جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@02:36:04 GMT

التمسك بالخصائص الوطنية

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

التمسك بالخصائص الوطنية

 

محمد بن رامس الرواس

"إن هويتنا الوطنية العُمانية هي درعنا الحصين الذي نتحصن به من الأفكار الضالة التي بدأت تنتشر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لذا وجب علينا كمجتمعات تنافح عن أسرها أن نتمسك بالثوابت الراسخة لقيمنا ومبادئنا الإسلامية والعربية لكي نظل متواصلين مع قيمنا الأصيلة نحمي أسرنا ومجتمعاتنا من كل فكر ضال دخيل يبحث عن بذرة شيطانية يُمكن أن يزرعها".

.

 

كانت بحق واحدة من أنجع المحاضرات التي استمعت إليها مؤخرا في شأن الخصائص والآثار التي تدعو إلى التماسك المجتمعي والأسري، كانت محاضرة قيّمة تلك التي ألقاها الشيخ الدكتور كهلان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة، في مجمع السلطان قابوس للثقافة والترفيه بصلالة خلال فعالية "جسور.. عُمان هوية وحضارة" تحت شعار "هويتي" التي أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

ودعوني أشارككم بعض فصولها، فلقد توقفت بتمعن عند مجموعة من المحاور التي طرحها فضيلته كان أولها التعريف بالخصائص المميزة للهوية العُمانية والتعريف بمقوماتها الأساسية: الدين واللغة والخصائص الوطنية ثم تفاعلها من أجل التنمية والتطوير وهذه مقومات أساسية لكل هوية يراد لها البقاء والاستمرار والثبات؛ حيث يأتي الدين أولا؛ لأنه رأس الأمر ثم اللغة التي تعُد وجه الهوية ولسانها الناطق والمعبر عنها والموضح لها. ثم تأتي بعد ذلك الخصائص الوطنية التي تهتم بالتاريخ الذي هو من صنع الإنسان في المكان والزمان الذي وهبه الله للأوطان. يلي ذلك الجغرافيا التي هي صنع الله تعالى للإنسان.

وأكد فضيلته أن الخصائص الوطنية تعنى أيضاً بالقّيم والعادات والأعراف الحسنة النبيلة فإذا اجتمعت جميعها معاً وأضيفت إليها الأخلاق الحميدة وتوجت بحديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك وما ضربوك" وما خصَّ به الرسول أهل عُمان تحديدا بجغرافيتهم وموقعهم وأناسهم وفي الحديث تنويه واضح لأعلى شمائلهم وخصائصهم وصفاتهم وهي إشارة منه عليه أفضل الصلاة والسلام لأن أهل عُمان أهل علم وعفاف وتثبت لذا وجب علينا التعريف بهذه الشمائل ليتعرف عليها أبناؤنا ومجتمعاتنا ومربونا لكي يتم تربية أبنائنا على نفس النهج ونفس الصفات ونفس هذه الصفات المباركة ولكي يتمكنوا من غرس هذه المعاني لدى الناشئة.

ثم أضاف قائلاً إن من الخصائص الوطنية التي تهدف إليها هذه الفعالية التماسك الأسري والتماسك المجتمعي والتماسك الوطني وتتمثل في محورين أساسيين هما الحقوق من القيم الشرعية والأحكام والآداب وكل ما يتعلَّق بالحقوق داخل الأسرة والحقوق المجتمعية بصفة عامة هذا بالإضافة إلى الحقوق التي تكون على المستوى الوطني من خلال ما تناولها العلماء والأدباء حيث لدينا من الإرث الحضاري العُماني ما يعمق هذه الحقوق ويغرسها باستمرار فهي قيم وحقوق وواجبات ثابتة، ومن الواجب علينا أن نُعرف به ونعمل على تنميتها وتزكيتها وتطويرها.

 والمحور الثاني محور الأخلاق والشمائل بمفهومها الشامل منظومة القيم ولقد أشار فضيلته إلى أنَّ القيم في هذا الوقت هذا العصر أصبحت مستهدفة عبر العديد من الوسائل والأدوات التي لا يُمكن صدها لأنها تغزو بيوتنا فتصل إلى عقول وأفئدة أبنائنا ومجتمعاتنا لذا وجب علينا أن نتدارك الوضع ونُقدم البدائل المناسبة الموثوق بها التي تملأ لهم هذا الفراغ وتحصنهم من الماديات التي تقصف بهم بعيدا متى استفحلت.

