لحمايتهم من الانحراف.. ما العمر المناسب للحديث مع الأطفال عن الثقافة الجنسية؟
تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT
في وسط الفيض الهائل من المعلومات المتطرفة والمغلوطة التي تأتي إلينا يوميًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، والتي من بينها ما يختص بالجنس، تبرز أهمية التربية الجيدة للأطفال منذ سنواتهم الأولى، لتحصينهم بأفكار سوية وسليمة عن هذه الثقافة، وبالتالي حمايتهم من أي أفكار خاطئة تُلحق بهم تأثيرات سلبية كثيرة تطول علاقتهم بأنفسهم وبمن حولهم.
يأتي تسليط الضوء على أهمية التربية الجنسية للأطفال والسن المناسبة للحديث معهم في إطار حملة توعوية أطلقتها «الوطن»، بعنوان «تعزيز قيم الهوية الاجتماعية»، تحت شعار «أسرة قوية.. مجتمع متسامح»، والتي تهدف إلى تصحيح الأفكار المغلوطة عن الثقافة الجنسية، وبيان أهميتها للأبناء منذ السنوات الأولى في حياتهم، وجاءت هذه الحملة ضمن 3 حملات توعوية لمواجهة الانحراف والتطرف الاجتماعي والفكري والديني، تحت شعار «مجتمع صحي آمن.. أوله وعي وأوسطه بناء وآخره تنمية».
وتعد التربية الجنسية من أهم ركائز تربية الطفل السليمة؛ فهي تساعده في فهم جسده، وتطوير علاقات صحية، وتحميه من الوقوع في مخاطر عديدة، ولكن على الرغم من ذلك، فإن كثيرين من الآباء والأمهات يترددون في طرح هذا الموضوع الحساس مع أطفالهم، خوفًا من إحراجهم أو إيذائهم.
وقبل توضيح السن المناسبة للحديث مع الأطفال عن الثقافة الجنسية وما يختص بها، يمكن الإشارة إلى أهمية نقل هذه الثقافة للأبناء منذ السنوات الأولى من عمرهم، والتي تتمثل في تحقيق عدة فوائد، يأتي على رأسها الحماية من الاعتداءات الجنسية؛ إذ من خلال تثقيف الطفل حول جسده وحقوقه، يمكنه تمييز السلوكيات المناسبة وغير المناسبة، وتعلُّم كيفية طلب المساعدة في حال تعرضه لأي نوع من الاعتداء، كما أن الحديث الصريح والمفتوح عن الجنس مع الأبناء يساعد في بناء علاقة مبنية على الثقة والاحترام المتبادل.
ومن الفوائد الأخرى للحديث مع الأبناء عن الثقافة الجنسية، حسب توضيح الدكتورة جاكلين سمير، استشارية الصحة النفسية، خلال حديثها لـ«الوطن»، هي تكوين شخصية قوية وسليمة؛ إذ تساعد التربية الجنسية الطفل في تطوير قيم أخلاقية سليمة، واتخاذ قرارات صائبة في حياته.
كما أكدت «جاكلين» أنه لا يوجد عمر محدد للبدء في الحديث عن الجنس مع الأطفال؛ فهم يبدأون في طرح الأسئلة حول الجسد والجنس في سن مبكرة جدًا، لافتة إلى أن الأهم من اختيار العمر المناسب هو الاستعداد الكامل للإجابة على أسئلة الطفل بصدق وبساطة، وباستخدام لغة مناسبة لعمره حين يبدأ في طرح الأسئلة.
