حصار ومجاعة.. شهادات لـعربي21 من داخل مخيم جباليا
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
لم يتمكن نشأت جميل من توفير الغذاء والماء لأسرته التي أصرت على البقاء في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، على وقع عدوان بري مستمر تنفذه قوات الاحتلال لليوم السادس على التوالي.
يقول نشأت لـ"عربي21"، إن أسرته المكونة من 5 أفراد تعاني نقصا شديدا في امدادات الغذاء والماء، بفعل الحصار المطبق، ومنع الاحتلال الحركة داخل المخيم وأزقته، على وقع عملية وحشية ينفذها الاحتلال لتدمير ما تبقى من الأحياء ومعالم الحياة في المخيم.
ويتدبر نشأت وعائلته أمورهم بما توفر من بقايا ماء وغذاء داخل منزلهم المدمر جزئيا، والواقع وسط مركز عمليات الاحتلال، وتحديدا في محيط ما يعرف بمنطقة "الترانس"، حيث يعمد إلى استخدام ما تبقى من ماء في أحد الخزانات للشرب، فيما يتناول هو وعائلته علبة واحدة من الفول أو الفاصوليا يوميا فقط، لسد رمقهم.
ويكشف نشأت في شهادته بقوله: "اضطررنا لشرب الماء الذي لا يصلح سوى لغسل الملابس والأطباق، بسبب شح ماء الشرب، ونعتاش على ما تبقى لدينا من معلبات بالحد الأدني أملا في انتهاء العدوان قريبا".
ولا يستطيع نشأت وعائلته إشعال النار لصناعة الخبز، رغم توفر بعض الدقيق، وذلك حتى لا يلفت الانتباه لوجوده في منزله، ذلك أن الاحتلال يستهدف كل من يشك أن ما زال داخل منزله، في محاولة لقتل الحياة في المخيم، وللدفع بتهجير أهله نحو مناطق جنوب القطاع.
ويعيش يوسف سعيد أوضاعا ليست أحسن حالا، فشح الغذاء والماء يلازمانه داخل مركز إيواء "مستشفى اليمن السعيد"، بعد أن نزح إليه رفقة عائلته.
يقول يوسف لـ"عربي21"، إنه يضطر إلى تناول وجبة واحدة يوميا فقط، مع حصة من المياه لا تتجاوز لترا واحدا، بسبب شح المياه والغذاء ، وتواصل العدوان على المخيم، مع تعطل الخروج والدخول إليه.
ويشرح يوسف بقوله: "تضطر العلائلات هنا لتدبر أمورها بنفسها بسبب غياب خدمات الجهات الإغاثية على وقع الحصار، واستفحال المجاعة، والحاجة الملحة لدى شريحة واسعة من النازحين الذين يعجزون عن توفير لقمة عيشهم في ظل هذه الظروف العصيبة".
ولليوم السادس على التوالي، تعاني آلاف الأسر شمال قطاع غزة من نقص حاد بالمياه والغذاء، نتيجة الحصار المطبق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه المتواصل الذي يرتكب فيه مجازر بحق المدنيين.
ويناشد المواطنون المحاصرون عبر منصات التواصل الاجتماعي، لإغاثتهم بشكل عاجل لإنقاذهم وأطفالهم من الموت جوعا وعطشا.
ومنذ نحو أسبوعين، توقفت عملية توزيع المساعدات الإغاثية في معظم مناطق شمال قطاع غزة، بسبب منع جيش الاحتلال دخول شاحنات المعونات التي تقدمها المؤسسات الدولية والمحلية.
واشتكى برنامج الأغذية العالمي، الخميس، من عدم قدرته على توزيع الغذاء في محافظة شمال غزة، نتيجة نقص الإمدادات.
يأتي ذلك في ظل قيود مشددة تفرضها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على وصول المساعدات إلى قطاع غزة، والتي تشتكي منظمات عدة أنها تجعل تقديم الاستجابة الإنسانية أمرا صعبا للغاية، إن لم يكن مستحيلا.
وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان بمنصة إكس: "لم نعد قادرين على توزيع الغذاء بأي شكل من الأشكال بمحافظة شمال غزة".
وأضاف أن "نقص الإمدادات بغزة يجبرنا على وقف توزيع الطرود الغذائية خلال تشرين الأول/ أكتوبر الجاري".
في السياق، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن الاحتلال الإسرائيلي يحاصر على الأقل 400 ألف فلسطيني شمال القطاع.
ومنذ بدء عدوانه واجتياحه البري الجديد شمال القطاع في السادس من تشرين الأول/أكتوبر، يحاصر الاحتلال الإسرائيلي بلدة جباليا ومخيمها ومدينة بيت حانون، ويمنع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، ويأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع صلاح الدين الممتد على طول شرق القطاع من شماله إلى جنوبه.
