سواليف:
2025-08-13@11:21:08 GMT

زراعة الإنحطاط …!

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

#زراعة_الإنحطاط …!

بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران

حتى مساء يوم 4 حزيران من العام 1967 كان كثير من العرب ينتظرون لحظة إعلان إذاعة صوت العرب تحرير أرض فلسطين وعودة أهلها إليها، خصوصا في مصر التي كانت تملك أقوى جيوش المنطقة في ذلك الوقت، وقد كانت الشعوب العربية لا تسمع إلا خطابات الثقة بالقدرة على تدمير دولة الاحتلال ورميها في البحر وتحرير أرض فلسطين في ساعات قليلة، ما جعل الفلسطيني يحلم ويخطط ماذا سيفعل عند عودته لبيته وأرضه التي أرغم على مغادرتها قبل 19 عاماً، لتصحو الأمة على الصدمة الكبرى صباح الخامس من حزيران بعد تدمير الأسطول الجوي المصري بأكمله والذي كان يتشكل من مئات الطائرات الحربية خلال ساعات فقط، ما سمح لقوات الاحتلال باحتلال شبه جزيرة سيناء بالكامل بمساحتها التي تزيد عن 60 ألف كيلومتر مربع، كأكبر مساحة يسيطر عليها الاحتلال في كل حروبه مع الشعوب العربية إلى يومنا هذا، بعد معارك طاحنة مع القوات المصرية لم يتمكنوا فيها من الصمود طويلاً بسبب تدخل الطيران الإسرائيلي لحسم أي معركة لصالحهم مقابل طيران مصري لم يعد موجوداً، في المقابل كانت الصدمة في الضفة الغربية بسقوط مدن الضفة واحدة تلو الأخرى، حتى الوصول إلى القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة وحائط البراق، والتي كانت منطقة منزوعة السلاح منذ العام 1948 تحت الحكم الأردني لتقع تحت الاحتلال في نكسة حزيران، إضافة إلى هضبة الجولان السورية التي انضمت للأراضي المحتلة بعد معارك غير متكافئة مع السوريين، وهنا كانت الصاعقة التي استيقظ عليها جيل بأكمله كان يحلم باللحظة التي يعود فيها لأرضه ليفتح عينيه على حقيقة احتلال أضعاف مساحة تلك الأراضي خلال 6 أيام فقط!

وبرغم محاولات استعادة الأراضي بالدبلوماسية من خلال الأمم المتحدة، إلا أن وزير خارجية دولة الاحتلال وقف يومها قائلاً بكل تحد لدول العالم: “لن تعترف إسرائيل بأي قرار يصدر عن منظمة الأمم المتحدة وتطلب منها فيه الانسحاب إلى داخل حدودها السابقة، حتى إذا صوتت مع القرار 121 دولة ولم يصوت ضده سوى إسرائيل”! وبدأت بالفعل دولة الاحتلال ترسيخ الأمر الواقع بإعلان توحيد القدس الشرقية والغربية في عاصمة لدولتها بدلاً من تل ابيب، بل وبدأت مباشرة بهدم البيوت العربية وطرد سكانها منها.

مقالات ذات صلة د. عبيدات : الانتخابات النيابية.. فاز انصار المعلمين وخسرت احزاب السلطة 2024/09/15

فماذا فعل المصريون تحديداً بعد ذلك وهم القوة العربية الأكبر، بعد خسارة معظم جيشهم وجزء من أرضهم وآلالاف الشهداء والجرحى والأسرى، خصوصاً بعد أن خرج قادة دولة الاحتلال بعد نهاية الحرب بتصريحات أن هذه الحرب هي آخر حروب دولتهم، وبأنه لا يمكن لقوة على وجه الأرض أن تجبرهم على مغادرة شبر من الأراضي التي سيطروا عليها، وبالفعل بدأ جيش الاحتلال بعدها مباشرة في بناء التحصينات والقواعد العسكرية بل وحتى المستوطنات في شبه جزيرة سيناء والتي وصل عددها إلى 18 إعلاناً منه بأنه باق فيها إلى الأبد، وكان الجندي المصري يشاهد ذلك بعينيه غرب القناة ويعتصر ألما دون القدرة على فعل شيء، حتى انطلقت بعد الحرب بفترة قصيرة أطول الحروب العربية مع دولة الاحتلال.

