قصة فتاة سودانية يتيمة تمكنت من النجاة والعناية بأشقائها وسط الحرب
تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرًا للكاتب نيكولاس كريستوف تناول فيه الأوضاع المأساوية في السودان، مركزًا على قصة فتاة يتيمة تدعى صفاء خاطر، وكيف تمكنت من النجاة والعناية بأشقائها وسط الحرب الأهلية المستمرة.
وقال الكاتب؛ في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه شهد خلال رحلته الصحفية في السودان مشاهد مؤلمة لأطفال هزيلين وناجين من المجازر وجرائم الاغتصاب الجماعي، التي تستهدف الجماعات العرقية الأفريقية السوداء.
وأشار الكاتي إلى أن قوات الدعم السريع، وهي من أكثر الميليشيات وحشية في السودان، تقوم حاليًا بقصف مدينة الفاشر وتحقق تقدمًا، ما يهدد حياة أكثر من مليون مدني.
وذكر الكاتب أن الرئيس الأمريكي جو بايدن التقى مؤخرًا بزعيم دولة الإمارات، الداعم الرئيسي لقوات الدعم السريع، دون توجيه أي انتقاد علني لدورها في تمكين التطهير العرقي في السودان.
وأضاف أن صفاء خاطر، وهي فتاة سودانية لاجئة تبلغ من العمر 16 عامًا، فقدت والديها بسبب الحرب الأهلية. وروت صفاء كيف أحرقت قوات الدعم السريع قريتها وقتلت الرجال والأولاد، مستخدمين عبارات عنصرية ضد السود.
وبيّن الكاتب أن صفاء تمكنت من الهروب إلى تشاد مع أشقائها، بعد أن عملت لمدة شهر في مقهى شاي لتوفير المال اللازم للرحلة. وهي الآن تعيش في مخيم للاجئين وتعمل لإعالة شقيقتها وأخيها.
وذكر أن هناك تناقض في ممارسات بايدن تجاه ما يحدث في السودان، فهو يدعم المحادثات السلمية في السودان لإنهاء الحرب الأهلية واستعادة الحكومة المدنية، لكن في نفس الوقت، يرفض انتقاد الإمارات، حيث يعتقد أن الإمارات مهمة للغاية في الشرق الأوسط. في الوقت عينه؛ قام النجم ماكليمور بإلغاء عرضه في الإمارات بسبب دورها فيما يحدث في السودان. من الملفت كيف لمغني راب أن يقدم قيادة أخلاقية أكبر من رئيس الولايات المتحدة.
وأفاد بأن صفاء تعمل في مقهى شاي داخل مخيم اللاجئين، حيث تغادر المنزل في الساعة 4:30 صباحًا وتعود حوالي الساعة 9 مساءً، طول الأسبوع، لتكسب ما يعادل حوالي 50 سنتاً يوميًّا. كما تحاول صفاء لعب دور الأم البديلة لأشقائها، حيث تقدم لهم النصح والعزاء في أوقات الصعوبة.
وختم الكاتب بالقول إن هذه الحياة القاسية ليست قدرًا محتومًا على السودانيين، داعيًا القادة العالميين إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه الأزمة السودانية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية السودان قصة فتاة يتيمة الحرب الدعم السريع السودان الحرب قصة الدعم السريع فتاة يتيمة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی السودان
إقرأ أيضاً:
السودان: العاصمة الإدارية تحت نيران المسيرات.. رسائل للداخل والخارج
دخلت هجمات مسيرات الدعم السريع على بورتسودان أسبوعها الثاني بلا توقف، وهي مرحلة جديدة من الحرب الدائرة في السودان منذ عامين ويزيد، ولكن الجديد فيها هو وصول مسيّرات الدعم السريع الاستراتيجية الي العاصمة الإدارية المؤقتة لأول مرة منذ انتقال الحكومة السودانية من الخرطوم؛ بعد شهر واحد من هجوم الدعم السريع على مقر إقامة الرئيس البرهان محاولا الاستيلاء على السلطة بقوة الأمر الواقع، وهي الخطة التي أفشلها الحرس الرئاسي في ساعتها الأولى، فما هي دوافع الدعم السريع من الهجوم المكثف على بورتسودان؟
في أواخر تموز/ يوليو من العام الماضي هاجمت مسيرة انتحارية المنصة الرئيسية للاحتفال بتخريج ضباط جدد من القوات المسلحة السودانية، حيث كان يتواجد فيها الرئيس البرهان بمنطقة جبيت جنوب بورتسودان، وهي المرة الأولى التي تصل فيها مسيرّات الدعم السريع ولاية البحر الأحمر على بعد حوالي ألف كيلومتر من الخرطوم على ساحل البحر الأحمر. وقد كانت هذه المحاولة استهدافا مباشرا لقائد الجيش السوداني الذي يعتبره الدعم السريع المتسبب الأول في إحباط مشروعه السياسي لحكم السودان، بعد رفض الجيش السوداني التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي يمنح الدعم السريع استقلالية مالية وإدارية ومشاركة في حكم السودان لمدة عشر سنوات.
