مشروع «الشرق الأوسط الجديد» استحالة تحقيقه في ظل تعدد الأقطاب والقوى
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
مع دخول الحرب على غزة عامها الثاني، تزداد الأمور وضوحًا حول العقلية الاستعمارية التي يحركها بنيامين نتنياهو، ليس فقط من خلال تصريحاته الصاخبة، بل من خلال أفعاله على أرض الواقع.
ومن بين تلك الأفعال وأهمها ما عرضه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قدّم خريطة جديدة للشرق الأوسط تكشف عن نيته إعادة تشكيل المنطقة بما يتماشى مع مصالح إسرائيل ومخططها للتوسع ، وهذا يعني استحداث كيان شرق أوسطي كبديل عن العالم العربي والإسلامي ليمكن من خلاله إدماج إسرائيل في المنظومة الشرق أوسطية وتطبيع دول المنطقة مع الكيان الصهيوني .
فكرة الشرق الأوسط الجديد ليست فكرة جديدة من بناة فكر نتنياهو ، فقد سبق أن تم طرح الفكرة من قبل الرئيس الصهيوني «شمعون بيريز» عام 1993م في كتابه «الشرق الأوسط الجديد»، حيث دعا فيه لفكرة شرق أوسط جديد قائم على التنمية والرفاهية كما يزعم، وتُبنى فيه العلاقات بين الدول بناء تعاقديا قائما على المصالح المادية فحسب، وبهذا يمكن تحييد الهوية الدينية والثقافية من تعامل الدول العربية مع الصهاينة..».
في شباط/ فبراير 2004، قدم الرئيس بوش إلى مجموعة الثمانية مبادرة مشروع الشرق الأوسط الكبير، ففي مقدمة مبادرته حذر بوش «من اقتراب الشرق الأوسط من الانفجار بسبب التدهور الاقتصادي والاستبداد السياسي، وخطورة ذلك على الغرب ومصالحه في المنطقة.
وتلخص الورقة إصلاح النواقص التي حددتها تقارير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية العربية عبر محاور ثلاثة: تشجيع الديمقراطية والحكم الصالح، بناء مجتمع معرفي، توسيع الفرص الاقتصادية. وتقول ورقة المشروع ما نصه: «فالديمقراطية والحكم الصالح يشكلان الإطار الذي تتحقق فيه التنمية».
ورأى الهويريني أن «من نافلة القول لمن خبر السياسة الأمريكية أن يدرك أن هذه شعارات يراد تحقيقها بحسب الفهم الغربي لها، وفي باطنها الأهداف الحقيقة للمشروع، والتي يمكن إيجاز أبرزها في ثلاث نقاط:
أولا :- إعادة تشكيل وترتيب أوضاع المنطقة لتقبل النموذج الليبرالي عبر الديمقراطية الغربية.
ثانيا :- تهيئة المنطقة للعولمة، وهيمنة الشركات الأمريكية والأوروبية العابرة للقارات على اقتصاد المنطقة.
ثالثا:- دمج وتطبيع دولة الصهاينة مع العالم العربي في كيان شرق أوسطي.
الحديث الغربي عن نشر الديمقراطية والحريات في العالم العربي لا يعدو أن يكون سوى أداة لتحقيق الأطماع الاستعمارية الجديدة
الحديث الغربي عن نشر الديمقراطية والحريات في العالم العربي لا يعدو أن يكون سوى أداة لتحقيق الأطماع الاستعمارية الجديدة، ولهذا فهي تخضع في حجم توظيفها للأجندة الغربية، فالغرب عندما أراد الانقضاض على النفط الليبي قام بتوظيف شعارات الديمقراطية للتدخل العسكري في ليبيا وإسقاط القذافي، ولكنه الغرب نفسه لا يريد التدخل في سوريا، ومع تزويد كافة الأطراف المتحاربة بالسلاح بما يتيح تدمير سوريا – وهي إحدى دول الطوق – والتمهيد لتقسيمها، وهو الهدف الاستراتيجي».
أبرز مخططات التقسيم المقترحة، مقال نشرته مجلة آرمد فورسس (القوات المسلحة الأمريكية) في حزيران/ يونيو 2006م، للجنرال المتقاعد رالف بيترز بعنوان (حدود الدم، كيف يبدو الشرق الأوسط بصورته الأفضل)، واصفا ذلك المقال بأنه «طبعة حديثة لمشروع تقسيم العالم الإسلامي الذي نظّر له المفكر الصهيوني برنارد لويس الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية..»
