باحث إسرائيلي: صمود حماس يقودنا إلى حرب استنزاف طويلة
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
قال باحث إسرائيلي إن استمرار صمود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، واحتفاظها بقدراتها الأساسية أمام ضربات الجيش الإسرائيلي، يقود إلى حرب استنزاف طويلة تضع صناع القرار الإسرائيلي بين خياري التوصل إلى صفقة مؤلمة، أو استمرار الصراع دون حسم واضح، بما قد يشكل كارثة جديدة لإسرائيل.
واعتبر رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب، ميخائيل ميليشتاين، في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الأحد أن "إسرائيل بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم تتبنَّ نهجا أكثر واقعية تجاه غزة، بل اعتمدت على تصورات جديدة غير مدروسة".
وأشار الباحث إلى التباين بين سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي ترتكز على استخدام القوة لتحقيق "نصر كامل" ضد حماس دون خطة واضحة، وبين إستراتيجية الجيش المرتكزة على توجيه ضربات محدودة.
وأكد الباحث الإسرائيلي أن ما أسماه "صدمة 7 أكتوبر" جاءت نتيجة لامتلاك حكومات إسرائيل تصورا خاطئا بشأن الأوضاع في غزة، وقال "هذه الصدمة لم تدفع صُنّاع القرار في تل أبيب للتعلم من الأخطاء السابقة. واللافت أن هذه التصورات الجديدة تأتي من نفس الأطراف التي كانت مسؤولة عن التصورات التي انهارت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وأضاف أن نتنياهو يتبع، في المستوى السياسي، نهجا يرتكز على عدة افتراضات أساسية، وهي التقدم المستمر نحو "نصر كامل"، بهدف نهائي هو تدمير القدرات العسكرية والسياسية لحركة حماس، وهذه السياسة تستند إلى فكرة أن المزيد من القوة سيؤدي إلى تنازلات من حماس، خصوصا في مسألة محور فيلادلفيا التي تعتبر عقبة أمام التوصل إلى صفقة، وفقا للباحث.
ووصف هذا النهج بأنه "يحاول الظهور كأنه "واقعي"، ويتوقع تحقيق إنجازات تدريجية ستؤدي في النهاية إلى الحسم، "بما يشمل إمكانية إنشاء بديل حكومي لحماس في غزة يكون مقبولا لإسرائيل ومناسبًا للسكان المحليين، مع إمكانية تحفيز تغيير جذري في الفكر والقيم لدى الفلسطينيين على المدى البعيد"، ولكن الباحث اعتبر أن هذا النهج لم يكن مدعوما بخطة واضحة.
وناقش ميليشتاين الفرضية المقابلة، وهي فرضية الجيش التي ترى أن حماس يمكن هزيمتها عبر سلسلة من الضربات، دون الحاجة إلى السيطرة الكاملة على غزة، والتي انسحب الجيش الإسرائيلي بموجبها من المناطق التي سيطر عليها في بداية القتال، خاصة شمال القطاع.
لكنه قال إن "جنرالات أميركيين حاليين وسابقين أشاروا إلى أن هذه العقيدة خاطئة، فلا يمكن هزيمة عدو وتغيير الوضع على الأرض دون احتلال كامل وبقاء طويل الأمد في المنطقة".
وخلص إلى القول إن "القاسم المشترك بين هذه التصورات هو غياب التخطيط العميق، فكيف يمكن تحقيق تغيير جذري في منطقة ما زالت حماس فيها لاعبا رئيسيا، من خلال السيطرة على محورين في القطاع وتنفيذ ضربات عسكرية مستمرة؟".
حرب استنزافوسلط ميليشتاين الضوء على حركة حماس، وأوضح أنها "تنظيم أيديولوجي يتحرك وفق رؤية، حيث نجح في الاندماج داخل المجتمع الفلسطيني في غزة، كما أنه من المرجح أن مقاتلي حماس، خاصة القادة الكبار، سيختارون القتال بدلا من قبول شروط إسرائيل للبقاء في قطاع غزة، ناهيك عن أن يرفعوا الراية البيضاء أو يوقعوا على اتفاق استسلام أو الانسحاب من غزة".
