سودانايل:
2025-12-12@21:18:53 GMT

هل تفعلها نيويورك؟!

تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT

مناظير الاربعاء 25 سبتمبر، 2024
زهير السراج
[email protected]

* قبل ان اتحدث عن توقعاتي من زيارة البرهان لنيويورك، لا بد من توضيح بعض النقاط:

* اولا، الزيارة بروتوكولية بحتة لحضور إفتتاح الدورة (79 ) لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أمر روتيني يتكرر سنويا للدول للأعضاء في الأمم المتحدة، حيث يأتي رئيس كل دولة أو من ينوب عنه ليدلي برأى دولته في بعض القضايا عبر خطاب موجه للجمعية العامة، وفي العادة يلتقي على هامش الزيارة بعض رؤساء الوفود أو المسؤولين الآخرين لمناقشة العلاقات الثنائية بين دولهم أو أية قضايا أخرى، ثم يعود الجميع الى بلادهم تصحبهم لعنات الشعوب على اهدار المال العام فيما لا ينفع ولا يفيد!

* ثانيا، جاء في بيان البرهان رداً على بيان الرئيس الامريكي قبل بضعة ايام والذي طالب فيه بوقف الحرب في السودان مدينا انتهاكات وجرائم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ضد المدنيين .

.إلخ، "انه على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة"، وهى أكذوبة كبرى ظل يرددها البرهان من وقت لآخر بغرض المناورة وكسب الوقت فقط، حسب التعليمات التي تصدر إليه، وذلك بغرض تمكين (الحركة اللا اسلامية) وعودتها للحكم مرة أخرى، وإلا لما أهدر عشرات الفرص التي واتته بالتفاوض مع الطرف الآخر وإيقاف الحرب والتوصل الى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب ويضع السودان على الطريق نحو الأمن ...إلخ، كما يزعم!

* الكيزان، كما ذكرت أكثر من مرة، لن يوافقوا على إنهاء الحرب إلا بعد أن يضمنوا وجودهم في المشهد السياسي السوداني بعد الحرب، أو ربما سيطرتهم عليه بشكل مطلق، إهتداءً، كما تسرب من بعض إجتماعاتهم في أسطنبول، بحركة طالبان في أفغانستان والحوثيين في اليمن الذين فرضوا أنفسهم كأمر واقع في بلادهم واعترفت بهم الكثير من الدول، ومَن لم تعترف بهم إضطرت للتعامل معهم، وهو أمر بعيد الحدوث في السودان لوجود فرق جوهري بين طالبان والحوثيين وبين الكيزان، وهو أن الكيزان حزب سياسي، كأى حزب آخر، يمكن أن يندثر في أي يوم من الأيام، بينما طالبان والحوثيون جزء لا يتجزأ من النسيج الإجتماعي في بلادهم لا يمكن استبعادهم من اية تسوية سياسية وإلا كانت تسوية ناقصة لن يكتب لها النجاح والاستمرار!

* ثالثا، ذكر البرهان في بيانه بأنه "يتطلع لتعميق المناقشات مع المسؤولين الأمريكيين خلال مشاركته في الجزء الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة" مما أوحى للكثيرين بأن زيارة البرهان ستشهد اجتماعات مع المسؤولين الأمريكيين وبالتحديد وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بيلنكن)، وأشاع روحا من التفاؤل في المزاج العام السوداني المكتئب بإمكانية قبول البرهان (الكيزان) للتفاوض مع قوات الدعم السريع، بل جزم البعض وفيهم محللون سياسيون بأن المفاوضات قادمة لا محالة وبنوا عليها احتمالات وآمال كبيرة، غير أنني وبعد البحث المكثف، لم أجد في موقع وزارة الخارجية الأمريكية والمواقع الرسمية الأخرى والمواقع الإعلامية الأمريكية الكبرى أى حديث أو إشارة عابرة عن لقاء سيجمع البرهان ووزير الخارجية الأمريكي أو أى مسؤول أمريكي آخر، كما جرت العادة في الاوساط الرسمية الامريكية بالاعلان المسبَّق عن جدول اعمالهم، إلا إذا كانت المناقشات التي ورد ذكرها في بيان البرهان ستدور مع مسؤولين امريكيين من الوزن الخفيف جدا (وأستبعد ذلك أيضا لعدم إعتراف الولايات المتحدة بوجود حكومة شرعية في السودان بعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 2021 ، والدليل على ذلك تحاشي المبعوث الأمريكي المكلف توم بيرييلو، الاشارة الى مجلس السيادة أو الحكومة السودانية في دعوات التفاوض التي ظل يوجهها الى قائد الجيش، كما جرت جميع المحادثات الهاتفية السابقة بين وزير الخارجية الامريكي والبرهان بصفته كقائد للجيش)، كما أن البيان الرسمي لمجلس السيادة السوداني عن جدول زيارة رئيسه لنيويورك لم يتضمن أى لقاء مع مسؤولين أمريكيين، وعليه فإنني لا أتوقع أن يلتقي البرهان مع أى مسؤول أمريكي وكسر حالة الجمود في الحالة السودانية، وغالبا ما يكون البرهان قد قصد من الحديث عن تطلعه لتعميق المناقشات مع المسؤولين الامريكيين الايحاء للناس باعتراف الامريكان به، واصباغ الشرعية على نفسه كرئيس للدولة السودانية!

* الاجتماعات المعلنة والتي تمت (والتي لم تتم بعد) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، شملت أو ستشمل الدول الأعضاء في مبادرة جنيف، ورؤساء الاتحادات الإقليمية وممثلي الامم المتحدة وهى تتعلق بالقضايا الانسانية وتوصيل الإغاثات فقط، أما موضوع التفاوض ووقف الحرب، فرغم أنني آمل مثل غيري أن يجد له مكانا في نيويورك، إلا أنني أستبعد ذلك!  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى

 

مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.

إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.

وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.

أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.

وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.

خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.

 

مقالات مشابهة

  • صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان
  • غوتيريش: اجتماعات مرتقبة في جنيف مع طرفي النزاع في السودان
  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • إيران ترد على منع أمريكا 3 من دبلوماسييها من العمل في نيويورك
  • صورة من بورتسودان..!
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. والسودان في قلب الكارثة
  • تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
  • نيويورك تايمز: عندما تصبح الحرب لعبة يديرها الذكاء الاصطناعي
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى