غزة - خــاص صفا

مر عام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي لم يسلم منها شبر واحد من القصف جواً كان أو براً أو بحرًا، عدا عن قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، إلا أن الاحتلال لم يحقق أهدافه المعلنة، حتى بالمنظور الإسرائيلي، كما يجزم مختصون بالشأن السياسي.

ويوضح المحللون السياسيون في أحاديث منفصلة مع وكالة "صفا" أن لـ "إسرائيل" ثلاثة أهداف معلنة واستراتيجية لحربها على غزة، تتمثل في القضاء على المقاومة، وتحرير الأسرى الإسرائيليين، وإعادة الحياة والهدوء المستوطنات غلاف غزة.

وشنت "إسرائيل" عدوانًا على غزة في 7 أكتوبر 2023، قتلت نحو 42 ألف مواطن، وأصابت أكثر من 97 ألفًا، نحو 70 % منهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى نحو 10 آلاف مفقودين تحت الأنقاض، وما زال العدوان مستمرًا.

تغيير البنية الإدارية

ويقول المختص بالشأن السياسي بالضفة سليمان بشارات: "إن الأهداف التي أعلن عنها الاحتلال للحرب على غزة هي ثلاثة لم تتحقق حتى الآن".

ويضيف بشارات، في حديثه لوكالة "صفا"، أن "أول هذه الأهداف هو إعادة الأسرى، ولم تحققه إسرائيل، باستثناء من تحرروا بصفقة نوفمبر العام المنصرم، بل إن إسرائيل قتلت عدداً منهم بشكل متعمد أو حتى غير ذلك، ظناً من رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أن عمليات تحرير الجنود حتى إن كانوا قتلى، سيضاف لملف إنجازاته التي يحاول أن يحققها لتحقيق مصالح شخصية وسياسية، لم يعد أحد يجهلها"، وفق المحلل.

ويشير بشارات إلى أن "إسرائيل" أعلنت أنها ستقضي على المقاومة بغزة وعلى رأسها حركة حماس، وهذا أيضاً لم يتحقق بالشكل الكامل، بالرغم من أنها أثرت على المقاومة بالضربات واستهداف الشخصيات والقادة.

ويدلل على ما سبق بقوله إن خسائر الاحتلال تحت ضربات المقاومة مستمرة في كل مناطق القطاع، وبالتالي لم يتحقق هدفه الثاني.

ويرى أن الهدف الثالث المتمثل في تغيير البنية الإدارية لغزة أيضاً لم يتحقق ولم تستطع "إسرائيل" استبدال البنية الإدارية للمقاومة بغزة حتى اليوم.

ويتابع "كل هذا لم يتحقق بالرغم من عمليات القتل والتدمير الممنهج الذي هو جزء من العقلية الإسرائيلية.

والنقطة الأخيرة، من وجهة نظر بشارات، هي أن تحقيق الأهداف لم يحدث حتى بالمنظور والعقلية الإسرائيلية، "مع وجوب ألا ننسى فارق القوة والقدرات العسكرية بين المقاومة والاحتلال، وهذا ما تعنيه إسرائيل جيداً".

استراتيجية ومبطنة

من جانبه، يرى المختص بالشأن السياسي أشرف بدر، أنه "وحتى الآن ووفقًا للاستراتيجية الإسرائيلية، فإن الأهداف المعلنة للحرب على غزة لم تتحقق بشكل كامل، لكن هذا غير الأهداف المبطنة، التي يمكن استنتاجها، لا الجزم بها".

ويوضح بدر، في حديثه لوكالة "صفا"، أن القضاء على المقاومة، وإعادة الأمن لمستوطنات غلاف غزة، وتحرير أسرى الاحتلال، هي الأهداف الاستراتيجية التي لم تتحقق، متفقًا بذلك مع بشارات.

غير أن بدر، يشير إلى أن الأهداف المبطنة للحرب على غزة تتمثل في جعلها غير صالحة للحياة، وتهجير الفلسطينيين منها.

ومن وجهة نظره، فإنه لا يمكن الجزم بتحقيق الاحتلال للهدفين السابقين، إلا بعد انتهاء الحرب، مضيفاً "الأهالي يرغبون بالبقاء بغزة ومتمسكون بالوجود فيها مهما كانت ظروفها وبعد كل ما فعله الاحتلال من تدمير لكل مناحيها".