وأضاف أن حماس تنظيم متجذر بعمق في المجتمع الفلسطيني ويتكيف مع التغيرات. فرغم الضربات غير المسبوقة التي تعرض لها، ما زال يحتفظ بقدراته العسكرية الأساسية ويعيد بناء نفسه تدريجيا.
وتوصل إلى استنتاج بأن "المزيد من القوة لن يؤدي إلى استسلام حماس، بل إلى حرب استنزاف يظل فيها التنظيم ضعيفا ولكنه قادر على البقاء"، على حد قوله.
وأكد أنه "في ظل عدم وجود نية للسيطرة الكاملة على غزة، وغياب تفسير واضح لكيفية أن السياسات الحالية ستؤدي إلى انهيار حماس وتحرير الأسرى، يصبح من الضروري اتخاذ خيار الصفقة، حتى لو كانت تكاليفها مؤلمة، لأنها أفضل من حرب استنزاف طويلة الأمد".
لكن الباحث الإسرائيلي حرص في الختام على التأكيد أن "التوصل إلى اتفاق ليس نهاية الحرب، بل هو مجرد نهاية الجولة الأولى من معركة طويلة"، حسب تعبيره.
وقال "من الضروري ألا يقود هذه المعركة أولئك الذين انهارت تصوراتهم في 7 أكتوبر، لأن استمرارهم في إدارة المعركة الحالية لن يكون (تصحيحا تاريخيا)، بل دخولا في فخ إستراتيجي قد يؤدي إلى كارثة كبرى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات حرب استنزاف
إقرأ أيضاً:
تحريض إسرائيلي على قطر .. والدوحة تستنكر التقارير المفبركة
تواصلت حملات التحريض الإسرائيلية ضد قطر، وسط مزاعم بأنها تقوم بتمويل الخطابات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي، أو ما تسميه تل أبيب "معاداة السامية".
وذكرت الكاتبة الإسرائيلية ريفيتال ياكين كراكوفسكي في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، أنه "منذ السابع من أكتوبر اجتاحت موجة من معاداة السامية عالم اليهود، وهي من أعنف وأعمق موجاتها منذ الهولوكوست"، على حد ادعائها.
وأضافت كراكوفسكي أن "معاداة السامية الحالية تجد تمويلا سخيا من دولة صغيرة ثرية تؤوي الإرهاب وتغذيه وهي قطر"، معتقدة أن "الفجوة بين تصور الجمهور للخطر والواقع اليومي لليهود، وخاصة في الجامعات، مثيرة للقلق".
وتابعت: "الكراهية لم تعد خفية، بل أصبحت علنية، والوقود المغذي ضد اليهود في غزة وفي واشنطن وكولورادو يتدفق من قطر، وتلك الدولة تموّل آلة حرب حماس، وتستثمر منذ عقود في حملات التحريض المعادية لليهود وإسرائيل في الأوساط الأكاديمية الأمريكية".
وزعمت أن "قطر استثمرت مليارات الدولارات في العديد من الجامعات من خلال بناء فروع جامعية فاخرة في الدوحة، وإنشاء معاهد بحثية للشرق الأوسط، مع دعمها المباشر للمؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة".
وأردفت بقولها: "لقد ساهم التمويل القطري الضخم في تعميق العمى الأخلاقي لدى قادة الجامعات في الولايات المتحدة، الذين فشلوا فشلاً ذريعاً في منع معاداة السامية. وقد تعرّض عشرات الآلاف من الطلاب لمحتوى معادٍ لأمريكا، ومعادٍ للصهيونية، بل وحتى لليهود في العقود الأخيرة، متأثرين بشكل مباشر بأيديولوجية جماعة الإخوان".