حرب الاستنزاف، تلك الحرب التي استمرت ما يقارب الثلاثة أعوام، ما بين قصف متبادل وعمليات عسكرية برية وبحرية وجوية متبادلة بين الجيش المصري وجيش الاحتلال، قدم فيها المصريون آلالاف الشهداء دفاعاً عن أرضهم وتعزيزاً لحقهم فيها، وربما من المفارقات هنا سعي وزير دفاع دولة الاحتلال حينها موشي ديان في العام التالي لاحتلال سيناء لتشجيع أهلها على المطالبة باستقلالها لنزع أي أحقية مصرية فيها في المستقبل، وبالفعل جمع كبار العشائر في ذلك الوقت وقدم لهم كل التسهيلات الممكنة والذين بدورهم كانوا يتنفسون حب تراب أرضهم كما عرف عنهم على الدوام، فكانوا على تنسيق دائم مع المخابرات المصرية التي شجعتهم على إبلاغ الاحتلال بإمكانية قبول المقترح، ليتم إعداد مؤتمر كبير (مؤتمر الحسنة) ودعوة وسائل الإعلام له لإعلان قبول عشائر سيناء ذلك أمام العالم، ليخرج الشيخ سالم الهرش قائلاً يومها: “إن سيناء مصرية وقطعة من مصر ولا نرضى بديلاً عن مصر وما أنتم إلا احتلال ونرفض التدويل وأمر سيناء في يد مصر، سيناء مصرية مائة في المائة ولا نملك فيها شبراً واحداً يمكننا التفريط فيه” في موقف أصاب قادة الاحتلال بالجنون، ولم تتوقف حرب الاستنزاف إلا في العام 1970 بعد قبول وقف إطلاق النار لتعود القوات المصرية بعدها بثلاثة أعوام مسطرة ملحمة دونتها كتب التاريخ، عندما ردت الصفعة لدولة الاحتلال في أكتوبر 1973 بأقوى منها، صفعة جعلت هذا الاحتلال يقتنع بأن لا حل مع المصريين سوى بالرحيل عن سيناء، وبرغم ذلك قام هذا الاحتلال بعد الحرب مباشرة بإنشاء أكبر مستوطنة له في أرض سيناء (مستوطنة ياميت) في تحد واضح لوقف إطلاق النار وترسيخاً لسياسة الأمر الواقع وفرض الاستيطان، معلناً خططه استيعابها ربع مليون إنسان لتكون ثالث أكبر ميناء في دولة الاحتلال، لكن المفارقة بأن شارون الذي كان من أوائل المعلنين السيطرة على سيناء هو ذاته الذي قاد حملة إخلائها والانسحاب منها بعد توقيع اتفاقية السلام في العام 1979، أي بعد نهاية الحرب بستة أعوام ليكتمل الانسحاب في العام 1982 من كامل سيناء، باستثناء مدينة طابا التي لجأ المصريون للمحاكم الدولية لاستعادتها وهو ما حدث بالفعل في العام 1989، لكن هذا الاحتلال الذي سعى خلال 15 عاماً احتل فيها أرض سيناء لزراعة الانحطاط فيها كما هو ديدن كل احتلال مع كل أرض يحتلها حتى جاء أحرار مصر وطهروها من قاذوراته هو ذاته الذي عمل قبل انسحابه على نسف وتدمير كل ما استطاع تدميره فيها، بل وأجبر المئات من المستوطنين فيها وبالذات في ياميت بالقوة على مغادرتها بعد رفضهم الخروج منها وبرغم ذلك لم يخرجوا إلا وهم يرددون: لم نفقد الأمل، هذه أرض صهيون! حتى أن شارون الذي كان وزير الدفاع حينها وعد جنوده يومها بأنه سيكون هذا آخر تنازل عن شيء من الأراضي التي يسيطرون عليها، فهل كان صادقاً بعد ذلك؟

دخل جيش الاحتلال جنوب لبنان في 1978 وبقي فيه محتلاً 22 عاماً، سعى خلالها كعادته لزراعة كل أنواع الانحطاط والعملاء فيه، حتى خرج مدحوراً خائباً على يد أحرار لبنان في العام 2000 والذين طهروه من قذاراته بفعل مقاومتهم وصمودهم.

