أولياء فاسدون.. هكذا وصل قادة الثورة الحوثية الزائفة إلى الثروة الفاحشة وحياة الترف
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
عندما سيطر الحوثيون على صنعاء في 2014 أعلنوا قيام ثورة من أجل الشعب واحتجاجاً على "جرعة" حكومية في المشتقات النفطية، ومنذ جاءوا دخلت اليمن وخصوصا المحافظات تحت سيطرتهم في أزمات اقتصادية حادة، بالتزامن مع بروز مظاهر الحياة المترفة والثراء الفاحش لقادة الجماعة.
وإذ استولوا على صنعاء حصل قادة الجماعة على سلطة كبيرة وموارد لا محدودة واستحوذوا على إيرادات الدولة، وفرضوا جبايات كبيرة على التجار والمؤسسات الخاصة، وبحسب مجموعة الأزمات الدولية، فإن الجماعة أصبحت أكثر فعالية في فرض الضرائب على السلع والشركات، والسيطرة والتربح من مبيعات النفط والغاز.
إضافة إلى ذلك تحولت أهم الأعمال والشركات التجارية لصالح قيادات الجماعة، الذين قطعوا صعوداً صاروخياً نحو الثراء بعد أن سطوا على هذه المؤسسات من خصوم الجماعة غالباً، وبأساليب وطرق مختلفة، أبرزها مصادرتها عبر "الحارس القضائي"، وسابقاً أكد تقرير لفريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، صدر مطلع العام 2022، "أن الحوثيين يستخدمون أساليب مختلفة للثراء والحفاظ على أنشطتهم، ولا سيما من خلال العنف أو التهديد باستخدامه والممارسات التنظيمية القسرية".
وفي دراسة نشرها البنك الدولي عام 2010، للباحثين وأستاذي الاقتصاد في جامعة أكسفورد بول كوليير وأنكي هوفلر، بعد دراسة 79 صراعاً في الفترة بين 1960 – 1999، اعتبرت التمرد جريمة منظمة إذ تُثري الإيرادات المتولدة من الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة قادة المتمردين وتفقر الأمة.
وهذا ما نشهده حالياً، فلا يكاد يمر شهر إلا ونطالع خبراً عن عقوبات تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية بحق شبكات مالية تابعة للحوثيين ومرتبطة بالتهريب والتمويل الإيراني للجماعة، وتكشف عن أسماء تجار لم يسبق لليمنيين أن سمعوا بهم أو عرفوهم محلياً، ناهيك عن أن يكونوا عابرين للقارات، كسعيد الجمل الوسيط المالي الأهم بين إيران والحوثيين، وصاحب أوسع شبكة فرضت بحقها عقوبات حتى الآن، وتتكون من شركات وسفن وشركات صرافة وأشخاص من مختلف الجنسيات.
ورغم حرص الحوثي وقيادات الجماعة على الإخفاء التام للمعلومات المالية إلا أن الترف يظهر على شكل سيارات وبنايات حديثة، وتجارة ومولات ومراكز تسوق فخمة، وإذا تجولت في صنعاء حالياً فسترى الفرق بين أحياء الفقراء حيث الوضع الاقتصادي المتردي والأدخنة المتصاعدة من مطابخ العاجزين عن الوصول إلى أسطوانة غاز والمحرقين ما وجدوه أمامهم من كراتين وقمائم وحطب لإنضاج طعامهم، وبين أحياء الأثرياء الجدد من محدثي النعمة، حيث الحياة المنعمة، والشوارع الإسفلتية وخدمات الماء والكهرباء. لن تصدق أن هذا الثراء الفاحش يعيش جنباً إلى جنب مع ذاك الفقر المدقع.
إضافة إلى ذلك تخرج بين الحين والآخر صور ووثائق ومعلومات يمكن اعتبارها مؤشرا على المستوى الفاحش من الثراء الذي بلغته هذه القيادات. ففي حفل تنصيب الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي 2021، ظهر متحدث الحوثيين عبدالسلام صلاح فليتة "محمد عبدالسلام" مرتدياً ساعة "رولكس"، قدر متابعون قيمتها بأكثر من 20 ألف دولار، في قصة أثارت مواقع التواصل في اليمن لعدة أيام، وفليتة هذا كان شخصاً عادياً من طلاب الحوثي في صعدة، قبل أن يغدو بين يوم وليلة تاجر نفط كبير، "يتحكم ويمتلك 27 شركة يديرها مجموعة من الشخصيات القريبة له، وأخرى بأسماء وهمية، إضافة إلى كونه يدير شبكة مالية خاصة تزيد قيمتها على نصف مليار دولار بطرق مخفية ومختلفة"، وفق تقرير سابق لمبادرة استعادة صدر في العام 2020.
