سواليف:
2025-06-03@13:46:05 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. حكايا شتوية

تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT

#حكايا_شتوية

من أرشيف الكاتب #احمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 13 /12 / 2016


ضوء «البنّورة» كان كافياً لإضاءة المشهد، لهب يرقص في جوف الشباك المرتفع ويكبّر الرؤوس البارزة من فراشها، أغطية تحمل رقعاً مختلفاً والواناً متعدّدة ، قصّيب السقف عسليّ اللون يميل الى الحمرة مثل الكعك الملذّع ، أما الدفء المشعّ من صوبة البواري المطفأة قبل النوم يعاد تدويره بانفاس الأولاد كطاقة متجدّدة ، الجدران المدهونة بالشيد الأزرق متعرّقة بعد جولة زفير وفيرة في سهرة قصيرة وبعض البقع المقشورة في الحائط تعطي أشكال حيوانات وغيوم وتفتح دروباً للخيال، ما ان تبدأ أمي بتمتمات خفيفة يخرقها حرف «السين» الواضح حتى نعرف ان المعوذات تمت قراءتها كاملة ووصلت الى سورة الناس .

.وبعد ان تمسح وجهها بقراءة الفاتحة ونراها تدوزن اللحاف على مقاس الفرشة بما تيسر لنا من ضوء، نرجوها أن «تسولف لنا سولافة»، ولعل أقربنا اليها بالفراش كان أكثرنا اقناعا والحاحاً .. لكنها كانت تسوق نفس الأسباب كل يوم بأنها لا تحفظ شيئاً، فنزيد إصرارا من جديد ، فتتحجج بأن الوقت تأخر ولا بد من النوم باكراً، فنلتصق بها راجين طامعين بحكاية قديمة نعيد استماعها من باب التسلية والبحث عن تفاصيل سقطت نعاساً ذات رواية ..أخيراً يشفع لنا صوت الريح الذي يهزّ النافذة الشمالية او الرعد الذي يدبّ غرباً..فتقول : «اللهم صل على سيدنا محمد»..»خنيفسة ولا أبو الفول ولا نص نصيص»..فنختار الأقدم من بين الخيارات القليلة..تبتسم ابتسامة الرضا عن ذكاء الاختيار فنلمح سن الذهب في عتمة الوقت المسروق…الحكايا الشتوية أجراس النعاس التي تستجلب ثقل الجفون بصوت هادئ وتسلسل عبقري في القص، كنت اتخيل أن في حنجرة امي كبّة صوف وحفنة حكايا تحيكها بتروٍ واستخدام متقن للكلمات ونهج فريد في السرد، ترفع الصوت قليلاً، عندما تغفو العيون كفتيلة السراج حتى تشدّنا الى النهاية ، تندهش عند الدهشة، تحزن عند الحزن ، واذا ما ارادت تنويمنا، فقط تمشّي بطل القصة طويلاً في أرض الله كأن تقول « وظله يمشي يمشي يمشي يمشي يمشي»…حتى ننام ، كل ذلك دون ان ترفع يدها او تستخدم جوارحها لشد الانتباه او التنويم…يخفت الصوت قليلاً قليلاً…حتى ينام كل الجمهور، عندها توازن رؤوسنا على الوسائد..وتغطي ظهورنا المكشوفة وتعيد ترسيم حدود الفرشات..وتنام على جنبها الذي فيه ترانا جميعاً أمام عينيها…

مقالات ذات صلة الأعاصير تغيّر نتائج الانتخابات الأمريكية 2024/10/11

ياه لو أعرف مصير أبطال حكايات بيتنا الغربي..»ابو الفول ، وخنيفسة، ونص نصيص، وغيرهم»..هل فعلاً ما زالوا على قيد الحياة او على قيد الحكاية…!!

أحاول أحياناً ان أروي لأولادي حكايات أمي فلا انجح ، أقطعها من منتصفها وأعتذر ..فسحر القصة كان مرهوناً بصوتها لا بالحدّوثة نفسها ..

الحكايا الشتوية هي الحكايا الوحيدة التي تموت عندما يموت راويها..

#102يوما

#أحمد_حسن_الزعبي

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

#الحرية_لأحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحرية لأحمد حسن الزعبي حسن الزعبی

إقرأ أيضاً:

ما الذي عندنا وما الذي عندهم ؟

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

عندهم مئات المراكز الاستقصائية والاستطلاعية والتحليلية لدراسة تحركاتنا ومتابعة نشاطاتنا نحن العرب. وعندنا آلاف المراكز لتعليم الرقص الشرقي بذريعة الحفاظ على التراث. .
عندهم مواسم استكشافية يطوفون فيها البحار والمحيطات وفي القارتين القطبيتين، وعندنا مواسم ترفيهية، ومهرجانات يومية وأسبوعية وشهرية نستجلب فيها شكيرا واخواتها. .
عندهم برامج للتثقيف والتوعية، وعندنا برامج للتسفيه والتسخيف. .ص
عندهم منصات لإطلاق الصواريخ والمركبات الفضائية، وعندنا منصات للتسقيط والاستهداف والتهجم على الناس وتلفيق الاتهامات للخصوم في مواسم الانتخابات السياسية. .
عندهم مهرجان سنوي لاختيار افضل ابتكار من ابتكارات الذكاء الاصطناعي، وعندنا مهرجانات سنوية لإختيار أجمل معزة. وقد فازت المعزة (دالي) بعد منافسة مع 74 معزة. نبارك للعرب على هذا الإنجاز ونتمنى لهم دوام التميز. .
عندهم مؤسسات لإصلاح المنحرفين وتقويم سلوكهم، وعندنا اهتمامات من نوع آخر بالمنحرفين، ففي البلاد العربية لما يكون الإنسان (صايع ودايح) يقولون: الله يهديه. ولكن لما يهديه الله ويعود للطريق، يقولون عنه: (هذا كان صايح ودايح). .
عندهم ورقة المئة دولار غير قادرة على شراء خروف واحد بوزن اقل من 20 كيلوغرام. لكنها عندنا قادرة على شراء آنسان بوزن البغل لضمان صوته في الانتخابات الموسمية. .
عندهم احتفالات يتنكرون فيها بأقنعة مصطنعة، وعندنا طقوس يخرج فيها بعض رجال الدين والسياسة بوجوههم الحقيقية لكنها وجوه مراوغة لها أكثر من قناع. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • أونا تهنئ الكاتب سليمان جودة بفوزه بجائزة الصحافة العربية لـأفضل عمود صحفي
  • ما الذي عندنا وما الذي عندهم ؟
  • رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان أحد أبرز مؤرخي الشتات في سوريا
  • محمود أبو صهيب.. القلب الذي احتضن الجميع
  • سعد: الغائب الذي لم يَغب
  • المرصد المصري للصحافة والإعلام يعلن قلقه إزاء الحكم الصادر بحبس الكاتب محمد الباز
  • في اليوم الذي يسمونه يوم القدس
  • "حقك تعرف".. الكاتب الصحفي عادل حمودة يطلق قناته الرسمية على يوتيوب
  • كاتيا ثائر الزعبي… من دي لا سال– الفرير تبدأ الحكاية
  • نقيب الصحفيين يعبّر عن انزعاجه من صدور حكم بالحبس ضد الكاتب الصحفي محمد الباز