الجزيرة:
2025-07-28@01:26:40 GMT

الفخ الذي وقع فيه نتنياهو دون أن يدري

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

الفخ الذي وقع فيه نتنياهو دون أن يدري

في وقت مبكر من عملية "طوفان الأقصى"، بعد أسبوع تقريبًا (13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023) كتبت The Atlantic تقريرًا بعنوان رئيسي: " إسرائيل تسير نحو الفخ"، وآخر فرعي: "اقتحام غزة سيحقق رغبة حماس"..!!

في التفاصيل، يشيرُ التقريرُ ـ الذي كتبه Hussein Ibish ـ إلى أنه إذا كانت حماس شاءت من عملية (7 أكتوبر/ تشرين الأول)، استعراض البراعة العسكرية، وإظهار ضعف الاستخبارات والدفاعات الإسرائيلية، فإنّها شاءت ـ في الأساس ـ إحداث زلزال من شأنه أن يؤجل ـ على الأقل ـ مشاريع التطبيع الكبرى والمحتملة في المنطقة من جهة، واستفزاز إسرائيل وحملها على مهاجمة غزة بضراوة شديدة من جهة ثانية، إلى الحد الذي يجعل التعاطف الدولي تجاه إسرائيل ـ الذي حدث في الأسبوع الأول من العملية ـ يتبخر بسرعة ويحلُ محله الغضبُ الشديد إزاء المعاناة التي ستلحق حتمًا بسكان غزة البالغ عددُهم مليونين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحفيو فلسطين والجزيرة في مرمى إسرائيل وفشل مشهود لروايتهاlist 2 of 2كسروا أسناني.. طبيب فلسطيني يروي تفاصيل مرعبة عن ظروف اعتقالهend of list

لا سيما وكما يشيرُ التقرير إلى أن حماس ـ بلا شك ـ لم تكن لتخطط بدقة لهجومها الجريء من دون أن تخطط أيضًا على نطاق واسع للرد على الهجوم المضاد الإسرائيلي المأمول على الأرض، ومن المرجح أن يواجه الجيشُ الإسرائيلي تمردًا عنيدًا في غزة.

بعد عام من طوفان الأقصى، واستنادًا على أدلة سرية وصفها أكثرُ من اثني عشر مسؤولًا استخباراتيًا وأمنيًا حاليًا وسابقًا من أربع دول غربية وشرق أوسطية، خلصت صحيفةُ واشنطن بوست إلى أن مخططي حماس كانوا يهدفون إلى "توجيه ضربة ذات أبعاد تاريخية، على أمل أن تجبر تصرفاتُ المجموعة إسرائيل على رد فعل ساحق، وتنتهي الصحيفة بالقول: "لقد سقطت إسرائيل في فخّهم مباشرة".

والحال أن ثمة آراء "غربية" لم تكن متعاطفةً مع القضية الفلسطينية ولا مع طبعتها المسلحة من حركاتها الوطنية، قدمت ـ لأول مرة ـ مسوّغات بررت هجوم حماس المفاجئ والذي أحدث صدمةً وزلزالًا حقيقيًا، وأعاد طرح "أسئلة الإفاقة" على النظام الدولي الذي استقرّ ـ قبله ـ على "التواطؤ" مع الفاشية الإسرائيلية، وأشعل في تلابيبه حريقًا هائلًا، تتسعُ جغرافيته يومًا بعد يوم.

عندما سُئل رافائيل س. كوهين من مؤسسة راند: ما هي العواملُ التي لعبت دورًا في العام الماضي والتي جعلت من الممكن شن هجوم حماس والخسارة المروعة في الأرواح، قال بلا تردد " الإجابة المختصرة هي الغطرسة الإستراتيجية الإسرائيلية".

