صحيفة التغيير السودانية:
2025-06-03@12:35:14 GMT

معسكرين فقط، لا ثالث لهما…

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

معسكرين فقط، لا ثالث لهما…

معسكرين فقط، لا ثالث لهما…

مهدي رابح

بنظرة موضوعية صارمة للواقع في السودان، بعيداً عن أي انحيازات عاطفية صغيرة، وبتفكيك طرفي الحرب الى عناصرهما الاساسية، فإننا وبكل يسر يمكننا أن نصل الى محصلة أن من يتقاتلان اليوم ليس قوتان مسلحتان فقط بل عشرات القوى الحاملة للسلاح، والمنضوية في اتحادين رئسيين أشبه بالكارتيلات، يتنازعان في السلطة والثروة.

ومن خلف هذين الاتحادين عديد القوى الإقليمية والدولية التي توفر التمويل والسلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي لهذا الطرف أو ذاك، وتسعى كل منها بذلك الى ترجيح كفة توازن النفوذ الى صالحها في منطقة القرن الافريقي، حوض النيل وسواحل البحر الأحمر.

تماسك هذين الاتحادين واستقرارهما في خضم سياق الحرب يتناقض مع طبيعة تكوين عناصرهما الاساسية، اي مليشيات يرتبط استمرارها في الوجود بحد ذاته بمدى قوتها العسكرية، وهو ما يدفعها الى مزيد تعزيز قدراتها القتالية وهذا الأمر بدوره يعتمد مدى نجاحه على قدرتها توفير مزيد الموارد اللازمة وهو ما يستتبع تلقائيا السعي لمزيد من السلطة للسيطرة على مصادر تلك الموارد وهكذا دواليك، في عملية ذات اتجاه تصاعدي واحد لا يتوقف.

هذا النمط يجعل من الثابت في معادلة الصراع هو السعي لمزيد الموارد اما المتغيّر فهو طبيعة التحالفات التي تحقق ذلك “داخلية كانت ام خارجية” وهو ما يفسر تغيير بعض امراء الحرب لولاءاتهم حسب ما تقتضيه الحاجة او الواقع العسكري في الميدان وتصاعد التوتر الداخلي داخل تلك الكارتيلات مثلما رشح مؤخرا بين شركاء تحالف بورتسودان كنموذج جيّد.

إن اعتبار الحرب الحالية وكأنها نزاع بين الجيش والدعم السريع فقط لهو خطأ في التحليل سيؤدي الى الاستمرار في تبني مقاربات غير مجدية وغير عملية، تتباين بين الانحياز لأحدهما او لعب دور الوسيط بينهما او الانغلاق في موقف سلبي غامض يكون عرضة لتعدد التفسيرات، وهو ما لن يؤدي بأية حال من الأحوال إلى ايقاف الحرب أو إلى الوصول إلى أعتاب عملية سياسية قد تفضي لسلام دائم وتسمح بتدشين عمليات إعادة رتق النسيج المجتمعي المهترئ واعادة بناء السودان. بل العكس، اي انها ستؤدي الي تنشيط عملية تناسل المليشيات وامراء الحرب وازدياد تدخل الأطراف الخارجية واستمرار عداد الموت المجاني المجنون في الدوران.

في تقديري المتواضع ان الخطوة الصحيحة الأولي للمدنيين، دعاة السلام والتحول الديموقراطي، من اجل الوصول إلى تصميم صحيح لعملية الخروج من هذه الازمة، هو النظر إلى الحالة السودانية من خلال منظور طرفين رئيسيين مختلفين، واقصد بذلك ومن جهة أولى جماع تلك القوى الحاملة للسلاح والتي تخوض الحرب، التي تخوض في دماء السودانيين الآن، مع بعضها البعض وضد بعضها البعض “الآخر”، بغض النظر عن شكل التحالفات التاكتيكية المتغيرة التي ينتمون اليها اليوم أو تلك التي سينتمون اليها غدا، وبغض النظر عن الشعارات التي يرفعونها اليوم او التي سيرفعونها غداً، ومن الجهة الثانية جماع القوى الساعية لإيقاف الحرب والداعية لوضع حد للمأساة الإنسانية المروعة وغير المسبوقة.

أي أن هنالك في حقيقة الأمر معسكرين فقط لا ثالث لهما، معسكر الحرب ومعسكر السلام، معسكر المجرمين ومعسكر الناجين من السقوط في وحل هذه الجريمة النكراء.

#لازم_تقيف

الوسومأمراء الحرب التحول الديمقراطي الجيش الدعم السريع السلام السودان المليشيات مهدي رابح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمراء الحرب التحول الديمقراطي الجيش الدعم السريع السلام السودان المليشيات وهو ما

إقرأ أيضاً:

مبعوثة أوروبية: لابد من إنهاء حرب السودان والحل الوحيد التفاوض

قالت مبعوثة الاتحاد الأوروبي لمنطقة القرن الأفريقي، الدكتورة أنيت ويبر، إن الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع تسببت في دمار مروع وإنه لا يمكن القبول باستمرارها، مؤكدة أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة هو عبر التفاوض المباشر بين طرفي النزاع.

