إخوان الأردن يردون على حملات انتقدتهم بخصوص عملية البحر الميت
تاريخ النشر: 20th, October 2024 GMT
عمّان- رغم إصدار جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بيانا توضيحيا بخصوص منفذي عملية البحر الميت الشهيدين عامر قواس وحسام أبو غزالة، ، فإن الجدل لم ينتهِ ولم تتوقف مطالبات بعض الكتاب والصحفيين المقربين من الحكومة للحركة الإسلامية بتبيان موقفها من العملية، التي أسفرت عن إصابة عسكريين إسرائيليين بجروح، الجمعة.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين قد وصفت عملية البحر الميت، في تصريح صحفي، بـ "العمل البطولي، لكنه فردي"، وأنها "جاءت كرد فعلٍ من شباب أردني لم يتحمل مشاهد الوحشية الصهيونية الغاشمة".
كما أكد تصريح الجماعة أنّ "هذا الفعل ليس جديدا على الشعب الأردني"، وأنه يأتي في سياق مسيرة بدأها الشهيد كايد العبيدات، والشهيد ماهر الجازي، بالإضافة إلى تضحيات الجيش العربي الأردني "الذي ما تزال دماء شهدائه شاهدة على أرض القدس وفلسطين"، مؤكدا في الوقت نفسه أن "جماعة الإخوان المسلمين ستبقى كما كانت دوما في خندق الوطن، تحرص على وحدته وأمنه واستقراره".
ولكن، في الوقت الذي أشار فيه بيان الإخوان المسلمين إلى أن العملية "فردية"، يقول معارضوهم إن إعلان الإسلاميين عن انتماء منفذي العملية لهم، بمثابة تبنٍ للهجوم بشكلٍ أو بآخر، الأمر الذي رفضته الحركة الإسلامية.
بدوره، أكد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن المهندس مراد العضايلة، أن بيان الجماعة حول عملية البحر الميت أوضح ما التبس في بيان حزب جبهة العمل الإسلامي، مشددا في حديثه للجزيرة نت على أن "الحركة الإسلامية لطالما باركت كل عمل مقاوم في مواجهة الكيان الصهيوني، لا سيما أننا نعتقد أن المقاومة ودعمها، يمثلان مصلحة وطنية عليا للأردن، كما أنه يصب في مصلحة الأمة كلها".
ووصف العضايلة المرحلة التي تمر بها المنطقة والإقليم بـ"الحرجة"، وبأنها تتطلب من الجميع تكاتف الجهود لمواجهة "الاندفاعية الصهيونية"، التي تهدف لتوسيع المعركة في كل الساحات العربية، خصوصا أن "الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه في قطاع غزة وفي جنوب لبنان، وبالتالي فإنه يبحث عن نقل المعركة إلى ساحات أخرى"، مضيفا: "نعتقد أن الأردن أحد الأهداف الصهيونية في المرحلة المقبلة".
ورفض العضايلة محاولة البعض استهداف الحركة الإسلامية التي "تعتبر مكونا رئيسا من مكونات المجتمع الأردني" حسب وصفه، لافتا إلى "أننا جميعا بحاجة لأن نجتمع على كلمة واحدة، لمواجهة المشروع والأطماع الصهيونية في الأردن".
وبرأي المراقب العام، فإن ذلك "يتطلب إدراك خطورة المرحلة، وعدم الاندفاع لإحداث خلخلة في الصف الوطني"، وهو ما يحتاج "لعقول راشدة تبتعد كل البعد عن كل ما يضعف الجبهة الداخلية للوطن"، وبالتالي "أولويتنا حماية الأردن، وعلى المحرضين توفير أقلامهم للعدوّ الصهيوني" كما يقول.
في مقابل ذلك، قال وزير الإعلام الأردني الأسبق فيصل الشبول إن "العقلية التي سمحت بصدور ما يعرف بالبيان الأول للحركة الإسلامية لم نعتد عليها من قبل في الأردن".
وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن "جماعة الإخوان المسلمين مستقرة منذ 80 عاما في الأردن، وليس هناك إقصاء تجاه الحركة الإسلامية أو محاولات استهداف لها، سواء من الدولة أو من القوى السياسية، ولا أحد يريد إزاحتها عن المشهد السياسي"، مذكّرا بمشاركة الحركة الإسلامية في الانتخابات النيابية، وأن "الأردن أثبت أن المشاركة السياسية حق للجميع".