فقبل هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تصورت إسرائيل أنها نجحت في احتواء حماس وردعها وإرضائها، من خلال مزيج من بناء جدار حول غزة، وخوض حروب سابقة على نطاق ضيق، والسماح بدخول المساعدات الاقتصادية إلى غزة، وتوفير تصاريح محدودة لسكان غزة للعمل في إسرائيل. ونتيجة لهذا، تصورت القيادة الإسرائيلية أنها تمكنت من حل مشكلة حماس، وكما أظهر هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فإنها لم تكن قادرةً على ذلك.

نتائج العدوان على غزة ـ في غالبيتها ـ تشيرُ بالتواتر بعد عام من طوفان الأقصى، إلى أن العملية كانت "فخًا" محسوبًا بدقة، ليس في إطار نقل ملف القضية الفلسطينية من هامش اهتمامات العالم، إلى "متن" شواغله اليومية وحسب، وإنما أيضًا في إطار زعزعة ثقة العالم، على المستويين: الرسمي والشعبي، في صورة إسرائيل "الضحية" من جهة، والنموذج "الديمقراطي /الأخلاقي " في بيئة عربية تضج ـ كما تزعم ـ بالتوحش والاستبداد والتخلف من حولها من جهة أخرى، ناهيك عن خسارتها عصا الردع التي استندت إليها في رسم صورة "البُعبُع" الإقليمي الذي يثيرُ الفزع في أية قوة معادية لها في المنطقة من جهة ثالثة:

لقد وجّهت هجماتُ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ضربةً قويةً لسمعة إسرائيل في مجال الاستخبارات الفائقة، وللنفسية الجماعية للشعب الإسرائيلي، ولمصداقية إستراتيجيتها الرادعة بلا أدنى شك.

من بين ما يعزز فكرة "الفخ" التي توقعت ردود فعل إسرائيلية ستخصم حتمًا، من "نقاء" صورتها التي استثمرت من أجلها لعقود طويلة، أنه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وقع أكثرُ من ألفَي هجوم عنيف على الفلسطينيين من قبل المستوطنين الإسرائيليين.

وهو معدلٌ مرتفعٌ على الإطلاق لعنف المستوطنين، وفقًا لتقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا العنف المتزايد، اعتقلت إسرائيل ربع عدد المشتبه بهم اليهود في الضفة الغربية كما فعلت في عام 2022؛ العام الذي سبق تولي الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية السلطة، في حين استولت الحكومةُ الإسرائيليةُ رسميًا عام 2024، على أكثر من تسعة أميال مربعة من الأراضي الفلسطينية، وهي المساحةُ الكبرى في أي عام منذ تسعينيات القرن العشرين.

وفي الوقت ذاته، كشف زلزالُ طوفان الأقصى النزعات الاستبدادية المستترة خلف ادعاءات الدولة الأكثر ديمقراطية في الشرق الأوسط، ففي الأسابيع والأشهر التي أعقبت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مباشرة، شنت إسرائيل حملةً صارمةً على المعارضين لخط الحكومة بشأن الحرب.

وتعرّض الإسرائيليون العرب واليساريون للمضايقات وحتى الاعتقال. ووافقت وزارة بن غفير على منح تصاريح للاحتجاجات المؤيدة للحرب، ولكنها لم توافق على الاحتجاجات المناهضة للحرب، حيث دعا الوزيرُ نفسه إلى فرض حظر كامل على المظاهرات المؤيدة للسلام.

ولكن مشاكل أخرى نشأت، فبعد أن اعتقلت السلطاتُ الإسرائيليةُ جنودًا متهمين بتعذيب المعتقلين الفلسطينيين في قاعدة سدي تيمان العسكرية، اقتحم متظاهرون من اليمين المتطرف القاعدة في محاولة لتحريرهم بالقوة، وانضم أعضاءُ الكنيست الإسرائيلي إلى المجموعة التي اخترقت السياج.

إن هذا الحدث، الذي يُوصفُ على نطاق واسع بأنه السادسُ من يناير/ كانون الثاني في إسرائيل، يوضح مدى عُمق الفساد في الديمقراطية الإسرائيلية، كما قال زاك بوشامب.. كبير المراسلين بموقع فوكس.

