نيويورك تايمز: هل الضربة النووية الأميركية لإيران رادعة للآخرين أم محفزة لهم؟
تاريخ النشر: 25th, June 2025 GMT
في تحليل إخباري بصحيفة نيويورك تايمز، تساءل الكاتب مارك لاندر عما إذا كانت الضربات الاستباقية التي شنتها الولايات المتحدة مساء السبت الماضي على المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية ستثني الدول الأخرى عن السعي لامتلاك السلاح النووي، أم أن العكس هو الصحيح تماما.
ووفق المقال التحليلي، فقد مضى ما يقرب من عقدين من الزمن لم تستطع أي دولة شق طريقها إلى نادي الدول النووية، وقد أخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نفسه عهدا بإبقاء الباب مغلقا بقصفه المنشآت النووية الإيرانية الثلاث في فوردو ونطنز وأصفهان.
قصف ترامب منشآت إيرانية يثير مخاوف من أن تستخلص إيران ودول أخرى منه استنتاجا مختلفا تماما عما قصده البيت الأبيض، وهو أن امتلاك قنبلة نووية هي الوسيلة الوحيدة التي توفر لها الحماية في عالم محفوف بالمخاطر
ويعتقد لاندر أن من الصعب التنبؤ بما إذا كانت تلك الضربات الاستباقية ستنجح في ذلك، لكنه يعتقد أنها تثير مخاوف من أن تستخلص منها إيران ودول أخرى استنتاجا مختلفا تماما عما قصده البيت الأبيض، وهو أن امتلاك قنبلة نووية هي الوسيلة الوحيدة التي توفر لها الحماية في عالم محفوف بالمخاطر.
مقاربة متباينةويورد الكاتب أن كوريا الشمالية التي كانت آخر دولة تحصل على القنبلة النووية، لم تتعرض لمثل الهجوم الذي شُن على إيران، بل يُنظر إليها الآن على أنها محصّنة إلى حد كبير من أي اعتداء بعد أن تحدت كل المطالب بتفكيك برنامجها النووي.
وقارن لاندر -الذي يعمل مديرا لمكتب نيويورك تايمز في لندن– بين تعامل الولايات المتحدة مع كل من كوريا الشمالية وإيران فيما يتعلق بالقضية النووية، وما ينطوي عليه من مفارقة. وقال إن ترامب تبادل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون رسائل ودية، والتقى به مرتين في محاولة غير مثمرة للتفاوض على صفقة.
لكن في حالة إيران، أرسل الرئيس الأميركي قاذفات القنابل من طراز "بي-2" لضرب منشآتها النووية عقب أسابيع قليلة من إعلانه مبادرة دبلوماسية جديدة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات.
والحقيقة التي يؤكدها الخبراء أن الضربات الاستباقية قد تجعل إيران حريصة الآن على امتلاك سلاح نووي. واستشهد لاندر على ذلك بتصريح أدلى به روبرت آينهورن، خبير الحد من التسلح الذي تفاوض مع إيران في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.
إعلانوقال آينهورن في ذلك التصريح إن مخاطر امتلاك إيران ترسانة نووية صغيرة أصبحت الآن أعلى مما كانت عليه قبل أحداث الأسبوع الماضي.
غير أنه يزعم أن إيران ستواجه عقبات هائلة لإنتاج قنبلة نووية حتى لو اندفعت بشكل منسق للحصول على واحدة، ليس أقلها أن تكتشف الولايات المتحدة وإسرائيل مثل تلك الخطوة لتضربها من جديد.
ومع ذلك، يحذر لاندر من أن منطق الانتشار النووي يلوح في الأفق في عالم يُنظر فيه إلى القوى العظمى المسلحة نوويا -وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين– على أنها غير موثوقة بشكل متزايد، بل تنزع إلى افتراس جيرانها.
ويفيد محللون بأن الدول غير النووية تراقب محنة إيران من الخليج وأوروبا الوسطى إلى شرق آسيا لاستخلاص الدروس واستقاء العبر منها.
وفي هذا الصدد، يقول كريستوفر هيل -الذي قاد محادثات مع بيونغ يانغ في عامي 2007 و2008 لمحاولة إقناعها بتفكيك برنامجها النووي- إن كوريا الشمالية لا تشعر قط بالندم على امتلاكها أسلحة نووية.
وأضاف أن إغراء القنبلة النووية أصبح أقوى بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وآسيا. ورغم أن هذه الدول ظلت تحت حماية المظلة الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، فإن هيل يحذرها من أنها الآن تتعامل مع رئيس، في شخص ترامب، يرى أن التحالفات لا تتوافق مع رؤيته التي تقوم على تفضيل "أميركا أولا".
وأشار إلى أن دولا مثل اليابان وكوريا الجنوبية تتساءل عما إذا كان بإمكانها الاعتماد على الولايات المتحدة. وقال إن اليابان -على سبيل المثال- ابتدرت نقاشا داخليا حول ما إذا كان ينبغي عليها أن تُخزِّن أسلحة نووية من الولايات المتحدة على أراضيها، كما يفعل بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو).