الراجح إن الهجمات الأخيرة على بورتسودان لديها أهداف مختلفة تتجاوز الاستهداف الشخصي للرئيس البرهان، بعد الانتصارات الكبيرة للجيش والدعم الإقليمي والدولي لمؤسسات الدولة الشرعية، وفشل مشروع تحالف الدعم السريع و"صمود" في إعلان الحكومة الموازية من داخل مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايات دارفور
بعد تقدم الجيش السوداني في المعارك البرية مطلع العام الحالي وتقهقر الدعم السريع نحو ولايات دارفور، بدأت فصول جديدة من الحرب عن طريق المسيرات بعيدة المدى؛ استهدف الدعم السريع من خلالها البنى التحتية في عدد من الولايات الآمنة، حيث تعيش ولايات الشمالية ونهر النيل بلا كهرباء منذ شهر كامل، مما أدى إلى فشل الموسم الزراعي الشتوي كما تأثرت ولاية الخرطوم وولاية البحر الأحمر بتدمير محطات الكهرباء ومحطات الوقود في معظم ولايات السودان، بجانب الهجمات المتكررة على معسكرات النازحين وقوافل الإغاثة والإعانات الخارجية للفارين من مناطق سيطرة الدعم السريع.
لكن الراجح إن الهجمات الأخيرة على بورتسودان لديها أهداف مختلفة تتجاوز الاستهداف الشخصي للرئيس البرهان، بعد الانتصارات الكبيرة للجيش والدعم الإقليمي والدولي لمؤسسات الدولة الشرعية، وفشل مشروع تحالف الدعم السريع و"صمود" في إعلان الحكومة الموازية من داخل مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايات دارفور، حيث أحبط الجيش محاولات تأهيل مدينة نيالا غرب السودان لتكون عاصمة لحكومة الدعم السريع، من خلال ضربات جوية محكمة على مطار المدينة الذي كان يستقبل رحلات جوية من داعمين إقليميين بالسلاح والعتاد وأنظمة دفاعية وتشويش لتأمين أعمال الحكومة الموازية.
مثلت هجمات الجيش السوداني على مطار نيالا اختبارا حقيقيا لإمكانية إعلان الحكومة الموازية من داخل السودان، حيث كان يرى بعض حلفاء الدعم السريع تعيين حكومة منفي من إحدى الدول الصديقة لحين توافر الظروف المناسبة لعودتها للداخل.
كانت هجمات بورتسودان ردا عمليا على خسائر جسيمة سببها تدمير سلاح الجو السوداني لمطار العاصمة المرتقبة لقوات الدعم السريع التي تحاول جاهدة إعادة الروح لما تبقى من مقاتليها من خلال الهجمات البرية على بعض المناطق في إقليم كردفان، وإرسال رسائل في بريد الجيش السوداني بأنه لم يعد هناك مكان آمنا لإدارة البلاد.
ويرى قادة الدعم السريع أن الهجوم على بورتسودان سيجبر البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المتواجدة فيها على الخروج بحجة أن المدينة لم تعد آمنة بعد استهداف مطاراتها المدنية والعسكرية وموانئها البحرية؛ مما يصعب عملية إجلاء الرعايا الأجانب حال تدهور الأوضاع الأمنية.
سياسيا، ترى الدعم السريع إن استهداف البنية التحتية والخدمات الضرورية مثل محطات الكهرباء والمياه والمستشفيات وتوقف استيراد السلع الأساسية؛ سيحرج الحكومة السودانية ويجبرها على العودة إلى المفاوضات التي ترفضها وتضع لها شروطا محددة على رأسها تجميع قوات الدعم السريع في مناطق محددة ودمج ما تبقى منها في الجيش السوداني، والخروج من الأعيان المدنية ومنازل المواطنين التي أخرجتهم منها بالقوة في ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة.
