تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رأت مجلة "فورين بوليسي" أن التحولات في الحياة بشكل عام وفي السياسة بشكل خاص نادرة للغاية، وأنه لا يوجد مثال على ذلك أفضل من مقتل زعيم حركة "حماس" يحيى السنوار مؤخرا، حيث يعد هذا الحدث "نقطة تحول" و"مغيرة لقواعد اللعبة" بل يمكن اعتباره "نقطة تحول دراماتيكية".
ولكن، بنظرة سريعة إلى الخلف على مدى العام الماضي، فمن الصعب –وفقا للمجلة الأمريكية- أن نرى الآن كيف أدى قتل إسرائيل لمهندس هجوم السابع من أكتوبر 2023 إلى تغيير مسار الصراع بين إسرائيل وحماس في غزة بشكل أساسي.


وأوضحت المجلة أن السنوار ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حددا مسار الصراع، ورغم أن أحدهما قد رحل الآن، إلا أنه لا يوجد ما يؤشر أن من سيحل محل السنوار سوف يتمتع بالشرعية أو الاستعداد أو القدرة على متابعة نهج أكثر تهدئة أو توافقي.
كما أن صانع القرار الآخر - نتنياهو- يرسل إشارات واضحة بأنه عازم على مضاعفة الجهود، وليس التراجع عن تصميمه على تدمير بقايا الهيكل العسكري المنظم لحماس، ومواصلة القتال لأسباب سياسية خاصة به. لذا، فإن أي جهد جاد لإنهاء الصراع في غزة يتطلب من إسرائيل وحماس أن تستنتجا أن مكاسب خفض التصعيد أكبر بكثير من حجم الألم المرتبط باستمراره.
وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تؤدي الأحداث في الشمال (لبنان)، والضربة الإسرائيلية ضد إيران إلى تعقيد التركيز على غزة. وفي حين قد يفتح رحيل السنوار بعض الاحتمالات للتغيير في القطاع؛ إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن الفرصة باتت وشيكة، أو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لديها خطة لتحقيق إطلاق سراح الرهائن أو خفض التصعيد في غزة، خاصة وأنها لا تملك حاليا النفوذ، قبل أيام على الانتخابات الرئاسية التي قد تكون الأكثر أهمية في تاريخ الولايات المتحدة.
وحول حسابات حركة حماس، ومن قد يحل محل السنوار، أو كيف سيتم إعادة تنظيم حماس وقيادتها في أعقاب مقتل زعيمها، أشارت المجلة الأمريكية إلى صعوبة معرفة خليفة السنوار الذي يمثل رحيله خسارة كبيرة لحماس، خاصة وأن إسرائيل نجحت في القضاء على معظم الكوادر العليا للحركة، بما في ذلك (محمد الضيف، وصالح العاروري، ومروان عيسى).
والواقع يشير إلى أن الأعضاء الناجين من الرتب العليا إما خارج القطاع أو يفتقرون إلى الشرعية اللازمة لاتخاذ قرارات كبرى. ونظرًا لمركزية السنوار في هجمات السابع من أكتوبر، وقيادته في توجيه الحرب على مدى العام الماضي، وهوسه بالسرية، فمن المرجح أنه كان وحده قادرا على الوصول إلى معلومات معينة، بما في ذلك موقع الرهائن.
ولفتت المجلة إلى أن هناك عدة تقارير تفيد بأن شقيق السنوار الأصغر (محمد)، الذي ارتقى بسرعة في صفوف كتائب القسام قد يحل محله. ويقال إن السنوار الأصغر قضى بعض الوقت في السجون الإسرائيلية وأطول بكثير في سجن السلطة الفلسطينية. فيما تشير تقارير أخرى إلى أن نائب السنوار، خليل الحية، سوف يبرز باعتباره زعيما للحركة، خاصة وأنه يُعتقد أنه يتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران، الراعي الأكثر أهمية لحماس، وهو ما من شأنه أن يمنحه بوضوح أفضلية على المنافسين الآخرين في سباق الزعامة.
