(نجـــــــوم في الحــــرب)
سلسلة حوارات يجريها:
محمــد جمــال قنـــدول
المدرب القومي محمد عبد الله (مازدا) لـ(الكرامة):
أُصيبت شقيقتي بـ(دانة) وهُدم منزل الأسرة وتشتت شمل العائلة ..
(…..) هذا سبب مغادرتي السودان
افتكرنا حرب الجنوب هي الأخيرة .. وسيتعظ السياسيون..
(كضاب زول يقول ليك الحرب فيها فائدة)
إحساس إنك لاجئ يعني أنك (فقدت أي حاجة).

.
ربما وضعتهم الأقدار في قلب النيران، أو جعلتهم يبتعدون عنها بأجسادهم بعد اندلاع الحرب، ولكنّ قلوبهم وعقولهم ظلت معلقةً بالوطن ومسار المعركة الميدانية، يقاتلون أو يفكرون ويخططون ويبدعون مساندين للقوات المسلحة.
ووسط كل هذا اللهيب والدمار والمصير المجهول لبلاد أحرقها التآمر، التقيتهم بمرارات الحزن والوجع والقلق على وطن يخافون أن يضيع.
ثقتي في أُسطورة الإنسان السوداني الذي واجه الظروف في أعتى درجات قسوتها جعلني استمع لحكاياتهم مع يوميات الحرب وطريقة تعاملهم مع تفاصيل اندلاعها منذ البداية، حيث كان التداعي معهم في هذه المساحة التي تتفقد أحوال نجوم في “السياسة، والفن، والأدب والرياضة”، فكانت حصيلةً من الاعترافات بين الأمل والرجاء ومحاولات الإبحار في دروبٍ ومساراتٍ جديدة.
وضيف مساحتنا لهذا اليوم هو المدرب القومي محمد عبد الله (مازدا)، فماذا قال:
أول يوم الحرب أين كنت؟
كنت في منزلي بحي الشاطئ الثورة أم درمان، ومكثت بها لثلاثة أشهر، وحتى الآن جزءٌ كبير من أُسرتي لا زال هناك.
كيف علمت بنبأ اندلاع الحرب؟
أنا عادةً أصحو باكرًا، علمت بالحرب حين اندلاعها من تواتر الأنباء، ثم دلفنا إلى الفضائيات وعلمنا انّ الحرب اندلعت.
ماذا كان شعورك في تلك اللحظات؟
كنت مستاءًا جدًا، وافتكرنا أنّ حرب الجنوب ستكون آخر الحروب، وقد اتعظ السياسيون ، ولكن السودان بلد مستهدف لثرواته وموارده، ولذلك ظلت هذه البلاد مستهدفة على مدار سنواتٍ طويلة.
يوميات الحرب؟
خلال الفترة التي قضيتها في أم درمان كانت الأحوال في تلك المنطقة تحديدًا هادئةً جدا، وكنا نقضي يومنا في استقبال النازحين من محلية بحري ومناطق كافوري، والحمد الله حتى الآن لا زالت الأوضاع آمنة.
هل للحرب فوائد؟
(كضاب زول يقول ليك فيها فائدة، دي جهجهت الناس كلها، كفاية التشريد والنزوح واللجوء).
لماذا غادرت بعد ثلاثة أشهرٍ؟
لاسباب مرتبطة بدراسة الأولاد في المراحل الجامعية.
هل هذه الأزمة أثرت على ثقة المواطن فى النخب؟
(أنا ما لي في السياسة، لكن حسب وجهة نظري البسيطة دي، البلد تاني إلا يقوم جيل جديد من السياسيين فيها).
معنى حديثك أنّ الساسة هم سبب اندلاع الحرب؟
(يعني بعد كم وخمسين سنة من استقلال البلد ولسه ما اتشكلت رؤية و لم يتم وضع دستور دائم او يتحقق استقرار سياسي لتداول السلطة بتبقى القصة زي ما شايفين بندقية وانقلابات، ربنا يهدي الناس والحرب تقيف).
عادة فقدتها مع هذه التجربة المريرة؟
(إحساس إنك تكون لاجئ دي في حد ذاتها معناها إنت فقدت أي حاجة).
مأساة عايشتها أيام الحرب؟
لدي شقيقتي أُصيبت بدانة وقعت في منزلها وهي الآن تخضع للعلاج بالقاهرة معي، هذا بالإضافة لمنزل العائلة الذي هُدم ودُمر في “ود نوباوي” وتشتت شمل العائلة.
هذه حرب مختلفة عن سابقاتها؟
بالتأكيد هذه حرب مختلفة تمامًا لم نشهد لها مثيلًا.
رسالة لمن توجهها؟
أوجه التحايا للشعب السوداني الصابر الصامد، والقوات المسلحة وهي تخوض معركة الكرامة.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

حين يصير الموت مزدوجًا.. الكوليرا تُكمل ما بدأته الحرب في السودان

في زمنٍ تتداخل فيه رياح الحرب مع رياح المرض، يتحول السودان إلى ساحةٍ مفتوحة لأزمات مزدوجة تنهش جسد الوطن المتهالك. فبينما تتصاعد المعارك في المدن الكبرى، وتُقصف المستشفيات وتُستهدف الأحياء المدنية، يتفشى وباء الكوليرا كضيف ثقيل في وطن لا يقوى على استضافة الأوبئة. 

وفي ظل البنية الصحية المنهارة والدمار الذي طال المرافق الطبية، يجد الأطباء أنفسهم في سباق يائس مع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فكيف تسير خارطة انتشار الكوليرا؟ وما أبرز التحديات التي تواجه جهود احتوائه في قلب المعارك؟ هذا التقرير يرصد التفاصيل الدقيقة للوضع الميداني والصحي في السودان، في لحظة مفصلية من تاريخه الحديث.

التصعيد العسكري في كردفان وتداعياته الإنسانية

تشهد ولاية شمال كردفان، وتحديدًا مدينة الأبيض، تصعيدًا عسكريًا خطيرًا بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث اندلعت معارك ضارية في محاور مختلفة من إقليم كردفان الكبرى، الذي يضم ولايتي شمال وجنوب كردفان. ووفقًا لمصادر عسكرية ميدانية، فإن قوات الدعم السريع تمكنت من استعادة السيطرة على عدد من المدن الاستراتيجية، بعد أن كانت تحت سيطرة الجيش السوداني.

وتُعد مدينة الخوي من أبرز المناطق المتنازع عليها، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية كمفترق طرق حيوي. غير أن أخطر تطور ميداني وقع في مدينة الأبيض، حيث قصفت قوات الدعم السريع مستشفيين رئيسيين هما مستشفى الضمان والسلاح الطبي، ما أدى إلى دمار واسع وخسائر بشرية، من بينهم كوادر طبية وعاملون في القطاع الصحي.

كما استخدمت قوات الدعم السريع طائرات مسيّرة لاستهداف منشآت مدنية، من بينها محطة الكهرباء، ما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من المدينة. وأعلنت إدارة مستشفى الضمان تعليق العمل وإغلاق أبواب المستشفى لمدة أسبوعين بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت به جراء القصف، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني والصحي.

انتشار وباء الكوليرا وسط انهيار المنظومة الصحية

في موازاة التصعيد العسكري، يواجه السودان كارثة صحية متفاقمة بسبب تفشي وباء الكوليرا، الذي استشرى في عدة ولايات بشكل يهدد بكارثة إنسانية وصحية كبرى. وبحسب اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، فقد تم تسجيل أكثر من 1540 حالة وفاة خلال ثلاثة أيام فقط في ولاية الخرطوم وأم درمان، في رقم صادم يعكس عمق الأزمة.