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة الهجوم على بورتسودان كما أدانته الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والإيغاد والاتحاد الأوربي وعدد من الدول العربية والأوروبية؛ باعتباره يمثل تهديدا على حياة المدنيين ويهدد أمن البحر الأحمر والمنطقة بأكملها.
وكانت ردة فعل الحكومة السودانية المباشرة قطع العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة التي تشهد العلاقة بينها والسودان توترات منذ بداية الحرب الحالية؛ بدأت باتهامات مباشرة للإمارات بإسناد الدعم السريع، وتخفيض التمثيل الدبلوماسي، ثم الشكوى الاخيرة لدي محكمة العدل الدولية وأخيرا قطع العلاقات الدبلوماسية.
وتسعى الآلة الإعلامية للدعم السريع لخلق حالة من التردد والخوف وسط آلاف الأسر السودانية التي تتأهب للعودة إلى منازلها في الخرطوم وبقية ولايات السودان المحررة من داخل وخارج السودان، وتعطيل الحياة العامة وإجبار سكان الولايات الشرقية على الهجرة العكسية، ولكن الشاهد أن الحكومة السودانية وحكومة ولاية البحر الأحمر نجحتا في امتصاص الصدمة الأولى وبث الطمأنينة بتوفير الخدمات الأساسية واستمرار العملية التعليمية في المدارس والجامعات، وعودة مطار بورتسودان للعمل بعد توقفه لساعات فقط في اليوم الأول من الهجمات، بينما تستمر الجهود الفنية لعودة التيار الكهربائي، في الوقت الذي لجأت فيه البنوك والمصارف لتمويل مشاريع الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية) للقطاعين الزراعي والسكني؛ تحسبا لأي طارئ يهدد الخدمات الأساسية والمشروعات الزراعية.
لا تحظى الحرب المستمرة في السودان بالاهتمام الدولي اللازم في ظل ما يجري من تصعيد في الشرق الأوسط والعدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان واليمن وتطورات الحرب بين الهند وباكستان، حيث لم تنهض مبادرات جديدة لحل الأزمة السودانية
وتواصل وحدات من الجيش السوداني زحفها لفك الحصار عن مدينة الفاشر، التي يرى مراقبون أن هجمات الدعم السريع على بورتسودان محاولة لفتح جبهة جديدة تمكنهم من دخول المدينة الصامدة منذ عامين، حيث صدت القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية عشرات الهجمات التي يشرف عليها قائد ثاني قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، شخصيا؛ مسنودا بآلاف الجنود والمركبات القتالية والأسلحة المتطورة.
وتتجه الأنظار نحو تحولات جديدة في حرب السودان، خاصة وأن قوات الدعم السريع تحظى بدعم إقليمي وبعض دول جوار السودان التي تسهل له الانطلاق من أراضيها لإمدادها، وتقديم الخدمات الضرورية في مناطق سيطرتها وإخلاء جرحاها إلى مستشفيات ميدانية قرب الحدود السودانية أنشئت خصيصا لهذه الأغراض.
وكان الرئيس البرهان قد صرح قبل وقوع هجمات بورتسودان بأيام بأن هجوم المسيرات سيصبح من الماضي، في إشارة واضحة لتلقيه دعما خارجيا يمكنه من صد هجوم المسيرات والتحول من خانة الدفاع إلى الهجوم، والوصول إلى مصدر الهجمات خارج حدود السودان.
ولا تحظى الحرب المستمرة في السودان بالاهتمام الدولي اللازم في ظل ما يجري من تصعيد في الشرق الأوسط والعدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان واليمن وتطورات الحرب بين الهند وباكستان، حيث لم تنهض مبادرات جديدة لحل الأزمة السودانية بعد منبر جدة، وهي الوساطة السعودية الأمريكية التي توقفت منذ بداية الحرب بسبب تعنت الدعم السريع وخرقها لبنود الاتفاق الأولى القاضية بفتح الممرات الإنسانية ووقف إطلاق النار والسماح للمواطنين بالتنقل الآمن، ثم فشل مبادرات الاتحاد الأفريقي والإيغاد؛ وكلاهما متهمان عند الحكومة السودانية بعدم الحياد والانحياز لصالح الدعم السريع.
وبدخول هجمات الدعم السريع على بورتسودان يومها السابع فقد فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية بالقدح في شرعية الحكومة السودانية وتفتيت الجبهة الداخلية، وتراجع عدد من البعثات الدبلوماسية في بورتسودان عن نداءات ناشدت فيها رعاياها بمغادرة المدينة.