الجزيرة:
2025-12-09@04:46:53 GMT

الفخ الذي وقع فيه نتنياهو دون أن يدري

تاريخ النشر: 14th, October 2024 GMT

الفخ الذي وقع فيه نتنياهو دون أن يدري

في وقت مبكر من عملية "طوفان الأقصى"، بعد أسبوع تقريبًا (13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023) كتبت The Atlantic تقريرًا بعنوان رئيسي: " إسرائيل تسير نحو الفخ"، وآخر فرعي: "اقتحام غزة سيحقق رغبة حماس"..!!

في التفاصيل، يشيرُ التقريرُ ـ الذي كتبه Hussein Ibish ـ إلى أنه إذا كانت حماس شاءت من عملية (7 أكتوبر/ تشرين الأول)، استعراض البراعة العسكرية، وإظهار ضعف الاستخبارات والدفاعات الإسرائيلية، فإنّها شاءت ـ في الأساس ـ إحداث زلزال من شأنه أن يؤجل ـ على الأقل ـ مشاريع التطبيع الكبرى والمحتملة في المنطقة من جهة، واستفزاز إسرائيل وحملها على مهاجمة غزة بضراوة شديدة من جهة ثانية، إلى الحد الذي يجعل التعاطف الدولي تجاه إسرائيل ـ الذي حدث في الأسبوع الأول من العملية ـ يتبخر بسرعة ويحلُ محله الغضبُ الشديد إزاء المعاناة التي ستلحق حتمًا بسكان غزة البالغ عددُهم مليونين.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحفيو فلسطين والجزيرة في مرمى إسرائيل وفشل مشهود لروايتهاlist 2 of 2كسروا أسناني.. طبيب فلسطيني يروي تفاصيل مرعبة عن ظروف اعتقالهend of list

لا سيما وكما يشيرُ التقرير إلى أن حماس ـ بلا شك ـ لم تكن لتخطط بدقة لهجومها الجريء من دون أن تخطط أيضًا على نطاق واسع للرد على الهجوم المضاد الإسرائيلي المأمول على الأرض، ومن المرجح أن يواجه الجيشُ الإسرائيلي تمردًا عنيدًا في غزة.

بعد عام من طوفان الأقصى، واستنادًا على أدلة سرية وصفها أكثرُ من اثني عشر مسؤولًا استخباراتيًا وأمنيًا حاليًا وسابقًا من أربع دول غربية وشرق أوسطية، خلصت صحيفةُ واشنطن بوست إلى أن مخططي حماس كانوا يهدفون إلى "توجيه ضربة ذات أبعاد تاريخية، على أمل أن تجبر تصرفاتُ المجموعة إسرائيل على رد فعل ساحق، وتنتهي الصحيفة بالقول: "لقد سقطت إسرائيل في فخّهم مباشرة".

والحال أن ثمة آراء "غربية" لم تكن متعاطفةً مع القضية الفلسطينية ولا مع طبعتها المسلحة من حركاتها الوطنية، قدمت ـ لأول مرة ـ مسوّغات بررت هجوم حماس المفاجئ والذي أحدث صدمةً وزلزالًا حقيقيًا، وأعاد طرح "أسئلة الإفاقة" على النظام الدولي الذي استقرّ ـ قبله ـ على "التواطؤ" مع الفاشية الإسرائيلية، وأشعل في تلابيبه حريقًا هائلًا، تتسعُ جغرافيته يومًا بعد يوم.

عندما سُئل رافائيل س. كوهين من مؤسسة راند: ما هي العواملُ التي لعبت دورًا في العام الماضي والتي جعلت من الممكن شن هجوم حماس والخسارة المروعة في الأرواح، قال بلا تردد " الإجابة المختصرة هي الغطرسة الإستراتيجية الإسرائيلية".

