إثر زلزال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما أنتج من صدمات قوية، داخل إسرائيل وعلى كل المستويات فيها، ذهب المستوى الرسمي والعسكري إلى الحدود القصوى في الرد على ما حدث، وكان التعجل الأقرب إلى الارتجال قد أملى الاجتياح البري للقطاع المدجج بالسلاح والمقاتلين والأنفاق.
وكان ذلك بمثابة العمل الذي لا بد منه لمعالجة الانهيارات المعنوية التي اجتاحت الجمهور، ولإنهاء التهديدات بإنهاء الوجود العسكري والسلطوي لـ«حماس» في غزة، إضافة إلى تحرير المحتجزين الذين كانوا العدد الأكبر من كل من احتجز في الحروب السابقة.
بفعل إعطاء معنى لوحدة الساحات، وإلى ما قبل اتساع الحرب على الجبهة الشمالية، ظلت غزة هي الهدف الرئيسي وظلت تصفية «حماس» وقادتها، هي المحرك للجهد السياسي والاستخباراتي والحربي، ما أدّى إلى إفشال محاولات التهدئة والتبادل مع إصرار عنيد من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب حتى تحقيق نصره المطلق.
بفعل تطور الهجوم الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، واستهداف حزب الله بالتصفية وإضعاف قدراته على الساحة اللبنانية حتى بيروت، تحوّلت غزة إلى جبهة عسكرية ثانية، إذ تم سحب ألوية منها لتعزيز الهجوم على الجبهة الشمالية والإعداد لحرب هجومية ودفاعية ضد إيران. وذلك حول غزة المحتلة عسكرياً إلى رهينة في يد إسرائيل، بحيث يرتبط مصيرها بما ستؤول إليه الحرب على «حزب الله» والمؤجلة على إيران، ويصدق على غزة القول إنها أول الحرب وآخر الحل.
وقع المحللون وكثيرون من صنّاع السياسة في خطأ تقدير، حين عدُّوا تصفية يحيى السنوار صورة نصر ستساعد على إنهاء الحرب في غزة، وهذا ما دعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى دعوة إسرائيل للإفادة من تصفيته والتعاون مع جهود الوسطاء لإجراء صفقة تبادل، ومن قبيل الإغراء دعا بلينكن نتانياهو "المنتصر في غزة" إلى تحويل نصره إلى إنجاز استراتيجي بوقف الحرب وإبداء مرونة فيما يتصل باليوم التالي.
غير أن نتانياهو الذي رفض طلبات بلينكن جميعاً وظلّ مصراً على مواقفه "قبل السنوار وبعده"، مستمر في الحرب التي تتخذ شكل مذابح لا لزوم عسكرياً لها، تاركاً أمريكا والعالم يتحدثون عن سيناريوهات حول اليوم التالي، من دون أن يقول كلمة واحدة حول هذا الأمر.
سياسة نتانياهو وتجاهله اللافت لأهمية تصفية السنوار ومضيه قدماً في خطة الجنرالات وحلقتها الأولى جباليا، سياسته هذه تعني عملياً أن غزة بالسنوار ومن دونه، بانتخابات أمريكية ومن دونها، وبحسم على الجبهة الشمالية أو بتسوية، وباستعادة الرهائن أو قتلهم جميعهاً، ستظل رهينة لنصره المطلق الذي يجسده هدفه الرئيسي لبقائه في السلطة مدى الحياة، ومنعه قيام الدولة الفلسطينية.
حقائق الحرب المشتعلة على الجبهتين الرئيسيتين واحتمالات الامتداد إلى إيران، تُقرأ من قبل نتانياهو بصورة مختلفة عن قراءة الآخرين، فهو يعدّ إبداء أي قدرٍ من المرونة خصوصاً فيما يتصل بوقف إطلاق النار خطوةً تراجعية تضر بخططه وحتى بمكانته في إسرائيل، بصفته قائداً مركزياً لحرب "القيامة" التي كان اسمها "السيوف الحديدية".