ورجحت "فورين بوليسي" أن يكون للقيادة المفترضة لحركة حماس رأسان أحدهما يقود المنظمة داخل غزة والآخر يمثلها في الخارج.
وعما إذا كانت حماس ستتخذ اتجاها جديدا في أعقاب رحيل السنوار، رأت المجلة الأمريكية أن الأمر ليس واضحا حتى الآن، حيث جاءت التصريحات المبكرة بعد مقتل السنوار قاسية، ولا تعكس أي تغيير في السياسة. فقد قال الحية الذي يعيش في قطر: "نحن نواصل مسار حماس.. وإن شروط الزعيم الراحل لوقف إطلاق النار لن يتم المساومة عليها، بما في ذلك الانسحاب الإسرائيلي من غزة وإعادة الأسرى الفلسطينيين". ولكن في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس نُشرت في أبريل الماضي، أكد الحية أن حماس قد توافق على هدنة لمدة خمس سنوات مع إسرائيل، وإن الحركة ستحل جناحها العسكري وتصبح حزبا سياسيا إذا تم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على طول حدود عام 1967.
وترى المجلة أنه إذا كان هناك تغيير في الاتجاه، فلن يكون إلا تكتيكيا في محاولة لإعادة البناء، حيث ستظل حماس الفاعل الأكثر قوة في المشهد السياسي في غزة، والقادرة على التأثير على الأحداث هناك من خلال الاستقطاب والترهيب، لاسيما وأن غياب خطة للحكم والأمن بعد انتهاء الصراع يضمن استمرار نفوذ حماس هناك.
وحول حسابات نتنياهو، أوضحت "فورين بوليسي" أن دوافع رئيس الوزراء الإسرائيلي طيلة الحرب كانت مزيجا من الأمن القومي والمصالح السياسية، وأنه لم يكن أمام إسرائيل –وفقا للمجلة- خيار سوى الرد بقوة على هجوم حماس في السابع من أكتوبر؛ لاسيما وأنها كانت في احتياج إلى إضعاف حركة حماس وخلق الظروف الآمنة لسكان المستوطنات المجاورة لقطاع غزة.
ولكن شدة الرد الإسرائيلي والهجوم المطول على سكان غزة خدمت الاحتياجات السياسية لنتنياهو، حيث سمحت له الحرب بإنهاء المظاهرات الشعبية ضد محاولات الإئتلاف الحاكم (الذي يقوده) تمرير مجموعة من التغييرات القضائية، وتأجيل مساءلته (نتنياهو) عن احتمالات إشرافه على سياسة تعزيز حماس على حساب السلطة الفلسطينية، وأخيرا مثوله أمام المحكمة في اتهامات تتعلق بالفساد.
وتؤكد المجلة الأمريكية أنه مع رحيل السنوار، يواجه نتنياهو خيارا لم يضطر إلى اتخاذه حتى الآن، حيث سوف تتزايد الضغوط داخل إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن المحتجزين لدى حماس. ومن المرجح أن تدعم الإدارة الأمريكية مثل هذا الجهد، وهو ما يتفق مع استثمارها الدبلوماسي حتى الآن في محاولة ترتيب وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن.
ولكن نتنياهو يميل حتى الآن إلى مواصلة الحرب، وإضعاف حماس أكثر، والتمسك بغزة. ومن شأن ذلك أن يثير غضب الولايات المتحدة وغيرها من الدول، التي تريد رؤية خطة تنسحب بموجبها إسرائيل وتسمح لسكان غزة بإعادة بناء منازلهم وحياتهم.
وبالتالي، فإن رحيل السنوار منح نتنياهو دفعة سياسية، ولكن ليس أكثر من ذلك. فحماس لا تزال على قيد الحياة وتقاتل وتطلق الصواريخ؛ وإسرائيل ليست قريبة من إعلان نصر حاسم من شأنه أن يعيد الرهائن إلى ديارهم ويوفر الأمن لسكان غلاف غزة الإسرائيليين للعودة إلى ديارهم بأمان. 
أما بالنسبة لإيران، شددت المجلة الأمريكية على أن أحداث العام الماضي أظهرت بشكل مأساوي أن ما يحدث في غزة لا يبقى في غزة، وأن العمليات الإسرائيلية في لبنان والهجوم الإسرائيلي ضد إيران ردا على إطلاق طهران 180 صاروخا باليستيا على إسرائيل في الأول من أكتوبر الجاري، لا يبشر بالخير لإحراز تقدم في صفقة الرهائن أو وقف إطلاق النار في غزة.