وكان قد بقي قطاع غزة تحت السيطرة المصرية من العام 1948 حتى 1967 العام الذي أصبح فيه تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبقي كذلك حتى خرج شارون بشحمه ولحمه مرة أخرى في العام 2005 بعد 38 عاماً من احتلاله ليعلن فك الارتباط والانسحاب منه من جانب واحد تحت ضربات المقاومة، وذلك بعد أن سعت دولة الاحتلال لزراعة كل أنواع الانحطاط في القطاع على مدار سنوات احتلالها له وهو ما ذهب أدراج الرياح خلال لحظات، فأعيدت مشاهد ياميت مرة جديدة بعد كل هذه السنوات، ورأينا جنود الاحتلال يدمرون ويخربون المستوطنات التي بنوها فيه قبل خروجهم مع المستوطنين مدحورين لا يلوون على شيء ليأتي أحرار فلسطين لتطهيره من دنسهم!

اليوم ونحن نستذكر كل ذلك نرى كيف أن دروس التاريخ تعيد نفسها، وأن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي لم يكن يوماً مرتبطاً بحزب أو بشخص بعينه، بل هو صراع حق وباطل، صراع سيبقى ما دام هذا الاحتلال يحتل شبراً من أراضينا دون وجه حق ويجرم في حق أهلها، وكما أي احتلال قائم على الإجرام وتزوير التاريخ والحقائق هو إلى زوال لا محالة مهما طال الزمن بإذن الله، فمهما تمادى في إجرامه بأهل غزة والضفة وكل فلسطين سيرحل يوماً عن كل شبر فيها، وسنرى مشاهد ياميت في سيناء 1982 وجنوب لبنان 2000 وغزة 2005 تتكرر مهما أقنعوا أنفسهم بغير ذلك، ومهما دمروا في غزة وعملوا على إعادة احتلالها وتحويلها لمنطقة عسكرية وزراعة كل أنواع الانحطاط فيها من جديد والإجرام بحق سكانها هم يعلمون قبل غيرهم علم اليقين أن كل حجر فيها قبل البشر سيبقى يلفظهم ويقاومهم إلى يوم الدين، وأنهم مهما فعلوا لا قرار لهم في أرض للأحرار، وأن أنفاس العزة والكرامة والصمود لدى أبطال فلسطين ستبقى تتجدد وتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل تماماً كما هي في جينات كل أحرار وطننا العربي على كامل امتداده، حتى يأتي الجيل الذي سيرفع علم فلسطين فوق ترابها محررة عزيزة شامخة ويطهرها من دنس الاحتلال بإذن الله تعالى.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: دولة الاحتلال هذا الاحتلال فی العام

إقرأ أيضاً:

الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط

كشف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة عن أن حجم المساعدات الفعلية التي تصل إلى المواطنين في قطاع غزة لا يتجاوز 3% من الاحتياجات اليومية لنحو 2.4 مليون نسمة، بينهم أكثر من مليون طفل فلسطيني، رغم تعهدات الاحتلال الإسرائيلي بفتح المعابر منذ 27 يوليو/تموز الماضي.

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال الثوابتة إن مستشفيات غزة ما زالت تسجل وفيات يومية جراء المجاعة ونقص الغذاء، وكان آخرها 5 ضحايا -بينهم طفلان- خلال الـ24 ساعة الماضية، لترتفع حصيلة الضحايا بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 217 شهيدا، بينهم 100 طفل، في مشهد يعكس عمق المأساة واستمرار سياسة الحصار والتجويع التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.