فقبل هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تصورت إسرائيل أنها نجحت في احتواء حماس وردعها وإرضائها، من خلال مزيج من بناء جدار حول غزة، وخوض حروب سابقة على نطاق ضيق، والسماح بدخول المساعدات الاقتصادية إلى غزة، وتوفير تصاريح محدودة لسكان غزة للعمل في إسرائيل. ونتيجة لهذا، تصورت القيادة الإسرائيلية أنها تمكنت من حل مشكلة حماس، وكما أظهر هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فإنها لم تكن قادرةً على ذلك.

نتائج العدوان على غزة ـ في غالبيتها ـ تشيرُ بالتواتر بعد عام من طوفان الأقصى، إلى أن العملية كانت "فخًا" محسوبًا بدقة، ليس في إطار نقل ملف القضية الفلسطينية من هامش اهتمامات العالم، إلى "متن" شواغله اليومية وحسب، وإنما أيضًا في إطار زعزعة ثقة العالم، على المستويين: الرسمي والشعبي، في صورة إسرائيل "الضحية" من جهة، والنموذج "الديمقراطي /الأخلاقي " في بيئة عربية تضج ـ كما تزعم ـ بالتوحش والاستبداد والتخلف من حولها من جهة أخرى، ناهيك عن خسارتها عصا الردع التي استندت إليها في رسم صورة "البُعبُع" الإقليمي الذي يثيرُ الفزع في أية قوة معادية لها في المنطقة من جهة ثالثة:

لقد وجّهت هجماتُ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ضربةً قويةً لسمعة إسرائيل في مجال الاستخبارات الفائقة، وللنفسية الجماعية للشعب الإسرائيلي، ولمصداقية إستراتيجيتها الرادعة بلا أدنى شك.

من بين ما يعزز فكرة "الفخ" التي توقعت ردود فعل إسرائيلية ستخصم حتمًا، من "نقاء" صورتها التي استثمرت من أجلها لعقود طويلة، أنه منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وقع أكثرُ من ألفَي هجوم عنيف على الفلسطينيين من قبل المستوطنين الإسرائيليين.

وهو معدلٌ مرتفعٌ على الإطلاق لعنف المستوطنين، وفقًا لتقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا العنف المتزايد، اعتقلت إسرائيل ربع عدد المشتبه بهم اليهود في الضفة الغربية كما فعلت في عام 2022؛ العام الذي سبق تولي الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية السلطة، في حين استولت الحكومةُ الإسرائيليةُ رسميًا عام 2024، على أكثر من تسعة أميال مربعة من الأراضي الفلسطينية، وهي المساحةُ الكبرى في أي عام منذ تسعينيات القرن العشرين.

وفي الوقت ذاته، كشف زلزالُ طوفان الأقصى النزعات الاستبدادية المستترة خلف ادعاءات الدولة الأكثر ديمقراطية في الشرق الأوسط، ففي الأسابيع والأشهر التي أعقبت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول مباشرة، شنت إسرائيل حملةً صارمةً على المعارضين لخط الحكومة بشأن الحرب.

وتعرّض الإسرائيليون العرب واليساريون للمضايقات وحتى الاعتقال. ووافقت وزارة بن غفير على منح تصاريح للاحتجاجات المؤيدة للحرب، ولكنها لم توافق على الاحتجاجات المناهضة للحرب، حيث دعا الوزيرُ نفسه إلى فرض حظر كامل على المظاهرات المؤيدة للسلام.

ولكن مشاكل أخرى نشأت، فبعد أن اعتقلت السلطاتُ الإسرائيليةُ جنودًا متهمين بتعذيب المعتقلين الفلسطينيين في قاعدة سدي تيمان العسكرية، اقتحم متظاهرون من اليمين المتطرف القاعدة في محاولة لتحريرهم بالقوة، وانضم أعضاءُ الكنيست الإسرائيلي إلى المجموعة التي اخترقت السياج.

إن هذا الحدث، الذي يُوصفُ على نطاق واسع بأنه السادسُ من يناير/ كانون الثاني في إسرائيل، يوضح مدى عُمق الفساد في الديمقراطية الإسرائيلية، كما قال زاك بوشامب.. كبير المراسلين بموقع فوكس.