وقد ختم فضيلته محاضرات القيمة بأهمية تفاعل هذه الخصائص التي ذكرها مع المتغيرات من حولنا وأكد على أن الدين هو مربط الفرس فننبذ ما لا نحتاجه فإننا بعون الله تعالى يمكننا أن نتفاعل مع المتغيرات حولنا وأن نجعل من هذه المتغيرات فرصًا لتعزيز هويتنا الوطنية العُمانية ونشرها لما تنطوي عليه من دين قويم وقيم سمحة ومن لسان صادق ومن معانٍ وطنية تدعو إلى التماسك والعز والحق والعدالة، حينها يمكن لنا أن نتفاعل تفاعلا إيجابياً مع المتغيرات من حولنا فتبقى هويتنا نابضة ثابتة وراسخة مصونة بعون الله وبفضله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دول الخليج هي التي ستملي سياسة أمريكا الخارجية

درج دونالد ترامب على أن يحقق مراده بطريقته. ولكن هذا قد يتغير هذا الأسبوع حينما يواجه الفوضى التي تسبب فيها في الشرق الأوسط. ففيما يبدأ رحلة على مدى ثلاثة أيام إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، يتعهد رئيس الولايات المتحدة بأمور عظام. وهو كدأبه واهم. فالواقع هو أن سياسات الولايات المتحدة المتهورة المتعارضة المهملة في المنطقة تحقق فشلا عاما. ولا غنى عن تصحيح مسار جذري.

وقادة الخليج لديهم من القوة ما يتيح تقويم مسار ترامب، لو أنهم قرروا استعمال هذه القوة. فهو يعتمد عليهم اعتمادا غير مسبوق ـ يفوق كثيرا اعتماده على أوروبا ـ بوصفهم وسطاء دبلومسيين، وشركاء أمنيين، وداعمين ماليين. والنهج الذي يتبعه في فلسطين فيوشك أن يبلغ بها نكبة ثانية هو مزيج من الانحياز والقسوة والجهل المحض. ودونما عون من العرب، قد تبقى الولايات المتحدة وإسرائيل في شرك مأزق سياسي مدمر لا نهاية له.

يعرف ترامب أنه ليس بوسعه تجاهل رؤى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظرائه في الخليج بشأن غزة وسوريا واليمن. وهم يعارضون محاربة إيران التي سبق أن هددت بها الولايات المتحدة وإسرائيل. وترامب بحاجة إليهم حلفاء له في نزاعه التجاري والجمركي مع الصين. وقد استضاف دبلوماسيون خليجيون محادثات سلام أوكرانية روسية دعمها ترامب شخصيا. وهو حريص أشد الحرص على إبقاء أسعار النفط على انخفاضها.

فضلا عن أنه طامع في صفقات استثمارية ومبيعات سلاح في الشرق الأوسط بمليارات الدولارات.

غير أن للدعم الخليجي ثمنا لا بد من دفعه. وانظروا على سبيل المثال إلى أمل ترامب في توسيع ما يعرف بالاتفاقات الإبراهيمية لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية. فمهما يكن ما يقوله ترامب، يتعهد محمد بن سلمان بأن هذا لن يحدث بدون ضمان تقدُّم نحو دولة فلسطينية مستقلة، وذلك احتمال تمقته حكومة إسرائيل. وقد وصف محمد بن سلمان ما وقع من قتل بعد السابع من أكتوبر لأكثر من اثنين وخمسين ألف فلسطيني في غزة بـ«الإبادة». وفي الرياض، سوف يلاقي ترامب ضغطا كبيرا لإنهاء الحصار الإسرائيلي وإعادة فرض وقف إطلاق النار.

تزداد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية توترا، في ظل رفض ترامب حتى الآن الدعوات لإضافة العاصمة الإسرائيلية إلى جدول زيارته. وبغض النظر عن أثر الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس، فإن بنيامين نتنياهو وحلفاءه في اليمين المتطرف يخططون لاحتلال عسكري طويل الأمد لغزة ولعمليات طرد جماعي للفلسطينيين. وبرغم دعم ترامب قبل شهرين وحديثه الأهوج عن إقامة «رفييرا في الشرق الأوسط»، يبدو أنه قد أدرك متأخرا أن السلام لا يتحقق على هذا النحو.

ولقد فوجئ نتنياهو ـ المستمر في تحريضه للولايات المتحدة على الانضمام إلى إسرائيل في عمل عسكري ضد إيران هذا العام ـ بإعلان ترامب المفاجئ الشهر الماضي عن محادثات مع طهران حول البرنامج النووي. كما جاء تراجع ترامب الفجائي بالقدر نفسه الأسبوع الماضي بإنهاء الضربات الجوية الأمريكية لليمن بمثابة ضربة مفاجئة لإسرائيل المستمرة في قصف الحوثيين. ويأتي هذان التحولان في السياسة، بجانب تغير نبرة ترامب فيما يتعلق بغزة، نتيجة ضغط خليجي فعال.