حجم المساعدات الحقيقي

وعن العدد الحقيقي للشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية التي تدخل فعلا قطاع غزة، أشار مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إلى أن 1210 شاحنات مساعدة فقط هي التي دخلت غزة خلال 14 يوما، من أصل 8400 شاحنة مفترضة، أي ما يعادل 14% من الاحتياجات الفعلية.

وأضاف أن معظم هذه الشاحنات تعرضت للنهب والسطو في ظل فوضى أمنية يفتعلها الاحتلال ضمن سياسة ممنهجة لما سماه "هندسة التجويع والفوضى" بهدف كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

وأكد الثوابتة أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول استخدام هذا الوضع كأداة للضغط السياسي وتصفية القضية الفلسطينية عبر فرض شروطه الميدانية والإنسانية على السكان المحاصرين.

ويشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانا متواصلا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث أدت العمليات العسكرية وسياسات الإغلاق الممنهج إلى انهيار منظومة توزيع المساعدات الإنسانية، وسط تحذيرات متصاعدة من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بشأن خطر المجاعة والموت جوعا الذي يتهدد الأطفال والنساء في المناطق المنكوبة.

إنزال جوي بلا قيمة

وتطرق المسؤول الحكومي في غزة إلى آلية توزيع المساعدات عبر إنزالها من الجو، وبيّن أن هذه العمليات لم تعد فقط بلا جدوى، بل أضحت خطيرة على حياة المجوعين.

إعلان

ويفسر ذلك بقوله إنه منذ بدء الحرب تسببت الإنزالات الجوية وحدها في استشهاد 23 فلسطينيا وإصابة 124 آخرين. مبينا أن معظم صناديق المساعدات تسقط في مناطق يسيطر عليها الاحتلال أو في أحياء تم تفريغها قسريا من سكانها، مما يعرّض المدنيين للاستهداف المباشر.

كما أوضح الثوابتة أن "عمليات الإنزال الجوي التي حدثت العام الماضي أدت إلى غرق 13 فلسطينيا بعد سقوط المساعدات في البحر"، مطالبا بوقف هذه الإنزالات الجوية "الدعائية" التي يريد منها الاحتلال تلميع صورته والتغطية على سياساته بمنع دخول الإمدادات الأساسية عبر المعابر البرية.

جرائم متواصلة

ودان مسؤول الإعلام الحكومي في غزة استمرار الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، مجددا دعوات سبق أن أطلقها للأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي للتحرك العاجل والجدي لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات بلا قيود، خاصة الغذاء وحليب الأطفال والأدوية، بالإضافة إلى محاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين.

وتؤكد بيانات وزارة الصحة في غزة استمرار نزيف الضحايا، فقد تجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين منذ بدء الحرب 61 ألفا، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 153 ألف جريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود. في حين تحذر الأمم المتحدة من أن 87% من مساحة القطاع باتت إما تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر أو أمرت قوات الاحتلال بإخلائها، مما يضاعف أزمة الغذاء ويعمّق الكارثة الصحية.

ويتوازى كل ذلك مع مخطط بدأه جيش الاحتلال لتوسيع سيطرته على غزة، وذلك بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة "تدريجية" لاحتلال القطاع بأكمله وتهجير سكانه نحو الجنوب، وقد بدأ بالفعل فرض أوامر إخلاء جديدة بأحياء ومخيمات في شمال القطاع ووسطه وشرقه.

مقالات مشابهة

  • لأول مرة.. نجاح تجارب زراعة القطن في صحراء جنوب سيناء
  • لاول مرة.. جني محصول القطن طويل التيلة بجنوب سيناء وسط فرحة المزارعين
  • هذه هي الدولة التي تريد إسرائيل توطين الفلسطينيين من قطاع غزة فيها
  • طيور الخير الإماراتية تمد أهل القطاع بنحو 500 طن … صور
  • محافظ جنوب سيناء يصدق على خفض حد القبول بالثانوي العام والفني
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أشجار الجنة التي نعيش فيها)
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • غزة – إجمالي عدد شاحنات المساعدات التي دخلت خلال الـ15 الماضية
  • زراعة البطاطا في درعا… جودة ووفرة في الإنتاج ومصاعب تواجه المزارعين
  • الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط