9 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: تشهد شوارع العاصمة العراقية بغداد أزمة مرورية خانقة تستمر في التفاقم يوماً بعد يوم. الزحامات الطويلة باتت مشهداً مألوفاً يعاني منه المواطنون بشكل يومي، وسط استياء متزايد وسخط تجاه غياب الحلول العاجلة .

ويُحمّل المواطنون المسؤولية لكل الجهات المعنية، منتقدين نقص التخطيط الذي أدى إلى بناء جسور جديدة وتوسعة بعض الشوارع وأعمال إكساء للطرق القديمة دون جدولة واضحة.

ويرى المواطنون أن هذه الإجراءات قد فاقمت من الأزمة المرورية بدلاً من حلها، حيث تم تنفيذها جميعاً في وقت واحد دون الأخذ في الاعتبار التأثيرات الناتجة عن ازدحام المركبات.

أحد المواطنين، محمد سعيد، يعبر عن سخطه قائلاً: “الأمر لا يُحتمل، نقضي ساعات في الزحام يومياً، وما يزيد الطين بلة هو غياب أي حل حقيقي. الحكومة تقوم بمشاريع طرق دون تخطيط أو دراسة للأثر على الشوارع الحالية. لقد أصبحنا رهائن للزحامات.”

من جهتها، تشير سعاد جاسم، مواطنة أخرى، إلى الزيادة الكبيرة في عدد المركبات: “لقد تضاعف عدد السيارات بشكل مخيف”.

وفي الماضي، كان هناك حوالي 400 إلى 500 ألف مركبة، أما الآن فتجاوز عددها الخمسة ملايين، ومع ذلك، الطرق نفسها لم تتوسع منذ سنوات، وفق احصائيات مرورية.

ويعود جزء من الأزمة إلى الزيادة الهائلة في عدد السيارات خلال العقدين الماضيين، حيث ارتفع عدد المركبات بشكل غير مسبوق، بينما ظلت شبكة الطرق على حالها دون توسعة ملحوظة. ومع تزايد عدد المركبات إلى خمسة ملايين سيارة، لا يزال هيكل الطرقات كما كان قبل عام 2003.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم افتتاح العديد من المطاعم والمقاهي في تفاقم الأزمة، حيث تتكدس السيارات والدراجات النارية أمامها. كما أن الانتشار الواسع للتكاتك زاد من حدة الاختناقات.

وأحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة هو غياب وسائل النقل العام المتطورة. بغداد لا تتوفر على مترو أو ترام أو قطارات سريعة، ما يجعلها واحدة من أكثر المدن تخلفاً من حيث البنية التحتية للنقل.

ويفتقر المواطن العراقي إلى البدائل المناسبة للتنقل، مما يضطر الجميع لاستخدام السيارات الخاصة، ما يؤدي إلى تفاقم الازدحام.

ويقول المهندس المختص في التخطيط الحضري، علي حسن: “لا توجد استثمارات كافية في مشاريع تطوير البنية التحتية المرورية. الغياب التام لمشاريع تطوير النقل الجماعي كالمترو أو الترام يضع بغداد في قائمة المدن الأكثر ازدحاماً وتخلفاً من الناحية المرورية.”

من جهة أخرى، يرى الخبير الاقتصادي، سعدون الكعبي، أن عدم تنظيم مواقف السيارات أحد العوامل المهمة التي تزيد من الأزمة: “لا توجد مساحات كافية لوقوف السيارات، بل التهمت المشاريع الاستثمارية المساحات المفتوحة، مما دفع بالسكان والمركبات إلى التزاحم في الشوارع الضيقة.”

و في ظل غياب الاستثمار في مشاريع النقل العام، وعدم وجود حلول جذرية لتوسعة وتطوير شبكة الطرق، يبقى السؤال: إلى متى سيظل سكان بغداد يعانون من هذه الاختناقات المرورية؟ تحتاج العاصمة إلى إعادة تقييم شاملة لنظام النقل العام وتوسيع شبكة الطرق لتستوعب العدد المتزايد من المركبات بشكل فعال، وإلا فإن الأزمة مرشحة للتفاقم في المستقبل.