وفي جلسة لمجلس النواب عام 2021، اعترف يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، ووزير التربية في حكومتهم حينها، بابتزاز جماعته للمنظمات الدولية الإنسانية، وذلك إثر صراع مع القيادي النافذ أحمد حامد، مدير مكتب رئيس المجلس السياسي. وقال الحوثي إن "مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية" يمنع دخول المساعدات بحجة أنها "تالفة" رغم صلاحيتها. مشيرا إلى أنه "يبتز المنظمات الإنسانية مالياً ويوجه الإعلام ضدها". ونقل موقع "نيوز يمن" عن برلمانيين حضروا الجلسة، أن الحوثي أفاد بأن الجزء الأكبر من إيرادات الدولة لا تذهب إلى البنك المركزي في صنعاء. وأقر بعمليات فساد كبيرة في الجمارك، قال إن لديه تقريرا يكشف عنها، وإنه دفع رشوة لـ"المخابرات" للحصول عليه.
وإبان صراع خفي داخل وزارة الزراعة من أجل قضية المبيدات المهربة الشهيرة، منتصف العام الماضي، سربت الجماعة فاتورة حساب تفيد بأن وزير الزراعة عبدالملك الثور، ونائبه رضوان الرباعي، ومدير مؤسسة الحبوب، يحيى السياني، مطالبون بدفع مبلغ 865 ألف ريال يمني (1600 دولار) ثمن وجبة غداء واحدة لمطاعم الشيباني.
في حادثة أثارت الناشطين بمن فيهم من الموالين للجماعة، الذين نددوا بالفساد الحاصل في صفوف القيادات، الذين يقطعون رواتب الموظفين وينهبون الحقوق باسم الحرب ومزاعم الحصار.
في المقابل تتلظى حياة الشعب ويسوء وضعه الاقتصادي بشكل يومي، وفي أحدث تقرير صدر في أغسطس الجاري، قدّرت شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة بقاء اليمن في صدارة قائمة أكثر الدول احتياجاً للمساعدات الإنسانية، وقالت إنّ المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين سوف تظلّ حتى فبراير المقبل تعاني من تفاقم حاد في انعدام الأمن الغذائي على مستوى الطوارئ، أي المرحلة الرابعة من التصنيف، مضيفة أنّ عدد اليمنيين الذين سوف يحتاجون بصورة ماسّة إلى مساعدات غذائية إنسانية في ديسمبر المقبل، يُقدَّر عند حدود 19 مليون شخص، أكثر من 55% من السكان.
وأوضحت الشبكة أنّ استمرار الظروف الاقتصادية السيّئة وفرص كسب الدخل المحدودة على مستوى البلاد سوف تؤديان إلى انتشار واسع النطاق لانعدام الأمن الغذائي عند مستوى الأزمة، أي المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي أو ما هو أسوأ من ذلك.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
الانتهاكات الحوثية توقف المشاريع الإغاثية باليمن
عدن (الاتحاد)
أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات أن انتهاكات جماعة الحوثي، بحق العاملين في المجال الإغاثي والمنظمات الدولية، والتي بلغت حد الاحتجاز التعسفي، وملاحقة الموظفين، وفرض القيود، والابتزاز، واقتحام المقرات، تسببت بتوقف المشاريع الإغاثية والإنسانية، وانسحاب عدد كبير من المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.
وأضافت الشبكة في بيان، «إن توقف الأنشطة الإغاثية للمنظمات وخصوصاً في محافظة مأرب التي تستقبل أكثر من مليوني نازح يضع آلاف الأسر أمام مستقبل مجهول في ظل انعدام الأمن الغذائي، وشح خدمات الصحة والمياه والإيواء».
وأشارت الشبكة إلى أن الانتهاكات الحوثية بحق العاملين في المجال الإغاثي والإنساني، تسبب في تقلص السلال الغذائية والمعونات الطارئة، وتوقف برامج الدعم النقدي والخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء، وتهديد مباشر لحياة الفئات الأكثر ضعفاً، خاصة في مخيمات النزوح.
وأكدت أن ممارسات الحوثي، تمثل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني الذي يضمن حرية العمل الإغاثي، ويحظر عرقلته أو تسييسه، لافتة إلى أن محاكمة واحتجاز موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أدت إلى موجة انسحاب واسعة خوفاً على سلامة الموظفين، ما تسبب في شلل شبه كامل للعمليات الإنسانية.
وذكرت أن تحويل ملف المساعدات إلى أداة للابتزاز السياسي، وفرض القيود على حركة العاملين الإنسانيين، ومصادرة المساعدات أو إعادة توجيهها لصالح الجماعة، كلها ممارسات تقوّض الثقة الدولية وتهدد بإيقاف المزيد من البرامج المنقذة للحياة.
ودعت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، الأمم المتحدة، والدول المانحة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان حماية العاملين في المجال الإنساني، ووقف الانتهاكات التي تعيق وصول المساعدات، والتحقيق في ممارسات الحوثيين التي أدت إلى تراجع العمل الإغاثي وتفاقم الوضع الإنساني، وتحميل المسؤولين عنها التبعات القانونية اللازمة. وحثت المنظمات الدولية على عدم التخلي عن ملايين المحتاجين، والنظر بشكل عاجل في آليات بديلة تضمن استمرار تقديم المساعدات دون خضوع للابتزاز.
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة اليمنية تسليمها 26 جثماناً من عناصر جماعة الحوثي، قتلوا بوقت سابق في جبهات القتال بمحافظتي مأرب والجوف غربي البلاد، وقالت إن عملية تسليم الجثامين جاءت ضمن مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية.