بيروت ليست لوحدها : تحرك عربي لدعم لبنان... إلى أي مدى سيواجه تصعيد إسرائيل؟
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
القاهرة - تعقد جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً، الخميس، على مستوى المندوبين الدائمين، في ظل تصعيد إسرائيلي على لبنان، حيث يناقش الاجتماع «تعزيز الجانب الإنساني وتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة للبنان، ودعم جهود مساعدة النازحين واللاجئين داخل لبنان وخارجها».
وفي ضوء أوراق الدول العربية دبلوماسياً وإغاثياً بالمنابر الدولية، لدعم الحق اللبناني، يعتقد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأهمية المشاورات في ظل التصعيد الإسرائيلي، وتكثيفها مع العواصم العالمية، متوقعين أن «يسفر الاجتماع عن دعم إغاثي والكشف عن مساعدات عربية كبيرة للبنان».
ومع حديث إسرائيلي عن توغل بري، تقول إنه محدود بلبنان، أعلن الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، أن «الأمانة العامة للجامعة تلقت، الثلاثاء، طلباً رسمياً من العراق لعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، لبحث موضوع النازحين واللاجئين في لبنان وتقديم المساعدة لدولة لبنان».
وأوضح زكي، في تصريح صحافي، الثلاثاء، أن «الأمانة العامة لجامعة الدول العربية قامت بتعميم الطلب العراقي على الدول الأعضاء، والتشاور مع اليمن الرئيس الحالي لدورة مجلس جامعة الدول العربية، ومع جمهورية العراق صاحبة الطلب، لتحديد الموعد لعقد الاجتماع الطارئ».
وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، دعا مندوبية العراق لدى جامعة الدول العربية للتقدم بطلب لعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين الدائمين، لمناقشة تقديم المساعدات إلى لبنان، في ظل الظروف الصعبة التي يتعرض لها الشعب اللبناني، حسب ما أعلنته سفارة العراق لدى القاهرة ومندوبيتها الدائمة لدى جامعة الدول العربية، الاثنين.
وبشأن الموعد المحدد، قال سفير العراق بالقاهرة ومندوبها الدائم بجامعة الدول العربية، قطحان الجنابي، لـ«الشرق الأوسط»: «تم التنسيق مع الأمانة العامة للجامعة، لتحديد موعد الاجتماع، ومن المقرر أن يعقد صباح الخميس».
وعن المطالب التي يسعى لها العراق لطرحها بالاجتماع، شدد السفير العراقي على أن بلاده «تسعى لتعزيز الجانب الإنساني، وتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة للبنان، ودعم جهود مساعدة النازحين واللاجئين داخل لبنان وخارجها، وتوفير الغذاء والدواء والسكن لهما».
وعن إمكانية أن نرى اجتماعاً وزارياً لاحقاً في ضوء التصعيد الإسرائيلي، قال السفير العراقي: «سبق وأن طلبنا عقد قمة على مستوى الدول العربية والإسلامية خلال اجتماعات نيويورك، الأسبوع الماضي، خصوصاً وأن هناك عدواناً للكيان الإسرائيلي ووحشية وغطرسة، وسيحدد الأمر على ضوء ما نشهده الأيام المقبلة».
وبشأن المدى الذي يمكن الذي يذهب له اجتماع الجامعة العربية، قال السفير العراقي: «حقيقة نأمل من أشقائنا العرب اتخاذ مواقف تتماشي مع حجم التحديات مع المنطقة، لا سيما أن الكيان الإسرائيلي كشر عن أنيابه وارتكب كافة أنواع الجرائم والانتهاكات»، متوقعاً أن «تكون القرارات الصادرة بحجم التحديات».
وحذر من أن «الكيان الإسرائيلي يتجه لمنحنى خطير في المنطقة، ويتصرف فوق القانون ويتحداه»، مستدركاً: «لكن لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي وعلينا أن نسعى في كل الجهود الدبلوماسية لوقف هذه الانتهاكات».
وبشأن المتوقع أن يشمله البيان الختامي للاجتماع العربي، قال السفير العراقي بالقاهرة إن «كل الدول العربية متضامنة بشكل كبير وحقيقي مع فلسطين ولبنان، ونتوقع مزيداً من المساعدات العربية للبنان».
وهو الأمر الذي رجحه الكاتب اللبناني والباحث في الشؤون الدولية، بشارة خير الله، قائلاً: «نتوقع المزيد من المساعدات الإنسانية من قبل الدول العربية الشقيقة».
و«لطالما وقف العرب مع لبنان»، حسب تأكيد بشارة خير الله الذي كان ممثل الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان، مشدداً على أن ذلك سيتكرر مع التصعيد الإسرائيلي الحالي.
ولتفادي الأزمة الإنسانية، عقد رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، الثلاثاء، «اجتماعاً مع المنظمات التابعة للأمم المتحدة وسفراء الدول المانحة في إطار خطة الاستجابة الحكومية لأزمة النزوح الناتجة عن العدوان الإسرائيلي على لبنان»، وفق وكالة الأنباء اللبنانية.
ووجه ميقاتي نداءً لإغاثة إنسانية عاجلة لبلاده مع ازدياد أعداد النازحين، بالقول: «نجتمع اليوم في الوقت الذي يواجه فيه لبنان واحدة من أخطر المحطات في تاريخه، حيث نزح حوالى مليون شخص من شعبنا بسبب الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على لبنان».
وثمن «الدعم الأممي والعربي ومن الدول الصديقة»، مضيفاً: «نوجه النداء بشكل عاجل لتقديم المزيد من الدعم لتعزيز جهودنا المستمرة في تقديم المساعدات الأساسية للمدنيين النازحين، وأناشدكم جميعاً الاستمرار في الوقوف إلى جانب لبنان، ومساعدتنا في حماية أبناء شعبنا بكرامة حتى يتمكنوا من العودة بأمان إلى منازلهم وبلداتهم».
لذلك من «المهم بمكان عقد هذا الاجتماع، وبشكل سريع، لبحث آخر تطورات الموقف اللبناني بعد الاجتياح الإسرائيلي»، وفق تقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، لافتاً إلى أن الدول العربية قادرةٌ أن تعزز جهود المساعدات بالتنسيق مع عواصم العالم بشكل سريع، خصوصاً في ظل النزوح الكبير في لبنان والحاجة لمساعدات في ظل تصعيد إسرائيلي.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، في وقت سابق (الثلاثاء)، أنه باشر عملية برية «محدودة» ضد «حزب الله» في جنوب لبنان، ويخوض «قتالاً عنيفاً»، إلا أن الحزب نفى أن تكون قوات إسرائيلية دخلت الأراضي اللبنانية، في حين أكدت قوة الأمم المتحدة في لبنان عدم حصول «توغل بري الآن»، وذلك استمراراً للعمليات الإسرائيلية التي بدأت بشكل غير مسبوق منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد أقل من عام من مواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل، أسفرت عن اغتيال الأخيرة الأمين العام للحزب حسن نصر الله قبل أيام.
وبحسب الكاتب بشارة خير الله، فإن إسرائيل تبدو عازمة على الاستمرار أكثر في لبنان وانتهاج سياسة «الأرض المحروقة»، لذا كل الأدوار، لا سيما العربية، مهمة لمجابهة ذلك، ويتفق معه السفير الحفني، مؤكداً أنه «شيء جيد أن تأتي هذه المشاورات عبر الجامعة العربية لبحث ما يمكن اتخاذه من خطوات إضافة لمواجهة ما تفعله إسرائيل بالمنطقة، بخلاف الدور الإغاثي».
وأجرى رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، الذي دعت بلاده لعقد اجتماع طارئ بالجامعة العربية، الثلاثاء، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، شهد تأكيد القاهرة على «ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار لبنان وسلامة أراضيه، ورفض أي انتهاك لسيادته ومقدرات شعبه»، وفق إفادة للرئاسة المصرية.
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: جامعة الدول العربیة السفیر العراقی على مستوى فی لبنان
إقرأ أيضاً:
كيف يؤثر تراجع الدولار على اقتصادات ومواطني الدول العربية؟
لم يكن الدولار الأميركي مجرد عملة وطنية ضمن نظام نقدي عالمي متعدد فحسب، بل تحوّل خلال العقود السبعة الماضية إلى ركيزة رئيسية للاقتصاد الدولي ووسيط مهيمن في حركة التجارة والتمويل.
فقرابة 80% من المعاملات التجارية العالمية تُسعَّر به، مدعومة ليس فقط بثقل الاقتصاد الأميركي، بل أيضًا بارتباط معظم السلع الإستراتيجية والعقود السيادية من النفط والمعادن إلى الشحن والتسليح بهذه العملة.
ومع احتفاظ البنوك المركزية حول العالم بجزء كبير من احتياطاتها بالدولار، اكتسبت العملة الأميركية نفوذًا يتجاوز حدود الاقتصاد إلى التأثير الجيوسياسي والقدرة على رسم ملامح النظام المالي العالمي.
وتُقدَّر قيمة التجارة العالمية المرتبطة بالدولار بنحو 33 تريليون دولار سنويًا (بيانات عام 2024)، منها ما يقرب من 24 تريليون دولار في تجارة السلع، مثل الطاقة والمواد الغذائية، ونحو 9 تريليونات دولار في قطاع الخدمات، كالسياحة، والنقل، والتكنولوجيا، والخدمات المالية.
وتسعير هذه المعاملات بالدولار يجعل أي تراجع في قيمته ينعكس مباشرة على تكاليف الاستيراد، واستقرار العملات المحلية، خصوصًا في الدول التي تربط عملاتها به أو تعتمد عليه تجاريًا وتمويليًا.
وفي العالم العربي، يُشكّل الدولار حجر الزاوية في المنظومة الاقتصادية والمالية، سواء على مستوى الاحتياطات، أو الواردات، أو العقود التجارية.
بَيد أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في المؤشرات المقلقة المرتبطة بالدولار، أبرزها فقدانه حوالي 11% من قيمته خلال النصف الأول من عام 2025، في أسوأ أداء نصف سنوي له منذ 1973، إلى جانب تراجع الثقة الدولية وانتشار استخدام عملات بديلة.
في هذا التقرير، نسلّط الضوء على أبرز أسباب هذا التراجع، ونحلّل انعكاساته المختلفة على الدول العربية، وشركاتها، ومواطنيها، في ظل تحوّلات مالية وجيوسياسية متسارعة.
رغم صموده لعقود كعملة احتياطية عالمية، فإن عدّة تطورات هيكلية بدأت تنال من مكانة الدولار عالميًا وتدفع الدول نحو إعادة النظر في الاعتماد عليه:
إعلان الإفراط في الطباعة دون غطاء إنتاجيمنذ جائحة كوفيد-19، ضخت الحكومة الأميركية نحو 5 تريليونات دولار في الاقتصاد عبر برامج تحفيزية عُرفت بسياسة "التيسير الكمي"، وهي تعني ببساطة ضخ سيولة جديدة في السوق دون أن يقابلها إنتاج فعلي.
هذه السياسة ساهمت في رفع معدلات التضخم، وأضعفت الثقة في استقرار الدولار على المدى الطويل.
تضخم الدين العام الأميركيبلغ الدين العام الأميركي نحو 37 تريليون دولار منتصف عام 2024، في أعلى مستوى له تاريخيًا. ومع استمرار الاعتماد على طباعة النقود لتمويل هذا الدين، وفرض زيادات ضريبية، تعاظمت المخاوف الدولية من هشاشة أساسات الدولار.
الاستخدام السياسي للعملةتسببت إجراءات مثل تجميد الأرصدة الروسية عام 2022 في تعزيز الشكوك حول حيادية الدولار كعملة عالمية. هذا دفع عدة دول كبرى إلى التفكير جديًا في فك الارتباط بالدولار خوفًا من استخدامه أداة ضغط جيوسياسي.
صعود عملات بديلةشهدت السنوات الأخيرة توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية والإقليمية بين دول كبرى، تُستخدم فيها العملات المحلية بدلًا من الدولار. كما تُجري مجموعة "بريكس" مشاورات لإنشاء عملة احتياطية جديدة، مما يُضعف التفرد التاريخي للدولار ويمهّد لنظام مالي عالمي متعدد الأقطاب.
نتائج تراجع الدولار عالميًابعد استعراض العوامل المسببة، ننتقل الآن إلى تداعيات هذا التراجع، والتي تطال الاقتصاد العالمي برمّته:
الدول المستوردة، خاصة المرتبطة بالدولار، ستواجه ارتفاعًا في تكلفة السلع المستوردة، وضعفًا في قيمة الإيرادات عند تحويلها لعملاتها المحلية. البنوك المركزية التي تحتفظ باحتياطيات ضخمة بالدولار ستشهد تراجعًا في القيمة الحقيقية لهذه الأصول. أسعار السلع الأساسية، مثل النفط والذهب والقمح، قد تصبح أكثر تقلبًا في غياب مرجعية موثوقة ومستقرة. الأسواق الناشئة ستتأثر باضطرابات في تدفقات الاستثمار وتذبذب العملات المحلية.ورغم أن هذا التراجع لا يعني بالضرورة انهيار الدولار، فإنه يرمز إلى تغير تدريجي في قواعد اللعبة الاقتصادية الدولية.
تأثير الدولار على الاقتصاد العربي
يرتبط الاقتصاد العربي بالدولار بشكل وثيق، ما يجعل أي تراجع في قيمته يترك أثرًا مباشرًا على الاستقرار المالي والتجاري في المنطقة.
1- الاعتماد العربي على الدولار
منذ اتفاق "البترودولار" في السبعينيات، ربطت معظم دول الخليج صادراتها النفطية بالدولار، وهو ما جعل العملات الخليجية تُربط به رسميًا.
أما الدول غير النفطية مثل مصر، وتونس، والمغرب، فترتبط به بشكل غير مباشر من خلال تسعير الواردات، والاعتماد على القروض الدولية، والتحويلات، وتسديد الالتزامات الدولية.
وتحتفظ البنوك المركزية العربية بمئات المليارات من الدولارات، أغلبها على هيئة سندات خزانة أميركية، فيما تُسعّر أغلب الصادرات والواردات بهذه العملة، ما يجعل الاقتصاد العربي مكشوفًا لأي تقلبات فيها.
وفقًا لصندوق النقد الدولي، يشكّل الدولار حوالي 59% من الاحتياطات الرسمية العالمية، ما يجعل تراجعه مصدر تهديد مباشر لقوة هذه الاحتياطات.
2- انعكاسات مباشرة على الدول العربية
تآكل الاحتياطاتمع تراجع قيمة الدولار، تفقد الأصول المقوّمة به جزءًا من قدرتها الشرائية، ما يستدعي مبالغ أكبر لتمويل الاستيراد أو دعم السلع الأساسية، خصوصًا في فترات الأزمات. عجز الموازنات
اعتماد الدول على الدولار في تسعير الصادرات والاقتراض يجعله عنصرًا حاسمًا في الميزانيات العامة. وعندما تتراجع قيمته، تنخفض الإيرادات الحكومية الحقيقية بينما ترتفع تكلفة الواردات وخدمة الدين، وهو ما يؤدي إلى فجوات تمويلية وضغوط مالية. ضغوط معيشية داخلية
ارتفاع تكلفة الاستيراد بسبب ضعف الدولار ينعكس على أسعار السلع في الأسواق المحلية، مما يُضعف القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في البلدان ذات الدخول المحدودة. انتقال التضخم العالمي
ربط العملات بالدولار يجعل الدول العربية مكشوفة أمام التضخم المستورد. فعندما ترتفع الأسعار عالميًا، تنتقل التأثيرات إلى الداخل دون أن تكون لدى الحكومات أدوات نقدية كافية لاحتوائها. إعلان تأثيرات الدولار على الشركات العربية
ولفهم التأثير بدقة، نُحلّل انعكاس تراجع الدولار على الشركات العاملة في العالم العربي:
