بعد مرور عام على الانتكاسة الاسرائيلية التي تحققت في هجوم السابع من أكتوبر، ورغم ما تتعرض له قوى المقاومة من ضربات مؤلمة، لكن الإسرائيليين يجدون صعوبة في استيعاب ما يزعمه الساسة والجنرالات بشأن عودة الردع من جديد.

ويظهر التناقض جليا، لاسيما وأن الأسرى ما يزالون في غزة، ومستوطني الشمال لم يعودوا بعد لمنازلهم، وما زالت هناك حكومة تقودهم إلى الدمار.



بن كاسبيت الكاتب في موقع واللا، ذكر أنه "بعد عام كامل ما زال الإسرائيليون يكتشفون آلامًا لم يعرفوها من قبل، وكوارث لم يشهدوها سابقاً، وقصصًا تقشعر لها الأبدان، وما زالت أبواب الجحيم مفتوحة أمامهم بعد مضي هذه الشهور الطويلة، فيما تحترق الدولة كلها، ويتحول فيها كل شيء إلى دخان، وكل ذلك دون ان تتوجه الحكومة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية لوضع اليد على أوجه فشل الأنظمة السياسية والعسكرية والأمنية التي أدت جميعها إلى تلك الكارثة، ولا يوجد حتى الآن موعد لإجراء الانتخابات، وعودة التفويض للجمهور".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "من الصعب التصديق أنه بعد مرور عام على هذه الكارثة، لا يزال هناك أكثر من مائة إسرائيلي مختطفين على يد حماس في ظروف مخيفة، هؤلاء الإسرائيليون الذين تخلت عنهم الدولة، رغم أن أساس وجودها هو حمايتهم، ومن الصعب جدًا تصديق أنه بعد مرور عام على التدمير، لم يعد مستوطنو الجليل الأعلى بعد إلى منازلهم التي تعرضت للقصف والجرحى، وإلى منازلهم بأكملها، بل إن الجليل كله يتعرض لنيران كثيفة كل يوم، وكل ساعة".



وأشار أن "الأصعب من كل ذلك، بل أكثر من أي شيء آخر يمكن تخيله، أن الحكومة تنوي إقرار قانون التهرب من الخدمة العسكرية للحريديم قريبًا، الأمر الذي سيكرّس حقيقة أن قطاعاً كبيراً، ينمو في داخل الإسرائيليين، لا يتحمل أعباء الخدمة العسكرية، وتقوم الحكومة بذلك بعد أن فقد الجيش آلاف الجنود، وانقطعت فرقة كاملة عن صفوف قواتها، ويواصل الآلاف من جنود الاحتياط العمل ما يزيد عن 280 يومًا، ولا توجد نهاية في الأفق، بل تعتزم حكومتهم إحياء ذكرى تهرب قطاع يضم أكثر من مليون يهودي من الخدمة العسكرية".

وأوضح أنه "بعد مرور عام على اليوم الأكثر لعنة في تاريخ دولة الاحتلال، هناك مجموعة كبيرة من الإسرائيليين يحلمون بمستوطنة جديدة في غزة، وبنظام جديد في لبنان، وتصميم الشرق الأوسط، ولم يتعافوا من تسمم القوة الذي أوصلنا لهذه الكارثة، وأسفر عن تمزق الردع الإسرائيلي يوم السابع من أكتوبر، بل تحوّل إلى أضحوكة، من خلال هجوم سعى لإنهاء الحلم الصهيوني".

وأشار أنه "رغم ما مُنيت به قوى المقاومة من ضربات مؤلمة في غزة ولبنان، لكنها لم تهلك بعد، ولم يتم القضاء عليها، ولم تقل كلمتها الأخيرة بعد، مما يعني أنه ما زال الوقت مبكرًا لنكون سعداء، فلا يوجد شيء نرقص عليه، صحيح أن أعداءنا لم يظهروا علينا في ساحة المعركة، ولم ينجحوا في التغلب علينا، لكننا بعد عام كامل من ذلك الهجوم، فإن الوحيدين الذين يستطيعون التغلب علينا هم أنفسنا، مما يعني أننا إذا لم نعد إلى رشدنا، فلن ننجح في النهاية".

مناحيم هوروفيتس مراسل القناة 12 في شمال فلسطين المحتلة، أكد أنه "بعد عام كامل على السابع من أكتوبر، فإن مستوطني الشمال لم يعلموا بعد الثمن الباهظ الذي دفعوه، صحيح أن الهجوم الجاري على لبنان قد يُقرّب اليوم الذي سيعودون فيه لما يعتقدون أنها منازلهم، لكن تحت السطح، ما زال رئيس الوزراء ورئيس الأركان يسعون تغيير الوضع ببضع كلمات فقط، وإلا فماذا يعني أنه بعد نحو ثلاثة أشهر من بدء الحرب مع حزب الله، فما زالت المستوطنات الشمالية، وفي مقدمتها كريات شمونة، مهجورة".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "بعد ثلاثة أشهر ما زال يعيش عشرات الآلاف من المستوطنين، أكثر من مائة ألف، لم يعودوا بعد إلى ديارهم، وما زالوا كلاجئين، ومستوطناتهم مهجورة بالكامل تقريباً، لم يكن هناك مثل هذا السيناريو في أي مكان، ومن يقوم بجولة كاملة في الشمال، فسوف يدرك أن المستوطنات على الحدود لا زالت فارغة، ولعل معظم الإسرائيليين لا يعلمون تفاصيل الحياة المؤقتة للنازحين، وما يرتبط بها من: المدارس، الأشياء الجديدة للأطفال، ونظام صحي غير مألوف، والوظائف، والشعور بأن كل شيء مؤقت، وأخيرا العيش على حقائب السفر".

وأشار أن "ما يعيشه المستوطنون النازحون منذ ما يزيد عن العام يؤكد المقولة الدارجة بأن "الشيء المؤقت في إسرائيل هو الشيء الأكثر ديمومة"، ففي بداية الحرب، عندما كنا لا نزال نعتقد أنها مسألة بضعة أسابيع، فقد زادت هذه الأسابيع عن الخمسين أسبوعا".

وختم بالقول أن "حياة النزوح الحالية للمستوطنين تضرب بعرض الحائط بمزاعم رئيس الوزراء ورئيس الأركان وهما على الحدود الشمالية، في محاولة زائفة لرسم صورة النصر، ويهددان عبثاً بالقضاء على أي حركة مشبوهة أو استفزاز أو محاولة لإنشاء موطئ قدم من قبل المسلحين خلال دقائق".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الردع غزة الاحتلال لبنان لبنان غزة الاحتلال الردع صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعد مرور عام على أکثر من ما زال

إقرأ أيضاً:

كيف نفهم الأزمة اليمنية؟

 

 

مسعود أحمد بيت سعيد

[email protected]

 

بدأت الأزمة اليمنية في صيف عام 1994 نتيجة خلافات سياسية حول إدارة الدولة والمؤسسات الحكومية، وقد برزت- آنذاك- بوصفها صراعًا سياسيًا مرتبطًا بتصحيح مسار الوحدة، وعلى هذا الأساس أعلن علي سالم البيض قرار الانفصال في 21 مايو من العام نفسه.

غير أن التحالف الطبقي اليميني والرجعي تجاوز مبدأ الحفاظ على الخيار الوحدوي الديمقراطي بالوسائل السلمية، ولجأ إلى الحلول الأمنية والضم القسري بالقوة المسلحة. وأسهمت هذه الممارسات في إفراغ التجربة الوحدوية من مضمونها، حتى أصبح استمرارها بالصورة التي أُسِّسَت عليها، وبالآليات التي أُديرت بها، أمرًا غير ممكن. في هذا السياق خاض الشمال حربًا هجومية تحت شعار "الوحدة العادلة"، بينما خاض الجنوب حربًا دفاعية تحت شعار "الانفصال الخاطئ"! وقد حُسمت الحرب لصالح الشمال بسقوط عدن في يوليو 1994، غير أن الحراك السياسي والجماهيري لم يتوقف.

ومع تطور الأحداث وسقوط النظام في الشمال لاحقًا، برزت انقسامات واستقطابات حادة في الشمال والجنوب، أدَّت إلى تغيُّر جذري في الخارطة السياسية وتحالفاتها. ووجدت القوى الخارجية، في مناخ مُثقل بالظلم والحرمان والاستبداد، بيئةً مواتيةً لتبرير تدخلاتها. وبناءً على ذلك، أعادت تموضعها على أرضية الخلافات الداخلية، فبرزت قوى ومكوّنات سياسية وعسكرية جديدة متفاوتة النفوذ، بينما تلاشت قوى أخرى أو جرى تطويعها بما ينسجم مع مجرى الأحداث. وخلال هذه التفاعلات، وبرعاية عوامل ومتطلبات خارجية، أُعيد تشكيل المشهد اليمني برُمَّته على أُسس جديدة، فيما ظلّت معظم الممارسات العملية للمكونات اليمنية محكومة بالاعتبارات الداخلية، حتى لو جاءت في إطار تلبية أجندات خارجية.

من هنا، ظهرت انقسامات وتحالفات داخلية ترافقها خطابات إعلامية موجهة لإرضاء أطراف إقليمية، بينما بَقِيَتْ القناعات الحقيقية لهذه القوى بانتظار ظرفٍ يسمح بالتعبير عنها، وهو ما استعصى فهمه على بعض القوى الإقليمية. غير أن الغائب الأكبر ظل الإطار الوطني الجامع القادر على تمثيل تطلعات الشعب اليمني، والتعبير عن هويته ذات الجذور التحرُّرية الرافضة للهيمنة والوصاية. وتراجعت النزعتان التحررية والوحدوية- اللتان تمثلان القاسم المشترك بين اليمنيين- إلى موقع ثانوي تحت ضغط الأحداث ومتطلبات الدعم الخارجي، رغم بقائهما حاضرتين في الخطاب السياسي والإعلامي.