ولا تُخفي التقاريرُ والمُحللون الإستراتيجيون في العالم أن الحرب أدت إلى تفاقم الانقسام في السياسة الأميركية، فتاريخيًا، كانت إسرائيلُ تتمتع بدعم واسع النطاق من الحزبين، ولكن هذا لم يعد الحال مع المزيد من التقدميين والناخبين الأصغر سنًا الذين يشككون في هذا المبدأ الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية، ومن المؤكد أنّ حرب غزة أدت إلى تفاقم هذا التحول، وسوف تستمر في التأثير على سياسات الدعم الأميركي لسنوات قادمة.

لقد تسبّبت الحرب في غزة في خسارة إسرائيل الدعمَ من جانب العديد من شرائح المجتمع الأميركي، وهو الدعم الذي لن تتمكن الولايات المتحدة من استعادته بسهولة. ورغم المناقشات السياسية المكثفة التي دارت في بعض الأحيان، فإن الدعم الأميركي لإسرائيل كان تاريخيًا ثنائي الحزبية، وإذا حكمنا من خلال ردود الفعل التي أبداها العديدُ من الجامعات الأميركية الرائدة ـ والتي تُشكل بوتقة الزعماء المستقبليين ـ فإننا نستنتج أن المواقف الغربية لن تزيد إلا تشددًا ضد إسرائيل، وليس ثمة شك بأن إسرائيل تواجه مشكلةً أميركيةً سوف تكافحُ جاهدةً لمعالجتها لسنوات طويلة مُقبلة.

وتبقى الإشارة التي لفت إليها مارك ليونارد، مدير المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية حين قال: "مع كلّ ضحية مدنية نتيجة لغارة جوية إسرائيلية، تصبح حجج الغرب في الدفاع عن النظام القائم على القواعد أكثر جوفاء في الجنوب العالمي. وإذا اتخذ شي جين بينغ في مرحلة ما في المستقبل المشؤوم قرارًا بغزو تايوان، فمن المؤكد أنه سيأملُ أن يكون موقفُهُ من حرب غزة قد جعل من المُرجح أن يصطف الجنوب العالمي خلف بكين بدلًا من واشنطن".

هكذا كان "الفخُ"، الذي نصبته المقاومةُ الفلسطينيةُ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ليس لإسرائيل وحدها ولكن للنظام الدولي الذي ظل لعقود يمثلُ مظلة الحماية وشهادة الضمان التي تحمي إسرائيل من المُساءلة وأدرجها ـ بفظاظة ووقاحة ـ دولةً "فوق القانون"، لتُقدم المقاومةُ ـ بذلك ـ هذا العالم "المتواطئ" عاريًا تمامًا بلا أية إضافات من "ميكب" الحداثة والتنوير والإنسانية المزيفة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات السابع من أکتوبر طوفان الأقصى تشرین الأول من جهة

إقرأ أيضاً:

«حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»

«حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»

محمد الحسن محمد نور

حين ننظر إلى المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط من منظور القرار الأمريكي في واشنطن، فإن السؤال الأكثر إلحاحًا لا يدور حول أخلاقية دعم هذا الطرف أو ذاك، بل حول حساب الربح والخسارة في معادلة معقدة. لماذا تظل الولايات المتحدة متمسكة بدعم إسرائيل دعمًا مطلقًا، حتى عندما تتجاوز تصرفاتها حدود القانون الدولي وتسبب إحراجًا دبلوماسيا لواشنطن؟

الجواب لا يكمن في نقطة واحدة، بل في شبكة من المصالح المتشابكة التي تشكل عقيدة استراتيجية راسخة. فإسرائيل، برغم مساحتها الصغيرة، هي أكثر من مجرد دولة حليفة؛ إنها حاملة طائرات غير قابلة للغرق، ومختبر ميداني للتكنولوجيا العسكرية المتطورة، ووكيل موثوق لتنفيذ عمليات تحفظ واشنطن لنفسها تبعاتها المباشرة. هذا الدور التشغيلي الفريد يعطي لإسرائيل قيمة لا تُقدَّر بثمن في منطقة يعتبر الاستقرار فيها شحيحًا والولاءات متقلبة. ولكن تبقى هذه العلاقة محكومة بحسابات البراغماتية الصرفة، فالدعم الأمريكي لا ينبع من عاطفة أبدية، بل من تقاطع مصالح يُعاد تقييمه باستمرار تحت ضوء المتغيرات الإقليمية.