وبينما كان يأمل البعض أن يؤدي الهجوم المدمر على جماعة حزب الله واغتيال زعيمها حسن نصر الله إلى كسر محور المقاومة بطريقة أو بأخرى، وإضعاف الصلة بين حزب الله ولبنان بشكل كبير، وإقناع قيادة حماس بأنها تقاتل الآن بمفردها، إلا أن الواقع يشير إلى أن حزب الله لا يزال على قيد الحياة وقادر على المقاومة على الأرض في جنوب لبنان وعن طريق إطلاق الطائرات بدون طيار والصواريخ ضد إسرائيل.
وإذا أضفنا التوترات الحالية بين إسرائيل وإيران، والضربة الإسرائيلية ضد إيران، والتصعيد الإيراني المحتمل، فيمكن أن نتخيل تصعيدا إقليميا، واستمرار ما يسمى بحلقة النار.
وتساءلت "فورين بوليسي" عما إذا كان هناك طريق للخروج من هذه الحلقة؟ وأوضحت أنه في ظل غياب هدف سياسي يمكن تحقيقه أو إحساس واضح بالظروف التي قد تنهي القتال، تصبح الحروب مجرد أعمال انتقامية (الوضع القائم في غزة). كما أن إدارة بايدن لم تثبت حتى الآن رغبتها في ممارسة ضغوط كبيرة لإبرام صفقة؛ مما يجعل من غير المرجح أن تفعل ذلك قبل أيام قليلة على انتخابات الخامس من نوفمبر (الانتخايات الرئاسية الأمريكية)، ناهيك عن أن إسرائيل لن تقبل أي اقتراح أمريكي يمنح حماس إحساسا بالنصر.
وبالتالي، فإن الصفقة الأصلية المكونة من ثلاث مراحل أصبحت خارج الطاولة الآن. وهناك تقارير تفيد بأن اقتراحا بالإفراج المحدود عن الرهائن مقابل وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين قيد المناقشة، ولكنه سيكون صعبا؛ مما قد يدفع بالولايات المتحدة لتقديم اقتراح معدل في سياق "الكل مقابل الكل" - أي اقتراح توافق فيه حماس على إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، أحياء وأمواتا، وتوافق إسرائيل على وقف إطلاق نار ممتد، وهو ما من شأنه أن تكسب إسرائيل الرهائن؛ وتكسب حماس الوقت لإعادة تنظيم وتسليح نفسها.
ولكن بالنسبة لكل من نتنياهو وحماس، من غير المرجح أن ينجح هذا الاقتراح المحتمل "الكل مقابل الكل"، حيث يريد نتنياهو تدمير حماس كمنظمة وضمان عدم ظهورها من جديد؛ ولن يقبل أي اتفاق يسمح لحماس بإعادة تسليح نفسها. كما أن حماس تريد انسحابا إسرائيليا، ولن تقبل أي ترتيب لا يضمن هذه النتيجة وعودة أعداد كبيرة من السجناء الفلسطينيين.
وتشير التقارير إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يعمل على خطة شاملة واسعة النطاق لتحقيق الاستقرار في غزة تقوم على نشر بعثة دولية في القطاع بمشاركة السلطة الفلسطينية، مع أفق سياسي مرتبط بحل الدولتين. 
وحيث إن إدارة بايدن، تقترب من نهاية ولايتها وهي لا تملك سوى خيارات قليلة لحل هذه الفوضى، فإن الإدارة يمكنها في أفضل الأحوال أن تحاول حاليا إدارة هذه الصراعات واحتوائها بل وردعها، والعمل على منع تفاقمها. وسوف تضطر الدبلوماسية الجادة إلى الانتظار ليوم آخر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حماس السجناء الفلسطينيين إيران حسن نصر الله السنوار نتنياهو المجلة الأمریکیة وقف إطلاق النار فورین بولیسی رحیل السنوار المرجح أن من أکتوبر حتى الآن إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

