استراتيجيات الحرب النفسية في زمن المعلومات المُضللة
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
مع تطور الحروب من أساليب القتال التقليدية إلى المواجهات السيبرانية، أصبح للحرب النفسية دور بالغ الأهمية في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول والجماعات. هذه الحروب لم تعد تقتصر على الاشتباكات العسكرية المباشرة، بل أصبحت تعتمد بشكل متزايد على التأثير في العقول والمشاعر، واستخدام الأدوات الإعلامية لتوجيه الرأي العام وتفكيك استقرار المجتمعات.
في كتابه "الحرب السيبرانية: الحقائق، التكتيكات، والاستراتيجيات"، يستعرض خبير الأمن السيبراني الأمريكي جيمس لويس العديد من المفاهيم الأساسية المتعلقة بالحرب النفسية وكيفية تأثيرها على النزاعات الحديثة، بالإضافة إلى الأساليب والتقنيات المستخدمة في الحروب السيبرانية، مثل الهجمات على البنية التحتية، والتجسس، وعمليات التخريب، ويركز لويس على كيفية تطور هذه الأساليب مع مرور الوقت، ويناقش أهمية بناء دفاعات سيبرانية قوية لحماية الأنظمة والبنية التحتية، كما يتناول استراتيجيات لتقليل المخاطر وتحسين الاستجابة للأزمات.
يؤكد لويس أن "الحروب الحديثة تداخلت فيها الحدود بين الهجمات الجسدية والتلاعب النفسي، مما يجعل من الضروري فهم تأثير كل منهما". ومن خلال الفهم العميق للنفس البشرية، يمكن للجهات الفاعلة استخدام الحرب النفسية لتعزيز قدراتها وإضعاف خصومها.
كما يشير لويس في كتابه، الذي صدرت طبعته الأولى في العام 2020، إلى أن الحرب النفسية اتخذت أشكالًا جديدة في العصر الرقمي. مع ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، استخدمت الجماعات والدول هذه المنصات لنشر معلومات مضللة أو تعزيز روايات معينة. يُبرز لويس هذه الظاهرة بقوله: "لقد غيّر استخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي في العمليات النفسية طريقة الدول في إجراء الحروب، مما يتيح حملات مستهدفة يمكن أن تصل إلى الملايين على الفور".
يتحدث لويس عن تأثير المعلومات المضللة والحملات الإعلامية الموجهة، ويقول: "فهم المشهد النفسي لكل من الحلفاء والخصوم أمر بالغ الأهمية لوضع استراتيجيات فعالة في الحرب السيبرانية".
في العصر الحديث، يمكن اعتبار الحرب النفسية جزءًا من "الحرب الباردة الجديدة"، حيث تتنافس الدول الكبرى على النفوذ في مختلف المجالات. يوضح لويس أن الحرب النفسية لا تقتصر فقط على الصراعات العسكرية، بل تمتد إلى الحروب الاقتصادية والثقافية أيضًا، وقد يؤدي استخدام المعلومات والتأثير النفسي إلى تغييرات كبيرة في سلوك الدول والجماعات.
ويعتبر المؤلف أن الانتخابات، سواء كانت محلية أو دولية، تمثل ساحة خصبة للحرب النفسية، حيث يتم استغلال الشائعات والمعلومات المضللة لتعزيز الانقسام السياسي وزعزعة ثقة الناخبين في العملية الانتخابية والتأثير على سلوكهم.
وتعتبر التنظيمات الإرهابية الحرب النفسية أداة استراتيجية فعالة في تحقيق أهدافها السياسية والدعائية. وتستخدم أساليب متنوعة للتأثير على العقول والمشاعر وغسل الأدمغة، بهدف تعبئة أفكار مسبقة وروايات مُختلقة ونشر المعلومات المضللة، وتنظم هذه الجماعات حملات دعائية تستهدف الرأي العام، تسعى من خلالها إلى زعزعة الثقة في الحكومات والأنظمة القائمة، مما يخلق بيئة من عدم الاستقرار والفوضى. وتعتمد هذه التنظيمات على تقنيات الحرب النفسية لتعزيز الولاء والانتماء داخل صفوفها، وتعمل على بناء هوية جماعية قوية تعزز قدرتها على التجنيد والحشد، كما تستخدم الرموز والأيقونات الثقافية والدينية لتوجيه رسائل عاطفية تزيد من تأثيرها على الأفراد والمجتمعات.
يتناول لويس في كتابه استراتيجيات الدفاع ضد الحرب النفسية، ويعتبر الوعي والقدرة على التحليل النقدي من الأدوات الرئيسية لمواجهة تأثيرات هذه الحرب. يحتاج الأفراد والمجتمعات إلى تطوير مهارات التفكير النقدي لتقييم المعلومات بشكل فعَّال، مما يساعد على تقليل التأثير السلبي للحرب النفسية. يُشير لويس إلى ذلك قائلًا: "تتطلب مواجهة الحرب النفسية تطوير قدرات التحليل النقدي لدى الأفراد، مما يمكنهم من التعامل مع المعلومات المضللة بشكل فعَّال".
