحرب التقليدية مع رسائل الدبلوماسية المشروطة. ولذلك يمكن القول إن الضربة الأمريكية ليست نهاية مرحلة؛ بل ربما بداية لمرحلة أخطر، تتطلب يقظة دولية حقيقية، وإرادة سياسية تمنع انزلاق المنطقة إلى صدام شامل قد لا يملك أحد القدرة على احتوائه إذا انفجر.