ويستدرك "لكن خروج نسبة من أهالي غزة بأعداد غير قليلة بعد الحرب سيحدد ما إذا كان الاحتلال نجح أو لا، مع العلم أن هناك نموذج للصمود لدى أهالي شمالي القطاع الذين فضلوا البقاء فيه وتحمل تبعات ذلك، على أن ينزحوا للجنوب".

أهداف متتالية دون نتيجة

لكن، المحلل السياسي نجيب مفارجة يقول: "إنه لا توجد  أهداف واضحة للحرب، بل إن الاحتلال كان يعطي أهدافًا مطاطة، يضيفها على فترات متباعدة، منها إسقاط حكم حماس وإنهائها كحركة، وهو ما فشل فيه، وهو يعي أنه لا يمكن أن يستأصلها وهي متجذرة، ولديها حاضنة شعبية".

ويضيف مفارجة، في حديث لوكالة "صفا"، "الاحتلال أراد إسقاط حماس كحكومة وفشل، وهو اعترف بذلك حينما أعلن أن كل منطقة يخرج منها تعيد حماس السيطرة عليها وعناصرها تعاود الانتشار فورًا".

"الحد من قدرات المقاومة وإسقاطها، أيضًا لم يتحقق والاحتلال يعرف أنه يكذب حينما يقول إنه أنهى كتيبة معينة هنا وهناك، ويعي بوجود المقاومة، التي توقفت عن إطلاق الصواريخ إلا عبر فترات متباعدة، ضمن تكتيك تعيه إسرائيل، وهناك الكثير من عمليات قتل الجنود وتفجير الدبابات والمعدات، حتى في المناطق التي يقول الاحتلال إنه أنهى الكتائب فيها"، وفق مفارجة.

ويتابع "أيضًا فشل الاحتلال في الهدف الرئيسي وهو إعادة جنوده الأسرى بغزة، ولم يُعد جنديا واحدا منهم بالطريقة العسكرية".

ويلفت إلى فشل "إسرائيل" أيضاً في إعادة مستوطني غلاف غزة، بالإضافة إلى هدف آخر أضافته قبل نحو شهر، وهو إعادة سكان شمال فلسطين المحتلة، ومحاولته تحييد حزب الله عن المعركة.

كما يرى أن هناك هدف مبطن وهو إعادة "هيبة الردع" الإسرائيلية في المنطقة، والتي تهشمت بفعل السابع من أكتوبر.

ويجزم أن "إسرائيل أصبحت بعد 7 أكتوبر ملطة (يتجرأ عليها الجميع)، وهو ما رأيناه وما زلنا من حزب الله وضرباته المستمرة والضربات الإيرانية الجريئة، وبالتالي هي لم تنجح في أهم هدف لديها".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الحرب على غزة طوفان الأقصى على المقاومة لم یتحقق على غزة أهداف ا

إقرأ أيضاً:

معركة المرحلة الثانية في غزة

ستشهد غزة في الأيام القادمة، أو خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر الذي سيختم العام 2025، معركة المرحلة الثانية في مسار إنهاء الحرب التي اندلعت خلال السنتين الماضيتين، إثر عملية طوفان الأقصى في 7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

ففي هذه المعركة سيتقرّر مصير سلاح المقاومة، والوضع في القطاع، كما استمرار ما احتُلّ من أراضٍ فيه، الأمر الذي سيقرر مصير القضية الفلسطينية، ومقاومة الاحتلال في القدس والضفة الغربية خلال السنوات العشر القادمة، فضلا عن تأثيره في مستقبل المنطقة العربية والإسلامية.

فهذا التقدير للموقف، سيتطلب أن تركز كل الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية وأحرار العالم في الالتفاف حول المقاومة والشعب في غزة.

والمقصود هنا جهود الذين ينتسبون للحق الفلسطيني، كما جهود من يقفون ضدّ الجريمة الدولية، التي أقامت الكيان الصهيوني من خلال عملية اقتلاع لثلثي الشعب الفلسطيني في 1948/1949، وإحلال مستوطنين جاء بهم الاستعمار البريطاني، ليقيموا الكيان الصهيوني بالقوّة السافرة، وبمخالفة للقانون الدولي وللعدالة والحق.