أحمد كريم، سائق سيارة أجرة: “كل يوم أسوأ من اليوم الذي قبله. أحياناً أمضي ساعتين في قطع مسافة قصيرة، وهذا يؤثر على عملي ورزقي. زحمة السيارات غير معقولة، والحكومة لا تقوم بشيء حقيقي لحل الأزمة. بناء الجسور وتوسيع الشوارع شيء جيد، لكن تنفيذ كل هذه المشاريع في نفس الوقت دون تنظيم هو المشكلة. الناس متعبة والطرقات تعيسة.”

نور الربيعي، موظفة حكومية: “أقضي نصف يومي في الطريق بسبب الزحام. لا توجد حلول حكومية ملموسة. الجميع يستخدم سياراتهم لأن لا توجد وسائل نقل عامة موثوقة، ولو كانت هناك خيارات أفضل كالمترو أو حافلات حديثة، لكنا تجنبنا هذه الأزمة. نشعر بالإهمال الكامل من قبل الجهات المسؤولة، خاصة عندما نرى أن مدن أخرى في العالم تتطور ونحن لا نزال نعاني من نفس المشاكل منذ سنوات.”

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: لا توجد

إقرأ أيضاً:

ما هو زمن الخلاص والغضب الإلهي الذي يربطه حاخامات يهود بمنسوب بحيرة طبريا؟

تواجه بحيرة طبريا في منطقة الجليل شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة موجة جديدة من الخطر الذي يهدد عذوبة المياه فيها وحتى وجودها من الأساس، بسبب التغيرات المناخية ومقدار الأمطار السنوية وغيرها من العوامل، وهو ما قد يرتبط بمعتقدات دينية يهودية تتعلق بازدهار "إسرائيل" أو حتى زوالها.

وتربط أوساط يهودية امتلاء بحيرة طبريا بقرب مجيء "الماشيح" وهو علامة على "اقتراب زمن الخلاص"، بينما جرى ربط جفافها أو اقترابها من "الخط الأسود" على أنه علامة على "غضب الرب أو اقتراب نهاية الزمان".

ويذكر أن "الماشيح" بحسب المعتقد اليهودي هو "ملك من نسل داود سيأتي في آخر الزمان ليعيد اليهود إلى أرض إسرائيل، ويقيم السلام العالمي، ويبني الهيكل الثالث في القدس، ويحقق العدل الإلهي".

بحيرة طبريا
تُكتب أيضًا طبرية، بينما تُسمى إسرائيليًا "كنيرت أو بحر الجليل"، وهي بحيرة عذبة المياه تقع بين منطقة الجليل في شمال فلسطين وهضبة الجولان، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن، ويبلغ طول سواحلها 53 كم وطولها 21 كم وعرضها 13 كم، وتبلغ مساحتها 166 كم2.

ويصل أقصى عمق فيها إلى 46 مترًا، وهي تنحدر من قمة جبل الشيخ الثلجية البيضاء، ويربط العلماء البحيرة والمنخفض حولها على أنهما جزء من الشق السوري الأفريقي.


وتصف العديد من المصطلحات مستوى المياه في البحيرة من خلال تسميات لخطوط ملونة تعكس ارتفاعها ووفرة مياهها، أو انخفاضها وتعرضها لخطر الجفاف:

- الخط الأحمر العلوي، وهو على مستوى 208.90 مترًا تحت مستوى البحر، وهو الحد الأعلى ويمثل الامتلاء التام.

- الخط الأحمر السفلي، ويكون على مستوى 213.00 مترًا تحت مستوى البحر، وهو مستوى حرج جدًا. مستوى الامتلاء الكامل، يبلغ 208.80 مترًا تحت مستوى البحر، وعنده يبدأ فتح مسارات التصريف من البحيرة.

- الخط الأسود، ويبلغ 214.87 تحت مستوى البحر، وهو يمثل الخطر الجسيم أو حتى الموت البيئي وعدم صلاحية المياه للشرب وانعدام الحياة البحرية.