نظرية تقسيم العالم العربي، بآراء باحثين ومحللين أمريكيين وإسرائيليين، كرئيس تحرير صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية «ألوف بن»، والباحثين الأمريكيين فرانك جاكوبس وباراج خانا التي تتضمن شواهد كإرهاصات بين يدي تقسيم المنطقة.. وقد اعتنى المحللون والباحثون كثيرا بشرح نظرية «الفوضى الخلاقة» باعتبارها دليلا قويا على تقسيم المنطقة، وتم تعريفها بأنها «حالة جيوبوليتيكية تعمل على إيجاد نظام سياسي جديد وفعال بعد تدمير النظام القائم أو تحييده».
وبحقيقة كل ما يجري في الشرق الأوسط اليوم من تغيرات وتفاعلات لا يعطي مؤشرات يقينية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في المنطقة على المدى القريب؛ فهناك سيولة كبيرة، وأطراف عديدة، ومصالح متباينة، وقوى متداخلة ومتصارعة، وتعقيد كبير لن يحلها التعاطي الأميركي ذاته مع الأحداث كما تعود صانع القرار الأمريكي منذ عقود؛ فهناك بؤر قد تتفجر بطريقة لا يمكن السيطرة عليها.
وهناك تغيرات ومفاجآت قد تظهر بين لحظة وأخرى، كما أن هناك تحالفات لن تستطيع أميركا منعها، في وقت بات الجميع فيه يبحثون عن موطئ قدم في عالم يسير بسرعة متزايدة نحو تعدد الأقطاب ومع تعدد القوى والأقطاب فان مشروع الشرق الاوسط الجديد لن يتحقق وفق المرسوم والمخطط الاسرائيلي.
الدستور الأردنية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الشرق الأوسط مخططات التقسيم لبنان الشرق الأوسط غزة الاحتلال مخطط التقسيم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم العربی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
قناة الحرة تعلق بثها التلفزيوني
أعلنت قناة الحرة الأميركية مساء أمس السبت تعليق بثها التلفزيوني نظرا لامتناع الوكالة الأميركية للإعلام عن صرف تمويلها الذي أقره الكونغرس.
وقالت قناة الحرة -وهي شبكة باللغة العربية أنشأتها الحكومة الأميركية بعد غزو العراق عام 2003- في بيان نشر على موقعها إنها تأسف بشدة لاتخاذ هذا القرار الاضطراري.
اضطرت شبكة الشرق الأوسط للإرسال (MBN) إلى تعليق البث التلفزيوني لـ #قناة_الحرة.. نُقدّر جمهورنا ونتطلع إلى العودة إلى عشرات الملايين من المشاهدين الذين كانوا يتابعون الحرة أسبوعيًا. pic.twitter.com/Ny2GIETfUe
— قناة الحرة (@alhurranews) May 31, 2025
ووفقا لموقع الحرة، فقد وافق الكونغرس الأميركي في 14 مارس/آذار الماضي على "تمويل استمراري" لشبكة الشرق الأوسط للإرسال حتى نهاية السنة المالية 2025، وفي اليوم التالي أبلغت الوكالة الأميركية للإعلام الدولي شبكة الشرق الأوسط للإرسال وبقية الهيئات الإعلامية الممولة من الحكومة الأميركية بإنهاء اتفاقيات منحة التمويل فجأة.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلنت في مارس/آذار الماضي أنها ستوقف جميع التحويلات المالية لوسائل الإعلام المدعومة من الحكومة الأميركية، في إطار حملة واسعة النطاق لخفض التكاليف بقيادة الملياردير إيلون ماسك.
إعلانأدى هذا الإجراء إلى تجميد صوت أميركا على الفور، على الرغم من أن موظفيها رفعوا دعاوى قضائية لاستعادة التمويل الذي وافق عليه الكونغرس.
وقال جيفري غدمين، الرئيس التنفيذي لشبكات الإرسال في الشرق الأوسط، التي تضم تحت مظلتها قناة "الحرة" وغيرها من وسائل الإعلام العربية الأصغر حجما، والممولة من الولايات المتحدة في وقت سابق إن قناة الحرة ستتوقف عن البث، ولكنها ستسعى إلى الحفاظ على التحديثات الرقمية من خلال عدد من الموظفين تم تخفيضه إلى "بضع عشرات".
وتقول قناة الحرة إنها تصل إلى أكثر من 30 مليون شخص كل أسبوع في 22 دولة.
ولدى ترامب علاقة متوترة مع وسائل الإعلام وقد شكك في "جدار الحماية" الذي وعدت بموجبه وسائل الإعلام التي تمولها الولايات المتحدة بالاستقلالية التحريرية.