وهناك بعض النصائح التي تتعلق بالتربية الجنسية للأبناء والتي يجب على أولياء الأمور اتباعها، منها البدء مبكرًا وعدم الانتظار حتى يدخل الابن مرحلة المراهقة، وأيضًا الاستماع إلى أسئلة الطفل باهتمام وحب، والإجابة عليها بصدق وشفافية، لطالما كان الأسلوب مناسبًا لعمر الطفل، كما يتعين على أولياء الأمور أيضًا أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم من خلال إظهار أهمية احترام الجسد واحترام الآخرين، والانتباه إلى أن التربية الجنسية ليست مجرد حديث عن الأعضاء التناسلية، بل هي رحلة لتوعية الطفل بكل ما يتعلق بالجنس والحياة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الثقافة الجنسية التربية الجنسية أهمية التربية الجنسية التربیة الجنسیة للحدیث مع
إقرأ أيضاً:
الملتقى الفقهي للجامع الأزهر يناقش حقوق الطفل الشرعية
عقد اليوم الاثنين بالجامع الأزهر اللقاء الأسبوعي لـ"ملتقى الفقه"، تحت عنوان "حقوق الطفل في الفقه الإسلامي"، بحضور نخبة من علماء الأزهر وخبراء الفقه الإسلامي، وذلك برعاية فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وتوجيهات من الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف.
وأدار الحوار الدكتور هاني عودة عواد، مدير عام الجامع الأزهر، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن "بناء المستقبل يبدأ بتربية الأطفال، الذين هم رجال الغد"، مشيرا إلى أن الإسلام أولى عناية فائقة بحقوق الطفل، بدءًا من الهدي النبوي في التعامل معهم، ومرورًا بتربيتهم على القيم والأخلاق، وصولًا إلى إتاحة الفرصة لهم للتعبير عن ذواتهم، داعيا إلى ضرورة "تأصيل هذه الحقوق شرعيًّا، وتذكير الآباء والأمهات والمجتمع بمسؤولياتهم المشتركة في توفير حياة كريمة للأطفال، وتعزيز مناعتهم الفكرية والنفسية عبر التنشئة السليمة".
من جانبه، سلط الدكتور محمود الصاوي، الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام بجامعة الأزهر، الضوء على الأرقام المُقلقة التي تُظهر حجم التحدي، حيث أوضح أن "العالم الإسلامي يضم نحو 500 مليون طفل، يمثلون 34% من سكانه، بينما يُشكل الأطفال العرب 186 مليونًا، والمصريون منهم 40 مليونًا"، محذرا من إهمال حقوق هذه الفئة العمرية التي تُعد "عماد المستقبل".
كما استعرض الدكتور الصاوي، التحول الجذري الذي أحدثه الإسلام في نظرة المجتمع للطفل، قائلًا: "قبل الإسلام، كان الطفل يُعامل كملكية للأب، بل وصل الأمر إلى وأد البنات خوفًا من الفقر، لكن الإسلام كفل له حقوقًا ملزمة دينيًّا وأخلاقيًّا وقضائيًّا".
بدوره، ناقش د. علي مهدي، أستاذ الفقه المساعد وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، الجانب التربوي، مشيرًا إلى أن "الخوف على الأبناء من الفقر كان دافعًا في الجاهلية لارتكاب جرائم كوأد الأطفال، لكن القرآن حسم الأمر بقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}"، مؤكدا أن "تقوى الله هي الضمانة الحقيقية لمستقبل الأبناء"، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ}.
وفي ختام الملتقى، استعرض د. هاني عودة حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية، موضحًا أنها تشمل مراحل متعددة تبدأ "قبل الولادة، عبر اختيار الزوجة الصالحة، والالتزام بالتعاليم الدينية، وحق الجنين في النفقة والرعاية الصحية"، وتستمر بعد الولادة بـ"حق الرضاعة، والتسمية الحسنة، والمساواة بين الإخوة، والتعليم، والحياة الكريمة".
يُذكر أن الملتقى الفقهي يُعد أحد المبادرات العلمية التي يُشرف عليها الأزهر لنشر الوعي بالتشريعات الإسلامية المعاصرة، في إطار رسالته العالمية لتعزيز القيم الإنسانية، وسعيه لتقديم رؤى معاصرة تتماشى مع احتياجات المجتمع وتحدياته، مما يساهم في تعزيز الوعي العام حول القضايا المتعلقة بالموضوعات المعاصرة.