ولا تُخفي التقاريرُ والمُحللون الإستراتيجيون في العالم أن الحرب أدت إلى تفاقم الانقسام في السياسة الأميركية، فتاريخيًا، كانت إسرائيلُ تتمتع بدعم واسع النطاق من الحزبين، ولكن هذا لم يعد الحال مع المزيد من التقدميين والناخبين الأصغر سنًا الذين يشككون في هذا المبدأ الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية، ومن المؤكد أنّ حرب غزة أدت إلى تفاقم هذا التحول، وسوف تستمر في التأثير على سياسات الدعم الأميركي لسنوات قادمة.

لقد تسبّبت الحرب في غزة في خسارة إسرائيل الدعمَ من جانب العديد من شرائح المجتمع الأميركي، وهو الدعم الذي لن تتمكن الولايات المتحدة من استعادته بسهولة. ورغم المناقشات السياسية المكثفة التي دارت في بعض الأحيان، فإن الدعم الأميركي لإسرائيل كان تاريخيًا ثنائي الحزبية، وإذا حكمنا من خلال ردود الفعل التي أبداها العديدُ من الجامعات الأميركية الرائدة ـ والتي تُشكل بوتقة الزعماء المستقبليين ـ فإننا نستنتج أن المواقف الغربية لن تزيد إلا تشددًا ضد إسرائيل، وليس ثمة شك بأن إسرائيل تواجه مشكلةً أميركيةً سوف تكافحُ جاهدةً لمعالجتها لسنوات طويلة مُقبلة.

وتبقى الإشارة التي لفت إليها مارك ليونارد، مدير المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية حين قال: "مع كلّ ضحية مدنية نتيجة لغارة جوية إسرائيلية، تصبح حجج الغرب في الدفاع عن النظام القائم على القواعد أكثر جوفاء في الجنوب العالمي. وإذا اتخذ شي جين بينغ في مرحلة ما في المستقبل المشؤوم قرارًا بغزو تايوان، فمن المؤكد أنه سيأملُ أن يكون موقفُهُ من حرب غزة قد جعل من المُرجح أن يصطف الجنوب العالمي خلف بكين بدلًا من واشنطن".

هكذا كان "الفخُ"، الذي نصبته المقاومةُ الفلسطينيةُ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ليس لإسرائيل وحدها ولكن للنظام الدولي الذي ظل لعقود يمثلُ مظلة الحماية وشهادة الضمان التي تحمي إسرائيل من المُساءلة وأدرجها ـ بفظاظة ووقاحة ـ دولةً "فوق القانون"، لتُقدم المقاومةُ ـ بذلك ـ هذا العالم "المتواطئ" عاريًا تمامًا بلا أية إضافات من "ميكب" الحداثة والتنوير والإنسانية المزيفة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السابع من أکتوبر طوفان الأقصى تشرین الأول من جهة

إقرأ أيضاً:

العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعات

في محاولة للتمدد داخل المجتمعات العربية، يعمل الاحتلال الإسرائيلي على صناعة جيل من عناصر الاستخبارات والجنود المتحدثين بالعربية بلهجاتها المتنوعة، كأداة اختراق تتجاوز البندقية والدبابة إلى محاولة السيطرة على العقول.

"إسرائيلي يتحدث لهجتك، يغني أغانيك، ويردد أمثالك الشعبية" مشهد بات يتكرر في مقاطع فيديو ينشرها إعلام الاحتلال، ضمن خطة مدروسة للتأثير على الرأي العام العربي وتحويل مجرم الحرب إلى وجه مقبول.

ومهمة الجيل الجديد هي كسر الحواجز النفسية مع الشعوب العربية، وتهيئة الأرضية لاختراقات ثقافية وأمنية أشد خطورة من الحرب التقليدية، وفق ما كشفت وسائل إعلام إسرائيلية.