ووفق تفكير نتانياهو ومنهجه، فما الذي يدعوه للتراجع ما دام الديمقراطيون والجمهوريون يتسابقون على إرضائه وفق معادلته القائلة: "لو بقي الديمقراطيون فلا ضرر، وإن جاء الجمهوريون فالوضع أفضل".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل على الجبهة الشمالیة
إقرأ أيضاً:
إغاثة غزة.. منظمات يهودية أميركية تضغط على إسرائيل
مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، تضاعف عدد المجموعات والمنظمات اليهودية الأميركية التي تتحدث عن المجاعة في غزة، وتدعو إسرائيل إلى التحرك من أجل إيصال المساعدات إلى المدنيين، وفقا لما أوردته صحيفة "الغارديان".
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن عددا من المنظمات اليهودية الأميركية البارزة، والمؤيدة لإسرائيل، دعت تل أبيب إلى ضمان إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المأزوم.
والأحد الماضي، أصدرت اللجنة اليهودية الأميركية، بيانا دعت فيه إسرائيل إلى اتخاذ خطوات لتخفيف معاناة المدنيين.
وقالت في البيان: "نشعر بحزن عميق إزاء الثمن الفادح الذي دفعه المدنيون الفلسطينيون في هذه الحرب، ونعبر عن قلقنا البالغ حيال تفاقم انعدام الأمن الغذائي في غزة"، وفقا لما نقلته"غارديان".
وتابعت: "نحث إسرائيل، ومؤسسة غزة الإنسانية، والأمم المتحدة، وجميع الأطراف المسؤولة عن توزيع المساعدات، على زيادة التعاون والتنسيق لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين في غزة".
كما أصدرت حركة الإصلاح اليهودية في أميركا الشمالية، التي تمثل أكبر طائفة يهودية في الولايات المتحدة، بيانا جاء فيه: "لا التصعيد العسكري، ولا تقييد المساعدات الإنسانية، قد قرب إسرائيل من التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن أو إنهاء الحرب".
وتابعت المنظمة: "تجويع المدنيين في غزة لن يحقق لإسرائيل "النصر الكامل" على حماس، ولا يمكن تبريره بالقيم اليهودية أو القانون الإنساني".
من جهتها، قالت "الجمعية الحاخامية"، وهي جمعية مقرها نيويورك وتضم حاخامات محافظين، الأسبوع الماضي إنها "تشعر بقلق متزايد إزاء تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة"، ودعت إلى "تحرك عاجل للتخفيف من معاناة المدنيين وضمان إيصال المساعدات".
تزايد وتيرة الاحتجاجات
وأشارت "الغارديان" إلى أن وتيرة الاحتجاجات اليهودية المطالبة بإنهاء الحرب وإيصال المساعدات إلى غزة، قد تزايدت في الآونة الأخيرة.
وأوضحت أنه تم اعتقال 27 حاخاما ورجل دين يهودي تابعين لمجموعة "اليهود من أجل الغوث لشعب غزة" بسبب احتجاج داخل مكتب زعيم الأغلبية، في مجلس الشيوخ، جون ثيون، في واشنطن، يوم الثلاثاء.
والاثنين، تم اعتقال 8 حاخامات خارج القنصلية الإسرائيلية في نيويورك أثناء احتجاجهم على الأزمة الإنسانية في غزة، بحسب "غارديان".
كما وقع أكثر من 120 حاخاما رسالة علنية تدعو إسرائيل إلى السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقالت "غارديان": "إن هذه التطورات تعكس تغيرا في دعم الشعبي لإسرائيل والحكومة الإسرائيلية داخل الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن هذا التغير تسارع مه استمرار الحرب.
ووفقا لاستطلاع رأي حديث أجرته مؤسسة "غالوب"، فقد تراجعت نسبة البالغين الأميركيين الداعمين للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى 32 بالمئة، وهو أدنى مستوى منذ أن بدأت المؤسسة بطرح هذا السؤال في نوفمبر 2023، بحسب "غارديان"