عربي21:
2025-06-26@08:38:54 GMT

الإعادة تونس

تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT

في ميدان التحرير في القاهرة سُئل أحد الثوار إبان ثورة يناير عن التظاهرات وأسبابها، وهل يمكن أن تسقط نظام مبارك البوليسي القوي، فاستعار الشاب عبارة من فيلم كوميدي للفنان أحمد حلمي، وأجاب: "الإجابة تونس"، في رد عبقري ومختصر ومستشرف.. وقد كان.

ومن يومها يستخدم المصريون العبارة للترميز لكل عمل يسعون لتحقيقه، ويؤكدون حتمية نجاحه، وبعد تظاهرات تونس التي دعا إليها عدد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها الشبكة التونسية للحقوق والحريات.

ولعل حالة القبول التي الشعبي الكبير للدعوة؛ مردها إلى الحالة الحقوقية السيئة التي تعيشها البلاد منذ وصول قيس سعيّد إلى سدة الحكم، وانقلابه على كل مكتسبات الثورة، وترسيخه هذا الانقلاب على الحقوق والحريات بالمرسوم رقم 54 لسنة 2022 والذي أثار جدلا واسعا في حينها، وهو باختصار معاقبة كل من يخالف رؤيته علنا ولو بمنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، بالسجن لمدة خمس سنوات، والهدف بطبيعة الحال تكميم الأفواه، وهو في ذلك لم يكن بدعا من الدكتاتوريين، فقد سبقه قانون التظاهر لتكميم الأفواه وتصفية الثوار في مصر.

لعل حالة القبول التي الشعبي الكبير للدعوة؛ مردها إلى الحالة الحقوقية السيئة التي تعيشها البلاد منذ وصول قيس سعيّد إلى سدة الحكم، وانقلابه على كل مكتسبات الثورة
المرسوم 54 التونسي سيئ الذكر، إنما هو جريمة إرهاب مكتملة الأركان يلاحق به كل من يتوجع أو يشتكي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية، ويسمح، في المقابل، لقيس سعيد أن يفعل بالبلاد ما يحلو له، متلبسا في ذلك بروح الديكتاتوريين "العظام" ومستحوذا وحده على الإعلام، ومدعوما في ذلك من نادي الثورات المضادة بالمال والمعلومات وخبرات القمع والمكايد، وهو ما انعكس بطبيعة الحال على الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بسبب السياسات الرعناء لديكتاتور لا يُري بلاده إلا ما يرى، لكنه لا يهديهم سبيل الرشاد.

وصل قيس سعيّد في 2019 إلى رئاسة تونس من خلال انتخابات، حشر فيها الشعب بين مرشح للنظام الذي ثار عليه متمثلا في نبيل القروي وبين سعيّد المستقل، بعد أن استطاع نادي الثورات المضادة أن يشيطن الأحزاب، وهي ساعدته على ذلك بأدائها الضعيف، ليصل بخطته إلى أن يختار الشعب الخيار المجهول للمستقل الذي بنى دعايته على نيته القيام بالإصلاحات الدستورية، ويرسخ العدالة الاجتماعية، ويحارب الفساد، ومن ثم بناء نظام سياسي يعتمد على منح سلطات أكثر للمجالس المحلية وتقليل النفوذ المركزي للدولة. وقد كان عكس ما وعد، فانفرد بالسلطة، وجمّد البرلمان، وخرق الدستور الذي أقسم على الحفاظ عليه، وعلى مؤسساته، واستأثر بالتشريع، وقمع الحريات، وتجاهل الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني.

الحالة التي تعيشها تونس، وتعيشها بلاد ثورات الربيع العربي، وإمعان نادي الثورات الربيع المضادة في إذلال شعوب هذه الثورات، إنما هو دافع لا شك على أن تشتعل جذوة الثورات في المنطقة من جديد
قنن سعيد منظومة الحكم الجديد الذي بات على رأسه، بأن أعد دستورا جديدا في 2022 دون إشراك القوى السياسية والمدنية، ما يعني أن الرجل خطط من قبل لهذا الانقلاب، أو دعونا نقول خُطط له هذا الانقلاب الدستوري على الثورة ومكتسباتها ومنتسبيها، حتى قبل أن يصل لسدة الحكم، فرفضت المعارضة الدستور لما احتوى من مواد تكرس نظاما رئاسيا ديكتاتوريا، ومن ثم يضعف المؤسسات الدستورية الأخرى مثل البرلمان، تزامن ذلك مع فشله في معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، بل فاقمها، وبناء على الصلاحيات التي منحها سعيّد لنفسه؛ بدأ بتصفية المعارضة التي شملت كل التيارات والأحزاب، حتى بات الرجل يفتقر إلى جليس يشكو له سوء تقديره.

تونس التي أطلقت الشعار الخالد لثورات الربيع العربي.. "الشعب يريد إسقاط النظام"؛ هتفت "جاك الدور جاك الدور يا خاين يا ديكتاتور"، وهم في ذلك يذكرونه بمصير بن علي، ويذكروننا بأن الثورة تمرض لكنها لا تموت.