ولفت الوزير السابق أن الحركة الإسلامية "تاريخيا قادها عقلاء، كانوا جميعا مع المصالح العليا للدولة والوطن، ومع مصلحة الحركة الإسلامية في حد ذاتها"، وأضاف مستدركا: "لكن ذلك كان يتم دون إحراج الدولة أو اتخاذ قرارات غير مدروسة كالذي حصل مؤخرا"، وقال إن حزب جبهة العمل الإسلامي، يعمل وفق القانون ككيان سياسي قانوني، "لذلك نستغرب أن يتصرف القائمون عليه بهذه الطريقة".
وشدد الشبول على أن "مصلحتنا جميعا أن يكون خطاب الحركة الإسلامية خطابا راشدا، لأن هذا البلد لنا جميعا، ولا أحد يغامر في سياسات قد تؤدي إلى توتير الأجواء"، وأضاف: "نحن نعلم من هو عدونا، ومصدر الخطر المحدق بالأردن معروف، وبالتالي نحن بحاجة إلى الخطاب الراشد بصورة دائمة".
"التحريض مرفوض"بدوره أكد رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان، خلال جلسة مجلس الوزراء أمس السبت، أن "أحدا لم يقف كما وقف الملك عبد الله الثاني شخصيا مع إخواننا في فلسطين".
مضيفا: "نحن دولة متماسكة بشعبها ومؤسساتها، ولن نسمح بأي تجاوز على القانون والمؤسسات الوطنية، أو استغلال الناس وعواطفها -من قبل أي جهة كانت داخلية أو خارجية- في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة لأهداف سياسية، والمتاجرة بحياة الناس بالشعارات دون أدنى مسؤولية".
ورأى رئيس الوزراء أن "التعبير عن الدعم والتضامن مع أهلنا وإخواننا في فلسطين موقف كل الأردنيين بدون استثناء، لكن التحريض الذي يعرّض أمن الوطن وسلامة المواطن للخطر موضوع مختلف تماما، ولن نقبل بذلك بأي شكل من الأشكال ومن أي جهة كانت".
وشدد على أن أمن الأردن واستقراره وسلامة شعبه فوق كل اعتبار، وأن المصلحة الوطنية هي الأولوية الأولى التي لا يعلو عليها شيء إطلاقا، "وفي قوة هذا البلد ومنعته قوة لصمود أهلنا في فلسطين".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جماعة الإخوان المسلمین عملیة البحر المیت الحرکة الإسلامیة فی الأردن
إقرأ أيضاً:
انهيار الغطرسة الصهيونية بين أزقة طهران
خالد بن أحمد الأغبري
الشعوب الإسلامية التي تعيش تحت وطأة الظلم والجحود والقهر بوجود البعض من جبابرة العصر وغطرستهم (كالصهاينة ومن شايعهم والمنافقين ومن ساندهم)، أصبحت تصارع الحياة بين ذلك الضمير الحي الذي تحركه المشاعر الإنسانية والقيم الأخلاقية ذات البعد الديني والإنساني، وبين القيود التي تفرضها بعض الأنظمة المتغطرسة التي تحكمها بطريقة دكتاتوريّة تنشط وتتفاعل معطياتها خارج المحاور والقواعد الشرعية والمبادئ الإنسانية.
وهي من الجانب الإيماني ومسارات العقيدة والإحساس بالمسؤولية تجاه البشرية، ترى بأنَّ فرض هذه القيود والخضوع لها يجعلها تصطدم مع حقوقها المشروعة وتسيئ إلى خالقها وتعبث بالمصالح العامة بطرق مختلفة ومتنوعة. وفي نهاية المطاف سوف تؤدي بها الحياة الفانية إلى الحياة الأبدية والوقوف أمام العدالة الإلهية التي سوف يحاسب من خلالها ذلك الإنسان حسابًا عسيرًا وشديدًا بحيث يتم استجوابه عمّا قدمه من خير أو ما أكتسبه من شر في (يوم لا ينفع مال ولا بنون)، وعندما يَمثُل هذا الإنسان بين يدي خالقه جلّت قدرته، فيَصدر الحكم الإلهي ضده علانية وبصورة فردية (كل نفس بما كسبت رهينة) … (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت)، وذلك وفق دستور رباني عادل وواضح وشامل ومُتكامل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. مبني على قواعد إلهية ثابتة وعلمية ومعرفية ونهج راسخ ونظام محكم غير قابل للمساومة أو التغيير أو النقض أو الطعن بقدر ما هو كتاب مفتوح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فيعطى هذا الإنسان كتابه ويقال له (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)؛ فعليك أن تتصفحّ كتابك هذا بعناية، وتُمعن النظر فيه، لتجد من بين أسطره ومن ضمن مخرجاته تلك الصفحات السوداء والعلامات الغامقة التي تظهر مفردات تلك الخطوط العريضة والمؤشرات المميزة والتي تُبين بصورة واضحة وجلية ودقيقة تلك الوقائع والأحداث التي تم ضبطها وتسجيلها على خلفية أعمال هذا الإنسان وتداعياته بدقة متناهية وبشهادة معتمدة لا إفراط فيها ولا تفريط، وكأنه يقوم مُجبرًا لا مخيرًا بمراجعة أعماله دقيقها وجليلها وصغيرها وكبيرها؛ وهو يُطالع سيرته الذاتية الشاملة بكل تفاصيلها، بما فيها من إخفاقات سلبية، وأفعال حميدة وأعمال صالحة، وبسبب تهور الإنسان ذاته وإخفاقاته قد تذهب حسناته سدًا وتتقاسمها تلكم السيئات والموبقات والعثرات والهفوات، ويبقى هو حائرًا ومتحسرًا ونادمًا فيما ارتكبه من ذنوب ومعاصٍ وسيئات أعاذنا الله منها ومن تبعاتها؛ حيث يسأل المرء عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به؟
وعلى الجانب الآخر، فإنه من يُمعن النظر في مستويات البشر يراهم متفاوتين في نهجهم ونظرتهم وتصرفاتهم فيما يرتكبونه من حماقة وإجرام وأعمال مُشينة ووحشية لا تليق بالإنسان العاقل من حيث المسؤولية الدينية والشرعية والأخلاقية والقانونية؛ بل تجدهم يقومون بأفعال مزرية ومحرمة يغلب عليها طابع الإجرام وعدم ضبط النفس وذلك وفق منهجهم السيئ والعربدة التي يمارسونها من خلال غطرستهم وتكبرهم وجبروتهم، متخذين من مواقع المسؤولية التي يمارسونها مسرحًا للجريمة ومظلة للفساد وقتل الأطفال والنساء وكبار السن حتى أولئك الأطفال الذين يسعون لأخذ رغيف خبز لإنقاذ حياتهم من الجوع لم يسلموا من القتل المتعمد وانتهاك حقوقهم دون ورع ولا خوف ولا رادع، بينما هناك وللأسف أشخاص يدافعون عن هؤلاء القتلة ويحرضونهم على المزيد من الممارسات البشعة وهم يدعون تطبيق العدالة والديمقراطية كذبًا وزورًا، في الوقت الذي يدعمون فيه هذا الكيان الصهيوني لقتل الأبرياء وتدمير الممتلكات الخاصة والعامة وإشاعة الفوضى والعنجهية أمام أعين الجميع في خطوة تعكس ازدواجية المعايير وتغيير الواقع وقلب الحقائق لأجل تحقيق مصالح هذا الكيان المتكبر وتشجيعه على ممارسة تلك الجرائم والانتهاكات الوحشيّة بصورها وابعادها وواقعها المؤلم.
بينما الأمة الإسلامية تتألم وتعيش تلك المأساة العميقة التي ظلت تعاني منها عقود من الزمن ثم تطورت أحداثها فيما يشاهده العالم من انتهاكات وقتل ودمار في غزة وفي الكثير من أراضي الدول الإسلامية، حينها جاء الصهاينة على أثر تلك الخلفية العنصرية دون سابق إنذار ليقتحموا الحدود الدولية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في انتهاك صارخ للقانون الدولي بدافع العربدة التي تفتقر حيثياتها إلى العقلية والاتزان، والبعد الأخلاقي والسياسي والإنساني.
وفي مغامرة خارجة عن مسارات القانون والعرف الدولي بما تشكله من نزعة شيطانية متهورة تعتمد على أذرعها الظالمة، وتُزاحم أهل الحق في حقوقهم وأهل الديار في ديارهم وممتلكاتهم لتظهر الغلبة عليهم وتتقاسم معهم أرزاقهم ومعيشتهم وممتلكاتهم وتدمر حياتهم بالأسلحة الثقيلة والفتاكة وتغتال من يدافعون عن وأوطانهم وشرفهم وعرضهم وتنتهك بذلك حقوقهم وتقتل الآمنين منهم ومن بينهم الأطفال والنساء وكبار السن بطرق وحشية وبأسلحة محرمة لكي تبث لهم مدى قدرتها على بث الرعب والخوف والقلق ولتظهر مدى عمق الإجرام والغطرسة والتحكم في مصالح الناس.