ويمثل هذا التراجع جوهرَ الإشكالية التي تولَّدت عنها سائر المشكلات، ومهَّدت لإطالة أمد الأزمة التي أُريد لها أن تستمر وتُغذِّي الانقسام الجغرافي والاجتماعي والنفسي والسياسي. وبعد حرب طاحنة استُخدمت فيها إمكانات إقليمية واسعة، تحوَّلت معظم القوى السياسية والعسكرية- بوعيٍ أو من دونه- إلى أدوات تُمرِّر خيارات وثيقة الصلة بالأجندات الخارجية. ورغم مشروعية كثير من المظالم التي يطرحها الجنوبيون استنادًا إلى التجربة السابقة، فإنَّ الدفع باتجاه الانفصال- مهما كانت مُنطلقاته- ينسجم في جوهره مع مصالح قوى إمبريالية وكولونيالية وقوى إقليمية متداخلة معها.

ومع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي ثم إشراكه في بنية المجلس الرئاسي، تكشَّفت أبعاد حرب ممتدة لعقود، واتضح اتجاه المسار السياسي. ومن المفارقات أن يجتمع في المجلس ذاته ممثلو الشرعية- الذين خاضوا حروبًا شرسة دفاعًا عن الوحدة- مع قوى ترفع صراحةً شعار الانفصال، في تركيبةٍ فرضتها أولويات التحالفات الإقليمية والدولية رغم تناقضاتها الظاهرة. وقد أفرزت السنوات الماضية وقائعَ مدمرة على المستويات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية، خلقت مُعطى موضوعيًا يصعب تجاوزه، في ظل هيمنة قوى مُنخرطة في تحالفات إقليمية ودولية معقدة. ومع ذلك قد تُفضي المُتغيِّرات الجديدة إلى تحوُّلات في المزاج الشعبي نحو التمسُّك بما هو أَسْمَى، وبما يليق بتضحيات الشعب اليمني في الدفاع عن حريته ووحدته واستقلاله.

وقد شهدت الساحة اليمنية مؤخرًا تطورات لافتة؛ أبرزها سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على حضرموت والمهرة، فضلًا عن القصر الرئاسي في معاشيق بعدن؛ بما يحمله ذلك من دلالات سياسية ورمزية. وتمثل هذه الخطوة منعطفًا مهمًا في مسار الصراع وآليات إدارته، وتُشير إلى أننا أمام مفصل تاريخي يوشك على الطي؛ تمهيدًا لمرحلة جديدة قد تقوم على صراعات محتملة (شمال- شمال) و(جنوب- جنوب)، مع احتمال تجدُّد الصراع بين الشمال والجنوب، وظهور تحالفات داخلية وخارجية جديدة، بالنظر إلى طبيعة الاصطفافات الراهنة التي تبدو مؤقتة وغير مستقرة.

لذا.. من الضروري إعادة قراءة المشهد في ضوء المستجدات، والانطلاق من الواقع الموضوعي ومجاراة تحوّلاته واستحقاقاته المقبلة؛ فعلى المستوى الإقليمي تلوح مؤشرات على أُفول مشروع وصعود آخر، بينما على المستوى اليمني نجح المشروع المعادي لليمن- أرضًا وشعبًا ومستقبلًا- في تدميره أولًا، ثم دفعه نحو على سكة التقسيم ثانيًا.

وعليه.. يمكن القول إنَّ مسألة انفصال الجنوب اليوم تبدو أكثر وضوحًا وقابلية للتنفيذ من أي وقت مضى؛ إذ تُشير المعطيات السياسية والميدانية إلى اقتراب هذا الخيار- بما له وما عليه- من التحوُّل إلى واقعٍ، رغم تعدد العقبات التي لا تزال تقف في طريقه.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • يوسف الحسيني: قطار التصنيع العسكري المصري مذهل.. وعقيدتنا القتالية قائمة على الردع
  • كيف نفهم الأزمة اليمنية؟
  • يتربح من الابتزاز.. أحمد موسى: إعلام انجرف وراء الأكاذيب ويحتاج إلى الردع
  • الأزهر يوجه بترميم 100 أسطوانة نادرة للشيخ محمد رفعت.. لم تُذَع من قبل
  • ضباط إسرائيليون يقرون بفشل خطة القضاء على أنفاق حماس
  • الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة لم تُذع من قبل للشيخ محمد رفعت
  • صرخة لتحقيق الردع فى خروقات الانتخابات
  • الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل» للشيخ محمد رفعت وإتاحتها على بوابة الأزهر
  • الإمام الأكبر يوجّه بترميم 100 أسطوانة نادرة لـ محمد رفعت وإتاحتها على بوابة الأزهر
  • فرنسا تحقق في تحليق مسيرات فوق قاعدة تابعة لقوة الردع النووي