وأكد المتحدث باسم اللجنة، الدكتور سيد محمد عبد الله، أن هناك مخاوف جدية من انهيار المنظومة الصحية بشكل كامل، خاصة في ظل توقف العمل في نحو 45% من المنشآت الصحية، وتدمير أو تعطل 80% من المستشفيات بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

كما سُجلت 91 حالة إصابة بالكوليرا في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، من بينها 10 وفيات مؤكدة، بينما تم نقل 26 حالة إلى مراكز العزل الصحي. وتشير البيانات المتوفرة حتى الآن إلى انتشار المرض في ما لا يقل عن 7 ولايات سودانية، وسط غياب كامل للبنية التحتية الصحية، ونقص شديد في الأدوية والمحاليل الوريدية ومستلزمات العزل.

ويعاني الأطفال بشكل خاص من هذا التفشي، في ظل عدم توفر حملات تطعيم، وتردي خدمات الإصحاح البيئي، وعدم انتظام إمدادات المياه النظيفة.

تحديات الاستجابة المحلية والمناشدات الدولية

تُعد الكوليرا مرضًا يمكن السيطرة عليه نسبيًا في حال توفر نظام صحي فعّال ومياه نظيفة، غير أن الحالة في السودان تختلف تمامًا. فمع غياب السلطة المركزية القادرة على تنسيق الجهود، وتهدم المؤسسات الصحية، وانتشار النزوح الجماعي داخل المدن وخارجها، تبدو محاولات السيطرة على الوباء غير كافية.

وقد ناشدت نقابة أطباء السودان وناشطون في المجال الإنساني المجتمع الدولي للتدخل العاجل، وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية، لتوفير الإمدادات الطبية اللازمة، وتنسيق حملات تطهير المياه، وتوزيع محاليل الإماهة الفموية ومضادات العدوى.

ويُعد توفر مراكز العزل المناسبة وتدريب الكوادر الصحية من أبرز الأولويات، إلى جانب دعم المناطق المتضررة بمولدات كهرباء ووسائل نقل إسعافي، خاصة بعد استهداف محطات الكهرباء والمرافق الحيوية.

وفي خضم صراع دموي طاحن بين قوات متنازعة، ينبثق وباء الكوليرا كعدو خفي لا يقل فتكًا عن الرصاص، متسللًا إلى أزقة المدن وبيوت النازحين ومراكز الإيواء. وبين القصف والعطش، وبين الجوع والمرض، يختنق المواطن السوداني بحلقات متشابكة من المعاناة. إنّ ما يحدث اليوم في السودان ليس مجرد أزمة صحية أو صراع مسلح، بل مأساة وطنية شاملة تستوجب استجابة دولية عاجلة، قبل أن تتحول البلاد إلى مقبرة جماعية للصحة والحياة معًا.

طباعة شارك السودان انتشار الكوليرا الكوليرا

مقالات مشابهة

  • 6 أخطاء تبطل الصلاة وتستلزم إعادتها.. تجنب الوقوع فيها
  • السودان: حرب بلا معنى (2)
  • ???? اللواء متمرد مهدي الأمين كبة يمتلك بيتاً فخماً في حى الصفا ومتزوج من قبيلة المحس من شمال السودان
  • فضل الأشهر الحرم.. اعرف أسماءها وثواب العبادة فيها
  • نائب وزير الخارجية الروسي يحذر من اندلاع مواجهة عسكرية بمنطقة بحر البلطيق
  • حين يصير الموت مزدوجًا.. الكوليرا تُكمل ما بدأته الحرب في السودان
  • احتجاجات حميدتي بصوت خالد عمر!
  • مروان عطية: مواجهة صن داونز الأخيرة أكثر مباراة شعرت فيها بالحزن.. ولكن الله عوّضنا بالدوري
  • هل ينجز كامل إدريس شيئاً بكتابيه؟
  • التناقضات والمعايير المقلوبة في اعتذار مبارك الفاضل