وبعد ما فوجئت القيادة الإيرانية باغتيال الكثير من القيادات الحكومية المؤثرة في صفوف القادة العسكريين والسياسيين والأمنيين مع ضرب المنشآت الحيوية والعسكرية والأمنية والمفاعلات النووية لزعزعة أمن واستقرار الدولة واختراق أجهزتها الأمنية والدفاعية وذلك من أجل بسط نفوذ الدولة الصهيونية على المنطقة.. تحركت الحكومة الإيرانية للدفاع عن نفسها وعن دولتها ومصالحها، فكان الرد الإيراني على تلك البلطجية رد موجع ومؤثر ومؤلم ومبارك من قبل الشعب الإيراني وأصدقائه والداعمين له، وفي ضوء ذلك التحرك الدبلوماسي لحكومة إيران أعلنت شقيقتها الحكومة الباكستانية الموقف الرسمي للحكومة لمؤازرة ومساندة الحكومة الإيرانية للتصدي لهذا العدوان الغاشم لضمان حقوق إيران وسلامة أراضيها، وهو موقف مشرف يشكرون عليه.
ومن هذا المنطلق يتطلع أبناء الأمة الإسلامية لأن تضطلع هذه الأمة بدورها الريادي في خطوة مباركة ومدعومة من قبل أبنائها لتستلم زمام المبادرة وتحافظ على حقوقها ومكتسباتها وتدعو إلى وحدة شاملة ومتكاملة الأبعاد تتمثل في شراكة استراتيجية تتحد من خلالها الدول الإسلامية وتتوحد في قيام اتحاد منظم وفاعل مبني على أرضية ثابتة وقواعد متينة وأنظمة وقوانين هادفة وراسخة، وذلك على غرار أنظمة وقوانين الاتحاد الأوروبي، وذلك من أجل صد التمدد الصهيوني ومواجهة تلك التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وممارسة مسؤولياتها وواجباتها والدفاع عن نفسها وعن أراضيها وضمان حقوقها والمحافظة على مكتسباتها وتفعيل دورها الوطني فيما يتعلق بمصالحها وأمنها واستقرارها واستقلالها مع خلق بيئة جاذبة للاستثمار فيما بينها.
إن الأهداف المرجوة من هذا الاتحاد في حالة التوافق عليه.. تقوم على أساس تحقيق تعاون استراتيجي يشمل كافة المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، كما أنه يشمل كافة القطاعات والمجالات الخدمية بما في ذلك القطاع الصحي والتعليم والدراسات العليا والقطاع الصناعي، إضافة إلى مختلف مجالات التنمية المستدامة والبنى التحتية.
وعلى جانب من الأهمية وما يثير الامتعاض والأسى، ذلك التحيز والمواقف المتباينة في مسألة تبني مشاريع المفاعلات النووية؛ وذلك عندما يسمح للبعض بإقامتها فيما حُظرت عن البعض الآخر بسبب أيدولوجيتهم العرقية أو الدينية، في إشارة واضحة إلى عمق هذا التحيز والاستبداد وبما ما يدعو إلى إثارة الخلافات والنزاعات الإقليمية والدولية بصورة مباشرة وغير مباشرة.
نعلم أن الصراع الذي نشأ على خلفية الأحداث الراهنة وما سبقها من تجاوزات وانتهاكات وما يعيشه العالم من خلال هذه الأوضاع القائمة على الغطرسة وانعدام الحوار الإيجابي والذي نتج عنه تلاشي كل المعايير والقيم الانسانية والسياسية والقانونية وبقيت أبوابه مفتوحة بتجاه الفوضى والعنجهية والهمجية كما بقيت معطيات الحياة متردية وهي بين مد وجزر في الوقت الذي بقيت فيه المعاناة شديدة وذات تفاعل سلبي عميق ومؤثر على المستويين المادي والمعنوي.
نسأل الله أن يجبر بخواطر المظلومين ويمنحهم الصبر والقوة والعدالة لتحطيم قوى البغي والفساد إنه ولي كريم.. كما نسأله تعالى أن يحفظ عُمان سلطانا وحكومة وشعبًا وأن يُحقق تطلعات أبناء هذا الوطن لبناء مستقبلهم وازدهاره والنهوض بمسؤولياته تحفه عناية الله تعالى ورعايته، إن الله على كل شيء قدير.