كما يريد القادة العرب بدعم تركي أن يحجِّم ترامب عمليات إسرائيل العسكرية في لبنان، وفي سوريا بصفة خاصة التي تتعرض لضرباتها المتكررة منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر. فجميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة يؤيدون التعامل مع رئيس سوريا المؤقت أحمد الشرع وحكومته الائتلافية.

ويقول الشرع: إنه لا يريد القتال مع إسرائيل وينصب تركيزه على إعادة توحيد بلده المحطم. وقد أسفرت زيارته المهمة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر عن عروض سخية بمساعدات في إعادة الإعمار. غير أن ترامب، خلافا لبريطانيا والاتحاد الأوروبي، يرفض تخفيف عقوبات حقبة الأسد. وهذا خطأ جسيم يعرقل آمال السوريين في بداية جديدة، وقد يسمح لإيران وروسيا بالرجوع إليها. صحيح أن تحول سوريا إلى بلد ديمقراطي موال للغرب مغنم عظيم، لكنه يبدو في الوقت الراهن أشبه بفرصة مهدرة.

لو أن ترامب يريد أن يضمن دعم الخليج لأجندته الأوسع، فعليه أن يعطي في المقابل شيئا ذا قيمة. وقد يكون ذلك إحياء للاتفاق النووي الأمريكي الأوروبي لعام 2015 مع إيران في عام (الذي تراجع عنه بحماقة في عام 2018)، مع ضمان ألا يشن نتنياهو والمتشددون في طهران حربا أخرى. ويحتمل جدا أن يقدم ترامب على هذه الخطوة. فهو يزعم أنه «رئيس السلام». وهذه فرصته ليثبت هذا.

يمكن لاتباع أمريكا نهجا أكثر استنارة تجاه غزة وسوريا أن ينقذ أهدافا أخرى لترامب، من قبيل: تخفيض أسعار الطاقة وتعزيز الاستثمار الخليجي في الشركات والوظائف بالولايات المتحدة. ومواقف المملكة العربية السعودية محورية في كلا الأمرين. فالتخفيضات المستدامة في أسعار الوقود بالنسبة للمستهلك قد تهدئ ناخبي ترامب المحبطين وتساعد في ترويض التضخم في الولايات المتحدة. وقد طرح محمد بن سلمان في يناير صفقة استثمارية أمريكية لمدة أربع سنوات بقيمة ستمئة مليار دولار. وقد يليها المزيد.

فهل بوسع هذه الجزرة البدينة أن تكون السبب الرئيسي لاختيار ترامب للسعودية لتكون أول زيارة رسمية له بعد تنصيبه مثلما فعل في 2017؟ وثمة إغراء إضافي يتمثل في الاتفاقية الأمنية الأمريكية السعودية التي تشمل حزمة أسلحة أولية للرياض بقيمة مائة مليار دولار يجري العمل عليها. وسوف تنشأ فرص كثيرة لشركات ترامب العائلية أيضا لو كان لنا مؤشر في منتجع الجولف الفاخر في قطر. فرغبة ترامب العارمة في تحقيق الأرباح لا تتأثر أوهى تأثر باحتمال تضارب المصالح.

إن تنامي قوة ونفوذ دول الخليج حقيقة لا مهرب منها في الحياة الجيوسياسية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين. لكن لو كان ترامب رجلا أكثر شجاعة، وأكثر استقامة، لذهب إلى غزة في الأسبوع القادم ليرى بنفسه الخراب الذي تسبب فيه هو وحلفاؤه في اليمين المتطرف.

ولكنه لن يفعل هذا. فمعروف للكافة أن ترامب ليس هذا الرجل النبيل. ومعروف أيضا أنه ليس برجل دولة.

سيمون تيسدال معلق الشؤون الخارجية في صحيفة ذي جارديان.

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • عاجل.. تفاصيل الهزة الأرضية التي شعر بها سكان القاهرة وعدة محافظات
  • عراقنا… الهوية التي لا تتجزأ !!
  • هُويَّتنا التي نحنو عليها
  • رفح.. المدينة التي تحولت إلى أثرٍ بعد عين
  • ???? الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات
  • دول الخليج هي التي ستملي سياسة أمريكا الخارجية
  • اتفاقية خور عبد الله : بين الالتزام الدولي والسيادة الوطنية
  • ثُمَّ شَقَّتْ هَدأةَ الليلِ رُصَاصة !!
  • ما الرسالة التي وجهها بنزيما إلى زملائه قبل حسم لقب الدوري السعودي؟
  • الريشة التي لا تنحني.. عماد الخطاط وآخر سلالة الحرف الأصيل في الأنبار (صور)