وفي الجهة المقابلة من هذه المعادلة، تقف المملكة العربية السعودية كعملاق جيوسياسي يطرح نفسه بديلاً استراتيجيا جذابًا لأمريكا. وربما مرعبًا لإسرائيل. فبرغم أن مساحة إسرائيل لا تقارن بمساحة السعودية الشاسعة، وبرغم أن ثروة الأخيرة الهائلة تجعلها شريكًا اقتصاديًا لا يُستهان به كما أشار ترمب، إلا أن المقارنة الحقيقية ليست في الجغرافيا أو الثروة وحدهما.

فالسعودية تمتلك ما هو أثمن: نسبة عالية من الاستقرار الداخلي والإقليمي، وغياب الأعداء المباشرين الذين يحيطون بإسرائيل من كل حدب وصوب، ونفوذ ديني وثقافي يمتد لقلب العالم الإسلامي. والأهم من وجهة النظر الأمريكية، أن شراكة السعودية لا ترهق أمريكا بالحروب العديمة الجدوى، ولا تفرض عليها الدخول في صراعات مباشرة؛ بل تقدم نفسها كقوة مستقرة قادرة على إدارة ملفاتها الأمنية بنفسها، وتكون ركيزةً للاستقرار الإقليمي بدلاً من أن تكون بؤرة للصراع الدائم. هذا الواقع يطرح سؤالاً وجوديًا في أروقة تل أبيب: هل تخشى إسرائيل أن تكون السعودية بديلاً لها في يوم ما؟ الخشية حاضرة وبقوة، ولكنها ليست خشية من زوال، بل خشية من إعادة ترتيب للأولويات.

فالقلق الإسرائيلي العميق لا يتعلق باحتمال أن تتخلى واشنطن عن دعمها بين عشية وضحاها، بل بأن يتقلص دورها من حليف استراتيجي لا غنى عنه، إلى مجرد أداة واحدة ضمن عدة أدوات في صندوق أدوات السياسة الأمريكية. إن صعود التحالف الأمريكي-السعودي ليكون المحور المركزي في المنطقة يعني ببساطة أن القيمة التفاوضية لإسرائيل ستهبط، وأن قدرتها على الحصول على دعم غير مشروط لأجندتها الأمنية ستنخفض.

ولهذا، نرى أن إسرائيل تعمل جاهدة على إبقاء ملفات المنطقة ساخنة ومفتوحة، وتقاوم أي محاولة لترتيب الوضع الإقليمي على نحو يقلل من أهميتها العسكرية والاستخباراتية لواشنطن – من مقاومة الاتفاق النووي الإيراني 2015، مرورًا بالضغط لإفشال انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وصولاً إلى عرقلة أي تقارب سعودي-إيراني حقيقي. إنها تدرك أن نفوذها مرتبط باستمرار حالة الطوارئ والصراع، فيما تقدم السعودية نفسها كضامن للاستقرار والطاقة والعلاقات الاقتصادية الواسعة، وهي سلع تزداد قيمتها في عالم تتزايد فيه المنافسة مع الصين وروسيا. وإذا حدث هذا التحول وأصبحت الرياض الشريك الأول لواشنطن، فإن المشهد سيتغير جذريًا.

فالسؤال المصيري هو: إذا تحول ميزان القوة لصالح السعودية، هل يزيد هذا من نفوذ أمريكا أم ينقصه؟ الإجابة معقدة وتحتوي على تناقضات.

على المدى القصير، قد يوسع هذا التحول من نفوذ أمريكا، إذ ستمتلك واشنطن بوابة مباشرة إلى قلب العالم العربي والإسلامي عبر شريك قوي ومستقر، قادر على تحقيق استقرار أوسع قد يخفف من حاجة الولايات المتحدة للتدخل المباشر المكلف.

لكن على المدى الطويل، قد تأتي الخسارة من حيث لا تُحتسب. فاستبدال حليف عسكري منضبط مثل إسرائيل، يتحرك كذراع تنفيذي سريع وحاد، بشريك كبير ذي أجندة وطنية مستقلة مثل السعودية، يعني أن واشنطن قد تفقد السيطرة على تفاصيل المشهد. قد تتبع الرياض سياسات اقتصادية أو تقاربًا مع منافسي أمريكا مثل الصين، أو تتبنى مواقف متصلبة في ملفات مثل إيران أو اليمن تتعارض مع الحسابات الأمريكية الدقيقة.

والأخطر من ذلك داخليًا، أن أي تحول في الدعم التاريخي لإسرائيل سيشعل حربًا سياسية ضارية داخل الولايات المتحدة بين المحافظين الإنجيليين والليبراليين وأصحاب المصالح، مما يُضعف قدرة واشنطن على تطبيق سياسة خارجية متسقة وقوية، وهو أكبر هدية يمكن تقديمها لمنافسيها على الساحة العالمية.

في الختام، إن اللعبة الكبرى التي تدور رحاها في الشرق الأوسط اليوم ليست بين السعودية وإسرائيل فحسب، بل هي اختبار حقيقي لذكاء الاستراتيجية الأمريكية نفسها. فالنفوذ الحقيقي لا يكمن في الانحياز الأعمى لحليف واحد، مهما بلغت قوته، بل في الفن الدقيق لإدارة التوازن بين جميع القوى في الساحة، وجعل كل طرف يشعر أنه في حاجة إلى الوسيط الأمريكي بطريقة مختلفة. المصلحة الأمريكية العليا ليست في دعم إسرائيل لأنها الأقوى عسكريًا، ولا في التحول إلى السعودية لأنها الأغنى، بل في منع أي منهما من أن تصبح قويةً لدرجة الاستغناء عن واشنطن، أو أن تشعر بالأمان لدرجة السير في طريق مستقل. الخطر الذي يتهدد النفوذ الأمريكي ليس من منافس خارجي يظهر فجأة، بل من تحول التنافس الخفي بين حلفائه إلى صراع مفتوح، يُجبر واشنطن على الاختيار فتخسر أحد رهاناتها.

وفي النهاية، الولايات المتحدة لا تخسر عندما يتقاتل أعداؤها… بل عندما يتصالح حلفاؤها.

الوسومأمريكا إسرائيل إيران الشرق الأوسط الصين الملف النووي الإيراني دونالد ترامب روسيا سوريا محمد الحسن محمد نور واشنطن

مقالات مشابهة

  • لابيد ساخرا من نتنياهو: اكتشفوا الذي تجاهل جميع التحذيرات في 7 أكتوبر
  • لن نسمح بهذا الأمر - نتنياهو: حماس تخرق وقف إطلاق النار
  • ما موقف ألمانيا من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة؟
  • نتنياهو: حماس تخرق وقف إطلاق النار
  • «حاملة الطائرات التي لا تغرق: إسرائيل، لماذا تخشى السعودية أكثر مما تخشى إيران؟»
  • لواء إسرائيلي يحذر من سيناريو يوم القيامة: 7 أكتوبر سيكون صغيرا أمامه
  • نتنياهو يتحدث عن العراق: استهدفنا الميليشيات التي تحركت ضدنا
  • زامير يهاجم المستوى السياسي الإسرائيلي على خلفية 7 أكتوبر
  • مالية اقليم كوردستان تسلم قوائم رواتب شهر تشرين الثاني الى المالية العراقية
  • نتنياهو تحت الضغط