واستكملت الكاتبة الإسرائيلية تحريضها بالقول: "لم يتردد أساتذة جامعات مرموقة مثل كولومبيا وييل وكورنيل في الإشادة بهجوم السابع من أكتوبر، وتبرير العنف ضد الإسرائيليين واليهود. أما الإدارات الأمريكية، المعتادة على المليارات القطرية، فهي صامتة (..)".
ورأت أن "دخول إدارة ترامب إلى البيت الأبيض تغييرا في التوجه، ولم يعد الاحتواء بل الهجوم، وتشهد على هذا التغيير سلسلة من الخطوات التي اتُخذت في الأشهر الأخيرة، والتي تُثير ضجة في الولايات المتحدة، ومع ذلك لا يزال الطريق طويلا لإحداث تغيير جوهري".
من جانبها، استنكرت قطر، تداول وسائل إعلام إسرائيلية "تقارير مفبركة" بهدف "إثارة التوتر وإحداث شرخ" في علاقاتها مع الولايات المتحدة "خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
جاء ذلك في بيان صدر الثلاثاء عن مكتب الإعلام الدولي بدولة قطر (رسمي)، "رداً على التقارير المفبركة التي تم تداولها على وسائل الإعلام الإسرائيلية".
والأحد، بثت "القناة 12" الإسرائيلية الخاصة تقريرا عما ادعت أنها "وثائق قطرية" زعمت أنها تثبت وجود دور للدوحة في "تعزيز القدرات العسكرية لحماس".
وذكر البيان أنه "تم تداول وثائق مفبركة مجدداً على وسائل الإعلام الإسرائيلية بهدف إثارة التوتر وإحداث شرخ في العلاقات بين دولة قطر والولايات المتحدة، وذلك خلال مرحلة دقيقة من جهود الوساطة التي تبذلها قطر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس".
وأضاف: "نشر هذه الوثائق في مثل هذا التوقيت ليس أمراً عشوائياً، بل هو محاولة متعمدة لصرف الأنظار عن التغطية الإعلامية السلبية لممارساتهم غير المسؤولة في قطاع غزة – كما كشفت عنها التقارير خلال الأسبوع الماضي – في لحظة تقترب فيها الجهود من تحقيق تقدم حقيقي".
ورغم دور وساطة قطر في الوصول أكثر من مرة لاتفاق بين تل أبيب وحركة حماس لتبادل أسرى، إلا أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ظلت تتحامل على الدوحة وتتهمها بعدم الضغط على حركة حماس للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بغزة، وتصور المساعدات الإنسانية من الدوحة لغزة وكأنها تمويل للحركة.
وأشار البيان القطري إلى أنه "لطالما استُخدمت هذه الأساليب من قبل أولئك الذين لا يأملون أن تكلل المساعي الدبلوماسية بالنجاح. فهم لا يرغبون في أن تثمر جهود دولة قطر بالتعاون مع إدارة الرئيس دونالد ترامب في ملفات قطاع غزة وغيرها من القضايا الإقليمية، سلاماً عادلاً ومستداماً في المنطقة".
وتابع: "تم استخدام أساليب مماثلة ضد من عبّروا عن رفضهم لاستمرار الحرب أو شاركوا في جهود دبلوماسية تهدف إلى إعادة الرهائن، بمن فيهم أعضاء في إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، وذلك في محاولة لتشويه سمعتهم وتقويض المسار الدبلوماسي".
وتتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضد نتنياهو من عائلات الأسرى والمعارضة، التي تتهمه بالخضوع لضغوط اليمين المتطرف داخل حكومته، وتمديد الحرب لتحقيق مصالح سياسية على حساب حياة الأسرى.
وتُقدر تل أبيب وجود 56 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومرارا، أعلنت حركة حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة"، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلفت أكثر من 181 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.