انفجارات لبنان .. هل خدعت حسناء حزب الله بأجهزة البيجر؟
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
سرايا - نفت سيدة الأعمال كريستيانا بارسوني أرسيداكونو، الاتهامات الموجهة إليها بتصنيع أجهزة الاتصال اللاسلكية "البيجر"، التي تم تفجير الآلاف منها مؤخراً في لبنان وسوريا، وأدت لمقتل وإصابة الآلاف.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أفادت بأنّ أجهزة الاتصال اللاسلكية "البيجر" التي انفجرت بأيدي عناصر حزب الله بصورة متزامنة، الثلاثاء، أتت من تايوان وفخّختها إسرائيل قبل أن تصل إلى لبنان.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين "وآخرين" لم تسمّهم، قولهم إنّ أجهزة النداء اللاسلكية التي انفجرت صنّعتها شركة "غولدن أبولو" التايوانية.
بدورها، أكدت الشركة التايوانية التي ظهرت علامتها التجارية على الأجهزة، أن شركة بي أي سي للاستشارات BAC Consultancy، التي يقع مقرها في بودابست، هي التي صنعت الأجهزة بموجب اتفاقية ترخيص استخدام العلامة التجارية لمدة 3 سنوات.
كما نقلت "نيويورك تايمز" عن ثلاثة مصادر استخباراتية مطلعة على العملية، أن الشركة المجرية BAC Consulting التي باعت أجهزة النداء المفخخة لحزب الله هي "شركة وهمية"، ومجرد واجهة لإسرائيل.
وأضافت أنه تم إنشاء شركتين أخريين على الأقل للتغطية على حقيقة أن الأجهزة تم تصنيعها من قبل عملاء استخبارات إسرائيليين.
من جهتها، نفت كريستيانا بارسوني أرسيداكونو، خريجة جامعة كلية لندن والرئيسة التنفيذية لشركة بي أي سي للاستشارات، هذه الاتهامات الموجهة إليها، مؤكدة أنها كانت مجرد حلقة في سلسلة التوريد ولم تصنع أجهزة الاستدعاء.
وقالت لشبكة إن بي سي نيوز: "أنا لا أصنع أجهزة النداء. أنا مجرد وسيط".
وتشير التقارير إلى أنه تم وضع حوالي ثلاثة غرامات من المتفجرات في أجهزة الاستدعاء AR-924 في عملية تسلل متطورة إلى سلسلة التوريد.
ووفقاً لحسابها على موقع LinkedIn، فقد درست السيدة بارسوني أرسيداكونو للحصول على درجة الدكتوراه في الفيزياء في جامعة لندن بين عامي 2002 و2006.
وتابعت دراستها في كلية لندن للاقتصاد وجامعة لندن للحصول على مؤهلات الدراسات العليا المختلفة بين عامي 2009 و2017.
وعملت مؤخراً أيضاً مع المفوضية الأوروبية كـ "خبيرة تقييم" و"مديرة موارد المياه الجوفية" لليونسكو.
وعلى موقع شركتها الإلكتروني، الذي اختفى صباح الأربعاء، وُصِف عملها بأنه "ربط التكنولوجيا والابتكار من آسيا".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
صراحة نيوز ـ بقلم: جمعة الشوابكة
في العاشر من حزيران من كل عام، لا يمرّ اليوم على الأردنيين مرور الكرام، بل ينبض التاريخ في وجدانهم من جديد. إنه اليوم الذي تختصر فيه الأمة مسيرتها المجيدة بين سطرين خالدين: الثورة العربية الكبرى التي أطلقها الشريف الحسين بن علي عام 1916، ويوم الجيش العربي الأردني، حين توحّدت البندقية بالراية، والعقيدة بالوطن.
لم تكن الرصاصة الأولى التي انطلقت من شرفة قصر الشريف في مكة مجرد إعلان تمرّد على الحكم العثماني، بل كانت البيان التأسيسي للسيادة العربية الحديثة، وبداية مشروع تحرر قومي لا يعترف بالتبعية، ولا يرضى بأقل من الكرامة. قاد الشريف الحسين بن علي هذا المشروع بوعي تاريخي عميق، وسلّمه لابنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن الحسين آنذاك، الذي جاء إلى شرقي الأردن مؤمنًا بأن الثورة لا تكتمل إلا ببناء الدولة، وأن الدولة لا تنهض إلا بجيش عقائدي يحمل راية الأمة ويحميها. وهكذا، وُلد الجيش العربي، من رحم الثورة، ومن لبّ الحلم القومي، لا تابعًا ولا مستوردًا، بل متجذرًا في الأرض والهوية.
كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه أكثر من مجرد تشكيل عسكري، كان المؤسسة التي اختزلت روح الوطن. شارك في معارك الشرف على ثرى فلسطين، في باب الواد والقدس واللطرون، ووقف سدًا منيعًا في وجه الأطماع والعدوان، حتى جاءت اللحظة المفصلية في معركة الكرامة عام 1968، حين وقف الجندي الأردني بصلابة الرجولة خلف متاريس الكرامة، وردّ العدوان، وسطّر أول نصر عربي بعد نكسة حزيران، بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – ليُثبت أن الكرامة لا تُستعاد بالخطب، بل تُنتزع بالدم. لقد كان هذا النصر عنوانًا حيًا للعقيدة القتالية الأردنية، القائمة على الانضباط، والولاء، والثبات، وفهم عميق للمعركة بين هويةٍ تُدافع، وقوةٍ تُهاجم.
وفي قلب هذه المسيرة، وقف الشهداء، الذين قدّموا دماءهم الزكية ليظل هذا الوطن حرًا شامخًا. شهداء الجيش العربي الأردني لم يكتبوا أسماءهم بالحبر، بل خلدوها بالدم، في فلسطين، والجولان، والكرامة، وفي كل ميدان شريف رفرف فيه العلم الأردني. لم يكونوا أرقامًا في تقارير، بل رسل مجدٍ وخلود، يعلّموننا أن السيادة لا تُمنح، بل تُحمى، وأن كل راية تُرفع، تحمل في طياتها روح شهيد.
ومن بين هؤلاء، كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – رحمه الله – أول القادة الذين ارتدوا البزة العسكرية بإيمان وافتخار. تخرّج من الكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وخدم جنديًا في صفوف جيشه، ووقف معهم في الخنادق، لا على المنصات. كان القائد الجندي، الذي يرى في الجيش رمزًا للسيادة، وركنًا من أركان الدولة، وظل يقول باعتزاز: “إنني أفخر بأنني خدمت في الجيش العربي… الجيش الذي لم يبدل تبديلا.” فارتقى بالجيش إلى مصاف الجيوش الحديثة، عقيدةً وعتادًا، قيادةً وانضباطًا، ليبقى المؤسسة التي لا تتبدل ولا تساوم.
واليوم، يواصل المسيرة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم – الملك الممكِّن والمعزّز – الذي تربّى في صفوف الجيش، وتخرّج من الميدان قبل أن يعتلي عرش البلاد. يرى جلالته في الجيش العربي الأردني شريكًا استراتيجيًا في بناء الدولة، لا مجرد مؤسسة تنفيذية. ولهذا، شهدت القوات المسلحة في عهده قفزة نوعية في الجاهزية القتالية، والتحديث، والتسليح، والتعليم العسكري، حتى أصبح الجيش الأردني عنوانًا للانضباط والسيادة الإقليمية والإنسانية، وصوت العقل في زمن الفوضى.
ويأتي تزامن يوم الجيش مع ذكرى الثورة العربية الكبرى تتويجًا لهذه المسيرة، ليس كمجرد مصادفة تاريخية، بل كتجسيد حي لوحدة الرسالة، واستمرارية المشروع الهاشمي، من الشريف الحسين بن علي، إلى الملك المؤسس عبد الله الأول، إلى الملك الباني الحسين بن طلال، إلى جلالة الملك الممكِّن والمعزّز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم. فهذه ليست محطات منفصلة، بل خط سيادي واحد، يبدأ بالتحرر، ويُترجم بالجيش، ويُصان بالسيادة. لقد بقي الجيش العربي منذ نشأته على العهد، حاميًا للوطن، وحارسًا للهوية، ودرعًا للشرعية، لا يُبدّل قسمه، ولا يخون ميثاقه.
في العاشر من حزيران، لا نحتفل فقط، بل نُجدد القسم: أن هذا الوطن لا يُمس، وأن هذه الراية لا تُنكّس، وأن هذا الجيش لا يُكسر. من مكة إلى الكرامة، الرصاصة أصبحت جيشًا، والجيش أصبح عقيدة، والعقيدة أصبحت وطنًا لا يُساوم على كرامته، ولا يُفرّط بذرة من ترابه.