اضطراب التكاليف: تعتمد أغلب الشركات على الاستيراد بالدولار، سواء للمواد الخام أو المعدات. فتقلب سعر الصرف يربك الميزانيات، ويقلّص الهوامش، ويُضعف القدرة التنافسية. خسائر العقود: المشاريع المرتبطة بعقود طويلة الأجل مقوّمة بالدولار، مثل قطاعي الطاقة والإنشاء، تواجه تراجعًا في العوائد الحقيقية، مما قد يؤدي إلى خسائر أو الحاجة لإعادة التفاوض. تنافسية مختلطة: تراجع الدولار قد يُحسن قدرة بعض الشركات المُصدّرة على جذب المشترين الدوليين بأسعار منخفضة، لكنه في الوقت نفسه يُضعف الأرباح عند التحويل للعملة المحلية، خصوصًا إن كانت التكاليف محلية أو التمويل خارجيا.رغم الطابع الكلي لقضية الدولار، فإن المواطن العادي يتأثر بها بطرق ملموسة:
تآكل قيمة التحويلات: الأسر التي تعتمد على تحويلات المغتربين بالدولار تفقد جزءًا من قدرتها الشرائية حينما تنخفض قيمته. ضعف المدخرات: الادخار بالدولار يصبح أقل أمانًا عندما تتراجع قيمته الفعلية رغم ثباته الرقمي. تذبذب الرواتب: في بعض الدول، الرواتب تُصرف بالدولار أو تُربط به. ومع انخفاض قيمته، تقل القوة الشرائية دون تغيير الرقم. زيادة الأسعار: تكلفة السلع المستوردة بالدولار، خصوصًا الغذاء والدواء والطاقة، ترتفع، مما يؤثر على ميزانية الأفراد. صعوبة التخطيط المالي: تقلب الدولار يُربك قرارات الاستثمار، والتعليم، والسفر، ويخلق حالة من انعدام اليقين. كيف نتكيّف مع تراجع الدولار؟على الدول العربية، وشركاتها، وأفرادها، الاستعداد لواقع جديد عبر خطوات عملية:
الحكومات تنويع الاحتياطيات: عبر تعزيز حصة اليورو، اليوان، الذهب، أو وحدات السحب الخاصة. اتفاقيات العملات المحلية: توقيع اتفاقيات مع شركاء تجاريين تعتمد على العملات المحلية للحد من الاعتماد على الدولار. تعزيز الإنتاج المحلي: الاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الغذاء، الطاقة، والدواء لتقليل الاستيراد وتقوية الاستقلال الاقتصادي. الشركات التحوّط المالي: استخدام أدوات مالية مثل العقود الآجلة، وصناديق العملات، والحسابات متعددة العملات لحماية الأرباح من تقلبات السوق. مراجعة العقود: تعديل العقود طويلة الأجل لتشمل سلال عملات بدلًا من الاعتماد الأحادي على الدولار. تنويع التمويل والموردين: الابتعاد عن الاعتماد الحصري على الدولار في الشراء أو الاقتراض الخارجي. الأفراد تنويع المدخرات: توزيع الادخار على عدة أصول مثل العملات البديلة، الذهب، العقارات، أو شهادات الاستثمار. مراقبة التحويلات: متابعة أسعار الصرف واختيار الوقت المناسب لتحويل الأموال، أو الاحتفاظ بجزء منها محليًا. ضبط الإنفاق: ترشيد الاستهلاك وتحسين التخطيط المالي لمواجهة ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق.لم يعد تفوّق الدولار مضمونًا كما في السابق. فالتغيير جارٍ، وعلى الجميع التفاعل معه بحكمة. والتحول نحو عالم مالي متعدد الأقطاب لم يعد سيناريو افتراضيًا، بل واقعًا في طور التشكل.
إن الدول العربية مطالبة اليوم بإعادة تقييم انكشافها على هذه العملة، ليس فقط لمواجهة التقلبات المالية، بل للتحصين من تداعيات جيوسياسية أعمق. فالأزمات لا تنذر قبل وقوعها، بل تتسلل تدريجيًا إلى أن تُفرض كأمر واقع.
وعلى الحكومات، والشركات، والأفراد أن يبدؤوا اليوم خطوات عملية للتحوّط، قبل أن تصبح كلفة التأخير باهظة.