ومن خلال الفهم العميق لاستراتيجيات الحرب النفسية، يمكن للأفراد والمجتمعات تطوير دفاعات فعالة ضد هذه الأساليب، مما يعزز قدرتهم على مواجهة التحديات الحديثة في عالم مترابط بشكل متزايد، لكن الحرب النفسية ليست مجرد أداة للصراعات العسكرية فحسب، بل هي جزء لا يتجزأ من الاستراتيجيات السياسية والاجتماعية الحديثة. في عصر تكون فيه المعلومات سلاحًا يمكن أن يُستخدم لتفتيت الثقة في المؤسسات وتعميق الانقسامات الاجتماعية، يُصبح من الضروري على الحكومات تعزيز الوعي المجتمعي وتنمية المناعة النفسية لدى الأفراد.
وهذا يتطلب ليس فقط بناء قدرات تقنية لمواجهة الهجمات السيبرانية، بل أيضًا استثمارًا في تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليل العميق. إن مواجهة التحديات المستقبلية في هذا المجال تستدعي رؤية شاملة تأخذ في الاعتبار البعد السيكولوجي والاجتماعي للحرب النفسية، مما يجعل التحصين النفسي جزءًا لا يتجزأ من أمن المجتمعات واستقرارها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: المعلومات المضللة للحرب النفسیة الحرب النفسیة
إقرأ أيضاً:
اليابان تختبر سلاحا جديدا يغير ملامح الحروب.. عالي الطاقة
نقلت مجلة نيوزويك الأمريكية، عن وكالة دفاع يابانية تأكيدها، أنه يجري تركيب نظام ليزر عالي الطاقة قادر على إسقاط المسيّرات، على متن سفينة حربية استعدادا لإجراء تجارب مستقبلية في البحر.
وقالت وكالة "ألطا"، التابعة لوزارة الدفاع، في بيان للمجلة إن نظام الليزر عالي الطاقة من فئة 100 كيلوواط، الذي لا يزال قيد البحث، يجري تطويره لتركيبه على متن السفينة "أسوكا" لإجراء تجارب إضاءة مستقبلية في البحر.
ووفقا لوثيقة صادرة عن الوكالة، خضع نظام الليزر بالفعل لتجارب برية أثبتت قدرته على إشعال قذيفة هاون وإسقاط طائرة مسيّرة صغيرة.
وبينت المجلة أن الليزر يعتبر سلاحا يستخدم الطاقة بدلا من القذائف أو الصواريخ لضرب الأهداف، مما يجعله أقل تكلفة، ويمنحه قدرة إطلاق نار غير محدودة عمليا، مبينة أن هذا السلاح يمكن أن يكون فعالا في الدفاع عن السفن.
وأشارت المجلة، إلى أن تطوير هذا السلاح وأسلحة أخرى "مغيرة لقواعد اللعبة" يأتي في الوقت الذي تواجه فيه اليابان القوة العسكرية الصينية المتنامية حيث شهدت العلاقات بين البلدين توترا حادا عقب تصريحات طوكيو حول تدخل عسكري محتمل في حال فرضت الصين حصارا على تايوان.
وذكرت المجلة أن صورا تم تداولها على منصة "إكس" مطلع الشهر الجاري أظهرت نموذجا أوليا لسلاح ليزر مثبت على السفينة التجريبية (جيه إس أسوكا) التابعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية.
2025/12/02
試験艦「あすか」レールガンの海上試験を終えたあと、
新たに防衛装備庁が研究中のレーザー兵器100Kwを搭載し海上試験に向けJMUで装備中。
来年には飛翔体の海上試験も行われるようです。
各国のレーザー兵器の動向も含め動画を編集しました。
動画https://t.co/HR1Jpx91L2 pic.twitter.com/RpumbPYMOE — AGC ハッチ (@agcdetk) December 3, 2025
في غضون ذلك، نشرت البحرية الأميركية المدمرة "يو إس إس بريبل" المزودة بأسلحة ليزر، في اليابان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وتحمل السفينة السلاح الذي يحمل اسم (هيليوس) ويعمل بقدرة 60 كيلوواط، ويمكنه مواجهة الزوارق الهجومية السريعة والمسيّرات.
ومن بين مشاكل أنظمة الليزر -تتابع نيوزويك- أنها قادرة على الاشتباك مع هدف واحد فقط في كل مرة، وتطلّبها البقاء مركزة على الهدف لفترة ممتدة.