فهؤلاء وهؤلاء ممن ينتسبون إلى جبهة عدالة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وممن يرفضون ويناهضون جريمة الوجود الصهيوني في فلسطين، ويدينون الآن سيرته، بما يرتكب ويرتكب من جرائم إبادة، وقتل جماعي، وتدمير شبه شامل لقطاع غزة، واستيطان وضم للقدس والضفة الغربية، ومناطق الـ48، كما راح يشنّ الاعتداءات العسكرية على لبنان وسوريا واليمن، مهددّا كل البلاد العربية والإسلامية، بإخضاعها أمنيا له.

فعلى هؤلاء وهؤلاء، وبقولٍ واحد لا يقبل التردّد، أن يلتفوا حول المقاومة والشعب في قطاع غزة، خلال الأيام والأسابيع القادمة، لإفشال ما يسمّى المرحلة الثانية. وذلك إذا أُريدَ لهذه المرحلة أن تحلّ كما يسعى نتنياهو، وكما يتواطأ ترامب ومساعدوه، بوضع قطاع غزة تحت وصاية أمريكية-صهيونية، وإبقاء الاحتلال الصهيوني مسيطرا على أجزاء من القطاع، إلى جانب تجريد غزة من سلاح المقاومة. ومن ثم وضع القطاع تحت الإبادة، والتنكيل والتهجير.

إن إفشال مشروع نتنياهو، والمؤيَّد جزئيا أو أكثر من قِبَل ترامب ومساعديه، يشكل الواجب الأول لكل مسعى سياسي فلسطيني، ولكل موقف عربي وإسلامي، ورأي عام عالمي، وذلك بالوقوف الحازم إلى جانب موقف المقاومة والشعب في غزة.

وهو الموقف الذي يريد للمرحلة الثانية، أن تتم على أساس الوقف التام للحرب، والانسحاب الكامل من قِبَل الاحتلال، وتأمين دخول المساعدات من دون أيّة سلطة للجيش الصهيوني عليها، والحفاظ على سلاح المقاومة، كضمان لمواجهة أيّ عدوان عليها وعلى الشعب وضمان الأمن الداخلي، فضلا عن تثبيته كحق يقتضيه القانون الدولي في مقاومة الاحتلال.

حقا إنها لمعركة حاسمة في مواجهة الحلّ الذي سيكون عليه الوضع في قطاع غزة، للمرحلة القادمة، كما مستقبل الوضع في القدس والضفة الغربية. ومن ثم فكل جهد ونشاط يجب أن يدعما الالتفاف حول المقاومة والشعب في قطاع غزة، وما يجب أن يتهيأ من إعداد للمقاومة والانتفاضة في الضفة الغربية، المعرضة للضم وشعبها للتهجير.

مقالات مشابهة

  • "حماس" تنعى الشهيد القائد رائد سعد
  • معركة المرحلة الثانية في غزة
  • عن اغتيال "سعد".. خبير أمني لـ"صفا": "إسرائيل" تحاول "جز العشب" لمنع تعافي المقاومة في غزة
  • عن اغتيال "سعد".. خبير أمني لـ"صفا": "إسرائيل" تحاول تطبيق نظرية "جز العشب" بغزة لمنع نمو المقاومة
  • عن اغتيال "سعد".."خبير أمني لـ"صفا": "إسرائيل" تُطبق نظرية "جز العشب" بغزة لمنع نمو المقاومة
  • مسار الأحداث يناقش أهداف إسرائيل من اغتيال رائد سعد
  • حماس: إسرائيل خرقت وقف النار وخطة ترامب بهذا التصرف
  • أمين عام حزب الله: سلاح المقاومة لن يُنزع تحقيقاً لهدف “إسرائيل” ولو اجتمعت الدنيا
  • حضرموت.. بين مطرقة الاحتلال المقنع وسندان أدواته
  • "لجان المقاومة": ما يجري في غزة فصل جديد من حرب الإبادة وسط صمت دولي