إن الحالة التي تعيشها تونس، وتعيشها بلاد ثورات الربيع العربي، وإمعان نادي الثورات الربيع المضادة في إذلال شعوب هذه الثورات، إنما هو دافع لا شك على أن تشتعل جذوة الثورات في المنطقة من جديد. ولعل طوفان الأقصى أحيا روح النضال في قلوب الشعوب، بعد أن دجنها جبروت بطش المؤسسات الأمنية والعسكرية في هذه البلاد. فقمع الحريات السياسية والاقتصادية وحرية الرأي والتعبير وانسداد سبل التداول السلمي للسلطة، كلها عوامل مؤهلة ومحفزة لأن تقود تونس موجة جديدة لربيع المنطقة، ونحن على مشارف ذكرى هذه الثورات بعد أشهر قليلة، ولعل الإجابة هذه المرة أيضا ستكون تونس، وفي الإعادة إفادة بعد أن تعلمنا الدرس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الثورة انتخابات تونس انتخابات الثورة قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التی تعیشها فی ذلک

إقرأ أيضاً:

مليارات الدنانير المجمدة بالخارج.. تونس تسترجع 28 مليون يورو منذ 2011

عاد ملف الأموال المنهوبة في تونس إلى واجهة الأحداث، بعد دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيّد إلى اعتماد مقاربة جديدة وفعّالة لاستعادتها، مؤكدًا أن هذه الأموال “حق للشعب التونسي ولا مجال للتفريط فيها”.

وشدد سعيّد، خلال إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي، على أن تونس لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما وصفها بـ”المنظومات القضائية المعقّدة” التي تعرقل استرجاع الأموال المهربة، مستشهداً بتجارب بعض الدول الإفريقية التي لم تسترجع سوى “الفتات”، رغم ضخامة الأموال المهرّبة.

وأضاف الرئيس: “تونس دولة ذات سيادة كاملة، لا تقبل الوصاية، والشعب هو صاحب القرار الأول والأخير”، في رسالة واضحة تعكس تمسكه بإدارة هذا الملف بسيادة وطنية وبعيدًا عن الإملاءات الخارجية.

وتقدّر السلطات التونسية أن مليارات الدنانير لا تزال مجمّدة في مصارف أجنبية منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011، وتؤكد تقارير رسمية أن المبالغ التي تم استرجاعها فعليًا منذ ذلك التاريخ لم تتجاوز 28 مليون يورو، وهو رقم وصفه مختصون بـ”الهزيل” مقارنة بحجم الثروة المنهوبة.

وتشير معطيات متقاطعة إلى أن هذه الأموال موزعة بين أرصدة بنكية وعقارات وأسهم شركات ويخوت فاخرة ومجوهرات وتحف، في أكثر من عشر دول، أبرزها: سويسرا، فرنسا، كندا، إسبانيا، الإمارات ولوكسمبورغ.

وفي 2020، أعلن سعيّد عن إحداث لجنة خاصة صلب رئاسة الجمهورية لمتابعة الملف، مؤكداً أن بعض هذه الأموال تم تبييضها داخل تونس عبر استثمارات مشبوهة، وهو ما يُعقّد عمليات التتبع القضائي.

وفي سياق متصل، حذّر خبراء اقتصاديون من التركيز الحصري على الأموال المهربة في عهد النظام السابق، مشيرين إلى أن عمليات التهريب المالي لا تزال مستمرة حتى اليوم ولكن بطرق أكثر احترافية، حيث أشار الخبير الاقتصادي جمال الدين العويديدي إلى أن التلاعب بالفواتير في التجارة الخارجية وتضخيم الكميات المستوردة وزيادة أسعار العقود تُعد من أبرز آليات تهريب الأموال، مشيرًا إلى أن الدولة تفتقر لمنظومة شفافة ودقيقة لرصد تلك التدفقات.

وبحسب العويديدي، فإن العجز التجاري المسجل في نهاية مايو الماضي بلغ 8.5 مليار دينار، بزيادة 2.5 مليار عن نفس الفترة من العام الماضي، ما يمثل مؤشراً واضحاً على نزيف مستمر للعملة الصعبة.

كما نبّه إلى ضعف التنسيق بين وزارة المالية ووزارة التجارة والبنك المركزي، قائلاً إن الإجراءات الرقابية الحالية غير كافية لكبح التهريب المنظّم، داعياً إلى ربط ملف الأموال المنهوبة بالخارج بجهود مكافحة النزيف الداخلي، عبر حوكمة التوريد ومساءلة المتسببين في تراخي الرقابة.

ويُجمع مراقبون على أن استرجاع الأموال المنهوبة، إن تم بشكل فعال، قد يمثل دفعة قوية لإنعاش الاقتصاد التونسي، من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية أو تقليص حجم المديونية الخارجية.

لكن ذلك يبقى مشروطًا بوجود إرادة سياسية حقيقية، وإصلاحات قانونية وهيكلية تضع حدًا للفساد المالي، وتُسرّع التنسيق الدولي لاستعادة هذه الأموال، قبل أن تصبح “أشباحاً تطاردها الدولة بلا جدوى”، كما وصفها البعض.

مقالات مشابهة

  • بحث فرص دعم تصدير المنتجات الدوائية المصرية إلى تونس
  • الحزم يوقع مع المدرب التونسي جلال قادري
  • تونس تدفع ثمن تبعيتها للجزائر.. سيناتور أمريكي نافذ في حزب ترامب يصف قيس سعيّد بالطاغية
  • الرئيس عباس يتلقى رسالة من نظيره التونسي
  • تونس تدين الاعتداءات الإسرائيلية على إيران وتدعو إلى إيقاف العدوان
  • تونس: العدوان الغاشم على إيران يجب ألا يحجب حرب الإبادة بغز
  • تونس تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على إيران وتدعو إلى إيقافها فورًا
  • مليارات الدنانير المجمدة بالخارج.. تونس تسترجع 28 مليون يورو منذ 2011
  • حمادة هلال يصل تونس لحضور حفل افتتاح المهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون
  • انطلاقة ربيع واعد في تونس