وهذا الاجتياح البري الثالث الذي تنفذه قوات الاحتلال في مخيم جباليا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويعتمد المواطنون شمال قطاع غزة على بعض الآبار العشوائية التي تعمل بالطاقة الشمسية، وعربات المياه المتنقلة في الشوارع، لتلبية احتياجاتهم الأساسية من المياه الصالحة للاستهلاك.
وأصبحت هذه الوسائل هي المصدر الأساسي للحصول على المياه، بعد أن تعمد الاحتلال تدمير معظم آبار المياه العامة وشبكات البنية التحتية خلال الحرب الإبادة المستمرة منذ نحو أكثر من عام.
ومع بدء العدوان الحالي على بلدة جباليا ومخيمها، توقفت آبار المياه العشوائية عن العمل، ولم تتمكن مركبات نقل المياه من الوصول لإغاثة المحاصرين.
وأعلنت مصادر طبية أن الوضع بمستشفيات شمال القطاع بلغ مرحلة "كارثية" تهدد حياة الأطفال بقسم العناية المركزة، ويشكّل تهديدا لحياة 400 ألف إنسان، وذلك مع استمرار الاجتياح البري لقوات الاحتلال لليوم السادس على التوالي.
وخلفت حرب الإبادة الجماعية في غزة المتواصلة منذ أكثر من عام، أكثر من 139 ألف شهيد وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية مخيم جباليا الاحتلال الحصار الفلسطينيين فلسطين الاحتلال حصار مخيم جباليا المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شمال قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ﻏﺰة.. ﺗﻮاﺟﻪ الموت ﺑﺮداً
تجمد الطفلة «رهف أبوجزر».. وغرق خيام النازحين وتحذيرات من تفشى الأوبئة
الأونروا: تسونامى إنسانى يجتاح القطاع يفوق قدرة منظمات الإغاثة الدولية
فتح البرد فصلاً جديدًا من فصول الموت فى قطاع غزة المُحاصر، حيث تتكامل قسوة الطقس مع فصول الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطينى. ملايين الأرواح تُركت تحت رحمة البرد والجوع والخيام الممزقة، فى ظل عجز كامل للمنظمات الإنسانية عن توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة.
فالأطفال لا يعرفون معنى اللعب، بل يعرفون فقط كيف يهربون من الغرق، وكيف يقفون على قطعة تراب صغيرة لئلا يبتل جسدهم أكثر. وتختل أجسادهم وتزهق أرواحهم بفعل الجوع والبرد فالموت هنا يتلون مع كل مرحلة من مراحل الإبادة الجماعية.
ارتقت الصغيرة «رهف أبوجزر» شهيدة متجمدة. بعد أن فقدت روحها ذات الـ8 شهور فى ليلة قاسية هى الثانية التى يعيشها قطاع غزة. وسط اغراق مياه الأمطار لمخيمات النزوح تزامنًا مع تأثر فلسطين بمنخفض جوى عميق يستمر حتى ساعات مساء اليوم الجمعة، فى ظل أجواء باردة ودرجات حرارة متدنية.
واكد شهود عيان أنّ خيمة عائلة الرضيعة تضررت بفعل المنخفض الجوى وقوية الرياح وغزارة الأمطار، ما أدى إلى انخفاض حاد فى درجة حرارتها وسط غياب وسائل التدفئة والرعاية الصحية.
وهذه ليست حالة الوفاة الأولى إذ ارتقى العشرات من الأطفال خلال فصل الشتاء الماضى نتيجة البرد القارس، وانعدام الرعاية الصحية اللازمة، وسط استمرار الحصار الإسرائيلى.
سبق رهف الطفل زاهر ابو شامية الذى استشهد دهسا قرب الخط الأصفر شرق مدينة غزة بعدما أطلق الاحتلال النار عليه وتركه ينزف فقامت إحدى الدبابات. بداية والمرور عليه ومنع إنقاذه فيما استشهد وأصيب عدد من الفلسطينيين برصاص الاحتلال فى عدة مناطق.
كما رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلى السماح لطفل (5 سنوات) بالسفر من رام الله لتلقى علاجٍ منقذ للحياة من مرض السرطان فى مستشفى «تل هاشومير»، بحجة أن عنوانه مسجل فى غزة.
واوضحت منظمة «غيشا - مسلك» فى التماسها أن عائلة الطفل انتقلت إلى رام الله عام 2022 لتلقى العلاج الطبى، الذى أصبح غير فعال حاليا، بينما يحتاج الطفل بشكل عاجل إلى عملية زرع نخاع عظمى لا تتوفر فى الضفة المحتلة أو القطاع.
وقالت الارصاد الجوية الفلسطينية إن منخفض بايرن الجوى على فلسطين يشتد ويطرأ انخفاض ملموس على درجات الحرارة، لذا يكون الجو باردًا وماطرا وعاصفا، وتسقط الأمطار على كافة المناطق وتكون غزيرة ومصحوبة بعواصف رعدية وتساقط البرد أحيانا.