شلومي بيندر مدير الاستخبارات العسكرية بغرفة العمليات (الاستخبارات الإسرائيلية) مدارس اللهجات الإسرائيلية

بعد فشل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في التنبؤ بعملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شرعت إسرائيل في إعادة تقييم أدواتها الاستخبارية وأساليبها في جمع المعلومات.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية -في تقرير نشرته في الثامن من يوليو/تموز الجاري- عن تكثيف إسرائيل جهودها في تدريب كوادر بشرية متخصصة في اللغات واللهجات المحلية بهدف تعزيز قدراتها الاستخبارية بعد إخفاقات أكتوبر/تشرين الأول.

وقد أقرت الأجهزة الأمنية ضرورة العودة إلى الأدوات التقليدية، كاللغة وتفعيل الجواسيس على الأرض، إلى جانب استخدام التكنولوجيا المتطورة لمراقبة الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي بشكل أكثر فاعلية.

وبناءً على ذلك، أطلقت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" برامج تدريبية مكثفة تستهدف شبابًا أنهوا دراستهم الثانوية حديثًا، حيث يتم اختيارهم لتعلم لغات ولهجات محددة، حسب الاحتياجات الأمنية. وتستغرق هذه الدورات حوالي 6 أشهر.

إعلان

وهو ما أكد عليه ضابط إسرائيلي برتبة مقدم، رمزت له الصحيفة بالحرف (ح) والذي قال إن الحرب الدائرة في غزة أظهرت أنه "لا يمكن الاستغناء عن الأذن التي تلتقط النبرة، والعين التي تفسر التعبيرات والسلوكيات" مضيفًا أن هذا التوجه سيمتد للسنوات القادمة من خلال تعزيز وتوسيع منظومة كوادر اللغة داخل المؤسسة الأمنية.

وتعود مدارس اللغات التي تديرها "أمان" إلى بدايات تأسيس الشعبة، لكنها تشهد توسعًا كبيرًا حاليًا لتلبية متطلبات "الجبهات المشتعلة" حيث يتعلم مئات المجندين سنويًا لغات ولهجات متنوعة تشمل السورية واللبنانية والفلسطينية والعراقية والبدوية، وقبل 18 شهرا أضيفت اليمنية إلى القائمة، مما يعكس اهتمامًا غير مسبوق بتنوع اللهجات العربية.

ويتجاوز التدريب الجانب اللغوي ليشمل مواد نصية وصوتية مستمدة من الواقع العملياتي مثل محادثات حديثة أو تقارير إخبارية، وذلك للحفاظ على التأهب العملي لدى المتدربين، كما يتعرض المتدربون لتعبيرات يومية وأغانٍ ومقاطع فيديو من شبكات التواصل لإتقان النبرة واللهجة بشكل طبيعي، وفقا للصحيفة.

اختراق ثقافي

لا يتوقف التدريب عند اللغة وحدها، بل يدمج بين الجانب اللغوي والتحليل الثقافي والسياسي، إذ يتعلم عناصر الاستخبارات المستقبليون قراءة ما بين السطور، وفهم أنماط التفكير والعادات المحلية، بحسب يديعوت أحرونوت.

ورغم أهمية اللغة، يوضح الضابط (ح) أن الهدف ليس فقط بناء "مترجمين" بل عناصر استخبارات تجمع بين القدرة اللغوية وفهم الثقافة والمجتمع والسياسة المحلية، مشددًا على أنه "لكي تكون رجل استخبارات جيدًا يجب أن تدرس النظريات، والثقافة (..) والقيم التي تشكل أساس رؤيتهم للعالم".

وقال الضابط المقدّم المسؤول عن مدرسة اللغات في شعبة الاستخبارات العسكرية -في حديثه عن دروس السابع من أكتوبر/تشرين الأول- أن أحد الاستنتاجات الأساسية من الهجوم المفاجئ هو الحاجة الماسة إلى زيادة عدد المتخصّصين في اللغات ضمن المنظومة الأمنية.

