"الفلك دوَّار".. وكما تُدين تُدان!
تاريخ النشر: 16th, October 2024 GMT
لينا الموسوي
إنها أحاديث وأمثلة نسمعها دائماً تتداول بين الناس في مجتمعاتنا العربية، ويقال إنه حديث نبوي شريف، قد يكون ضعيفًا وبلا سند، لكن محتواه عميق ودقيق؛ حيث إن الحياة على مختلف أزمنتها وعصورها هي الحياة والإنسان وما يتميز بصفات خير أو شر هو الإنسان، منذ أن خُلق، وحتى الآن، وأن أسباب الصراعات البشرية على السلطة والقوة والمال عبر الأزمنة وفي مختلف العصور هي ذات الصراعات لم تتغير إلّا في الأدوات والفكر والأسلوب والاتجاهات.
لذلك نجد في كتاب الله الكريم آيات متكررة فيها عبر وقصص عن حياة شعوب وأقوام في مختلف العصور والأزمان. ولو تفكرنا في تلك القصص لوجدنا بأن ما يحدث اليوم قد حدث في الأمس وأن ظلم وعدل الإنسان لأخية هو واحد، في مختلف العصور وعلى مختلف المستويات سواء في المجتمعات أو على مستوى الدول والحكومات.
أحببتُ أن أتحدث في هذه الكلمات وبعد صمت طويل ومشاعر ألم وحزن لم أستطع أن امتنع عنها، لما يحدث اليوم في عالمنا العربي من دمار متكامل على مختلف مستوياته الفكرية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية، علمًا بأنني بعيدة كل البعد عن السياسة، وأني أعيش في الغرب منذ زمن طويل، لكنني من جيل قد نشأ وتربّى وترعرع على كلمات تدعو إلى الوحدة العربية لكل ما تحمله من مبادئ ودين ولغة وخيرات وحضارات ونسيج اجتماعي مترابط، فأخذ يتناثر وتتساقط أوراقه واحدة تلوا الأخرى وتعصف أجواؤه برياح تسحب كل ما فيها من أخضر ويابس.
كل ذلك نتيجة للانشغال بالحروب والجوع والتهجير والنعرات الدينية والعرقية التي دخلت في قلوب ونفسيات تلك المجتمعات، متناسين أن ما يجمعهم عمومًا هو دين واحد ولغة وعادات وتقاليد واحدة، مجتمع عربي يمتلك المال والخيرات والأراضي والمزروعات والفكر والعلم والعمل والقدرات تحوَّل إلى مجتمع ظاهري استهلاكي غير مبالٍ بما يحدث من حوله، متحمل كل الألم والآهات وأقوى اللكمات.
الحروب المتكررة في مختلف دولنا العربية والتي تسببت في هجرة مئات الآلاف من البشر، على مختلف مستوياتهم الاجتماعية، تاركين خلفهم حضارة ولغة ودينًا وعزًا واسمًا وجاهًا، باحثين عن الراحة والأمان والاستقرار، مُتنقلين بين الجبال وعبر البحار، متعرضين الى الخوف والظلم والجوع والفساد، وأقاويل الفكر السطحي والصراعات، منشغلين بالقيل والقال والكلام الجارح واللامبالاة، وعدم إدراك حقيقة المثل الذي يقول إن "الفلك دوار يدور باتجاهك فينفعك، وآخر ضدك ضار ولو طال الزمان فيضرك"، أو "كما تدين تدان، فلا يدوم مال ولا منصب ولاجاه وما هو دائم إلّا وجه الله".
لذلك- أحبتي- يجب علينا أن نتفكر وندرك أننا شعوب أمة واحدة مهما اختلفت الآراء والأفكار والطوائف والأديان، فنفهم حقائق الأمور، ونبتعد عن الأقاويل والقيل والقال، وندرك حقيقة أن ما يجمعنا كشعوب عربية داخل أو خارج الأوطان أعمق وأكبر مما هو ظاهر للعيان، إنها ليست شعارات ولكنها حقيقة تُقال.
نحن شعوب لدول مختلفة الحضارات متنوعة في الكرم والخيرات، تتميز بالرحمة وتحمل النكبات على رغم كل الكدمات وتهجير الأسر وتشرد الشباب في مختلف الدويلات.. شعوب يظللها دين واحد يدعو الى مؤازرة كل مُتضرر في كل مكان وزمان، وما علينا سوى أن نستذكر دوما أننا أهل الخيرات فنتسلح بالوحدة والتعاون المؤازرة، وألا ننسى أننا مثلما نُدين نُدان!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية: ما يحدث في عدن تصعيد انفصالي برعاية سعودية
يمانيون |
أكد وزير الخارجية والمغتربين، المهندس جمال عامر، أن الإجراءات الأحادية التي تمارسها حكومة المرتزقة في عدن تشكل تهديداً مباشراً لوحدة اليمن وسيادته، محذرًا من تداعيات ما وصفه بـ”التصعيد الانفصالي الخطير” الذي يضرب أسس النسيج الوطني اليمني.
جاء ذلك خلال لقائه، اليوم، وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والاستخبارات اللواء علي حسين الحوثي، ورئيس مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية اللواء محمد الحاكم، حيث ناقش المجتمعون التحديات المتصاعدة بفعل ما تقوم به حكومة المرتزقة من خطوات وصفها الوزير بأنها “محاولات ممنهجة لتكريس واقع سياسي انفصالي”.
وخلال اللقاء، استعرض المسؤولان الأمنيان أمام وزير الخارجية تقريرًا حول ما تمارسه حكومة المرتزقة من إجراءات وصفت بـ”الأحادية واللاقانونية”، خصوصًا إصدار بطاقة شخصية جديدة عبر قاعدة بيانات مركزية تتبع لدولة العدوان السعودية، في خطوة تهدف إلى تقويض وحدة الهوية الوطنية اليمنية وتأسيس كيان موازي خارج إطار الدولة.
وأعرب وزير الخارجية عن قلقه البالغ من هذا التصعيد الذي يُعقّد مسارات الحل السياسي، مؤكدًا أن صنعاء كانت قد طرحت هذه التجاوزات على طاولة المبعوث الأممي ومسؤولي مكتبه، مطالبةً إياهم بالقيام بواجبهم في وقف هذه الانتهاكات التي تقوّض فرص التهدئة، وتزيد من تأجيج حالة الانقسام.
كما أعلن عامر عن توجيه رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية الانعكاسات الخطيرة لهذا التصعيد، مشددًا على أن ما تقوم به حكومة عدن – بتكليف ودعم من الرياض – يُعد انتهاكًا صريحًا لمبادئ السيادة اليمنية، وللقرارات الدولية التي أكدت مرارًا على وحدة الأراضي اليمنية.
من جهته، حذر اللواء علي حسين الحوثي من التداعيات الأمنية الجسيمة للبطاقة الجديدة، لافتًا إلى أن قاعدة بياناتها تقع بالكامل تحت سيطرة دولة العدوان السعودية، الأمر الذي يشكّل تهديدًا مباشرًا لخصوصية وأمن بيانات المواطنين اليمنيين، ويمنح دول العدوان أدوات جديدة للتجسس والتلاعب بالمعلومات لصالح أجنداتها المعادية.
كما ناقش اللقاء كذلك الملف الإنساني والأمني المرتبط باللاجئين والمهاجرين غير النظاميين، حيث تم التأكيد على أهمية تسوية أوضاعهم بما يتوافق مع القوانين الوطنية، مع مراعاة الظروف الإنسانية وتعزيز التعاون مع الجهات المختصة لضمان سلامة الأمن القومي والسلم المجتمعي.
وفي ختام اللقاء، شدد الجميع على الموقف الثابت للقيادة الوطنية في صنعاء الرافض لأي خطوات تهدف إلى تقسيم اليمن أو خلق كيانات موازية خارج إطار الدستور، مؤكدين أن الشعب اليمني وقواه الحرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مشاريع التفتيت.
كما جددوا دعوة المجتمع الدولي إلى القيام بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه ما تتعرض له وحدة اليمن من تهديد خطير، وإلزام الأطراف المدعومة من قوى العدوان بوقف هذه السياسات العبثية التي لا تخدم سوى مشاريع الاحتلال والهيمنة.