وأظهرت مقاطع فيديو دخول مياه الأمطار إلى الخيام، بينما يُحاول النازحون إنقاذ ما تبقى من فراش وأغطية وحماية أطفالهم من الغرق والأجواء الباردة.
واشتكى النازحون فى عدة مناطق بالقطاع المنكوب من دخول المياه إلى أماكن نوم الأطفال والنساء والشيوخ فى الخيام، مؤكدين أن كل إجراءات الحماية فشلت أمام المنخفض الجوى والأمطار الغزيرة.
وحذر مدير عام صحة بغزة منير البرش من وفاة أطفال وكبار سن ومرضى جراء انخفاض درجات الحرارة داخل خيام النازحين التى غمرتها الأمطار.
وأوضح أن الرطوبة والمياه داخل الخيام تهيئ بيئة لانتشار أمراض الجهاز التنفسى بصفوف النازحين فيما يعجز المرضى عن الحصول على أى رعاية صحية.
وسجل الدفاع المدنى الفلسطينى غرق مخيمات بأكملها فى منطقة المواصى بخان يونس.
ومنطقة «البصة والبركة» فى دير البلح ومنطقة «السوق المركزى» فى النصيرات وفى منطقتى «اليرموك والميناء» فى مدينة غزة.
وتلقى منذ بدء المنخفض أكثر من 2500 إشارة استغاثة من نازحين تضررت خيامهم ومراكز إيوائهم فى جميع محافظات قطاع غزة.
واكد أن الفلسطينين بأطفالهم ونسائهم يغرقون الآن وتجرف الأمطار خيامهم رغم المناشدات والنداءات الإنسانية العديدة التى أطلقت لإنقاذهم قبل أن نرى هذه المشاهد المأساوية فى المخيمات.
وأعلن الدفاع المدنى الفلسطينى إجلاء نازحين من عشرات الخيام بعد غرقها الكامل، إثر الأمطار الغزيرة جنوبى القطاع، وحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية فى حال استمرار المنخفض الجوى الجديد مع عدم وجود مساكن مؤقتة تؤوى النازحين. مع استمرار انتهاك الاحتلال الإسرائيلى لاتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار مدير المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة إسماعيل الثوابتة، إلى تفاقم الكارثة الإنسانية التى يعيشها النازحون فى مخيمات القطاع، مع تضرر أكثر من 22 ألف خيمة بشكل كامل جراء المنخفض، بما يشمل الشوادر ومواد العزل والبطانيات.
وأكد أن نحو مليون والنصف نازح يعيشون أوضاعًا قاسية داخل مخيمات الإيواء، بينما تقيم مئات آلاف العائلات داخل خيام مهترئة تضررت بفعل حرب الإبادة وبفعل العواصف الأخيرة.
وأوضح أن قطاع غزة بحاجة فورية إلى 300 ألف خيمة جديدة لتأمين الحد الأدنى من الإيواء، فى حين لم يدخل إلى القطاع سوى 20 ألف خيمة فقط منذ بدء الأزمة.
وشددت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، على أن هطول الأمطار فى القطاع يحمل مصاعب جديدة ويفاقم الأوضاع المعيشية المتردية أصلا ويجعلها أكثر خطورة.
وأشارت «أونروا» فى تصريحات صحفية إلى أن البرد والاكتظاظ وانعدام النظافة فى القطاع تزيد خطر الإصابة بالأمراض والعدوى.
وأكد المستشار الإعلامى لوكالة «أونروا» عدنان أبو حسنة: أن الوضع الإنسانى فى قطاع غزة بلغ مرحلة غير مسبوقة، واصفًا ما يجرى بأنه «تسونامى إنسانى» يفوق قدرات الوكالة والمنظمات الإغاثية، فى ظل منع الاحتلال إدخال المستلزمات العاجلة رغم النقص الحاد فى الإمدادات منذ وقف إطلاق النار.
وسلطت صحيفة الجارديان البريطانية، الضوء على انتقادات وكالات الإغاثة الدولية لاستمرار فرض الاحتلال الإسرائيلى قيودا مشددة على شحنات المساعدات إلى قطاع غزة رغم مضى شهرين على إعلان اتفاق وقف إطلاق النار.
وأبرزت صحيفة الجارديان البريطانية أن وكالات الإغاثة الدولية لا تزال تنتقد القيود الإسرائيلية المشددة على دخول المساعدات رغم مرور شهرين على إعلان وقف إطلاق النار. وذكرت الصحيفة أنه تم إدخال أكثر من 9000 طفل إلى المستشفيات فى أكتوبر الماضى فقط بسبب سوء التغذية الحاد.
وقالت تيس إنجرام، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف): «فى مستشفيات غزة، التقيت بالعديد من الأطفال حديثى الولادة الذين كان وزنهم أقل من كيلوجرام واحد، وكانت صدورهم الصغيرة تنتفخ بسبب الجهد المبذول للبقاء على قيد الحياة».