يُشار إلى أن تقارير إسرائيلية أكدت أنه كانت يُفتقر لمعلومات استخباراتية في اليمن بالتحديد، كونها لم تتوقع دخول جماعة أنصار الله (الحوثيين) في معارك ضدها كما حدث في جبهة الإسناد الحالية. وهو ما استدعى تجنيد إسرائيليين من أصول يمنية، من اليهود الذين وصلوا حديثا لإسرائيل ويجيدون العربية واللهجة اليمنية، للمساعدة في جمع معلومات استخباراتية عن الحوثيين، وفق صحيفة معاريف الإسرائيلية.

وفي إطار الإصلاحات التي تبنتها قيادة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بعد "طوفان الأقصى" أصدرت تعليمات بعمل دورات في الثقافة الإسلامية واللغة العربية بدءًا من مرحلة ما قبل التجنيد وصولًا إلى تدريب الضباط. وتهدف هذه المبادرة إلى تزويد الأفراد العسكريين والجنود والقادة المستقبليين بالكفاءة اللازمة لفهم المجتمعات العربية بشكل أعمق، بحسب إذاعة جيش الاحتلال.

ووفقًا لتقرير نشره موقع "ذا ديفنت بوست" في 16 يوليو/تموز الجاري، فإن جميع أعضاء شعبة الاستخبارات العسكرية سيخضعون لتدريب في الدراسات الإسلامية، وسيتلقى نصفهم تدريبًا في العربية بحلول العام المقبل.

إعلان سلاح خفي

في السنوات الأخيرة، اتضح أن إسرائيل باتت تستخدم إستراتيجيات ناعمة ترتكز على الجانب النفسي والثقافي، الهدف منها كسر الحواجز النفسية واختراق الوعي الجمعي، مما يسهل عليها نقل رسائلها وتأثيرها بالمجتمع العربي دون إثارة مقاومة واضحة.

ويتفق الخبير النفسي عبد الرحمن مزهر مع ذلك، ويقول إنها خطوات نحو محاكاة أنماط السلوك والتعبيرات العربية اليومية، مما يجعلها تظهر كجزء من النسيج الاجتماعي المستهدف.

ويوضح مزهر أن هذا الانخراط اللغوي والثقافي يقلل الفجوة النفسية بين الطرفين، إذ إن اللهجة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل تعبر عن الهوية والشخصية. وعندما يتحدث شخص غريب باللهجة نفسها، يشعر المستمع بحالة من الألفة والقبول اللاواعي، مما يسهل قبول رسائل العدو دون وعي.

ويشير الخبير -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذه العمليات النفسية تؤسس لتطبيع عاطفي مع الطرف الآخر، يجعل من السهل تمرير أفكار سياسية وثقافية عبر قنوات تبدو طبيعية ومألوفة، مثل ارتداء بعض الإسرائيليين لباسا عربيا تقليديا، والترويج لأطعمة عربية على أنها جزء من المطبخ الإسرائيلي، كممارسات تهدف إلى تشويش الهوية وإعادة تشكيل الصور الذهنية.

ويعتبر مزهر أن هذا "السلاح الناعم" أكثر خطورة من السلاح التقليدي، لأن الأخير معروف وتتم مواجهته برفض ومقاومة، أما السلاح الناعم فيتسلل بسلاسة ليعيد تشكيل المفاهيم والقيم داخل المجتمع، دون أن يشعر المتلقي بخطورته أو يدرك طبيعة تأثيره الحقيقي.

عمليات نفسية تتخذها إسرائيل بهدف تمرير أفكار سياسية وثقافية عبر قنوات تبدو طبيعية ومألوفة (الفرنسية) إستراتيجية توظيف الشخصيات العامة

من أجل تعزيز التواصل مع الجمهور العربي، أنشأت الخارجية الإسرائيلية صفحات رسمية لكبار المسؤولين بالعربية على منصات التواصل، وصفحات بعض السفارات في دول عربية مثل مصر والأردن.