فاجعة.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف بتعز تحول إلى مأتم

قتل وأصيب 15 شخصا، بتفجير مسلح قنبلة، في حفل زفاف، بمحافظة تعز، جنوب غرب اليمن.

 

وقالت مصادر محلية، إن مسلحا فجر قنبلة يدوية في حفل زفاف بقرية المشجب، بعزلة السواء بمديرية المعافر، بمحافظة تعز، وحوّل حفلة الفرح إلى مأتم.

 

وأضافت المصادر أن الحادثة المروعة أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 10 آخرين، بعضهم بحالة حرجة.

 

وقال مركز الإعلام الأمني التابع لشرطة تعز، إن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث يعود إلى خلاف أسري، بعد رفض أحد أقارب العروس لإتمام الزواج، مما دفعه إلى ارتكاب الاعتداء الوحشي، الذي حوّل المناسبة إلى فاجعة.

 

ولفت إلى أن شرطة الدوريات وأمن الطرق، وبالتنسيق مع شرطة المعافر وقسم التحريات بإدارة البحث الجنائي، تمكنت من ضبط خمسة من المشتبه بتورطهم في الجريمة، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية تواصل تحقيقاتها تمهيداً لاستكمال الإجراءات القانونية، وإحالة المضبوطين إلى جهة الاختصاص.

 

وجددت شرطة تعز، تعهداتها بإتخاذ إجراءات حازمة بحق المخالفين للقرارات السابقة المتعلقة بمنع إطلاق النار في الأعراس والمناسبات، مؤكدة أنها لن تتهاون في ضبطهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم.

 

ودعت شرطة تعز كافة المواطنين إلى الالتزام بعدم حمل السلاح في المناسبات، مؤكدة أن مثل هذه الحوادث المؤسفة تستوجب وعياً مجتمعياً أكبر للحفاظ على الأرواح والممتلكات.

 


مقالات مشابهة

  • واشنطن تعزّز جاهزيتها العسكرية.. هل نحن أمام تحول استراتيجي في الصراع؟
  • الأردن يحقق نقطة تحول في تأمين علاج السرطان
  • نتنياهو يكشف عن "ورقة الخاتمة" للصراع مع إيران.. المرشد الأعلى
  • صافرات الإنذار تفتح الآن في جميع أنحاء شمال إسرائيل
  • إيران: إذا هوجمت المباني السكنية لن يكون هناك نقطة أمان واحدة في إسرائيل
  • فاجعة.. مقتل وإصابة 15 شخصا بتفجير قنبلة يدوية في حفل زفاف بتعز تحول إلى مأتم
  • إسرائيل تعلن استعادة جثة رهينة قُتل في هجوم 7 أكتوبر خلال عملية خاصة بخان يونس
  • حماس تنفي اغتيال رئيس مكتبها السياسي في قطر
  • الجيش الإيراني: نتنياهو يستخدم المدنيين كدروع بشرية غادروا الآن إسرائيل لن تصلح للعيش
  • نتنياهو: إيران ستدفع "ثمنًا باهظًا جدًا" لمقتل مدنيين في إسرائيل