تهديدات بوتينوتطرّق المقال التحليلي إلى تلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام أسلحة نووية تكتيكية في وقت مبكر من حربه على أوكرانيا، الأمر الذي منح إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن فسحة من الوقت لتسليح الجيش الأوكراني بقوة.
كما أن تهديدات بوتين تلك زادت المخاوف من أن القوى الأخرى التي تسعى لتغيير النظام الدولي القائم قد تستخدم الابتزاز النووي لتخويف جيرانها.
وقد يكون الدرس المستفاد من أوكرانيا هو "إذا كانت لديك أسلحة نووية، احتفظ بها. وإذا لم تكن تملكها بعد، فاحصل عليها، خاصة إذا كنت تفتقر إلى حليف قوي مثل الولايات المتحدة يدافع عنك، أو إذا كنت منخرطا في نزاع مع دولة كبيرة من المحتمل أن يتحول إلى حرب"، كما كتب بروس ريدل ومايكل أوهانلون، المحللان في معهد بروكينغز -وهي مجموعة بحثية في واشنطن– عام 2022.
أحلام محطمةورغم كل التنبؤات بانطلاق سباق تسلح إقليمي، فإن كاتب المقال يؤكد أن شيئا من ذلك لم يحدث بعد، لافتا إلى أن الخبراء يعدون ذلك دليلا على نجاح سياسات منع انتشار الأسلحة النووية، وكذلك على التاريخ المتقلب للدول التي سعت إلى امتلاك تلك الأسلحة.
وأوضح أن أحلام دول الشرق الأوسط في الحصول على الأسلحة النووية قد تحطمت في مشهد فوضوي، وليس أدل على ذلك من أن برامج نووية لدول في المنطقة، مثل العراق وسوريا وليبيا، تمّ تفكيكها إما عبر الطرق الدبلوماسية وإما بالعقوبات وإما بالقوة العسكرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة أسلحة نوویة
إقرأ أيضاً:
غياب الثقة في واشنطن مستمر.. إيران ترحب بتقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات
البلاد (طهران)
جددت طهران أمس (الاثنين)، موقفها المتحفظ تجاه الولايات المتحدة، مؤكدة أنه لا ثقة تُمنح للإدارة الأمريكية؛ بسبب “مشاركتها المباشرة في الهجوم الإسرائيلي”. في الوقت ذاته، ألمح مسؤولون إيرانيون إلى إمكانية تقليص الأنشطة النووية السلمية ضمن اتفاق”عادل ومربح للطرفين” مقابل رفع العقوبات المفروضة على إيران.
وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني وعضو الوفد التفاوضي، مجيد تخت روانجي: إن بلاده قد توافق على فرض”قيود زمنية محددة” على أنشطتها النووية؛ شرط رفع العقوبات الأمريكية، لكنه شدد على أن مطلب واشنطن بوقف التخصيب تماماً سيدفع بأي اتفاق محتمل إلى الفشل.
وأضاف أن قنوات الاتصال مع الجانب الأمريكي ما زالت مفتوحة عبر وسطاء، دون تحديد موعد لاستئناف المفاوضات، في ظل تأجيل تحديد مكان وزمان الجولة المقبلة. وفي الوقت نفسه، أكد المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، استمرار المفاوضات مع الدول الأوروبية حول الملف النووي، مع التشديد على أن “المحادثات لم تتوقف”.
تأتي هذه التصريحات في ظل فشل خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة خلال العام الجاري، وتزامناً مع الضربات الأمريكية والإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية.
وفي جانب آخر، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، قبيل توجهه إلى العراق ولبنان، أن”أمن إيران مرهون بأمن الجيران”، مشيراً إلى أن بلاده تستعد لتوقيع اتفاقية أمنية مع العراق خلال زيارته التي تستغرق ثلاثة أيام.
وأشار لاريجاني إلى أهمية لبنان؛ كشريك إقليمي له روابط تاريخية وثقافية مع إيران، مؤكداً أن المحادثات ستشمل موضوعات الوحدة الوطنية والتطورات الأمنية وتعزيز العلاقات التجارية.
وشدد على أن”لبنان، شأنه شأن إيران، له تاريخ في الصراع مع الكيان الصهيوني”، معرباً عن أمله في أن تسهم مشاوراته في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
يأتي ذلك في ظل توتر داخل لبنان، بعد قرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة، الذي يواجه رفضاً شديداً من حزب الله وأنصاره، في ظل تصريحات مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي الرافضة لنزع سلاح الحزب، أو فصائل الحشد الشعبي، ما أدى إلى إدانات من وزارة الخارجية اللبنانية، التي اعتبرت ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية.
في الوقت ذاته، أعلنت طهران دعمها لأي قرار يتخذه حزب الله، رغم تراجع قدرات الحزب؛ إثر الحرب الأخيرة مع إسرائيل والتغيرات السياسية في سوريا.