وتعتمد إسرائيل على وسائل إعلام ناطقة بالعربية منذ تأسيس إذاعة "صوت إسرائيل" التي بدأت العمل بموجب قانون سلطة البث لعام 1965، والذي نص على أن تعمل الإذاعات بالعربية لخدمة المواطنين العرب (الفلسطينيين) داخل إسرائيل، وتعزيز التفاهم والسلام مع الشعوب العربية المجاورة.

ومع ظهور ثورات الربيع العربي، تغيرت الصورة التقليدية لهذه الوسائل الإعلامية، إذ أدركت إسرائيل -كما الأنظمة العربية- أهمية وتأثير مواقع التواصل على الشباب العربي، لذا اتجهت نحو استخدام صفحات التواصل والمتحدثين العرب بهدف كسر الحواجز النفسية والثقافية مع الجمهور العربي الشاب.

ومن أبرز الشخصيات التي تتفاعل بالعربية بشكل مستمر مع الجمهور العربي أفيخاي أدرعي (المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال) والذي يحرص على التفاعل المباشر مع المتابعين على فيسبوك وتويتر، من خلال تهنئة المسلمين بالأعياد، ودعاء قبول الصلاة في منشورات مثل "جمعة مباركة".

كما ينشر صورا له من أماكن مختلفة بالأراضي المحتلة، رغم أن هذه المنشورات غالبا ما تتلقى تعليقات ساخرة من الجمهور العربي.

ويرى المنسق العام لتنسيقية مقاومة الصهيونية والتطبيع أنس إبراهيم أن مشروع الاحتلال الإسرائيلي لإنتاج جيل من المتحدثين الرسميين بالعربية بلهجاتها المتنوعة -من الخليج إلى الشام فالمغرب- ليس مسألة لغوية أو تواصلية بريئة، بل هو جزء من خطة عميقة تستهدف بنية الوعي العربي، وتهيئة الأجيال القادمة لتقبّل الكيان الصهيوني كجزء طبيعي من نسيج المنطقة.

ويقول إبراهيم في حديثه للجزيرة نت إن "الرسالة الأساسية التي يسعى الاحتلال لبثّها هي أنه ليس كيانًا غريبًا أو طارئًا، بل هو كيان مألوف يفهم العرب أكثر مما يفهمون أنفسهم. وعندما يتحدثون مثلنا فإنهم يخفون حقيقتهم الاستعمارية خلف قناع التفاعل الإنساني، في محاولة لكسر الصورة النمطية للعدو".

إعلان

ويرى أن أخطر ما في هذه السياسات أنها تُنتج استعمارًا ناعمًا يفتك بالعقول والقلوب قبل الأرض، فالاحتلال لم يعد يعتمد فقط على القوة المسلحة، ولهذا فإن مقاومة هذا المشروع تبدأ من الوعي، وحماية الهوية، وتمتين المناعة النفسية والثقافية، لأن ما لا نرفضه اليوم بوضوح سنعتاده غدا بصمت، على حد تعبيره.

مقالات مشابهة

  • عاجل. ترامب: لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة ولا أعلم ما الذي قد يحدث هناك
  • عاجل | الوكالة الوطنية للأمن في هولندا: إدراج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • العدو الذي يتحدث لغتك.. خطة إسرائيل الجديدة لاختراق المجتمعات
  • ما الذي تخشاه حماس بخصوص الأسرى لديها من واشنطن وتل أبيب؟
  • حماس: ويتكوف خالف السياق الذي جرت فيه جولة المفاوضات الأخيرة تماما
  • حدث استثنائي في أجواء غزة… ما الذي سمحت به إسرائيل فجأة؟
  • ترامب يردد مزاعم نتنياهو: حماس لا تريد حقا التوصل إلى اتفاق في غزة
  • فرنسا تعترف بدولة فلسطين.. وماكرون يثير غضب نتنياهو الذي يعتبر القرار “مكافأة للإرهاب”
  • مهاجما خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين.. روبيو: خدمة لدعاية حماس وصفعة لضحايا 7 أكتوبر