وتغيّر منسوب المياه في طبريا بشكل حاد طوال العقود الماضية، ففي عام 1969 فاضت مياه البحيرة وجرى تسجيل أعلى منسوب بمقدار 208.30 مترًا تحت مستوى البحر، أي 60 سم فوق الخط الأحمر العلوي المعمول به آنذاك.

ورغم استمرار تدفق المياه حينها إلى "المجرى المائي الوطني" مع فتح سد "دغانيا" الإسرائيلي بشكل كامل للسماح بمرور المياه إلى نهر الأردن، إلا أن بحيرة طبريا فاضت وعمرت المناطق المنخفضة.

وجرى تسجيل أدنى مستوى في كانون الأول/ ديسمبر 2001، في نهاية سلسلة من سنوات الجفاف، وكان مستوى المياه حينها 214.87 مترًا تحت مستوى البحر، وحُدِّد هذا المستوى كخط أسود يُحظر النزول تحته.

وفي عام 2004، اقترب مستوى المياه من أقصى ارتفاع له، وكانت بحيرة طبريا حينها على بُعد 37 سنتيمترًا فقط من الامتلاء، بمعنى آخر، في غضون عامين تقريبًا، قفز مستوى المياه بأكثر من 5.5 أمتار، بحسب ما ذكر تقرير لموقع "واينت" الإسرائيلي.

الدلالة الدينية
قال الحاخام دوف كوك بن شوشانا، المعروف بتفسيراته الرمزية، إن امتلاء بحيرة طبريا حتى ضفافها سيكون علامة مؤكدة على ظهور "الماشيح"، مشيرًا إلى أن ارتفاع منسوب المياه هذا الشتاء (التصريحات عام 2020) بسنتيمتر إضافي نتيجة الأمطار الغزيرة يعزز هذا الاعتقاد.

واعتبر بن شوشانا في تصريحات نقلها موقع "إسرائيل نيوز" أن اكتمال مستوى البحيرة يعبر عن "بلوغ حالة روحية مرتبطة بالخلاص".


وأوضح الحاخام أن "خبرًا صحفيًا لفت انتباهه حين أفاد مسؤولو سلطة المياه بأن مستوى بحيرة طبريا ارتفع سنتيمترًا إضافيًا نتيجة للأمطار الغزيرة التي هطلت في شمال البلاد. وبيّن أن مستوى البحيرة الكامل يُقارب وفقًا لحساباته 209 زائد 11 ناقص 198، وهو ما وصفه بتعبير "ضحك".

وأشار إلى أن "الخلاص معروف بأنه مرتبط بحرف "ץ" (الصاد العبرية في نهاية الكلمة)، وأنه عند تحقق الخلاص سيعم الفرح والضحك"، مضيفًا أنه عند إضافة حرف الياء إلى كلمة “צחק” (ضحك) تنتج كلمة “יצחק” (إسحاق)، وهذا يرمز في عمق 208 أمتار، وهو المستوى الذي ينبغي للبحيرة بلوغه".

واعتبر أن "ما ينقص لتحقيق ذلك هو 91 ملم فقط، وأكد أن الرقم 91 يعادل كلمة “آمين”، التي قال إنها تعبر عن اتحاد كلمتين مرتبطتين بالبحيرة وفقا لحساباته.

وأشار إلى أن "بحيرة طبريا قد امتلأت هذا الشتاء (2020) بالأمطار وتجاوزت عمق 220 مترًا، أي أنها تبقى دون مستوى الامتلاء الكامل بنحو 22 سنتيمترًا. وأوضح أن العدد 220 يساوي قيمة كلمة "تاج"، وفي نفس الفترة ظهر فيروس "التاج" (كورونا الذي يبدو تحت المجهر الإلكتروني كهالة أو تاج).