وأضافت ويبر، خلال مقابلة مع قناة الجزيرة، أن الاتحاد الأوروبي يراقب الأوضاع في السودان بقلق بالغ، لا سيما في ظل تعاظم المعاناة الإنسانية واستهداف المدنيين في مناطق عدة، مشددة على ضرورة أن تبذل دول الإقليم مزيدا من الضغط على طرفي الصراع لدفعهما نحو وقف إطلاق النار وبدء محادثات سياسية.

وأوضحت أن تركيز الاتحاد الأوروبي ينصب حاليا على الحفاظ على فاعلية الدولة السودانية، مشيرة إلى أن نحو 14 مليون سوداني أصبحوا عالقين في الداخل، في حين لجأ آخرون إلى دول الجوار، الأمر الذي يهدد بتفكك مؤسسات الدولة وانهيار بنيتها التحتية.

وشددت ويبر على أن الاتحاد الأوروبي يعمل مع جميع الأطراف لإيصال المساعدات الإنسانية، مؤكدة الحاجة إلى اتفاق يحمي المرافق الحيوية مثل محطات المياه ومولدات الكهرباء التي تعتمد عليها المستشفيات، وذلك لتخفيف آثار الأزمة المتفاقمة.

الحسم العسكري

وقالت إن الاتحاد حاول التواصل مع طرفي النزاع لضمان عدم استهداف البنية التحتية، مضيفة أن غياب المفاوضات منذ اجتماعات جدة عام 2023 يعكس إصرار الطرفين على الحسم العسكري، وهو ما يفاقم معاناة المدنيين ويمدد أمد الحرب.

إعلان

وفي معرض حديثها عن التطورات السياسية، لفتت إلى أن تعيين حكومة جديدة في السودان قد يفتح المجال لتعزيز الاستقرار، لكنها أكدت أن هذه الخطوة لن تكون كافية ما لم تتوقف الحرب التي تمزق البلاد.

وأضافت ويبر أن هناك فرصة للخروج من هذا "النفق المظلم" إذا وُجدت إرادة حقيقية للسلام، مؤكدة أن استمرار الصراع سيؤدي إلى انهيار إقليمي شامل، مما يفرض على جميع الأطراف، محليا ودوليا، التحرك بسرعة قبل فوات الأوان.

وأكدت أن مفتاح الحل يبدأ بوقف إطلاق النار الفوري ثم الانتقال إلى مفاوضات جدية بين الأطراف، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم الدعم السياسي والإنساني، لكن مسؤولية تحديد مستقبل البلاد تقع على عاتق السودانيين أنفسهم.

رؤى متباينة

وأشارت إلى أن لدى الطرفين رؤى متباينة بشأن مستقبل السودان، مما يتطلب حوارا عميقا يُفضي إلى رؤية مشتركة لمستقبل مدني وسياسي، يشارك فيه المجتمع المدني بقوة إلى جانب الدعم الإقليمي والدولي.

ورأت ويبر أن الضغوط السياسية لا يجب أن تقتصر على العقوبات الغربية، بل يجب أن تتوسع لتشمل ضغوطا داخلية من المجتمع السوداني نفسه، الذي عليه أن يرفع صوته رافضا استمرار الدمار وانهيار البلاد.

وأكدت أن العقوبات وحدها لم تفلح حتى الآن في إجبار الطرفين على تغيير مواقفهما، مضيفة أن تقديم بدائل إيجابية ومقترحات لبناء الدولة هو ما يمكن أن يحدث فارقا حقيقيا، لأن السودانيين يحتاجون إلى رؤية أمل لما بعد الحرب.

وأشارت ويبر إلى أن الحديث عن إعادة الإعمار أو تطوير البلاد لا يمكن أن يتحقق ما دامت الحرب مستمرة، مؤكدة أن المسار الوحيد الذي يمكن أن يفضي إلى ذلك يبدأ من وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ومنذ اندلاع النزاع في أبريل/نيسان 2023، بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أسفرت الحرب عن سقوط أكثر من 20 ألف قتيل، ونزوح قرابة 14 مليون شخص.

إعلان

مقالات مشابهة

  • خطاب بلا مضمون… كامل إدريس وتكريس سلطة الحرب والانقلاب
  • إحذروا (حذام) الشيوعية… فإنها كاذبة فلا تصدقوها
  • مبعوثة أوروبية: لابد من إنهاء حرب السودان والحل الوحيد التفاوض
  • ان كانت هذه رؤيته فمرحبا بها و عليه أن يثبت ذلك بالأفعال لا بالاقوال
  • الدرقاش: القوى التي حاربت الدواعش تنتمي لمصراتة وليست مليشيا الردع
  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • حكيمي على موعد مع التاريخ في نهائي الأبطال… سبعة أرقام قياسية تترقبه
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