وفسر الحاخام ذلك بأنه "عند صعود بحيرة طبريا من عمق "التاج" سيأتي ظهور ملك المسيح ليكشف للعالم ملكوت الله في السماوات والأرض وليؤكد أنه لا إله سواه"، قائلًا إن كلمة كنيرت (التسمية الإسرائيلية لطبريا) تتكون من "تاج ونون" وتساوي في الحساب العددي “تاج الخلاص”.

وأكد أن "مستوى بحيرة طبريا يمثل معيار الخلاص لشعب إسرائيل وللعالم بأسره".

وورد في "التلمود البابلي" نص يربط خراب منطقة الجليل (التي تشمل بحيرة طبريا) بقدوم "ابن داود" (الماشيح بحسب المعتقد اليهودي)، وذلك بعبارات "الجليل يُخرب والجولان يُهجّر عندما يأتي الملك الماشيح".

وفي مقال للحاخام شموئيل إلياهو حمل عنوان "جفاف طبريا: رسالة إلهية للتوبة"، ونشر في موقع "مكور ريشون" في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، جرى وصف انحسار مياه بحيرة طبريا إلى مستويات تاريخية مقلقة.

واعتبر الحاخام أن كشف الصخور في قاعها (بحيرة طبريا) "ليس مجرد أزمة مياه، بل إشارة من السماء"، مؤكدًا أن هذا الجفاف "يُشكل تحذيرًا روحيًا للمجتمع الإسرائيلي"، مستندًا إلى "سفر عاموس" حيث يُربط "نقص المطر بالابتعاد عن طريق الرب".

وأبرز المقال مكانة البحيرة في المعتقد اليهودي، مشيرًا إلى تسميتها بـ"بحر الجليل المقدس" بسبب نقاء مياهها الصالحة لـ"طقوس التطهير"، مشددًا على أن جفاف "قلب الأرض يمثل خطرًا يتجاوز الجانب البيئي".

في الإسلام
وفي الدين والعقيدة الإسلامية يتم ربط جفاف بحيرة طبريا بالعلامات الكبرى على نهاية الزمان بعد عصر المسيح (عيسى عليه السلام)، حيث يمر يأجوج ومأجوج على مياه البحيرة ويشربونها حتى تنقضي، بعدها “يقولون: لقد كان بها ماء”، وذلك وفقًا لأحاديث صحيحة وردت في صحيح مسلم.


وجاء في جزء من نص الحديث الوارد في صحيح مسلم، في كتاب الفتن وأشراط الساعة تحت باب "قصة الجساسة" عن فاطمة بنت قيس، وفيه قالت: "أخبروني عن بحيرة طبريا. قلنا: عن أي شيء تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب".

وبحسب العقيدة الإسلامية، يُعد جفاف بحيرة طبريا من العلامات الكبرى في نهاية الزمان بعد عصر عودة المسيح (عيسى عليه السلام)، حيث يمر يأجوج ومأجوج على مياه البحيرة ويشربونها حتى تنقضي.

مقالات مشابهة

  • اصابة استاذ في جامعة تكريت بهجوم مسلح شمال المدينة
  • ما هو زمن الخلاص والغضب الإلهي الذي يربطه حاخامات يهود بمنسوب بحيرة طبريا؟
  • فوضى قبل صندوق الانتخاب: الغزو الناعم عبر منصات التحريض بدل الدبابات
  • قرار جمركي بمفعول نفسي.. العراق ينجو من الرسوم الأميركية بفضل النفط
  • وقفة احتجاجية بتعز تطالب بحلول جذرية لأزمة المياه وتحرير المحافظة
  • بغداد إلى الترقيم الانتخابي: سباق الهوية والسلطة من بوابة “الرقم واحد”
  • مفاوضات الهدنة في غزة تزداد تعقيدا بسبب إسرائيل | تفاصيل
  • زلزال الرواتب يقترب.. هل تصمد خرائط السلطة أمام اهتزاز الشمال؟
  • العراق يكشف عن أضخم مشروع لتخزين مياه الشرب تحت الأرض
  • الاستخبارات تخترق شبكة مخدرات وتعتقل أعضائها في بغداد